الحقوق السياسية للمرأة المغربية: طموح يصطدم بعوائق الممارسة
الإشارة المرجعية: والغازي، خديجة (2024). الحقوق السياسية للمرأة المغربية: طموح يصطدم بعوائق الممارسة. رواق عربي، 29 (2)، 160-173. DOI: 10.53833/OHLC6741.
خلاصة
تناقش الدراسة الوضعية السياسية للمرأة المغربية، والتي تشكل أكثر من نصف الكتلة الناخبة، من حيث التباين بين الضمانات القانونية والمؤسساتية والحقوقية ومدى انسجامها مع واقع الممارسة الفعلية. وبحسب مؤشـر الترتيب العالمي للفجوة بـين الجنسـين ((Global Gender Gap Ranking، يحتل المغرب المرتبــة 136 مــن بــين 146 دولــة سنة 2022، مقارنـةً بالمرتبـة 137 مـن بـين 149 دولـة سنة 2018. وتخلص الدراسة لأن هذا التصنيـف المتأخر هو نتاج تداخل عوامل مختلفة تقاوم ديناميكية التغيير؛ من أهمها ضعف اهتمام الأحزاب السياسية بالمرأة، وتعدد أشكال اللامساواة بين الجنسين، وضعف التمكين الاقتصادي، وانتشار العنف في صفوف النساء. بالإضافة إلى الريع السياسي، والذي انتشر كنتيجة عكسية نجمت عن آلية «الكوتا»؛ رغم أنها أسفرت في بداية العمل بها عن ارتفاع المعدل الكمي للتواجد النسائي داخل المشهد السياسي؛ إذ انتقلت التمثيلية السياسية للمرأة من صفر في انتخابات 1963 إلى خمس وتسعون امرأة سنة 2021، بنسبة بلغت 24.3%، في مقابل 20.51% خلال الولاية التشريعية السابقة (2016-2021)، أي بزيادة قدرها 3.8%. فيما ارتفعت أعداد المستشارات البرلمانيات بنسبة 12% (2021)، وقدرت الزيادة على المستوى المحلي بـ 26.64% عام 2021 مقارنة مع الولاية التشريعية السابقة.
مقدمة
يشهد واقع الحقوق السياسية للمرأة المغربية اهتمامًا متزايدًا من مختلف القوى السياسية، سواء من جانب النخب النسائية التي ترى فيها تعبيرًا مباشرًا عن إرادتها السياسية، والتزامًا بواجب المواطنة، وتكريسًا عمليًا في قدرتها على التغيير. أو من جانب الدولة،[1] التي عملت من خلال مؤسساتها على تبني ما يسمى بـ«نسوية الدولة»،[2] وذلك بتمكين المرأة سياسيًا واقتصاديًا، وإدماجها في الوظائف والمراكز المختلفة والمجالات المتنوعة، فضلًا عن مشاركتها الفعالة في مختلف مراكز صنع القرار.[3]
ورغم التكريس القانوني والمؤسساتي؛[4] إلا أن هناك تفاوتًا كبيرًا بين طموح النخب النسائية والواقع السياسي، بفعل سيطرة الثقافة الذكورية على المشروع السياسي. إلى جانب ضعف المشاركة السياسية للمرأة المغربية، والتي لا ترجعها الدراسات إلى ندرة الكفاءات النسائية،[5] وإنما هي نتيجة عجز في فهم النساء للفضاء العام؛ نظرًا لنزع الشرعية عن وجودهن في هذا الفضاء، وضعف إدماجهن من جانب الأحزاب السياسية –خاصة ضمن هيئات تسييرها. أما على المستوى المؤسساتي، ظل الإدماج الأفقي للنوع الاجتماعي غير محقق؛ إذ تتسم الوزارات المكلفة بالنهوض بالمرأة بعدم الاستقرار المؤسساتي، وكذلك بوضعها الهامشي داخل الجهاز التنفيذي، ناهيك عما تشهده هذه الوزارات من نقص في الخبرات والموارد البشرية والمالية.[6]
جدير بالذكر أن المرأة المغربية اجتازت شوطًا نضاليًا كبيرًا للتمتع بحقوقها السياسية،[7] أو ما أصبح يُطلق عليه في أروقة الأمم المتحدة بـ«التمكين السياسي للمرأة». تاريخيًا، استفادت الحركات النضالية النسائية (الجيل الأول) من المناخ السياسي لمغرب ما بعد الاستقلال والذي اتسم بالتعددية الحزبية،[8] الأمر الذي ساعد في تأسيس عدد من الجمعيات النسائية ذات الطابع الخيري،[9] والتي رفعت مطالب تروم تحسين وضعية النساء اللواتي اتسمت غالبيتهن بالأمية والفقر، إلى جانب احترام النساء الخادمات في البيوت، وإعداد مدونة للأحوال الشخصية التي لم تكن موجودة آنذاك لحماية النساء، ثم عملت في مجال التوعية والتثقيف ضد تعنيف النساء.[10]
في السياق نفسه، شهد النضال السياسي النسائي سباتًا جزئيًا نتيجة المواجهات بين الجناح اليساري للحركة الوطنية والمؤسسة الملكية، إثر الصراع حول طبيعة الحكم بالمغرب لمرحلة ما بعد الاستقلال. وساد القمع ومحاصرة المعارضة، ما أسفر عن تراجع الأصوات النسائية.[11] فيما ظلت بذرة النضال النسائي حية في نطاق «القطاعات النسائية»، وبرز وقتها «الاتحاد الوطني لطلبة المغرب»، إلى جانب جمعيات مهنية وثقافية أخرى.[12] مع منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، شهدت المملكة بوادر انفراج سياسي، تجلى في ظهور الجيل الثاني من الحركة النسائية، واللاتي قررن آنذاك التحكم في مصيرهن وتأسيس تنظيماتهن النسائية خارج عباءة الأحزاب السياسية.[13] رافعات مطالب ثورية وقتها، كمواكبة التشريع المغربي للجوانب التي تمس بحقوق النساء وكرامتهن؛ بما في ذلك مدونة الأحوال الشخصية، والقانون الجنائي، وقانون التجارة، وقانون الجنسية وقانون المسطرة المدنية، وقوانين أخرى كانت في معظمها تمييزية.[14]
على مستوى الدستور، شهدت الفترة بين 1962 و2011[15] تبني العديد من القوانين العادية والانتخابية التي تنص بشكل صريح على مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في العملية السياسية، ومحاربة كل أشكال التمييز بين الجنسين. وقد نص النظام الداخلي للبرلمان، في مادتيه الخامسة والسبعين والسادسة والسبعين على تشكيل «مجموعة عمل موضوعاتية للمساواة والمناصفة».[16] وجعل من بين أهدافها: دعم وتقوية المكتسبات النسائية على مستوى التشريع، ومراقبة العمل الحكومي وتقييم السياسات العمومية والدبلوماسية البرلمانية. كما تعمل على إعداد ورشات تكوينية لتسليط الضوء على واقع المساواة والمناصفة،[17] إلى جانب مشاركة النائبات البرلمانيات عن هذه المجموعة في الدورة الـ68 للجنة الأمم المتحدة لوضع المرأة (المنعقد من الفترة بين 11 و22 مارس 2024)، ومن المتوقع أن تُصدر تقريرًا بشأن هذه المهمة، وأن تحيله إلى مكتب مجلس النواب لاتخاذ القرار المناسب. وعلى مستوى مراكز اتخاذ القرار عقد المجلس شراكة مع هيئات المجتمع المدني والحقوقي والسياسي. وقد انعكست هذه الديناميكية على المعدل الكمي للتواجد النسائي داخل المشهد السياسي؛[18] إذ انتقلنا من صفر امرأة في الانتخابات النيابية لعام 1963 إلى خمس وتسعون امرأة عام 2021، بزيادة قدرها 24%.[19] كما تزايد عدد المستشارات البرلمانيات في العام نفسه إلى أربعة عشر مستشارة بنسبة 12%. فيما قُدرت الزيادة على المستوى المحلي (الانتخابات الجماعية)،[20] بنسبة 26.64% في عام 2021.[21]
المعطيات السابقة لا تعني أن الوضع الحالي يدعو للتفاخر؛ إذ أن الوضعية السياسية للمرأة المغربية –والتي تشكلّ أكثر من نصف الكتلة الانتخابية– تشهد حالة من التباين والتناقض الصارخ بين الضمانات القانونية والمؤسساتية والحقوقية من جهة، وقدرة النخب النسائية الحالية على تغيير واقع وقواعد الممارسة السياسية الفعلية من جهة أخرى. وتنبثق عن هذه الإشكالية عدة أسئلة فرعية: هل ساهمت الكوتا في إنتاج نخب نسائية ذات كفاءة سياسية؟ هل نجحت هذه النخبة النسوية في الدفاع عن قضاياها السياسية بشكل عام والمجتمعية بشكل خاص؟ هل التزمت الأحزاب السياسية بإدماج النساء ضمن كوادرها إعمالًا للمقتضيات الدستورية والقانونية؟ ما هي المعوقات التي تعرقل المشاركة السياسية للمرأة المغربية؟ والعلاقة الجدلية بين حجم التمثيل النسائي والوزن المجتمعي لهن؟
تم تقسيم الدراسة إلى ثلاثة محاور أساسية، المحور الأول بعنوان المرأة والسياسة في المغرب: طموح نخبة ودولة، بينما جاء المحور الثاني تحت عنوان: الفجوة بين الطموح السياسي والواقع المجتمعي. فيما حمل المحور الثالث عنوان: معوقات متداخلة تكبح محركات التغيير.
