دراسات

توسع الاقتصاد العسكري في مصر منذ 2014: التأثير على ديناميات الاستثمار وحقوق المستثمرين

حمل هذا المقال كبي دي إف

الإشارة المرجعية: سامي، يمنى (2025). «توسع الاقتصاد العسكري في مصر منذ 2014: التأثير على ديناميات الاستثمار وحقوق المستثمرين.» رواق عربي، 30 (1): 63-75. https://doi.org/10.53833/VARU2770.

خلاصة

منذ عام 2014، شهد الاقتصاد المصري تصاعدًا ملحوظًا لدور المؤسسة العسكرية في مختلف القطاعات الاقتصادية، بدعم تشريعي وتنظيمي مكّنها من الاستحواذ على الأصول العامة والثروات. أدى هذا التغلغل إلى تداعيات جوهرية على الاقتصاد المصري، لا سيما في مجال الاستثمار. في ظل هذه الهيمنة العسكرية وغياب بيئة استثمارية تتميز بالشفافية والتكافؤ أو أسس واضحة للملكية، تسعى هذه الدراسة للإجابة عن السؤال الرئيسي التالي: كيف أثرت هيمنة المؤسسة العسكرية على الاقتصاد المصري منذ عام 2014 على ديناميات الاستثمار وحقوق المستثمرين؟ وباستخدام المنهج الوصفي التحليلي، بالإضافة إلى مقابلات مع مستثمرين في قطاعات متنوعة، توصلت الدراسة إلى أن التوسع الاقتصادي للجيش أسفر عن تداعيات سلبية تجسدت في تقويض تكافؤ الفرص والتنافسية، والسيطرة المتزايدة على الموارد الاقتصادية، ونشوء أنماط معقدة من التفاعلات بين المؤسسة العسكرية والقطاع الخاص غلب عليها الاستبدال واقتناص الفرص والمزاحمة، في ظل نشوء شريحة جديدة من المحسوبية.

مقدمة

شهدت العقود الأخيرة اهتمامًا بدور النخب وهياكل السلطة في توجيه الاقتصاد، وتُعد نظرية رأسمالية المحسوبية إطارًا مركزيًا لفهم كيف تُمنح الفرص الاقتصادية لنخب مرتبطة بالسلطة، استنادًا إلى الولاء بدلًا من الكفاءة. ويكتسب هذا الإطار أهمية خاصة لفهم تأثير ذلك على حقوق المستثمرين وديناميات الاستثمار في سياقات مثل مصر منذ 2014، مع توسع الاقتصاد العسكري.

تشير رأسمالية المحسوبية إلى نمط مؤسسي من التنظيم الاقتصادي يتميز بوجود علاقة تبادلية راسخة ومستمرة بين الأطراف الفاعلة في قطاع الأعمال والسوق وبين النخب السياسية الحاكمة. وقد قدمت آن كروجر التأسيس الأولي لهذا المفهوم من خلال تحليلها لاستخلاص الريع بوصفه ممارسة اقتصادية تسعى فيها الفئات القوية إلى تحقيق أرباح عبر النفوذ السياسي بدلًا من الكفاءة الإنتاجية.[1] وفي وقت لاحق، طور هذا المفهوم منظرون مثل مشتاق خان،[2] وريتشارد روبنسون، وفيدي هاديز [3]؛ من خلال ربطهم بين شبكات النفوذ السياسي والاقتصادي في الأنظمة السلطوية وغياب المنافسة الحرة.

وتتميز رأسمالية المحسوبية بعدة خصائص، من أهمها المنفعة المتبادلة بين النخبة السياسية الحاكمة وطبقة أصحاب الأعمال؛ إذ تتجاوز العلاقة هنا مجرد تقديم رشاوي عرضية أو معاملات تفضيلية لطبقة معينة، وإنما تشير إلى شراكة استراتيجية طويلة الأجل، تستفيد فيها النخبة من الولاء السياسي والشرعية، بينما تحصل الطبقة الاقتصادية على امتيازات حكومية (مثل العقود المباشرة والموارد الحصرية). هذه العلاقات تُنتج شبكة مصالح يصعب تفكيكها وتزداد تعقيدًا بمرور الوقت. وفيما أشار خان إلى هذا النوع من العلاقات باعتباره تحالف مؤسسي بين الريع والسلطة؛ اعتبره روبنسون وهاديز نمطا من «الأوليغارشية الحديثة» التي تعيد إنتاج نفسها داخل السوق والدولة.[4] بالإضافة إلى ذلك، يُعاد تشكيل السوق بحيث يفقد طابعه التنافسي والعادل، وتتركز السلطة الاقتصادية والثروة في أيدي عدد قليل من الشركات والأفراد المرتبطين ارتباطًا وثيقًا بمركز السلطة. وتُصمم قواعد السوق لخدمة هذه النخبة، مما يقوض مبادئ المنافسة الحرة ويخلق بيئة احتكارية تتسم بضعف الشفافية والمساءلة.[5]

في هذا السياق، يجري توظيف أدوات مثل الامتيازات التشريعية والتنظيمية التي تمنح فئات معينة امتيازات وقواعد مرنة فيما تفرض على الآخرين شروطًا تنظيمية شديدة ومجحفة، كما يتم تخصيص الموارد الحيوية مثل الأراضي والتراخيص والقروض المصرفية لصالح نخبة ضيقة. كذا يتم السماح لبعض الكيانات باحتكار أسواق معينة أو قطاعات حيوية. وأخيرًا يستخدم هذا النمط من الرأسمالية سياسة الأبواب الدوارة، والتي تعني انتقال المسئولين الحكوميين والعسكريين المتقاعدين إلى مناصب عليا في الشركات الخاصة، بما يضمن استمرار شبكات العلاقات وتأثيرها.[6]

وعلى المستوى الكلي، تؤدي رأسمالية المحسوبية إلى تداعيات سلبية متعددة. إذ يمثل تشويه تخصيص الموارد أحد أهم هذه التداعيات طبقًا لخان؛ فبدلًا من تخصيص الموارد بناء على الكفاءة الاقتصادية والاحتياجات الحقيقية للسوق، يتم توجيهها نحو المشاريع أو القطاعات التي تخدم مصالح النخب السياسية والاقتصادية.[7] ومن بين التداعيات السلبية أيضًا تآكل حقوق الملكية الخاصة؛ فرغم أن رأسمالية المحسوبية قد تبدو وكأنها تدعم وتعزز الملكية الخاصة، إلا أنها في الواقع تقوضها للمستثمرين غير المرتبطين بالنخبة. فعندما يكون نجاح مشروع ما مرهونًا بالعلاقات بدلًا من القواعد الواضحة؛ تصبح حقوق الملكية عُرضة للانتهاك أو التعدي من جانب الكيانات ذات النفوذ. وقد يتخذ ذلك عدة أشكال بداية بسحب التراخيص، أو المنافسة غير العادلة التي تدفع الشركات الصغيرة والمتوسطة للخروج من السوق، ووصولًا للاستحواذ القسري؛ مما يخلق حالة من عدم اليقين وعدم القدرة على التنبؤ، ويثبط الاستثمار طويل الأجل.[8]