وبهدف تفكيك الإشكالية الرئيسية والأسئلة الفرعية لهذه الورقة البحثية؛ تم الاستعانة ببعض المناهج التحليلية المتعلقة بالحقوق السياسية للمرأة المشتقة من الأدبيات النسوية (Feminist Approach)، والتي طورت مفاهيم تعالج الواقع السياسي النسائي، مثل «النوع الاجتماعي» (Gender)،[22] والتمكين (Empowerment)، [23] و«المساواة وإدماج النوع الاجتماعي في السياسات العمومية» (Gender Mainstreaming).[24] كما سنعتمد في دراستنا على خطة بحثية تستند بشكل أساسي إلى المنهج الوصفي التحليلي؛ لرصد الأطر المؤسسة للحقوق السياسية للمرأة المغربية، ومدى تنفيذها على أرض الواقع، مستندين إلى مفاهيم التخطيط للنوع الاجتماعي (Gender planning)،[25] والتحليل المبني على النوع الاجتماعي (Gender analysis).[26] كما اقتضت طبيعة الدراسة الاستعانة بالمنهج المقارن في مواضع محددة، للوقوف على التقاطعات والتمايزات بين التجارب الرائدة، واستشراف إمكانيات تطويرها ورصدها في دول الجنوب، خاصة الحالة المغربية، مع استعمال تقنيات إحصائية وطنية ودولية تستند للإحصائيات المفصلة بحسب نوع الجنس (Gender-Disaggregated Statistics).[27]
يُلاحظ انعكاس جميع المفاهيم السابقة على برامج عمل المنظمات النسائية وأهدافها، وكذلك في الخطط والبرامج الحكومية التي تعمل على تطوير مؤشرات التفاوت بين الجنسين، منذ مرحلة تخطيط البرامج وصولًا إلى مرحلة تنفيذها ومتابعتها وتقويمها في إطار علمي منهجي يسمى عملية إدماج النوع الاجتماعي في التنمية (Gender and Development).[28]
في هذا الصدد، يمكننا التأكيد على محصلة أساسية بأن حركات النضال النسوية، على مدار سنوات من العمل والنضال السياسي، استطاعت الاستفادة من «ثقافة العولمة» التي رفعت شعارات عدة، من بينها حقوق الإنسان والديمقراطية والمجتمع المدني، وهي شعارات مترابطة تسعى لترسيخ الإصلاحات الاجتماعية والسياسية وضمان المشاركة الواسعة لمختلف الفئات الاجتماعية.[29] الأمر الذي ساهم في تطور خطاب مطالب النخب النسوية،[30] من «خطاب الاحتياجات العملية» القائم على حق النساء في التعليم والعمل والصحة، إلى خطاب «الاحتياجات الاستراتيجية» القائم على حقهن في المواطنة الكاملة والمساواة،[31] بحسب تعريف Caroline Moser.[32] رغم ذلك، لا تزال الهوة بين النساء والرجال في المجتمع المغربي متسعة؛ إذ تشير المعطيات لإخفاق المغرب في الوصول للمعدل العالمي الذي قدّره الاتحاد البرلماني الدولي بـ 30%. وظل ترتيب المغرب في سلم التمثيلية البرلمانية للنساء يشهد حالة من التذبذب بفعل ضعف نسبة النساء بمجلس المستشارين 12% (الغرفة الثانية للبرلمان المغربي)، كما أن نسبة البرلمانيات الناجحات عبر اللوائح المحلية شهدت تراجعًا ملحوظًا، رغم تزايد الترشيحات النسائية التي تجاوزت نسبتها 34.2%،[33] الأمر الذي أثر سلبًا على المؤشرات التنموية للمغرب. فالمملكة ضمن أكثر 6 دول في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط تتضح فيها اللامساواة بين الجنسين في أعلى مستوياتها،[34] فيما تتواجد ضمن الثلث الأخير على مستوى التنمية البشرية والمساواة بين الرجال والنساء.[35] الأمر الذي يتفق وما تؤكده التقارير الدولية المعنية بقضايا المساواة؛ بأن المجهودات التي يبذلها المغرب في هذا المجال لا تزال غير كافية ومحدودة الأثر.[36]
في هذا الشأن، تجدر الإشارة لهيمنة الحركة النسوية العالمية على الأمم المتحدة؛[37] إذ تُراجع سنويًا مقدار التقدم المحرز فيها مع ممثلي الدول الأعضاء، ومن بينها المغرب. وتتوقع الحركة النسوية العالمية، بمعية شركائها في العالم، تحقيق أهدافها بصورة كاملة بحلول عام 2030، ضمن أهداف التنمية المستدامة التي تبنتها كل دول العالم. بل إن «منتدى جيل المساواة» (Generation Equality Forum)، الذي ينعقد سنويًا في المكسيك وفرنسا، وضع خطة تسريع أكثر تفاؤلًا لتحقيق المساواة بين الجنسين والتمكين الكامل للمرأة بحلول عام 2026. وسواء كانت اللحظة التاريخية المنتظرة عام 2026 أو 2030؛ فإنها ستمثل مرحلة فارقة في التاريخ البشري، وقد تبدأ معها موجة جديدة للحركة النسوية العالمية، تصبح فيها أكثر تمكنًا ونفوذًا، ومن دون شك فإن هذا سينعكس على نوعية وديناميكية العمل السياسي للمرأة المغربية.
على جانب أخر، شهدت الكتابات المهتمة بالحقوق السياسية للمرأة المغربية زخمًا حقيقًا تجلى في تنوع الأدبيات التي عالجت قضاياها. وقد شكلت أطروحة الدولة التي تقدم بها عبد الرزاق مولاي رشيد، بشأن وضعية النساء في المغرب سنة 1985 نقطة تحول حقيقية للبحث الجامعي، وخاصة البحوث القانونية، بشأن وضع النساء في العملية السياسية. كما ازدهرت الصحف والمجلات النسائية مثل جريدة «8 مارس»، و«أنوال» و«كلمة». نذكر كذلك، كتاب الأستاذ المختار الهراس «المرأة وصنع القرار في المغرب» في عام 2008، والذي ناقش خلاله فكرة انتفاء الديمقراطية الداخلية في فضاءات الأنشطة الاقتصادية، ما أدى بدوره لاستبعاد المرأة من تولي مناصب القرار لارتباط ذلك بعقلية ذكورية صرفة تنظر للمرأة باعتبارها كائن ضعيف يفتقد المهارة والكفاءة. وقد تناولت العديد من الأبحاث موضوع الدراسة نفسه، من بينها على سبيل المثال لا الحصر، محمد ضريف «سياسة النوع والمرونة السلطوية: نظام الكوتا النسائية بالمغرب كآلية لدعم النظام» في عام 2022. وانتهت غالبيتها إلى ضعف التواجد النسائي داخل المشهد السياسي المغربي،( البرلمان بمجلسيه) والذي لم يصل رغم كل المجهودات إلى المتوسط العالمي؛[38] والذي بلغ %23 سنة 2017، متفوقة علينا في ذلك دولًا مثل رواندا التي تخصص نصف مقاعد البرلمان للنساء.[39] وقد خلصت تلك الأبحاث لإشكالية «الكوتا»، والتي خلفت جدالًا داخل النخب بين معارض ومساند، كل له خلفيته ووجاهته في ذلك.
في المقابل حذرت دراسات أخرى من الاستمرار بالعمل بهذه الآلية التمييزية والذي أسفر عن نتائج محدودة؛ لكونه يراهن على التواجد الكمي على حساب جودة النخب من النساء اللائي يمارسن العمل السياسي. ومن بينها دراسة عبد الرفيع زعنون «تأثيرات الكوتا على التمثيلية البرلمانية للنساء بالمغرب: مسلسل إصلاحي أم مسار تراجعي؟»، والتي ناقشت سلبيات نظام «الكوتا» الذي كرس بدوره لبعض مظاهر الريع الانتخابي؛ كإنتاج طبقة سياسية استغلت التدابير التمييزية للاستحواذ على المهام الانتدابية بحكم توظيفها لعلاقات القرابة والمصالح.
بشكل عام، يُلاحظ أن جل الدراسات السابقة اقتصرت على الجوانب المرجعية، والحقوقية، والقانونية للمشاركة السياسية للمرأة. غير أنه لا يمكننا مناقشة هذه القضية بمعزل عن أسباب نشأتها ورواسبها المجتمعية، مع استحضار البُعد الاقتصادي والاستعداد النفسي؛ بغية التقليص من حدة أشكال اللامساواة بين الجنسين، وبالتالي الرفع النوعي من مشاركة المرأة في معترك سياسي هي لم تشارك بالأساس في تشكيل قواعده. هذا ما سوف نحاول التركيز عليه في هذه الدراسة مع التأكيد على فكرة أن تأنيث السلطة في المغرب، فضلًا عن كونها مطلب حقوقي فهي كذلك مطلب تنموي،[40] تعترضه سلسلة متداخلة ومتشابكة من المعوقات.
المرأة والسياسة في المغرب: طموح نخبة ودولة
يمثل طموح تأنيث السلطة في المغرب هدفًا التف حوله الجيل الأول من النخبة النسائية، وسرعان ما التقطته مؤسسات الدولة منذ حديث عهدها بالاستقلال؛ بحثًا عن المشروعية الديمقراطية وتأكيدًا على الحداثة السياسية. الأمر الذي يفسر ارتباط الحركات النسائية في المغرب بالطبقة الحاكمة؛ إذ أنها ولدت من رحم الدولة، وتم إدراجها ضمن هياكل الأحزاب السياسية التي تحظى برعاية الدولة.كما مارست المؤسسة الملكية دورًا محوريًا في تبني القضايا الحقوقية للمرأة المغربية لاعتبارات عديدة،[41] أهمها تعزيز الشرعية المؤسساتية داخليًا، وتحقيق مردود خارجي في ظل مناخ معولم أضحت فيه فكرة المساواة بين الجنسين قضية تنموية.[42] وتبقى الدولة هي المستفيد الأكبر من هذه الشراكة،[43] فيما تسعى الحركات النسائية، من خلال مد جسور التعاون مع الدولة، إلى تحقيق قسط من أهدافها ومضاعفة جهودها. وقد تبنت الدولة المغربية، إلى جانب التزاماتها الدولية والمتسقة مع نص وروح الدستور، إصلاحــات وتعديــلات تشــريعية أثــرت علــى العديــد مــن القوانــين، خاصـة قانـون الأحـوال الشـخصية ومدونة الأسـرة والقانون الجنائــي ومدونــة التجــارة والوظيفــة العموميــة وقانــون الشــغل، إلى جانب استحداث مجموعة من البرامج والمخططات والتي أدرجتها ضمن سياساتها العمومية. نذكر على سبيل المثال لا الحصر:
- القانـون التنظيمـي المتعلـق بمجلـس النـواب، والذي ينــص علــى تمثيــل فعــال للنســاء فــي المجالــس الإقليميـة، مـع تخصيـص ثلـث المقاعـد حصريًا للنسـاء، وللنساء الحـق فـي الترشـح للثلثـين الآخريـن علـى قـدم المسـاواة مع المرشحين الذكور. بينما فيمــا يتعلــق بالمجالــس الجماعيــة، رفــع القانــون عــدد المقاعــد المخصصــة حتــى الآن للنســاء مــن أربعــة إلــى خمسـة مقاعـد. بالإضافـة إلـى ذلـك، تم اعتمـاد زيـادة فـي عـدد المقاعـد إلـى ثمانيـة فـي المجالـس الجماعيـة التـي يتـم انتخـاب أعضائهـا وفقًا لنظـام اللائحـة، على ألا يتجاوز عدد السكان 100.000 نسمة وخصص عشـرة مقاعــد للجماعــات التــي يزيــد عــدد ســكانها عــن 100.000 نسمة. وبخصــوص الجماعــات المقســمة إلــى دوائــر، يتــم تخصيــص ثلاثــة مقاعــد للنســاء فــي المجلــس الجماعــي وأربعـة فـي مجلـس كل دائـرة.[44]
- لجنة «الحكامة بالمؤنث»،[45] وهي مكلفة بتعزيز ودعم التمثيلية النسائية بهيئات الحكامة. وقد أنجزت هذه اللجنة دراسة بشأن تمثيلية ومشاركة النساء داخل هيئات الحكامة بالمؤسسات الوطنية الكبرى العمومية والخاصة، بالاستئناس بعدة تجارب دولية ناجحة. وخلصت الدراسة لإقرار مجموعة من الإجراءات والتدابير التي ينبغي تفعيلها بهدف دعم تمثيلية النساء بهذه الهيئات، وتهيئة جميع الفاعلين الاقتصاديين والسياسيين لتنفيذها على أرض الواقع.
- البرنامج الوطني المندمج للتمكين الاقتصادي للنساء والفتيات في أفق 2030 «مغرب التمكين» والذي يستجيب لأهداف التنمية المستدامة.[46] وقد تم بلورة البرنامج باعتماد مقاربة تشاركية تضمنت جميع الفاعلين والمتدخلين في المجال، من سلطات عمومية، مؤسسات وطنية، جماعات ترابية، قطاع خاص، جامعات، مجتمع مدني، وشركاء دوليين تقنيين وماليين. وقد استند البرنامج في سياق بلورته على الالتقائية والتدبير المرتكز على النتائج.
- البرنامج الحكومي (2021 – 2025) الخاص بالتمكين الاقتصادي للنساء من خلال رفع نسبة نشاط النساء إلى 30% بحلول عام 2026، في انسجام مع مخرجات «النموذج التنموي الجديد».[47] في السياق نفسه، تم تكريس ثلاثة محاور استراتيجية تتعلق بالنوع الاجتماعي وهي: «الحكامة المحلية التشاركية»، و«تعزيز قدرات النساء المنتخبات والأطر»، و«تكوين المنتخبين حول المواضيع المتعلقة بالجهوية المتقدمة والحكامة الترابية».[48]
- استحداث صندوق الدعم لتشجيع تمثيلية النساء ساهم في تمويل مشاريع الأحزاب السياسية وجمعيات المجتمع المدني الهادفة لتحفيز النساء على المشاركة السياسية ودعم قدراتها وطنيًا، وأيضًا على الصعيد الجهوي والمحلي، والذي خصص له غطاء مالي يُقدر بـ 10 ملايين درهم.
رغم المقاومة؛ تمكنت مساعي تأنيث أضلاع السلطة في المغرب من إثبات نجاحها.[49] فعلى مستوى السلطة التشريعية،[50] بلغت التمثيلية السياسية النسائية 24.3 في المائة، مقابل 20.51 في المائة خلال الولاية التشريعية السابقة (2016-2021)، أي بزيادة 3.8 في المائة؛ فيما ارتفعت أعداد المستشارات البرلمانيات بنسبة 12% (2021)، وقدرت الزيادة على المستوى المحلي بـ 26.64% عام 2021 مقارنة مع الولاية التشريعية السابقة.أما على مستوى السلطة التنفيذية، فقد انتظرت المرأة المغربية قرابة أربعة وأربعين عامًا قبلما تحقق أول مشاركة حكومية؛ فقد جاءت كل الحكومات السابقة بصيغة المذكر منذ أول تشكيلة وزارية عام 1955 وحتى حكومة 1997، والتي شهدت للمرة الأولى تعيين نساء على رأس أربع وزارات. ومنذ ذلك الحين، شهدت نسبة المشاركة النسائية في الحكومات المتعاقبة مدًا وجزرًا؛ ففي حكومة 2011 مثلًا، تولت سيدة واحدة وزارة الأسرة، بينما ارتفعت حصة النساء في حكومة 2013 إلى خمس وزيرات، ووصلت في حكومة 2021 سبع نساء، بزيادة قدرها 29.1%. وإلى جانب التطور الكمي ثمة مؤشر آخر نوعي وأكثر دلالة، يتمثل في منح النساء حقائب وزارية ذات وزن سياسي مهم كوزارة الاقتصاد والمالية ووزارة الانتقال الرقمي والسياحة، مقارنةً بالتجارب الحكومية السابقة التي اقترن فيها تولي النساء حقائب وزارية نمطية كالتضامن والأسرة والتنمية الاجتماعية، مع الارتقاء بموقعهن في السلم البروتوكولي للسلطة التنفيذية بتعيينهن كوزيرات بدلًا من كاتبات دولة يمارسن مهامهن بتفويض من الوزير المعني مثلما كان الحال في السابق. أما على مستوى السلطة القضائية، فالنسـاء يمثلـن أقـل مـن 20% من القضـاة والمحامـين.
طموح الدولة المغربية والنخبة في إشراك المرأة في العملية السياسية يتجاوز الاعتبارات الحقوقية والسياسية، برغم تأكيدنا على أهميتهما وراهنتيهما؛ إلا أن هذا الطموح أضحى مطلبًا تنمويًا أكثر من أي وقت مضى. فالمقاربة التنموية تركز على ضرورة تشبيك المرأة مع الرجل في المنظومة التنموية،[51] وترى هذه المقاربة أن الاستثمار في المرأة يحقق عوائد مرتفعة للنمو الاقتصادي والرفاهية المجتمعية والاستقرار العالمي. وبحسب دراسة أجراها معهد ماكينزي العالمي، فإن الناتج الإجمالي العالمي قد يرتفع بمقدار ثمانية وعشرون تريليون دولار أمريكي إذا شاركت المرأة في العمل بمقدار مماثل للرجل، وهو ما يفوق الزيادة المتوقعة بمقدار 26%.[52] وتشير الدراسة نفسها إلى أن المساواة بين الجنسين من شأنها إضافة زيادة تتراوح بين 12% و25% إلى الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2025. ووفقًا لدراسات أممية، تشير التوقعات لأن نسبة النساء من خريجي العالم قد تصل إلى 66%.[53] الأمر نفسه أشارت إليه التقارير الوطنية؛ إذ تتجاوز أعداد الإناث المسجلات في المعاهد والمدارس العليا في المغرب أعداد الذكور بنسبة 52.7%.[54]
في الصدد نفسه، أصدر البنك الدولي دراسة مهمة تحت عنوان «الفساد والمرأة في الحكومة»، أثبتت امتلاك النساء معايير أعلى في السلوك الأخلاقي،[55] وأنهن أكثر اهتمامًا بالصالح العام. وخلصت الدراسة لأن ارتفاع معدلات مشاركة الإناث في الحكومة يرتبط بمستويات منخفضة من الفساد، ومن ثم فإن زيادة أعداد النساء في السلطة يأتي بفوائد مجتمعية أكبر.[56] الدراسة نفسها أكدت أنه مع كل نقطة زائدة في مشاركة المرأة في المناصب العامة فوق 10.9% ينخفض الفساد بنسبة 10%. وهي الخلاصات نفسها التي أكد عليها «باروميتر الفساد العالمي» (global corruption barometer) لعام 2013، الصادر عن منظمة الشفافية الدولية.[57]
الفجوة بين الطموح السياسي والواقع المجتمعي
رغــم ما تم تحقيقه؛ إلا أن طموح التمثيلية السياسية للمرأة المغربية يصطدم بواقع مجتمعي لا ينسجم مع إرادة النخبة النسائية، أو مع حجمها المجتمعي، وحتى مع رؤية وتوجه الدولة. فمؤشـر الترتيب العالمي للفجـوة بـين الجنسـين (Global Gender Gap Ranking)[58] يدرج المغــرب فــي المرتبــة 136 بــين 146 دولــة سنة 2022،[59] مقارنـة بالمرتبـة 137 مـن بـين 149 دولـة سنة 2018. ويمكن إرجاع هـذا التصنيـف المتدني لتضافر عدة عوامل، أهمها:
- تدني معدل المشاركة السياسية للمرأة، والتي لا تنسجم بتاتًا مع التركيبة السكانية للمغرب؛ إذ تبلغ نسبة النساء 52% من عدد السكان، 76% منهن لا تتجاوز أعمارهن 44 عامًا. وبشان هذا القصور المتحيز لقيم الذكورة؛ تتحمل الأحزاب السياسية المسئولية الأكبر؛ نتيجة إقصاء النساء –تقريبًا– من الأجهزة القيادية والتقريرية التي تصنع التحالفات وتحسم الترشيحات وعمليات التزكية. كما تستند جل الأحزاب إلى المنطق البراغماتي الذي يرشح النساء في المراكز الأخيرة باللوائح الانتخابية. لذلك يمكننا الجزم بأن اهتمام الأحزاب بالمرأة لا يعدو في أغلب الأحيان سوى ضرورة يقتضيها التسويق الخارجي.[60]
- تعدد أشكال اللامساواة بين الجنسين ظاهرة وبقوة على مستوى الفقر؛[61] فقرابة 5% من أعداد النساء الفقيرات من سكان الريف، فيما تنخفض النسبة بين سكان الحضر إلى 1.7%.[62] وبشكل عام، تعاني 37% من النساء من الأمية. ويرتفع معدل البطالة لدى الإناث بنسبة 16.8% في مقابل 10.9% لدى الذكور. بينما يبلغ معدل البطالة في الوسط الحضري، بين الحاصلين على دبلوم التعليم العالي 31.7% بين الإناث في مقابل 19.1% من الذكور.[63]
- ضعف التمكين الاقتصادي للمرأة المغربية؛[64] إذ يبلــغ معــدل مشــاركة النســاء في الاقتصاد الوطني عام 2022 نسبة 19.8%.[65]
- تفشي العنف بحق النساء البالغات،[66] إذ تصل نسبة العنف المرتكب بحقهن في جميع أنحاء المغرب إلى 57.1%.[67]
حين نتناول بالتحليل النتائج العكسية التي أفرزتها آلية الكوتا، يتضح لنا مدى عمق الفجوة بين الطموح السياسي للمرأة المغربية والواقع المجتمعي.[68] نظريًا، يُفترض في هذه الآلية أن تمنح للمرأة نصف حظوظ وإمكانيات الترشيح في اللوائح المحلية والوطنية. بينما على المستوى العملي، أسفر اعتماد هذه الآلية عن إعادة تدوير الريع الانتخابي بفضل جيل جديد من النظام البطريركي الأبوي،[69] تجلى في صورة قيادات الأحزاب السياسية التي اقتنصت التدابير التمييزية للاستحواذ على المهام النيابية،[70] بحكم توظيفها لشبكات العلاقات والمصالح، على حساب النساء المناضلات اللواتي انخرطن في تكوينات حزبية، واستفدن من حركية وديناميكية المجتمع المدني.[71]
على سبيل المثال، لوحظ في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي شهدها المغرب في عام 2021 أن خُمس البرلمانيات تربطهن علاقات أخوة أو بنوة أو زوجية مع قيادات أحزابهن.[72] مما أفرز –كنتيجة مباشرة– طبقة نسائية سياسية ضعيفة دخلت المؤسسة التمثيلية بإمكانيات محدودة التأثير والفعالية. «نخبة» نسائية مهترئة لا تمثل التراكمات الحقيقية للنضال السياسي للمرأة المغربية، وغير متشبعة بثقافة النوع الاجتماعي. 69% من البرلمانيات لسن على دراية بعلاقة البرلمان بالحكومة و40% منهم لا يعرفن على وجه التحديد طبيعة الاختصاصات المالية للبرلمان، فيما 17% منهن متمكنات فقط من تقنية الأسئلة الشفوية.[73] هذه المعطيات تظهر عجز هذه النخبة عن الاستفادة من مهامها الانتدابية، في تشييد شبكات علاقات وموارد تتيح لها اقتحام المنافسة الانتخابية، وتؤهلها للرجوع للبرلمان عبر اللائحة المحلية خارج إطار الكوتا.