كما تساهم رأسمالية المحسوبية في ضعف المنافسة واحتكار السوق، بما يؤدي إلى خلق احتكارات أو شبه احتكارات. إذ تمنح شركات معينة ميزة تنافسية غير عادلة أو يتم حمايتها من المنافسة، الأمر الذي يقلل بدوره من حوافز الابتكار، ويؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وتدني جودة السلع والخدمات للمستهلكين. فضلُا عن كونه يحد من دخول لاعبين جدد إلى السوق. بجانب ذلك يصبح المناخ الاقتصادي بيئة خصبة للفساد، تساهم بدورها في بناء شبكات من المحسوبية. في هذا السياق يتراجع الاستثمار الخاص، فعندما يدرك المستثمرون أن السوق غير عادل وأن النجاح يعتمد على العلاقات بدلًا من الأداء والكفاءة؛ فإنهم يترددون في ضخ استثمارات جديدة. خاصة في ظل ارتفاع تكلفة الوصول إلى الموارد وعدم اليقين بشأن حقوق الملكية، وغياب تكافؤ الفرص.[9]

في ضوء هذا تُعد رأسمالية المحسوبية إطارًا لفهم العلاقة المتبادلة بين النخب السياسية والاقتصادية؛ إذ يتم تشكيل السوق لخدمة مصالح نخبوية على حساب الشفافية والكفاءة. ويتجلى هذا النمط بوضوح في مصر منذ 2014، مع التوسع الكبير للمؤسسة العسكرية في قطاعات اقتصادية متعددة، مدعومًا بتشريعات عززت نفوذها، ما أسفر عن آثار سلبية على الاقتصاد والاستثمار.

في ضوء ذلك، تسعى هذه الدراسة إلى تحليل تأثير هيمنة المؤسسة العسكرية الاقتصادية في مصر منذ عام 2014 على حقوق المستثمرين وديناميات الاستثمار، من خلال الإجابة على السؤال الرئيسي التالي: كيف أثرت هيمنة المؤسسة العسكرية الاقتصادية في مصر منذ عام 2014 على ديناميات الاستثمار وحقوق المستثمرين؟ وتفترض الدراسة أن صعود الاقتصاد العسكري منذ عام 2014، بدعم من تشريعات وقوانين، قد أثر سلبًا على ديناميات الاستثمار وحقوق المستثمرين، مما أدى إلى خلق بيئة اقتصادية غير متكافئة وغير تنافسية.

تعتمد هذه الدراسة المنهج الوصفي التحليلي لبحث تأثير هيمنة المؤسسة العسكرية على ديناميات الاستثمار وحقوق المستثمرين في مصر. يتضمن هذا المنهج جمع البيانات وتحليلها بهدف فحص العلاقات بين متغيرات البحث، مما يسمح باستخلاص النتائج وتفسيرها.[10] ويُستخدم في هذه الدراسة لرصد توسع الاقتصاد العسكري في مصر منذ 2014، وتحليل تداعياته على بيئة الاستثمار من خلال الربط بين المعطيات الواقعية والنظرية لرأسمالية المحسوبية. بالإضافة إلى المنهج الوصفي التحليلي، تستخدم الدراسة تسع المقابلات مع مستثمرين محليين من قطاعات متنوعة تضمنت العقارات، والمقاولات، والثروة الحيوانية، والصناعات الثقيلة، والتكنولوجيا، وصناعة مواد البناء. وقد أجريت هذه المقابلات خلال الفترة من فبراير إلى مارس 2025 عبر مكالمات، مع الحفاظ على سرية هوية المشاركين لاعتبارات أمنية وسياسية، مع الموافقة على استخدام ونشر محتوى المقابلات في سياق هذه الدراسة. ركزت المقابلات على استكشاف التحديات التي يجابهها المستثمرون، وتقييم تأثير هيمنة المؤسسة العسكرية على أنشطتهم التجارية وفرصهم الاستثمارية. كما تناولت المقابلات عدة محاور منها تأثير السيطرة على الأصول العامة والأراضي، وتحليل الامتيازات القانونية الممنوحة للمؤسسة العسكرية، ودراسة تأثير علاقات المحسوبية، وتحليل أنماط التفاعل بين المؤسسة العسكرية والقطاع الخاص.

وبناءً على كل ما سبق، تنقسم الدراسة إلى أربعة أقسام رئيسية: يستعرض القسم الأول مراحل تطور الاقتصاد العسكري في مصر عبر المراحل المختلفة. فيما يركز القسم الثاني على تحليل هيمنة المؤسسة العسكرية على الاستثمار، عبر محورين فرعيين: يستعرض الأول تأثير التمكين التشريعي والتنظيمي للاقتصاد العسكري على فرص الاستثمار، بينما يتناول المحور الثاني دراسة تأثير السيطرة على الأراضي والأصول العامة. وينتقل القسم الثالث إلى تحليل أنماط التفاعل القائمة بين المؤسسة العسكرية والمستثمرين في القطاعات المختلفة. وأخيرًا، يختتم القسم الرابع الدراسة بتحليل تأثير إعادة تشكيل علاقات المحسوبية على بيئة الاستثمار في مصر.

تمثل هذه الدراسة امتدادًا لأدبيات عديدة تناولت تأثير هيمنة المؤسسة العسكرية على الاقتصاد المصري، خاصة منذ عام 2014. فقد ركزت العديد من الدراسات [11] على تتبع مسار الصعود الاقتصادي والعسكري للجيش المصري منذ يوليو 1952، حينما بدأت المؤسسة العسكرية في ترسيخ نفوذها في مفاصل الدولة، سياسيًا واقتصاديًا. وخلصت هذه الأدبيات إلى أن المؤسسة العسكرية نجحت في تجاوز لحظات انتقالية حاسمة كانت من الممكن أن تطيح بالنفوذ العسكري، وعززت من قبضتها على الدولة، وهو ما مهد لاستمرار التوسع الاقتصادي في مرحلة ما بعد 2014.

ركزت مجموعة أخرى من الدراسات[12] على تصاعد الدور الاقتصادي للمؤسسة العسكرية منذ عام 2014 في قطاعات استراتيجية، مع تمتعه بامتيازات قانونية وتنظيمية منحت مشروعاته ميزات تنافسية لا يتمتع بها القطاع الخاص. وقد أشارت تلك الدراسات إلى التداعيات السلبية لهذا التوسع، من بينها اختلال بيئة المنافسة، وتآكل الشفافية والمساءلة، وصعوبة تقييم أداء المشروعات العسكرية بسبب غياب الرقابة البرلمانية أو المدنية. وبرزت كذلك إشكاليات متعلقة بحقوق الملكية، وكفاءة تخصيص الموارد، وهي قضايا ترتبط جوهريًا بحقوق المستثمرين ومدى جاذبية الاقتصاد الوطني للاستثمارات.