معيقات متداخلة تكبح محركات التغيير
تتدنى نسب مشاركة المرأة في العمل السياسي على مستوى العالم، وليس المغرب فقط،[74] فاستنادًا إلى الانتخابات والتعيينات التي جرت في 2023، بلغت نسبة البرلمانيات من النساء 26.9%. لكن يبقى معدل المشاركة النسائية في المنطقة العربية هو الأكثر تدنيًا، سواء في المجالس المنتخبة أو المعينة.[75] وتشير عدة دراسات[76] لوجود مجموعة من المعوقات في المغرب تشكّل حاجزًا يحول دون مشاركة المرأة في العمل السياسي:
العائق السوسيوثقافي
على غرار المجتمعات العربية،[77] تسود في المجتمع المغربي ثقافة تقليدية تحدد الأدوار النمطية لكل من المرأة والرجل، وتحصر دور المرأة الأساسي بالعمل في المنزل. فعمل المرأة خارج المنزل، يفرض عليها حِملًا مزدوجًا في التوفيّق بين مسئولياتها المهنية وواجباتها كأمّ وزوجة. بينما تفرض عليها المشاركة في العمل السياسي عبئا إضافيا، قد لا تستطيع أكثرية النساء تحمّله في ظل غياب البيئة الداعمة من جهة، والخدمات المساندة من جهة أخرى. ويتبين حسب الدراسة الميدانية أن نسبة 36.32% من النساء المغربيات ليس لديهن انتماء سياسي، و86.32% لم يسبق لهن الترشح في الانتخابات، فيما صرحت 94.92% من المشاركات في الدراسة بأنهن لم يسبق لهن تحمل مهمة انتخابية في إطار الهيئات المنتخبة، فيما صرحت 3.91% منهن بأنهن غير مهتمات بالعمل السياسي على الإطلاق.[78]
العائق الاقتصادي
ينحصر العائق الاقتصادي بعنصر التمويل الذي يتحكم بسير العملية الانتخابية في كل مراحلها؛ كعدم ضبط استخدام المال أثناء الانتخابات، وعدم الالتزام بسقف لميزانيات الحملات الانتخابية، وصعوبة –أو ندرة– توفير الدعم المالي لإدارة الحملة الانتخابية للمرشّحات. لذلك فصعوبـة الولـوج إلـى المـوارد الاقتصاديـة يضع عقبــات إضافيــة أمــام النساء لضمان اندماجهــن ومشاركتهن في المجتمع.
وبينما يعــد الاستقلال المــادي الخطــوة الأساسية للتمكين الاقتصادي؛ فإن النساء في المغرب يفتقرن إليه بنسبة كبيرة، إذ تمتلك 29% فقط من النساء في المغرب حسابًا بنكيًا.[79] الأمر الذي يؤدي بدوره لخضوعهـن لسلطة العائلـة أو الرجـل لتوفيــر المســاعدة، ســواء في إنشــاء مشــروع اقتصــادي، أو أثناء فتـرة الانتخابات والحملـة الانتخابية.[80] في السياق نفسه، فإن من أسباب عـدم استقلال المـرأة محدوديـة مصـادر الدخـل لديها، فضلًا عن تدنــي أجورهــن فــي كثيــر مــن الأعمال. وقد بلغ معدل الفجوة في الأجور بين المرأة والرجل في القطاع الخاص نسبة 79%.[81] وحتى إن تمكنت المرأة من امتلاك مصدر للدخــل فهــذا لا يعني امتلاكها القــرار الاقتصادي؛ إذ قــد يخضــع هــذا الدخــل لســيطرة الــزوج أو الأهل. الأمر الذي يفسر لجوء المرأة إلى القــروض بهدف تمويل مشروعات صغيــرة، تفتقــر فــي العديــد مــن الحالات إلــى الاستدامة المالية. في المقابل، نجــد القليــل مــن المؤسســات والمنظمـات تعمل على إنشـاء مشـاريع جديـدة لتوظيـف المرأة واستغلال مهاراتها في محاولة لتمكينها اقتصاديًا، في ظل غياب دراسات تهتم بنسبة النساء اللواتي استفدن من القروض، ومدى تأثيرها على معيشتهن.[82]
العائق المؤسّساتي
تتحمل فيه الأحزاب السياسية النصيب الأكبر من المسئولية؛ إذ تستبعد النساء عن لوائحها الانتخابية، أو تضعها في ذيل القائمة، خشية ألا تحصد أصواتًا. كما أن علاقات التعاون بين المنظمات النسائية والمنظمات الأخرى، كالنقابات العمالية والمهنية، شبه غائبة، ولا تتضمن برامج لتدريب النساء على الأدوار القيادية. وبالتالي، فإن عجز النساء عن تشكيل نخبة أو تأسيس مسار مهني سياسي ناتج عن كونهن غير محترفات في ممارسة العمل السياسي، بسبب معدل التناوب السريع، واستحالة تجديد الفترة الانتخابية إذا كانت المرشحة فائزة عبر نظام الكوتا، وهو ما يحرم النساء من الاستفادة من التجارب الناجحة أو تجاوز الأخطاء.
إلى جانب هذه العقبات، هناك عوائق مرتبطة بطبيعة النظم السياسية والانتخابية القائمة؛ فالأحزاب السياسية غير مقتنعة بالدور السياسي للمرأة وقدرتها التنافسية. كما أن المناخ الانتخابي السائد يؤثر سلبًا على المشاركة السياسية الفاعلة للمرأة، إذ تسوده ممارسات سلبية، ويتفشّى فيه الفساد، ويشهد توظيف سلاح المال السياسي، ما يؤدي إلى إحجام النساء عن المشاركة في الشأن العام والعمل السياسي. غالبًا ما يتبنّى القائمون على منظومة العمل السياسي والحزبيّ مفهومًا مغلوطًا لمشاركة المرأة، فهم يعتقدون بمشاركتها الشكلية –أي تلك التي تقتصر على إدراج أسماء المرشحات في أسفل القوائم الحزبية. كما يتم استغلال الوهج السياسي والإعلامي لمشاركة المرأة دون إيصالها لمصنع القرار، باعتباره أمرًا لا يشكل أولوية لدى أي جهة سياسية. ويحصرون عضوية المرأة في الكتلة الانتخابية أو الصوت الانتخابي، ناهيك عن تحجيم دورها القيادي داخل الحزب، بل وتهميشها. تعكس هذه الممارسات خللًا في الفهم الحقيقي لفكرة المشاركة السياسية وفي حدود تطبيقها، وهي لا تحد من مشاركة المرأة فحسب وإنما تتعدى آثارها السلبية لتصل أيضًا إلى الشباب،[83] مما يعيد إلى الواجهة مرة أخرى أزمة الديمقراطية الداخلية للأحزاب السياسية وإشكالية خلود الزعامة.
العائق النفسي
تشير الدراسات إلى أنّ الكثير من النساء لا يثقن بقدرتهن على العمل في الشأن العام، ويخشين المشاركة في العمل السياسي والترشّح للانتخابات. على سبيل المثال، خلصت دراسة لأن 31.64% من النساء المغربيات لا يثقن في الأحزاب السياسية أو السياسيين، فيما لا تتجاوز نسبة المنتميات لأحزاب سياسية 8.49%. وانتهت هذه الدراسة لأن النساء ينظرن إلى السياسة نظرة سلبية، ويعتبرنها معتركًا غير أخلاقي، ويخشين ممارستها.[84] في هذا الصدد، تجدر الإشارة لأن هذه التمظهرات رائجة حتى في دول متقدمة كالولايات المتحدة الأمريكية، وتحدثت دراسة حملت عنوان «الرجال يحكمون»[85] خوف المرأة من البيئة الانتخابية، وما يرافقها من منافسة شرسة وحملات إعلامية وتبادل للانتقادات. وترى الدراسة أن عدم مشاركة النساء على نطاق واسع في الحياة السياسية يترك أثرًا سلبيًا، لاسيما على بعض القضايا الخاصة بالمرأة وعلى التشريعات المتعلقة بالصحة والقضايا النسائية، مقترحةً زيادة برامج التدريب ونشر التوعية لتعزيز ثقة المرأة بقدرتها على منافسة الرجل، وتشجيعها على خوض معترك السياسة.
جدير بالذكر، أن بعض النساء يتبنين بعض الممارسات الإقصائية تجاه بعضهن البعض، الأمر الذي يحول دون امتلاكهن قوة ضغط داخل الكيانات السياسية. وهو ما يعود إلى مشمول القيم والعادات السائدة التي تحول دون امتلاك موقع خاص بالمرأة، ومن ثم المساهمة في صناعة القرار على مستوى العمل. الأمر الذي يتجلى في العالم القروي بشكل خاص؛ إذ «تتخلى المرأة عن المطالبة بحقها في الإرث حفاظًا على الموروث العائلي».[86]
كما أن صورة المرأة في الإعلام تساهم في ترسّخ الصورة الذهنية والنمطية للمرأة، المتسمة عادة بالضعف وغياب الطموح السياسي مقارنةً بالرجال. وتجدر الإشارة في هذا الصدد لوجود ظاهرة ملفتة لا بد من التنويه إليها، تتمثل في إقدام نسبة من النساء الناخبات على عدم مساندة النساء المرشحات للانتخابات. وهذا في واقع الأمر مرده عدم ثقة الناخبة بالمرأة نفسها وانسياقها وراء رغبة الرجل. وقد أثبتت نتائج الانتخابات في دول لا تعتمد نظام الكوتا النسائية عن ضعف مساندة النساء للمرأة المرشحة في الانتخابات. ففي مصر على سبيل المثال، تراجعت أعداد عضوات مجلس الشعب من ثلاثون امرأة سنة 1979 إلى تسعة نساء سنة 1995، الأمر الذي دفع الدولة المصرية لإعادة اعتماد نظام «الكوتا» سنة 2010 بموجب القانون 149/2009.