من ناحية أخرى، تناولت بعض الأدبيات[13] بالتحليل تطور الإطار القانوني المنظم للاستثمار في مصر، واستعرضت تأثير السياسات الحكومية على حقوق المستثمرين، بما يشمل دور الهيئات الرقابية والمؤسسات الحكومية في ضمان تطبيق القوانين، وتوفير بيئة استثمارية مستقرة وعادلة. كما تناولت الدراسات تقييمًا شاملًا للبيئة الاستثمارية في مصر، مع التركيز على نقاط القوة والضعف في المنظومة القانونية والتنظيمية وتأثيرها على جاذبية الاستثمار. بالإضافة إلى جهود تحسين حوكمة الشركات باعتبارها إحدى الآليات الجوهرية لحماية حقوق المستثمرين.

رغم تعدد هذه الإسهامات، لا يوجد تركيز مباشر على التأثير المحدد لتوسع الاقتصاد العسكري منذ عام 2014 على حقوق المستثمرين وديناميات الاستثمار بشكل تفصيلي. وتهدف هذه الدراسة إلى رأب هذه الفجوة من خلال توفير تحليل متعمق لهذا التأثير في مختلف القطاعات، لفهم التحديات التي يجابهها المستثمرون، وتقييم تأثير هيمنة المؤسسة العسكرية على أنشطتهم التجارية وفرصهم الاستثمارية.

مراحل تطور الاقتصاد العسكري في مصر

يشير يزيد صايغ في دراسته التحليلية حول الاقتصاد العسكري المصري إلى أن البدايات الحقيقية لتشكل هذا الاقتصاد تعود إلى ما بعد انقلاب يوليو 1952، حينما بدأ الرئيس عبد الناصر في ترسيخ امتيازات هيكلية وتشريعية للمؤسسة العسكرية، عبر تأسيس المصانع الحربية بدعم كامل من الدولة وإقصاء الرقابة المدنية، والتي تركز انتاجها في هذه المرحلة على المعدات والأسلحة والذخائر. وقد أتاحت هذه الامتيازات استقلالًا ماليًا وتنظيميًا للقوات المسلحة؛ مما مكنها من تطوير وإدارة مواردها الاقتصادية فيما بعد.[14] ومع تولي الرئيس السادات، تأسست »الهيئة العربية للتصنيع» والتي بدأت في إنتاج سلع مدنية مثل التلفزيونات والغسالات والمواقد، ثم توسع إنتاجها لاحقًا في عهد المشير عبد الحليم أبو غزالة.[15]

ومنذ 1981، مر الاقتصاد العسكري المصري بتحولات متعاقبة، بدأت مع دعم مبارك سياسات الدعم الذاتي، والتي اتُبعت لتأمين الولاء داخل المؤسسة العسكرية في ظل تقشف الدولة وتراجع الإنفاق العسكري. الأمر الذي مكّن الجيش من التوسع التدريجي في الأنشطة الاقتصادية، مع الاحتفاظ بحزمة من الامتيازات مثل الإعفاءات الضريبية، الوصول إلى الأراضي العامة، واستغلال العمالة المجندة. هذا التوجه قاده بشكل خاص أبو غزالة، الذي دشن مرحلة جديدة شهدت فيها القوات المسلحة تأسيس شركات ومصانع ومزارع تغطي احتياجاتها الغذائية والدوائية، لكن سرعان ما امتد نشاطها لقطاعات مدنية كالعقارات والسياحة.[16]

على مدار الفترة بين 2000 و2011 تعزز الحضور الاقتصادي للجيش، وتزامن ذلك مع بروز رجال الأعمال المقربين من نظام مبارك، الأمر الذي خلق نوعًا من التوتر بين النخبتين؛ إذ تخوف الجيش من أن تمتد الخصخصة إلى شركاته، ودخل في مواجهات محدودة مع الفاعلين الجدد في الاقتصاد. في هذه الأثناء، شكلت انتفاضة يناير 2011 فرصة للجيش لإعادة التموضع؛ فقد أزاحت النخبة الاقتصادية المرتبطة بمبارك، وأتاحت للمؤسسة العسكرية توسعة نفوذها عبر قوانين جديدة تؤمن مكتسباتها الاقتصادية وتحصنها ضد المساءلة والرقابة.[17] وخلال المرحلة الانتقالية بقيادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، جرى إصدار تشريعات عديدة أفضت إلى تحصين الأنشطة الاقتصادية العسكرية من أي رقابة شعبية.[18] في غضون ذلك، ساد نوع من التوتر والتوافق الاقتصادي الهش بين الرئيس مرسي والجيش، لا سيما بشأن مشروعات قناة السويس واستصلاح الأراضي، والتي حاولت حكومة مرسي سحب إدارتها من يد المؤسسة العسكرية، الأمر الذي ضاعف من شعور الجيش بالتهديد. ومع تولي السيسي الحكم في 2014، بدأت مرحلة غير مسبوقة من توسع الاقتصاد العسكري، إذ أصبحت المؤسسة العسكرية شريكًا محوريًا في عملية التنمية، تقود المشروعات الكبرى وتشارك في رسم السياسات العامة. [19] وقد اتسع هذا النشاط ليشمل البنية التحتية، الإسكان، الطرق، الصناعات الغذائية، الزراعة، الثروات المعدنية، الاستزراع السمكي، التكنولوجيا، وحتى الإعلام. ومن خلال جهات مثل «الهيئة الهندسية» و«جهاز مشروعات الخدمة الوطنية»، تم إسناد آلاف المشروعات بصورة مباشرة، بعيدًا عن آليات المنافسة العامة. على رأس هذه المشروعات كانت تفريعة قناة السويس، مشروعات الإسكان الاجتماعي، إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، وعدة مدن أخرى مثل الجلالة والمنصورة الجديدة وشرق بورسعيد. كذلك، أنشئت «الشركة الوطنية لإنشاء الطرق» لتتولى بناء وإدارة شبكات الطرق الجديدة، وتحصيل الرسوم منها. فيما بات «جهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة» فاعلًا رئيسيًا في مشروعات الزراعة واستصلاح الأراضي، بل حاول في 2024 دخول مجال استيراد السلع الاستراتيجية كبديل للهيئة العامة للسلع التموينية، واحتكر استيراد البيض.[20]

هذا التوسع –طبقًا لصايغ وشانا مارشال– ورغم ما صاحبه من إنجازات مادية ملموسة؛ إلا أنه كشف عن عدد من الإشكاليات الهيكلية التي أثرت على بيئة الاستثمار والشفافية والتنافسية في السوق المصري. إذ باتت المؤسسة العسكرية تمارس دورًا اقتصاديًا ريعيًا، معتمدة على السيطرة على الموارد والقرارات البيروقراطية أكثر من إنتاج القيمة أو الابتكار. وبدلًا من خوض المنافسة، تتحصل هذه الكيانات على عقود وإقطاعيات محمية، تدافع عنها عبر القوانين وتوسعها باستمرار. أحد أبرز التحديات الناجمة عن هذا التوسع هو غياب الشفافية. فالعوائد المالية التي تحققها المؤسسات الاقتصادية العسكرية لا تمر عبر الخزانة العامة ولا تخضع لمراجعة البرلمان أو الأجهزة الرقابية المدنية. كما لا تُنشر تقاريرها أو بياناتها، ما يجعل تقدير حجمها الحقيقي أمرًا بالغ الصعوبة. ونتيجة لذلك، تصبح المؤسسة العسكرية كيانًا اقتصاديًا خارج المنافسة، الأمر الذي يفرض بيئة غير متكافئة أمام باقي الفاعلين في السوق.[21]

يشكل الاقتصاد العسكري في مصر نموذجًا واضحًا لما وصفه خان بــ «تحالف الريع والسلطة» داخل رأسمالية المحسوبية، إذ تتحصل النخب المتحالفة مع الدولة على امتيازات مؤسسية على حساب قواعد السوق.[22] وحسبما يشير صايغ وآخرون، فإن الامتيازات التي حصلت عليها المؤسسة العسكرية منذ 1952، مثل الاستقلال المالي والتشريعي، وضعت الأساس لتغلغلها الاقتصادي المتزايد. ومنذ 2014، ترسخ هذا النمط عبر إحالات مباشرة، وقوانين مصممة لتكريس الاحتكار، وتوزيع الموارد بناءً على الولاء وليس الكفاءة؛ ما أسفر عن تشويه بالغ في تخصيص الموارد وتقويض لحقوق الملكية والمنافسة العادلة.

هيمنة المؤسسة العسكرية على الاستثمار

يرى عمرو عادلي أن توسع دور المؤسسة العسكرية السياسي والاقتصادي في مصر منذ 2014 جاء تلبية لحاجة السلطة لتعزيز شرعيتها ودفع معدلات النمو الاقتصادي، في ظل تراجع الاستثمارات الخاصة وتردد رجال الأعمال المحليين والأجانب بسبب عدم الاستقرار. لذلك، تم الاعتماد على الجيش وشركاته لتحقيق التعافي الاقتصادي والاستقرار السياسي السريع. [23] وقد أثار هذا التوسع تساؤلات بشأن أثره على تخصيص الموارد وحقوق المستثمرين. يناقش هذا القسم من الدراسة هيمنة المؤسسة العسكرية على الاستثمار منذ 2014، عبر محورين رئيسيين: أولًا التمكين التشريعي والتنظيمي للاقتصاد العسكري، وثانيًا السيطرة على الأراضي والأصول العامة وتأثيرها على الملكية الخاصة.

تأثير التمكين التشريعي والتنظيمي

لقد تطور الإطار القانوني التمكيني للاقتصاد العسكري بشكل مستمر في ظل الإدارات الرئاسية المتعاقبة التي حكمت مصر منذ عام 1952. وُضعت الأسس في عهد عبد الناصر، إذ جرى إعفاء المؤسسة العسكرية من دفع الضرائب والرسوم والجمارك، وإعفاء مخازن وزارة الدفاع من التفتيش من جانب وزارة المالية، وكان الاقتصاد العسكري محميًّا من الخضوع للتدقيق المالي الذي تخضع له باقي القطاعات. فيما عملت التعديلات اللاحقة في ظل رئاسة السادات ومبارك على تأكيد هذه الإعفاءات وتوسعة نطاقها، وتعزيز استقلالية المؤسسة العسكرية الاقتصادية، وكذا تعزيز استثناءها من كشف المعلومات للسلطات المدنية أو الخضوع للتدقيق الخارجي للحسابات فيما يتعلق بأمورها المالية، فضلًا عن تمديد سيطرتها على الأصول العامة مثل الأراضي، ومنح وزارة الدفاع صلاحية إبرام العقود من خلال الإسناد المباشر. وبشكل عام، وسعت نطاق نشاطها الاقتصادي والتجاري.[24]

منذ 2013 جرت إعادة تأكيد الصلاحيات والإعفاءات والامتيازات العسكرية وتوسعة نطاقها؛ إذ تم رفع الحدود العليا للعطاءات والمناقصات المباشرة دون تقديم عطاءات مفتوحة.[25] وطُبق ذلك على جميع العقود الصادرة عن الهيئات العسكرية للموردين المدنيين والمقاولين من الباطن، بما في ذلك الأشغال العامة التي تمولها الحكومة. كما مُنحت هيئة مشروعات أراضي القوات المسلحة حق استخدام أصولها في تكوين مشاريع مشتركة مع شركات محلية أو أجنبية.[26] وهو القرار الذي أتاح، على سبيل المثال، لجهاز الخدمة الوطنية تأسيس «الشركة الوطنية للثروة السمكية» في نوفمبر 2014. وبدأت القرارات الرئاسية في تخصيص الأراضي للشركة. ففي 2019 تم تخصيص أراضي من بركة غليون وتوشكي لصالح الشركة.[27]

ووفقًا لمستثمر في قطاع الأسماك فإن إنشاء الشركة الوطنية أثر على سوق الأسماك بشكل سلبي؛ إذ أدى إلى ارتفاع إيجار المزارع السمكية بشكل كبير، وفى حالة عدم الدفع يتم الحجز على المزارع. كما ارتفعت أسعار الأعلاف والكهرباء. ونتيجة إعفاء شركات الجيش من الضرائب والاعتماد على عمالة مجانية، أصبحت الشركة تبيع بأسعار أرخص من ملاك المزارع الخاصة الصغيرة والمتوسطة، والذين حققوا خسائر متتالية وتراكمت عليهم المديونيات، الأمر الذي أسفر في نهاية المطاف عن إغلاق العديد من المزارع، وخروج المستثمرين من السوق.[28]

في السياق نفسه، جرى التأكيد على الإعفاءات الضريبية العسكرية وتمديدها؛ ففي عام 2016 تم إعفاء الهيئات العسكرية مرة أخرى حينما تحولت ضريبة المبيعات إلى ضريبة قيمة مضافة.[29] كما توسع رئيس الجمهورية في تحديد المناطق الاستراتيجية ذات الأهمية العسكرية، الأمر الذي منح وزارة الدفاع امتياز تجاري حصري لتلك المناطق.[30] بالإضافة إلى ذلك، يشكل الاختصاص القضائي إحدى ركائز الاقتصاد العسكري، إذ تُستبعد الكيانات والأفراد العسكريون من نطاق القوانين والمحاكم المدنية، مما يجعل الأنشطة الاقتصادية للمؤسسة العسكرية تجري في إطار قانوني غير شفاف. في المقابل، يتم إحالة نطاق واسع من القضايا المدنية إلى القضاء العسكري. [31] ولا يغطي قانون القضاء العسكري الأنشطة الاقتصادية المدنية، ما يحرم المستثمرين المدنيين من أدوات التقاضي في حال وجود نزاع مع الجهات العسكرية، ويحد من فرصهم الاستثمارية ويضعف موقعهم التفاوضي عند إبرام العقود أو المطالبة بالحقوق.[32] ترتب على هذه القوانين والقرارات تمتع الاقتصاد العسكري بامتيازات خاصة واستثناءات مالية منحته ميزات وصلاحيات تجارية، وحمت أنشطته من التقييم والمحاسبة والتدقيق.