خاتمة
لقد تنامى الوعي بضرورة تمكين المرأة المغربية سياسيًا، وتكرست هذه القناعة بشكل أكبر في أواخر القرن الماضي، ومطلع هذا القرن؛ من جهة عبر المصادقة على كل الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالمساواة بين المرأة والرجل، ومن جهة ثانية رفعت المملكة جل تحفظاتها على اتفاقية CEDAW سنة 2011، باستثناء المواد المتعلقة باللجوء إلى آلية التحكيم. إلى جانب تبني قوانين وإجراءات تمييزية لصالح المرأة بهدف الرفع من تواجدها الكمي والنوعي داخل المؤسسات السياسية.
رغم ذلك، تشير الدراسات لأن التواجد النسائي لم يرق بعد إلى المعدلات العالمية المطلوبة؛ فالوضعية السياسية للمرأة المغربية تعاني من فجوة بين النظرية والتطبيق. إذ تتباعد المسافة بين ما تم تحقيقه منذ مصادقة الدولة على الصكوك الدولية المعنية بالمرأة ثم تكريسها دستوريًا، وبين معدلات تمثيلها، الأمر الذي يتضح في محدودية قدرة النخب النسائية الحالية على التأثير في هوامش الممارسة السياسية.
وحسبما أكدت الدراسة، يمكن إرجاع هذه المحصلات إلى تضافر عدة معوقات نتيجة استمرار اللامساواة بين الجنسين بكل أشكالها، خاصة على مستوى الفقر والأمية والبطالة، وجميعها مرتفعة في صفوف النساء. إلى جانب ضعف تمكينها اقتصاديًا وتعرضها للعنف.
في المقابل، لا يمكننا عزل الديناميكية التي عرفها النظام السياسي المغربي، بهدف التحول إلى نظام ديمقراطي يستوعب طموحات جميع نخبه السياسية، عن زيادة المشاركة السياسية الفاعلة للمرأة المغربية. من دون شك، خلقت هذه التغييرات الإيجابية بيئة داعمة تحتضن الحضور النسائي في المشهد السياسي المغربي، وتستجيب للنظريات المعاصرة لإدماج النوع الاجتماعي خاصة المرأة في بلورة الفعل العمومي. وفي انتظار انتصار النخب النسائية السياسية لقضاياها، مستثمرةً في ذلك كل التراكمات الحقوقية والمؤسساتية.
في الختام، توصي الدراسة بأن تفعيل الحقوق السياسية للمرأة المغربية تلزمه مشاركة مجتمعية شاملة. فالارتقاء بمعدل المشاركة السياسية للمرأة كمًا ونوعًا، يمكن معالجته من خلال ثلاث مدخلات أساسية: محاربة الفقر والبطالة والأمية، أي التقليص من الفجوة النوعية بين الرجل والمرأة. كما يجب في مرحلة لاحقة إعادة النظر في آلية التمييز الإيجابي، الذي استنفد أسباب وجوده حسبما أبانت التجربة؛ إذ فقد صلته بالفكرة الديمقراطية وتحولت بوصلته الحقوقية. إلى جانب تحديد أجندة ومساطر واضحة للتحسين التلقائي للتمثيلية السياسية للنساء، بدلًا من مجرد الرهان على آلية تدبيرية تمييزية؛ فالديمقراطية قبلما تكون ممارسة هي بالأساس ثقافة، ينبغي غرسها وترسيخها في المجتمع عن طريق مؤسسات التنشئة الاجتماعية والسياسية. لذا تعد مسألة التراكم في العمل السياسي منذ مراحل مبكرة مطلبًا ملحًا للنخبة السياسية النسائية، كما أصبح من الضروري اهتمامها بالشأن العام بالقدر نفسه الذي تعنى فيه بقضاياها الخاصة، فهي في نهاية المطاف الجزء الأكبر من المجتمع.
وفي مرحلة ثالثة وأخيرة، ينبغي إشراك النساء في تدبير المعترك الانتخابي بدايةً من وضع التشريعات والتدابير انتهاءً بعمليات الإشراف، من خلال الحرص على تمثيلية النساء في مجمل البنيات واللجان المكلفة بتلقي الترشيحات ومراقبة عمليات التصويت والفرز. إلى جانب التسريع بإخراج القانون الإطاري الخاص بهيئة المناصفة ومكافحة كافة أشكال التمييز، ومنحها الصلاحيات ووسائل العمل الضرورية لتمارس دورها في احترام الحقوق والحريات التي أقرها الدستور، وفي مقدمتها تجسيد مسألة المناصفة السياسية في مختلف تجلياتها. في غياب هذه التصورات سيبقى تحقيق نموذج سياسي حداثي مغربي موضع التساؤلات.
[2] يُقصد بنسوية الدولة تبنى الحكومة أو الدولة سياسات تعود بالنفع على حقوق المرأة وتحسين حياتها. وقد برز هذا المفهوم في: هيرنس، هيلجا (1987). الدولة النسوية والجنسانية (State Feminism and Gender)، روتلدج.
[3] الهراس، المختار (2008). المرأة وصنع القرار في المغرب، الطبعة الأولى. بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع «مجد».
[4] المرأة المغربية تترأس أهم المؤسسات الدستورية: المجلس الوطني لحقوق الإنسان (أمينة بوعياش 2018)، المجلس الأعلى للحسابات (زينب عدوي 2021)، الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (لطيفة أخرباش 2018). كما تولت المرأة المغربية أمر التسيير المحلي عام 2021؛ إذ تم تعيين ثلاث نساء عمداء لأكبر المدن المغربية: الرباط، الدار البيضاء، مراكش.
[5] بحسب وزارة الداخلية؛ فإن 71% من المنتخبات المحليات حاصلات على مستوى تعليمي ثانوي أو عالي، في مقابل 52% في صفوف الرجال. انظر: المجلس الوطني لحقوق الإنسان (2015). وضعية المساواة والمناصفة بالمغرب، ملخص تنفيذي. ص 9. تاريخ الاطلاع 31 أغسطس 2024، https://urlz.fr/rY92.
[6] المجلس الوطني لحقوق الإنسان (2015). وضعية المساواة والمناصفة بالمغرب، ملخص تنفيذي. ص 10.
[7] انخرطت المرأة المغربية في معركة استرجاع السيادة الوطنية ومقاومة الاحتلال، وساهمت في تنظيم المظاهرات الاحتجاجية ومباشرة الكفاح المسلح في الصفوف الأمامية (إيطو ابنة الزعيم موحا أوحمو الزياني، التي استشهدت مع أبيها وهي تحمل بندقيتها). للمزيد، أنظر: اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (2005). الحركات النسائية في العالم العربي. الأمم المتحدة، منشور الإسكوا، ص 38، https://shorturl.at/Eqoun .
[8] الفصل الثالث من أول دستور للمملكة المغربية لسنة 1962.
[9] مثل: جمعية «أخوات الصفاء» عام 1947. و«جمعية المواساة» و«جمعية حماية الأسرة» اللتان أسسهما «حزب الاستقلال» عامي 1956 و1957 على التوالي. و«الاتحاد التقدمي للنساء المغربيات» عام 1962، والتي رفعت مطالب تستهدف تحسين وضعية النساء اللواتي كن أميات وفقيرات في غالبيتهن، إلى جانب احترام النساء الخادمات في البيوت، وإعداد مدونة للأحوال الشخصية التي لم تكن موجودة آنذاك لحماية النساء، ثم عملت في مجال التوعية والتثقيف ضد تعنيف النساء.
[10] رياضي، خديجة (2021). تاريخ وحصيلة الحركة النسوية في المغرب. Capiremov، 7 أكتوبر. تاريخ الاطلاع 30 أغسطس 2024، https://capiremov.org/ar/tajarib/alnasawiat-almaghrib/.
[11] شهدت القضية النسائية ازدهارًا في ثمانينيات وأوائل تسعينيات القرن العشرين، مع تتالي تأسيس الجمعيات النسائية، وكان أولها «الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب» (حزب التقدم والاشتراكية) سنة 1985، ثم «اتحاد العمل النسائي» (منظمة العمل الديمقراطي الشعبي) سنة 1985، و«منظمة المرأة الاستقلالية» 1987.
[12] اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (2005). الحركات النسائية في العالم العربي. ص 56-57.
[13] رياضي، خديجة (2021). تاريخ وحصيلة الحركة النسوية في المغرب.
[14] في عام 2004 تم تعديل مدونة الأسرة، وجاري العمل حاليا على إجراء تعديل ثان من المتوقع صدوره مع نهاية 2024. بالإضافة إلى تعديل قانوني الانتخابات والجنسية عام 2008، وتعديل قانون الشغل عام 2004، وتعديل المسطرة الجنائية عام 2004، وتعديل القانون التجاري عام 1995.
[15] على سبيل المثال: الفصل التاسع عشر، والذي يقر بتمتع الرجل والمرأة –على قدم المساواة– بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية. والفصل السادس والذي ينص على أن «تعمل السلطات العمومية على توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنات والمواطنين، والمساواة بينهم، ومن مشاركتهم في الحياة السياسية». والفصل الثلاثين والذي ينص على مقتضيات من شأنها تشجيع تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في ولوج الوظائف الانتخابية. الفصل 416 المحدث لهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، بموجب القانون التنظيمي 79-14.
[16] في عام 2015، انطلقت هذه التجربة كأول هيئة نظامية في تاريخ مجلس النواب في مجال المناصفة والمساواة بإطار مؤسساتي يبلور العمل التشاركي بين مختلف الفرق البرلمانية. كل الفرق البرلمانية ممثلة وتعمل بطريقة توافقية بدون حساسيات حزبية أو إيديولوجية وجعل قضايا المرأة من أولويات المجموعة، مع تجاوز الانتماءات السياسي.
[17] مستندة إلى محاور ذات أولوية: الأسرة، التمكين الاقتصادي للنساء، التنمية البشرية، التربية والتكوين، الصحة والحماية الاجتماعية، والتمكين السياسي.