ويشير مستثمر في قطاع العقارات إلى أنه منذ 2014 تم سن العديد من القوانين والقرارات التي منحت الجيش صلاحيات وامتيازات جعلته يتحرك بقوة وحرية فوق قوانين السوق ومصلحة المستثمرين، ما يجعل الدخول في منافسة معه معركة خاسرة لأي مستثمر. ويستدرك أن مشروعات الجيش لا تخضع لقوانين الأعمال والضرائب والجمارك التي يخضع لها المستثمرون في القطاع الخاص المدني، ما يؤدي لغياب المجال المتكافئ للاستثمار.[33]

تأثير السيطرة على الأراضي والأصول العامة

تمتلك القوات المسلحة سلطات واسعة في التحكم باستخدام الأراضي الصحراوية العامة في مصر. فطبقًا للقانون رقم 143 لسنة 1981 الخاص بتنظيم استخدام الأراضي الصحراوية؛ لا يجوز تخصيص أي قطعة أرض صحراوية دون الحصول على موافقة من وزير الدفاع (بجانب البترول والآثار، إلا أن النفوذ الفعلي يظل بيد الجيش). كما يتمتع وزير الدفاع طبقًا للقانون ذاته بسلطة تصنيف الأراضي ذات الاستخدام العسكري أو الاستراتيجي ومنع تملكها أو تغيير غرضها. [34] ونظرًا لأن نحو 90% من مساحة مصر أراضٍ صحراوية؛ فإن هذا يمنح المؤسسة العسكرية نفوذًا فعليًا على إدارة الأراضي العامة، بما في ذلك التدخل في المراحل اللاحقة على تخصيص الأراضي للاستخدامات الاقتصادية، إذ كثيرًا ما يضطر المستثمرون للحصول على موافقات من وزارة الدفاع في مسائل تتعلق بارتفاعات وتوزيع المباني على اختلاف أغراضها.[35]

ويؤكد مستثمر في قطاع المقاولات على أن الأرض هي المشكلة الأكبر التي تواجه المستثمرين في مختلف القطاعات، في ظل سيطرة الجيش على 90% من الأراضي. ومع امتلاك المؤسسة العسكرية صلاحية تخصيص الأراضي واستخدامها في معظم الأحيان لإقامة مشروعات خاصة بها؛ يعاني المستثمرون من ارتفاع أسعار الأراضي، وحرمانهم من فرص استثمارية كبيرة، وغياب تكافؤ الفرص، لا سيما وأن الجيش يحظى بجميع الامتيازات والتسهيلات.[36]

في السياق نفسه، نص القرار الجمهوري بقانون رقم 223 لعام 1981 على إنشاء «جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة»، ومنحه صلاحيات إدارة وبيع الأراضي المملوكة للقوات المسلحة والحصول على العائد المالي اللازم لبناء مواقع ومنشآت عسكرية بديلة لتلك التي جرى تخصيصها أو بيعها لأغراض غير عسكرية.[37] بحلول نهاية عام 2015، تم تعديل هذا القانون، بقرار جمهوري رقم 446، والذي منح الجهاز حق تأسيس شركات تجارية، إما بملكيته الفردية أو بالمشاركة مع رؤوس الأموال الخاصة الوطنية أو الأجنبية. وقد هيأت هذه الخطوة الإطار الرسمي والقانوني اللازم لتمكين الجيش من استخدام الأراضي التي يملكها للدخول في مشروعات استثمارية خاصة، وتحديدًا في محور قناة السويس والعاصمة الإدارية الجديدة.[38]  علاوة على ما سبق فإن المؤسسة العسكرية تمتلك كافة الصلاحيات التنظيمية المتعلقة باستخدامات الأراضي لأي غرض في سيناء، طبقًا للمرسوم بقانون 14 لسنة 2012، والذي أنشأ هيئة تنمية سيناء التابعة للقوات المسلحة ومنحها كافة الصلاحيات التنظيمية.[39]

في مقابل الصلاحيات القانونية واسعة النطاق التي يتمتع بها الجيش في مجال إدارة الأراضي العامة، توجد آلية أخرى أقل رسمية للسيطرة، تتمثل هذه الآلية في استحواذ المسئولين ذوي الخلفيات العسكرية على المناصب العليا في الأجهزة البيروقراطية المدنية التي تدير الأراضي العامة المخصصة لأغراض الاستثمار أو التنمية، مثل هيئة التنمية العمرانية، وهيئة التعمير والتنمية الزراعية، وهيئة التنمية السياحية، وهيئة التنمية الصناعية. علاوة على الحضور المكثف للواءات المتقاعدين على مستوى المحافظات والمستويات الإدارية الأدنى كالأحياء، وهي الجهات المنوط بها إدارة الأراضي العامة ضمن حدود المحافظة سواء كانت زراعية أو حضرية.[40]

أدت الصلاحيات القانونية والإدارية الواسعة الممنوحة للجيش في إدارة الأراضي العامة إلى رفع تكلفة الاستثمار على القطاع الخاص، سواء عبر تعقيد الإجراءات أو من خلال فرض أشكال رسمية وغير رسمية من الريع مقابل تخصيص الأرض. علاوة على ذلك، ساهم غياب الوضوح في القواعد القانونية والإدارية في زيادة الغموض حول حقوق الملكية والحيازة، خاصة في ظل التعتيم الذي يُبرر عادة باعتبارات الأمن القومي. الأمر الذي أعاق فرص التوسع العمراني والاستثماري في قطاعات حيوية مثل الزراعة والسياحة والتصنيع، مما يجعل إدارة الدولة للأراضي العامة عاملًا حاسمًا في تقييد النفاذ إليها وتحجيم النمو الاقتصادي. [41]

كما أسفرت سيطرة المؤسسة العسكرية على الأراضي والموارد الطبيعية عن نشوء سلسلة من الاحتكارات، تضمنت صناعات استراتيجية مثل الإسمنت، واستخراج الرخام، وإنتاج الملح، واستغلال الرمال البيضاء والفوسفات، إضافة إلى الحصول على حصة من التنقيب عن الذهب منذ 2013.[42] على سبيل المثال، ومنذ تولت المؤسسة العسكرية مسئولية إدارة محاجر خام الإسمنت في عام 2014، توسع نشاطها في هذا القطاع ليبلغ ذروته في عام 2018 بافتتاح عدد من المصانع والمجمعات الإنتاجية، أبرزها مجمع العريش للإسمنت في محافظة بني سويف.[43]

وطبقًا لمستثمر في قطاع صناعة الإسمنت أدى ذلك الأمر إلى سيطرة الجيش على هذا القطاع، كما أدت زيادة الإنتاج إلى انخفاض السعر، مما كبد المصانع والمستثمرين خسائر فادحة. وتزامنًا مع سيطرة الجيش على قطاع الإنشاءات والمقاولات، أصبحت مشروعات الجيش تعتمد بشكل أساسي على مصانعه للحصول على الإسمنت، مما أسفر عن انخفاض مبيعات الإسمنت وتراجع الأرباح دفع العديد من الشركات للإغلاق.[44]