[18] تجدر الإشارة هنا إلى أن هذا التحول الكمي في زيادة المشاركة السياسية للمرأة المغربية، يعزى بالأساس إلى تبني المملكة لنظام «التمييز الإيجابي» أو ما يُعرف بـ «الكوتا». إلا أن هناك من اعتبره نظامًا غير ديمقراطي، يتناقض ومبدأ المساواة في الحقوق والواجبات، ومبدأ تكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة. ويستمد نظام «الكوتا» شرعيته من مبدأ العدالة، والذي يقتضي وجود تمثيلية لشريحة واسعة وأقل حظًّا في الفوز داخل المجتمع وهي شريحة النساء. كما أنها تبقى حلًا مرحليًّا أمثل لمجتمع لازالت تطغى عليه العقلية الذكورية، ولا يؤمن بقدرات المشاركة السياسية للمرأة، خاصة على مستوى صناعة القرار.
[19] في عام 2011، استحدث القانون التنظيمي 27.11، المتعلق بمجلس النواب، دائرة انتخابية وطنية تتكون من تسعين مقعدًا، خصص منها ستين مقعدًا للنساء وثلاثين مقعدًا للشباب.
[20] القانون التنظيمي 11-59، المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية، وضع آليتين لتعزيز التمثيلية النسائية. تتعلق الأولى بمجالس الجهات، إذ نص على تخصيص ثلث المقاعد على الأقل في كل عمالة أو إقليم أو عمالة مقاطعات لصالح النساء. وتتعلق الثانية بالمجالس الجماعية، إذ تم عام 2015 إدراج بنود جديدة، بمقتضى القانون التنظيمي 34.15، بتخصيص حد أدنى من المقاعد للنساء في مجلس كل جماعة أو مقاطعة، لا يقل عن 4 مقاعد، مع رفع هذا العدد بحسب العدد الإجمالي للمقاعد.
[21] المندوبية السامية للتخطيط (2021). المرأة المغربية في أرقام.. 20 سنة من التطور. الرباط، ص 113.
[22] مفهوم «النوع الاجتماعي»، تناولته Simone de Beauvoir سنة 1949 في كتابها «الجنس الآخر» (Le Deuxième Sexe). وترى الكاتبة أن «المرأة لا تولد امرأة، وإنما تصبح امرأة». فبينما يتحدد الجنس بيولوجيًا؛ فإن النوع الاجتماعي يتولد بفعل تأثيرات نفسية واجتماعية وثقافية. فإن كان الجنس قدرًا ملازمًا للمرء، فقد أضحى النوع بمنزلة الإرادة الحرة.
[23] يُقصد بالتمكين، العملية التي يتم من خلالها دعم وتقوية أدوار وحقوق المرأة في المجتمع والدولة للمطالبة بحقوقها والدفاع عنها.
[24] يُقصد بها دمج وجهات نظر المرأة والمجتمع في صلب التنمية الوطنية، وتعزيز مؤسسة الأسرة من أجل تحسين الرعاية الاجتماعية ضمانًا لمبدأ المساواة بين الجنسين.
[25] يُقصد بها وضع تدابير وترتيبات مؤسسية محددة وتنفيذها، مثل القدرة على إجراء تحليل قائم على أساس النوع الاجتماعي، وجمع بيانات مصنفة حسب الجنس لتعزيز المساواة بين الجنسين، والحرص على توفير الموارد المناسبة.
[26] هو أداة منتظمة للنظر في أوجه الاختلاف الاجتماعية والاقتصادية بين النساء والرجال؛ فهو ينظر في نشاطاتهم وظروفهم وحاجاتهم المحددة فضلًا عن قدرتهم في الوصول إلى الموارد وتحكمهم بها، ووصولهم إلى فوائد التنمية ومراكز صنع القرار.
[27] يشير المصطلح إلى البيانات التي تم جمعها وجدولتها بشكل منفصل للنساء والرجال؛ بما يسمح بقياس الاختلافات بين النساء والرجال من حيث الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية المختلفة.
[28] يُقصد به إتاحة الفرص والموارد لجميع فئات المجتمع للوصول العادل والتمكن الفعال من مجهودات التنمية، كمكون مؤثر يستند إلى فهم احتياجات المجتمع، والاستغلال الأمثل لقدرات الأفراد والمؤسسات لتحقيق المشاركة الفعالة في التنمية.
[29] اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (2005). ص 11.
[30] في البداية، تطورت الأفكار النسوية في المجتمعات الغربية، في الوقت التي كانت فيه جل المجتمعات الشرقية تواجه معضلة الخلاص من الاستعمار. ومع تبلور الهوية النسوية عالميًا، انتقلت المطالب النسوية من دائرة ضيقة، ألا وهي الدولة، إلى نطاق أوسع وهي المنظمات الدولية، وبذلك أصبحت ظاهرة عالمية. للمزيد، انظر: رعد، عبد الجليل ومجيد، حسام الدين (2022). في النظرية السياسية النسوية، البُنى الفكرية والاتجاهات المعاصرة. الكويت: عالم المعرفة.
[31] اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (2005). ص 117.
[32] موسير، كارولين (1993). التخطيط والتنمية الجنسانية النظرية والتطبيق والتدريب، الطبعة الأولى (Gender Planning and Development Theory, Practice and Training). روتليدج.
[33] المندوبية السامية للتخطيط (2021). المرأة المغربية في أرقام.. 20 سنة من التطور. الرباط، ص 113.
[34] المنتدى الاقتصادي العالمي (2017). تقرير التنافسية العالمي 2017 – 2018 (The Global Competitiveness Report 2017-2018). تاريخ الاطلاع 1 سبتمبر 2024، https://shorturl.at/lfPKP.
[35] بحسب مؤشر التنمية البشرية، يحتل المغرب لمرتبة 127 بين 178 دولة. كما احتل مرتبة متأخرة في مؤشر الفجوة العالمية بين الجنسين لعام 2014، والذي يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي بهدف فهم ما إذا كانت الدول توزع مواردها وفرصها بالتساوي بين الذكور والإناث.
[36] بالرجوع إلى أداء مؤشر المساواة بين الجنسيين، فإننا نجد أن نسبة عدم المساواة في الوطن العربي المقدرة بـ 0.535، تشهد ارتفاعًا بالمقارنة مع دول أوروبا وآسيا الوسطى والتي تقدر نسبة عدم المساواة فيها بـ0.279 مقارنة بالمتوسط العالمي. للمزيد، انظر: تقرير التنمية البشرية(2024). برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، مؤشر المساواة بين الجنسين. تاريخ للاطلاع 1 سبتمبر 2024،https://hdr.undp.org/system/files/documents/global-report-document/hdr2023-24overviewar_0.pdf.
[37] تضم الحركة النسوية العالمية قرابة 600 منظمة، موزعين بين أكثر من 60 منظمة عالمية، أكثر من 150 منظمة أوروبية، حوالي 100 منظمة أميركية، 21 منظمة في أستراليا ونيوزيلندا، قرابة 70 منظمة في الأميركتين، 70 منظمة أفريقية، و120 منظمة في آسيا. هذه المنظمات تدير عشرات الآلاف من الفروع والمكاتب التابعة لها في دول العالم، وتنفق على أنشطتها وفعالياتها المتواصلة عشرات المليارات من الدولارات سنويًا، فضلًا عن آلاف المؤسسات والجمعيات الأكاديمية والفكرية والفنية والثقافية والاجتماعية والخيرية التي تدعم بقوة أفكار وأنشطة الحركة النسوية محليًا وعالميًا. للمزيد، انظر: عبد الهادي، محمود (2022). المساواة والتمكين من وراء النسوية العالمية؟. تاريخ الاطلاع 1 سبتمبر 2024، https://urlr.me/4R57W.
[38] برنامج الأمم المتحدة الإنمائي حدد نسبة مشاركة المرأة في البرلمان يجب أن تصل إلى 30%. انظر: المجلس التنفيـذي لهيئــة الأمــم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة (2012). التقدم المحرز بشأن الخطة الاستراتيجية لهيئة الأمم المتحدة للمـساواة بـين الجنسين وتمكين المرأة للفترة 2011-2013، https://urlz.fr/sCN9.
[39] الاتحاد البرلماني الدولي (The Inter-Parliamentary Union). www.ipu.org.
[40] هو اتجاه لمشاريع التنمية ظهر عام 1970 تحت مسمى «نهج الجنس والتنمية» (Gender and Development GAD). ويطالب فيه التيار الأول «المرأة في التنمية» (Women In Development) بإدراج قضايا المرأة في مشاريع التنمية وفي الاقتصاديات العالمية من خلال تحسين وضعيتهن والمساعدة في التنمية الشاملة. فيما يرى التيار الثاني «المرأة والتنمية» (Women And Developmenet) أن عملية التنمية تسير بشكل أفضل وتزداد فعاليتها إذا قدرت مجهودات المرأة. أما التيار الثالث «الجندر في التنمية» (Gender In Develoment)، والذي ظهر مع بداية التسعينيات، فركز على أمرين؛ توحيد الأدوار بين الجنسين عن طريق فصل جنس الإنسان عن دوره في الحياة، وفك ارتباط جنس الإنسان بدور معين في الحياة.
[41] ضريف، محمد (2022). سياسة النوع والمرونة السلطوية: نظام الكوتا النسائية بالمغرب كآلية لدعم النظام. رواق عربي، 27 (1)، 5-19. تاريخ الاطلاع 29 أغسطس 2024، https://doi.org/10.53833/MCSV7210.
[42] خطاب العاهل المغربي الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى السادسة والأربعين لثورة الملك والشعب في العشرين من أغسطس 1999، الذي جاء فيه: «كيف يتطور بلوغ رقي المجتمع وازدهاره والنساء، اللائي يشكلن زهاء نصفه، تُهدر مصالحهن في غير مراعاة لما منحهن الدين الحنيف من حقوق، هن بها شقائق الرجال تتناسب ورسالتهن السامية في إنصاف لهن مما قد يتعرضن له من حيف أو عنف، مع أنهن بلغن مستوى نافسن به الذكور، سواء في ميدان العلم أو العمل».
[43] إذ تُعزز بذلك مشروعيتها كما ذكرنا سابقًا.