في سياق متصل، أدت سيطرة الجيش على المحاجر، وفقًا لأحد أصحاب المصانع في قطاع الرخام والجرانيت، إلى مضاعفة رسوم استخدام المصانع والورش خلال فترة وجيزة. كما أنشأت المؤسسة العسكرية مجمعات إنتاجية قرب المحاجر في البحر الأحمر وبني سويف وأسوان والعين السخنة. الأمر الذي ترتب عليه مشكلات عديدة للمصانع الخاصة، من بينها تعقيد إجراءات الترخيص، إغلاق بعض المصانع، وفرض قيود على استخدام مياه النيل، وتعطيل الموافقات التصديرية.[45]

تحليل أنماط التفاعل بين المؤسسة العسكرية والمستثمرين

منذ 2014 تسعى المؤسسة العسكرية نحو توسيع دورها الاقتصادي. في هذا الإطار اتخذت العلاقة بين المؤسسة العسكرية والمستثمرين في القطاع الخاص أشكالًا متعددة ومعقدة تشير في معظمها إلى الافتراس والاستبدال والمزاحمة. فحسب بعض السرديات، تستخدم الجهات العسكرية، وخاصة الضباط المتقاعدون، ممارسات ضغط على الشركات الناشئة بغرض الحصول على حصص ملكية أو تمثيل في مجالس الإدارة، وذلك في مقابل تسهيل الإجراءات المتعلقة بالتراخيص والائتمان والمزايا الحكومية. ويعكس هذا النمط من التفاعلات ديناميكية افتراسية تمارسها المؤسسة العسكرية بأجهزتها المختلفة تجاه الفاعلين الاقتصاديين في قطاع الأعمال، طبقًا لإسحاق ديوان ونديم حوري ويزيد صايغ. [46]

ويشير مستثمر في قطاع التكنولوجيا إلى أن شركته تعرضت لهذا النوع من ضغوط المساومة من قبل بعض أفراد المؤسسة العسكرية. وذلك بعدما واجهت الشركة مشاكل متعلقة بالضرائب كانت تعمل على تسويتها بانتظام لتجنب تراكمها، فضلًا عن عقبات فيما بتعلق باستصدار بعض التراخيص. وقد أفضت هذه الظروف في نهاية المطاف إلى إغلاق الشركة وانسحاب المستثمر من قطاع التكنولوجيا.[47]

كما تستولى المؤسسة العسكرية على عقود المشتريات الحكومية، أي أنها تنتزعها من الشركات المدنية الخاصة والعامة بدلًا من الدخول في منافسة معها والتفوق عليها. ويعني ذلك أن وزارة الدفاع والهيئات المختلفة تقدم الجزء الأكبر من خدماتها بشكل نمطي متكرر وخالي من الإبداع أو القدرة على التنافس في الأسواق المحلية، وتحصل رغم ذلك على عقود حكومية مضمونة. وحتى في هذا الوضع، تقدم وزارة الإنتاج الحربي الجزء الأكبر من خدماتها المدنية في مجالي البنية التحتية العامة والإسكان من خلال العمل كوسيط لمقاولين من القطاع الخاص.[48]

في السياق ذاته، تسعى المؤسسة العسكرية إلى تأمين حصص مباشرة من الأعمال الاقتصادية والدفاع عنها، ما يضعها في حالة تنافس فعلي مع القطاع الخاص والمستثمرين، لا سيما في قطاعات مثل الإعلام، والصلب، والإسمنت، والحديد. ويتجلى هذا التوجه في توسعها داخل قطاع الحديد والصلب، إذ بدأت منذ عام 2016 بالاستحواذ على مصانع مثل صلب مصر وبشاي للصلب، وفي عام 2018 استحوذ جهاز مشروعات الخدمة الوطنية على 95% من أسهم شركة حديد المصريين، ما يعني فعليًا سيطرة المؤسسة العسكرية على أكثر من نصف هذا القطاع الاستراتيجي.[49]

ويوضح أحد المستثمرين في قطاع الحديد أن المؤسسة العسكرية تسعى للسيطرة على الحديد والإسمنت ومواد البناء من أجل عدم اعتماد الجيش على الشركات المدنية في مشروعاته الإنشائية. كما تستغل المؤسسة العسكرية الضغوط الاقتصادية وتعسر بعض الشركات لتستولي عليها وتتوسع على حسابها. وبالفعل، نجح الجيش في زيادة حصته من سوق مواد البناء وأحكم سيطرته عليها، مما أدى لتخارج العديد من المستثمرين والشركات المدنية.[50]

أما تبعات هذا الوضع على الأسواق المحلية، فلم تكن إيجابية في أفضل تقدير. فغالبًا ما تعمل القوات المسلحة على استثمار التغيرات الاقتصادية والسياسية المختلفة بهدف فرض سيطرتها على قطاعات جديدة واحتكارها. على سبيل المثال، في 2016 استغل جهاز مشروعات الخدمة الوطنية وجهات عسكرية أخرى رفع جميع التعريفات الجمركية عن استيراد الدجاج بشكل مفاجئ لإغراق الأسواق المحلية بكميات كبيرة من الدجاج المستورد، ما أدى إلى تقويض الشركات الخاصة والمستثمرين العاملين والمساهمين في إنتاج الدجاج. ورداً على احتجاجاتهم، أوضحت وزارة التموين والتجارة الداخلية أنها كانت قد طلبت في وقت سابق من «هيئات سيادية» –حددتها لاحقًا على أنها هيئات استيراد تابعة لوزارة الدفاع– استيراد الدجاج لتلبية الطلب المحلي قبل شهر رمضان في يونيو2017. إلا أن الواردات أسفرت عن تخمة أدت إلى انخفاض الأسعار لبقية العام، مما أثار المزيد من الاحتجاجات من جانب جمعية منتجي الدواجن المصرية.[51] يُظهر هذا النموذج أن تدخل المؤسسة العسكرية في السوق يستهدف غالبًا تعظيم أرباحها وتأمين مصالح ضباطها، دون اعتبار حقيقي لتأثير ذلك على استقرار السوق أو مستقبل القطاع الخاص.