[44] مما رفع نســبة تمثيل النســاء علــى الصعيد الوطني من 21% إلى 25%. تجدر الإشارة كذلك لأن المملكـة عدلت القانــون الــذي ينظــم شــركات المســاهمة، رقم 19.20 المعــدل والمكمــل لمقتضيــات القانــون رقــم 17-95 بشــأن شــركات المســاهمة المدرجــة فــي البورصــة. ويعد هــذا القانــون بتكريــس مبــدأ التمثيــل المتــوازن للنســاء والرجـال فـي هيئـات حكامـة الشـركات، ويحـدد حصصـًا إلزاميــة لضمــان التنــوع فــي مجالــس الإدارة للشــركات المسـاهمة العامـة، ويرسـم هـدف أدنـى للتمثيل النسائي لا يقـل عـن نسـبة 30% بحلــول عــام 2024، و%40 بحلول عام 2027. للمزيد، انظر: المندوبية السامية للتخطيط (2021). المرأة المغربية في أرقام.. 20 سنة من التطور. الرباط.
[45] تابعة للمعهد المغربي للمدراء، وتحت رئاسة وزارة الشئون العامة والحكامة، وعضوية وزارة الاقتصاد والمالية وممثلي مختلف هيئات الحكامة والمؤسسات العمومية والخاصة والخبراء.
[46] في عام 2015، اعتمدت الدول الأعضاء بالأمم المتحدة خطة التنمية المستدامة لعام 2030 بأهدافها السبعة عشر. وتهدف هذه الخطة لتحديد اتجاه السياسات العالمية والوطنية المعنية بالتنمية، وتقديم خيارات وفرص جديدة لسدّ الفجوة بين حقوق الإنسان والتنمية، كما أنّها تشكّل إطارًا عامًا يوجّه العمل الإنمائي العالمي والوطني.
[47] دراسة أنجزها «المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية» عام 2012، تحت عنوان «ديمومة النموذج التنموي خيار الاقتصاد الأخضر». وهو المفهوم الذي سيصبح أكثر تداولًا من خلال متابعة أعمال اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي. والتي قدمت لملك البلاد في 25 مايو 2011 تقريرها العام، والذي أصدر أوامره بنشر التقرير وإجراء عملية واسعة لتقديم أعمالها وشرح خلاصاتها وتوصياتها للمواطنين ومختلف الفاعلين.
[48] في إطار التعاون بين البلديات ضمن برنامج «الحكامة المحلية والتشاركية في المغرب العربي»، تم إطلاق شبكة «مدينة جديدة» عام 2015، تحت اسم الشبكة المغربية للحكامة التشاركية «CoMun»، ما رفع عدد شبكات النساء المنتخبات محليًا إلى خمس شبكات في ثلاث جهات مستهدفة، وهي (فاس بولمان ودكالة عبدة والغرب شراردة بني حسين). إلى جانب شبكتين إقليميتين تم إنشائهما في يونيو 2014، لصالح منتدى النساء المنتخبات لجهة دكالة عبدة، ومنتدى النساء المنتخبات لجهة فاس بولمان. وفي إطار الدعم الخاص للنساء المنتخبات محليًا، واستنادًا إلى نتائج التشخيص التشاركي لسنة 2010، تم إنجاز مجموعة من الأنشطة التكوينية طبقًا لبرنامج الحكامة المحلية، لتطوير قدراتهن القيادية وتعزيز مشاركتهن الفعالة في السياسة المحلية، مع دعم خاص للسلطات الإقليمية الشريكة. للمزيد، انظر: وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية (2016). تمكين المرأة والتنمية المستدامة. تقرير المملكة المغربية.
[49] على سبيل المثال: تواصل الفكر السلفي المحافظ، الذي ركز على ضرورة التوعية بما فيها توعية النساء وضرورة تعليم البنات في إطار أبوي ومحافظ، منذ عهد الاستعمار. وقد تحلت مقاومة التغيير بشكل أكبر عام 2000؛ حين واجه حزب العدالة والتنمية، صاحب التوجه المحافظ، «الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية» والتي تبنتها حكومة عبد الرحمن اليوسفي، وأطلق مسيرة مليونية في الدار البيضاء شارك فيها علماء من المؤسسة الدينية، وانتهى الأمر إلى التدخل الملكي بتشكيل لجنة إعداد مدونة الأسرة مع النص على ضرورة عدم مخالفة الشريعة الإسلامية. كذلك كان نصيب النساء في حكومة عبد الإله بن كيران، وهي أول حكومة بعد حراك 2011، حقيبة وزارية وحيدة من أصل 32 حقيبة. الرقم الذي تصاعد في نسختها الثانية عام 2013 ليبلغ عددهن ست وزيرات. دونما نغفل عدم إعمال مبادئ المناصفة داخل التنظيمات الحزبية والنقابية والمهنية مما يضعف حظوظهن في مشاركة منصفة في الانتخابات سواء جماعية أو تشريعية أو مهنية.
[50] تطور أعداد المقاعد التي حصلت عليها المرأة بالبرلمان المغربي ومجلس المستشارين؛ ففي مجلس النواب حصلت على ستة وتسعين مقعدًا في 2021 مقابل سبعة وستين مقعدًا في 2011. وفي مجلس المستشارين حصلت النساء على خمسة عشر مقعدًا في 2021 مقابل ستة مقاعد في 2011. وفي السياق نفسه، تطور أعداد المترشحات بالبرلمان المغربي ومجلس المستشارين؛ ففي مجلس النواب ترشحت 2334 امرأة في 2021 مقابل 1624 في 2011. وفي مجلس المستشارين ترشحت 324 امرأة في 2021 مقابل 58 امرأة في 2011. وفي المجالس الجهوية ترشحت 3936 امرأة في 2021 مقابل 525 في 2011. للمزيد، انظر: المندوبية السامية للتخطيط (2021). المرأة المغربية في أرقام.. 20 سنة من التطور. الرباط.
[51] شلق، هدى الخطيب (2017). أهمية دور المرأة في صنع القرار السياسي. هينرش بُل، 27 أبريل. تاريخ الاطلاع 1 أغسطس 2024، https://lb.boell.org/ar/2017/04/27/hmy-dwr-lmr-fy-sn-lqrr-lsysy.
[52] للمزيد، انظر: معهد ماكينزي العالمي (2015). «قوة التكافؤ: كيف يمكن لتعزيز المساواة بين الجنسين أن يضيف 12 تريليون دولار إلى النمو العالمي» (The Power of Parity: How Advancing Women’s Equality Can Add $12 Trillion to Global Growth). تاريخ الاطلاع 29 يوليو 2024، https://urlz.fr/rxZY.
[53] منظمة المرأة العربية (2020). المرأة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة فى المنطقة العربية دراسة استرشادية. تاريخ الاطلاع 29 يوليو 2024، http://arabwomenorg.org/uploads/Executive_Meeting.pdf.
[54] بلغت نسبة الفتيات المسجلات في كلية الطب والصيدلة 67.8%، وفي طب الأسنان 73.2%، وفي العلوم والتقنيات 59.4%، وفي علوم التربية 55.5%. للمزيد، انظر: المندوبية السامية للتخطيط (2021). المرأة المغربية في أرقام.. 20 سنة من التطور. الرباط.
[55] بحسب دراسة استقصائية أجرتها منظمة الشفافية الدولية لأصحاب المؤسسات والمديرين في جمهورية جورجيا، فإن الشركات التي تمتلكها أو تديرها نساء تدفع رشاوى في قرابة 5% من معاملاتها الحكومية، فيما تتصاعد النسبة في الشركات التي يملكها أو يديرها ذكور لتصل إلى 11%. ولا يعد من قبيل المصادفة أن الدول الأقل فسادا هي نفسها التي تشهد تمثيلية نسائية مرتفعة (النرويج/ فنلندا/السويد/الدانمارك/نيوزلندا)؛ بمعدلات تمثيل للنساء تتراوح بين 30% و40%، www.transparency.org.
[56] للمزيد، انظر: مؤسسة الصوت المتساوي (The Equal Voice Foundation)، https://www.equalvoice.ca/.
[57] للمزيد، انظر: منظمة الشفافية الدولية.
[58] يتعلـق الأمـر بتصنيـف توليفـي يجمـع بيـن أربعة مؤشـرات؛ المشـاركة الاقتصاديـة والفـرص، والصحـة، والتعليـم، والتمكيـن. وأعلـى درجـة ممكنة هي واحد، والتي تعني المساواة الكاملة بين المرأة والرجل. للمزيد، انظر: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (2024). تقرير التنمية البشرية 2023/2024 لمحة عامة. https://urlz.fr/rxZS.
[59] بتقسـيم أداء المغـرب وفقـًا لنتائـج أربعـة مؤشـرات فرعيـة، فقد تمكنت المملكة من تقليص الفجـوة بيـن الجنسـين فـي مؤشـرات التحصيـل العلمـي، والصحـة والبقــاء علــى قيــد الحيــاة؛ إذ حصلــت علــى درجــات 0.945 و0.961 مــن 1علــى التوالــي، ممــا يضــع البــلاد في المركــزين 114 و131 في التصنيــف العالمي. رغم ذلك، شهد أداء البلاد ضعفًا حينما يتعلق الأمر بمشاركة المرأة المغربية في الاقتصاد والسياسة.
[60] استثناءات قليلة للغاية، كالحزب الاشتراكي الموحد حيث انتخب نبيلة منيب أمينة عامة له عام 2012، إلى جانب بعض الأحزاب الصغيرة.
[61] تجـدر الإشــارة إلــى صــدور القانــون رقــم 83-17 الــذي يعــدل القانـون رقـم 41-10 المتعلـق بشـروط وإجـراءات الاسـتفادة مـن منـح صنـدوق دعـم الأسـرة ومرسـوم تنفيـذه. ويعـزز هـذا الصنـدوق الـذي استحدث عام 2018 حمايـة وتمكـين النساء في وضعية هشة بمعية أطفالهن.
[62] المندوبية السامية للتخطيط (2019). المرأة القروية بالمغرب. العدد العاشر، 25 أكتوبر.
[63] المندوبية السامية للتخطيط (2021). المرأة المغربية في أرقام.. 20 سنة من التطور. الرباط.
[64] يتواجد المغرب بين الدول الـ20 الأقل مساهمة في النشاط الاقتصادي للنساء؛ إذ يحتل المرتبة 128 من أصل 135 بلد موضوع الدراسة. للمزيد، انظر: www.banquemondiale.org.
[65] تطمح الدولة المغربية لأن تصل نسبة مساهمة المرأة في النشاط الاقتصادي إلى 30% بحلول عام 2030. للمزيد، انظر: المندوبية السامية للتخطيط (2021). المرأة المغربية في أرقام.. 20 سنة من التطور. الرباط.