أشار أحد المستثمرين في قطاع الدواجن إلى أن إغراق السوق بكميات كبيرة من الدجاج المستورد عبر الجيش أجبر المنتجين المحليين على خفض أسعارهم، رغم ارتفاع تكاليف العلف؛ ما ألحق بهم خسائر فادحة. في المقابل، ونظرًا لإعفاء منتجات الجيش من الجمارك والضرائب، ظلت أسعارها الأرخص، ما دفع المستهلكين إلى شرائها، وفاقم من خسائر المنتجين، وأدى إلى ركود في السوق المحلي.[52]

على جانب أخر، يطرح التوسع الاقتصادي المتزايد للمؤسسة العسكرية إشكالية متعلقة بآليات تمويل مشروعاتها، في ظل غياب الشفافية حول مصادر هذا التمويل. إذ يثير هذا التوسع تساؤلات جمة بشأن ما إذا كانت هذه المشروعات تُمول ذاتيًا من موارد المؤسسة، أم أنها تعتمد على الاقتراض من الجهاز المصرفي. وفي الحالة الأخيرة، يصطف الجيش ضمن قائمة الجهات العامة التي تزاحم القطاع الخاص في الحصول على التمويل البنكي، خلف الحكومة التي تستأثر بالفعل على النسبة الأكبر من الائتمان المحلي لتغطية عجز الموازنة وخدمة الدين العام. ويمثل هذا الوضع تحديًا إضافيًا أمام المستثمرين، إذ يؤدي إلى تقليص فرصهم في الوصول إلى التمويل اللازم، ما ينعكس سلبًا على بيئة الأعمال وقدرة القطاع الخاص على النمو والتوسع.[53]

بالإضافة إلى ذلك، تبرز إشكالية التناقض في أهداف المؤسسة العسكرية ضمن علاقتها بالقطاع الخاص. فمن جهة هي تسعى للاستفادة من رأس المال والخبرة الفنية للقطاع الخاص، خاصة في المشروعات الكبرى والمناطق الصناعية. ومن جهة أخرى، تظهر دعمًا ظاهريًا للشركات الصغيرة والمتوسطة تماشيًا مع الخطاب الرسمي ومطالب المؤسسات الدولية. لكن الهدف الفعلي يبقى توليد دخل يخدم مصالح النظام الحاكم، إلى جانب الاستحواذ على الريع وتعزيز شبكات المحسوبية، مع مواصلة بناء قاعدة اقتصادية خاصة بها. وبينما تقاطعت مصالحها جزئيًا مع القطاع الخاص قبل 2014، أدى التوسع بعد ذلك إلى تغيير جذري في طبيعة العلاقة؛ إذ تكمن الإشكالية الأساسية في أنماط الإدارة والشراكة، وليس في حجم النشاط وحده.[54]

تأثير إعادة تشكيل المحسوبية على الاستثمار

تمحورت العلاقات السياسية والاقتصادية في عهد السادات حول الانفتاح المستفيد من تحرير التجارة والاقتصاد منذ 1974. أما في عهد مبارك، فقد تشكلت طبقة من أرباب الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم آنذاك ومن رجال الأعمال المتحالفين مع النظام. بالمثل، منذ 2014، تركزت تلك العلاقات ومفاتيح السلطة والفرص الاقتصادية في يد المؤسسة العسكرية؛ إذ تمثلت إحدى أبرز نتائج التغير في العلاقات بين المؤسسة العسكرية وقطاع الأعمال الخاص خلال عهد السيسي في إعادة ترتيب الروابط السياسية، التي تُمكّن قطاع الأعمال من الوصول إلى الموارد والفرص والامتيازات الاقتصادية. بما في ذلك، الحماية التجارية، والطاقة المدعومة، والوصول إلى أراضي الدولة، والحصول بشكل أفضل على التمويل، والمزايا الضريبية، والوصول التفضيلي إلى العقود الحكومية، ووضع متطلبات أسهل للحصول على التراخيص.[55] ويتضح من تطور العلاقة بين المؤسسة العسكرية وقطاع الأعمال الخاص في مصر ما يمكن وصفه، وفقًا لخان وروبنسون وهاديز بكونه «تحالف مؤسسي بين الريع والسلطة»، وامتدادًا لنمط من «الأوليغارشية الحديثة» التي يُعاد فيها تشكيل السوق والمؤسسات لخدمة شبكات نخبوية مغلقة. فالمؤسسة العسكرية، التي أصبحت الوسيط الأساسي بين الدولة وقطاع الأعمال، أعادت تشكيل قواعد النفاذ إلى الموارد والفرص والامتيازات الاقتصادية عبر آليات لا تستند إلى المنافسة أو الكفاءة، وإنما إلى علاقات الولاء وشبكات المحسوبية –كما تشير أدبيات رأسمالية المحسوبية.[56] فمن خلال احتكار العقود الحكومية الكبرى دون منافسة، ثم إعادة توزيعها على متعاقدين من الباطن –غالبًا من شركات لها ارتباطات سابقة بالجيش أو مملوكة بشكل غير مباشر لضباط متقاعدين.[57]

ويوضح أحد المستثمرين في قطاع العقارات أن الجيش يتولى منذ 2014 عددًا كبيرًا جدًا من المشروعات الإنشائية التي ينبغي إنجازها، سواء في مجال الطرق أو الإسكان أو غيرها. ورغم ذلك فإن قدرات الجيش وخاصة الهيئة الهندسية محدودة ولا تستطيع تنفيذ هذه المشروعات بمفردها؛ ما يدفع الهيئة إلى توزيع العقود والعطاءات على شركات مقاولات أخرى من الباطن لتنفيذها، مقابل عمولة أو رسوم تحصل عليها القوات المسلحة.[58]

في هذا الصدد، تشير مارشال لوجود أنماط متغيرة في العلاقات بين المؤسسة العسكرية وبين قطاع الأعمال والمستثمرين. فعلى مدى سنوات عدة منذ العام 2014، فضّلت المؤسسة العسكرية بشكل واضح الشركات الصغيرة والمتوسطة عند منح عقود من الباطن لتنفيذ الأشغال العامة. وبصورة عامة، يبدو أن الجيش سعى للحصول على دعم الطبقة الوسطى لإدارة السيسي، وضمان السيطرة على الشركات الصغيرة والمتوسطة حتى لا تطمع في بناء نفوذ سياسي واقتصادي، مثلما كان الحال مع رجال الأعمال قبل الثورة. ولكن تدقيقًا عن كثب يكشف أن الكثير من المتعاقدين من الباطن الذين تم اختيارهم كانوا قد عملوا سابقًا لحساب الجيش، وأن بعض الشركات كانت واجهات أو شركات صورية (تفتقر إلى المهارات والقدرات ذات الصلة) ربما أنشأها ضباط من القوات المسلحة للاستحواذ على عقود يمكن بيعها بعد ذلك وتحقيق الأرباح. في غضون ذلك، حافظت المؤسسة العسكرية على مسافة بينها وبين كبار رجال الأعمال، ولم تلجأ إليهم إلا حين احتاجت إلى مزاياهم في رأس المال، والدراية التقنية، والوصول إلى الأسواق الدولية في مشاريع البناء والمشاريع الصناعية الكبرى.[59] وهو ما يعكس أحد مظاهر اقتصاد المحسوبية.

يشرح أحد المستثمرين في مجال المقاولات عملية طرح العطاءات من قبل الجيش في مجال المقاولات، إذ يتم اختيار الشركة بالاتفاق مع الجيش قبل بدأ جلسات العطاءات. مشيرًا لأن الشركات التي تمتلك علاقات جيدة وقوية بالمؤسسة العسكرية هي التي تتمكن من الفوز بالعطاءات والعقود، فيما يتم تجاهل الشركات الأخرى.[60]

علاوة على ذلك، حينما اضطرت المؤسسة العسكرية لاحقًا للتعاون مع شركات كبيرة مثل السويدي وأوراسكوم لإدارة المشروعات، جاء ذلك ضمن مقاربة تضمن السيطرة الكاملة على دورة العقود، دون السماح بتمكين تلك الشركات سياسيًا أو اقتصاديًا.[61] وبهذا فإن ما يحدث لا يُعد شراكة تنافسية، وإنما توظيفًا وظيفيًا لموارد وخبرات القطاع الخاص ضمن منظومة محكومة بالكامل بمنطق المحسوبية.