[66] حســب خلاصــات اســتطلاع البحــث الوطنــي لعام 2019، اتضـح أنـه مـن بـين جميـع النسـاء اللواتـي تعرضـن للعنــف الجســدي و/أو الجنســي خــلال الــ12 شهرًا السـابقة فـي جميـع السـياقات، اضطرت 22.8% مـن النسـاء، أو عائلاتهـن، تحمـل تكاليـف مباشـرة أو غير مباشـرة نتيجة للعنف. وتقــدر التكلفــة الإجماليــة لهــذا العنــف بنحــو 2.85 مليــار درهــم. وبتقســيم هــذه التكلفــة علــى العــدد الإجمالـي للنسـاء الضحايـا، يبلـغ متوسـط التكلفـة حوالـي 957 درهم للضحية الواحدة. يظهر مـن هـذه المعطيـات الإحصائيـة ببسـاطة أن التعليــم والنشــاط الاقتصــادي لا يحميــان النســاء مــن العنف. للمزيد، انظر: المندوبية السامية للتخطيط (2019). البحث الوطني الثاني حول انتشار العنف ضد النساء. تاريخ الاطلاع 31 يوليو 2024، https://shorturl.at/zbkbv.
[67] رغم اعتماد المغرب القانون 103.13 بشأن محاربة العنف ضد النساء في عام 2018، والآليات المؤسساتية للتكفل بالنساء ضحايا العنف ومنع جميع أشكاله، وضمان الدعم والتوجيه والدعم اللازمين لولوج المصالح المتوفرة؛ إلا أن معدل انتشار العنف لدى النساء البالغات، في المرحلة العمرية بين 18- 64 سنة، وصل إلى 51.4% في صورة عنف منزلي، و18.2% عنف في مكان العمل، و17.9% عنف في مكان الدراسة، و15.6% عنف في الفضاء العمومي. للمزيد، انظر: المندوبية السامية للتخطيط (2021). المرأة المغربية في أرقام.. 20 سنة من التطور. الرباط.
[68] هي إحدى الآليات المقترحة في المؤتمر الرابع العالمي عن النساء في بكين عام 1995، باعتبارها حل مرحلي في الحياة السياسية ومراكز صنع القرار، لما طالهنّ من تهميش وإقصاء أدى لعدم تمثيلهن أو على أقل تقدير ضعف هذا التمثيل وعزوفهن في كثير من الأحوال عن المشاركة في مراكز صنع القرار. ولقد استُحدث هذا النظام ليكون حلًا لزيادة نسبة المشاركة السياسية للنساء ولو لفترة معينة.
[69] عبرت المفكرة النسوية كيت ميليت عن هذا الأمر بقولها: «النظرية النسوية هي النظرية التي تسعى للكشف عن الآلية التي تتم بها هيمنة الرجال على النساء، ويمكن اعتبار النظام الأبوي الأيدولوجية الأكثر تغلغلًا في حضارتنا التي تركز على مفهوم القوة، وهي الأيدولوجية ذاتها التي يمكن اعتبارها المصدر الأول للسيطرة على النساء وقمعهن». للمزيد، انظر: عبد الستار أبو حسين، سلمى (2020). قراءة في المدرسة النسوية وتياراتها. المركز العربي للبحوث والدراسات، 14 مارس. تاريخ الاطلاع 30 أغسطس 2024، https://www.acrseg.org/41526.
[70] ضريف، محمد (2022). سياسة النوع والمرونة السلطوية: نظام الكوتا النسائية بالمغرب كآلية لدعم النظام. ص 15. https://doi.org/10.53833/MCSV7210.
[71] إن ظاهرة تهميش المناضلات الحقيقيات حاضرة عند كل استحقاق انتخابي في المغرب. وللتدليل على ذلك يمكن النظر لتفشي ظاهرة الترحال السياسي في أخر دقيقة من حزب إلى أخر. على سبيل المثال لا الحصر، قبيل أخر انتخابات تشريعية عرفها المغرب 2021، غيرت رئيسة مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة المنتمية إلى حزب الأصالة والمعاصرة، انتمائها السياسي وتقدمت كوكيلة للائحة النسائية بمنطقة وزان باسم حزب التجمع الوطني للأحرار.
[72] الأيوبي، محمد (2021). «أحزاب تكرس الريع في اللوائح الجهوية للنساء». جريدة الأخبار، 16 أكتوبر. تاريخ الاطلاع 30 أغسطس 2024،https://urlz.fr/sCTl.
[73] عدنني، إكرام (2019). التمكين السياسي للمرأة: تقنية الكوتا في المغرب نموذجًا. منتدى السياسات العربية، نوفمبر. ص 8-7، https://www.alsiasat.com/wp-content/uploads/2019/12/APF-PDF-5-11-1.pdf.
[74] تحتل الولايات المتحدة الأمريكية المركز الحادي والتسعين عالميًا في الترتيب الخاص بتمثيل النساء في المناصب الرسمية والسياسية، وهي تأتي في ذلك بعد دول مثل روندا ونيبال وكوب. جدير بالذكر أن التمثيل النسائي في المناصب الرسمية والسياسية الأميركية لا يتجاوز 17%.
[75] ووجد التقرير أنه من بين 188 دولة تمتلك برلمانات، هناك عشرون دولة فقط تسيطر النساء فيها على ثلث المقاعد على الأقل. وتصدرت رواندا وأندورا طليعة الدول من حيث مشاركة النساء في البرلمان؛ إذ كانتا الدولتان الوحيدتان اللتان تجاوزت فيهما مشاركة النساء في البرلمان نسبة 50%. للمزيد، انظر: أخبار الأمم المتحدة (2024). تقرير أممي: ارتفاع نسبة النساء البرلمانيات في عام 2023. الأمم المتحدة، 5 مارس. تاريخ الاطلاع 31 يوليو 2024، https://news.un.org/ar/story/2024/03/1128952.
[76] من بين أهم الدراسات العالم العربي، انظر: الهراس، المختار (2008). المرأة وصنع القرار في المغرب، الطبعة الأولى. بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع «مجد». وأيضًا: رياضي، خديجة (2021). تاريخ وحصيلة الحركة النسوية في المغرب. Capiremov، 7 أكتوبر. تاريخ الاطلاع 30 أغسطس 2024، https://capiremov.org/ar/tajarib/alnasawiat-almaghrib/. بينما على مستوى الكتابات الأجنبية، انظر: ميلبراث، ليستر والتر (1965). المشاركة السياسية (Political Participation). هارفارد: مطبوعات جامعة هارفارد.
[77] فيما يربط بعض المحللين ضعف مشاركة المرأة في العمل السياسي ببعض التفسيرات المحافظة للشريعة الإسلامية؛ إلا أن هذه الفكرة تدحضها الممارسات السائدة في بلدان إسلامية كباكستان وإندونيسيا، وهما من بين البلدان الإسلامية الأكبر في العالم. فباكستان لم تمنع المرأة من تبوأ رئاسة الوزارة، كما لم تمنع إندونيسيا النساء من الحصول على نسبة 11.4 في المائة في انتخابات 2004 من المقاعد في البرلمان. كما فرضت إندونيسيا في 2004 عتبة 30% على الأحزاب السياسية لضمان تمثيلية أكبر للمرأة. للمزيد، انظر: المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات (2006). نساء في البرلمان: بعيدا عن الأرقام. السويد. https://urlz.fr/sCW6.
[78] المنظمة المغربية لإنصاف الأسرة (2023). التمكين السياسي للمرأة، رافعة لتحقيق المناصفة بالمجالس المنتخبة والغرف المهنية، جامعة سلا.
[79] المندوبية السامية للتخطيط (2023). من أجل عالم رقمي شامل: الابتكار والتكنولوجيا من أجل المساواة بين الجنسين. تاريخ الاطلاع 28 سبتمبر 2024، https://urlz.fr/sCWt.
[80] ضبط القانون المغربي مسألة نفقات الحملات الانتخابية؛ إذ وضع سقفًا لإنفاق المرشحين في إطار الدعاية السياسية، كما أكد على ضرورة إعداد الحملة الانتخابية لكل مرشح أو وكيل لائحة لبيان مفصل لمصادر تمويل الحملة الانتخابية (مرسوم رقم 2.15.452). إلا أن الأحزاب السياسية لا تراقب مصاريف مرشحيها أثناء الحملات الانتخابية، ولا تكترث لتقارير المجلس الأعلى للحسابات باعتبارها الجهة المخول لها التدقيق في مصاريف الأحزاب السياسية.
[81] المندوبية السامية للتخطيط (2024). الفوارق في الأجور بين الجنسين في المناطق الحضرية دور التمييز بين الجنسين. تاريخ الاطلاع 28 سبتمبر 2024، https://www.hcp.ma/file/240105.
[82] جمعية أطاك المغرب (2014). الفهم من أجل المواجهة.. معركة النساء مع القروض الصغرى. تاريخ الاطلاع 29 سبتمبر 2024، https://arabic.cadtm.org/wp-content/uploads/2015/12/brochure-arabe1.pdf.
[83] منذ سبعينيات القرن الماضي، يعاني المغرب من ظاهرة العزوف السياسي، بما في ذلك العزوف الانتخابي، عند الشباب المغاربة؛ الأمر الذي دفع الدولة للعمل على إعادة الاعتبار للعمل السياسي عبر توعية المواطنين (خاصة الشباب والنساء) للانخراط في الحياة السياسية، من خلال تقديم إجراءات تمييزية: كإنشاء مجلس استشاري للشباب والعمل الجمعوي (الفصل 33 و170 من دستور 2011)، الذي يسعى لتوسيع مشاركة الشباب وتعميمها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتيسير ولوجهم للميادين السياسية والثقافية والعلمية. وكذا القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية، والذي يسمح لكل شخص يبلغ من العمر 18 سنة، ومسجل في اللوائح الانتخابية العامة، ومتمتع بحقوقه المدنية والسياسية، بأن يؤسس حزبًا سياسيًا أو يكون من بين أعضائه المسيرين، أو ينخرط بكل حرية في أي حزب سياسي مؤسس بصفة قانونية. وأيضًا القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب والذي خصص لائحة وطنية في إطار «كوتا» للشباب تضم 30 شاب من كلا الجنسين. للمزيد، انظر: شرايبي بناني، مونية (1995). المنقادون والمتمردون من الشباب المغربي (Soumis et Rebelles: Les Jeunes au Maroc). مجموعة البحر الأبيض المتوسط.
[84] المنظمة المغربية لإنصاف الأسرة (2023). التمكين السياسي للمرأة، رافعة لتحقيق المناصفة بالمجالس المنتخبة والغرف المهنية، جامعة سلا.
[85] الجامعة الأمريكية في واشنطن (2012). الرجال يحكمون. واشنطن.
[86] الهراس، المختار (2008). المرأة وصنع القرار في المغرب، الطبعة الأولى. بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع «مجد».
Read this post in: English