ويُعد هذا التمركز في يد المؤسسة العسكرية نوعًا من تآكل حقوق الملكية، إذ تصبح فرص الاستثمار مشروطة بعلاقات الولاء، مما يقلص فرص دخول مستثمرين جدد إلى السوق، ويعزز من احتكار بعض الفاعلين للفرص والعوائد الاقتصادية، مع غياب شبه تام لآليات المساءلة أو قواعد اللعبة العادلة.[62]

وبشكل عام، اعتمدت المؤسسة العسكرية على شبكات محسوبية تم تشكيلها منذ 2014 لإنجاز المشروعات الكبرى التي تعجز المؤسسة عن تنفيذها بمفردها. وتمركزت الفرص الاقتصادية والامتيازات حول المؤسسة العسكرية والشركات الخاصة بها، وتم التعاقد مع الشركات التي سبق لها التعاون مع الجيش أو المملوكة من الباطن لضباط أو أقارب ضباط القوات المسلحة.[63] الأمر الذي جعل دخول المستثمرين، سواء الجدد أو غيرهم، إلى السوق والحصول على الفرص والامتيازات الاقتصادية عملية صعبة ومعقدة، وعزز تحكم المؤسسة في تخصيص الموارد وتوزيع الفرص والعوائد والتحكم في العلاقات الاقتصادية وتشكيلها بما يخدم مصالحها وسيطرتها على الاقتصاد.

الخاتمة

في ضوء ما سبق، تُظهر هذه الدراسة أن التوسع الكبير في الدور الاقتصادي للمؤسسة العسكرية في مصر منذ عام 2014، والمدعوم بإطار قانوني وتشريعي واسع، قد أدى إلى تحولات بنيوية في بيئة الاستثمار، انعكست سلبًا على حقوق المستثمرين وديناميات السوق. وبناءً على المقابلات مع مستثمرين محليين، اتضح أن هذا التوسع ساهم في إعادة تشكيل قواعد السوق بما يخدم مصالح فئة بعينها، مع تقويض حقوق الملكية الخاصة، وإضعاف فرص الوصول المتكافئ إلى الموارد والأصول العامة، ما أفضى بدوره لخلق بيئة استثمارية تتسم بالاحتكار والمزاحمة غير العادلة.

وقد بينت الدراسة أيضًا أن هذا التوسع لم يقتصر على التأثير الهيكلي، بل تضمن ظهور شبكات محسوبية جديدة أعادت تنظيم العلاقة بين الدولة والمستثمرين، على نحو يرسخ لأنماط من الاستبعاد والمنافسة غير المتكافئة. ويعزز هذا النمط التحليلي ما تطرحه نظرية رأسمالية المحسوبية من آليات لفهم العلاقة بين النفوذ السياسي والامتيازات الاقتصادية، خاصة في السياقات السلطوية. بناءً على ذلك، تؤكد الدراسة على ضرورة مراجعة دور المؤسسة العسكرية في الاقتصاد الوطني، بما يشمل تعزيز الشفافية، وإعادة الاعتبار لمبادئ الحوكمة والمنافسة العادلة، كشرط أساسي لتحفيز الاستثمار وتعزيز التنمية المستدامة.

عن الكاتبة

يمنى سامي هي كاتبة وباحثة في الاقتصاد السياسي.

ملاحظة

تم استخدام الذكاء الاصطناعي، وتحديدًا برنامج جيميناي المطور من جوجل، في المراحل الأولية لهذا البحث للعثور على مراجع وتوسيع نطاقه، كما تم استخدامه بشكل محدود في تحسين صياغة بعض الجمل والفقرات.

[1] آن كروجر، «الاقتصاد السياسي للمجتمع الباحث عن الريع،» (The Political Economy of the Rent-seeking Society) المراجعة الاقتصادية الأمريكية 64، العدد 3 (يونيو 1974)، 291-303.
[2] مشتاق خان، «البحث عن الريع والتنمية: مقدمة،» (Rent-seeking and Economic Development: An Introduction) في كوامي سوندارام جومو، مشتاق خان (محررون)، «الريع والسعي وراء الريع والتنمية الاقتصادية: النظرية والأدلة في آسيا،»(Rents, Rent-Seeking and Economic Development: Theory and Evidence in Asia) (مطبعة جامعة كامبردج، 2000).
[3] ريتشارد روبنسون وفيدي هاديز، إعادة تنظيم السلطة في إندونيسيا: سياسات الأوليغارشية في عصر الأسواق (Reorganising Power in Indonesia: The Politics of Oligarchy in an Age of Markets)، (روتليدج، 2004).
[4] روبسنون وهاديز، إعادة تنظيم السلطة في إندونيسيا، 187-197؛ مشتاق خان، «التسويات السياسية وحوكمة المؤسسات المعززة للنمو،» (Political Settlements and the Governance of Growth-Enhancing Institutions) (ورقة بحثية، كلية الدراسات الشرقية والأفريقية، جامعة لندن، 2010)، 1-140.
[5] روبسنون، هاديز، إعادة تنظيم السلطة في إندونيسيا، 187-197.
[6] بول روبن، «رأٍسمالية المحاسيب،» (Crony Capitalism) مراجعة المحكمة العليا الاقتصادية مجلد 23 (2015)، تاريخ الاطلاع 30 مايو 2025، https://doi.org/10.1086/686474.
[7] خان، «البحث عن الريع والتنمية،» 80-92.
[8] فاتح كيرشانلي، «الرأسمالية المحسوبية والفساد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا،» (Crony Capitalism and Corruption in the Middle East and North Africa) مجلة الاقتصاد والثقافة والمجتمع (2023)، 15-16، تاريخ الاطلاع 25 يونيو 2025، https://doi.org/10.26650/JECS2023-1210965.
[9] المرجع السابق.
[10] محمد تيسير، «المنهج الوصفي التحليلي،» المؤسسة العربية للعلوم ونشر الأبحاث، 18 يوليو 2022، تاريخ الاطلاع 30 مايو 2025، https://blog.ajsrp.com/?p=35302.
[11] زينب أبو المجد، عسكرة الأمة: الجيش وقطاع العمال والثورة في مصر (Militarizing the Nation: The Army, Business, and Revolution in Egypt)، (مطبعة جامعة كولومبيا، 2018)، https://doi.org/10.7312/abul17062؛ زينب أبو المجد، «الجيش المصري في السياسة والاقتصاد: التاريخ الحديث والوضع الانتقالي الراهن،» (The Egyptian Military in Politics and the Economy: Recent History and Current Transition Status) معهد كريس ميشيلسن العدد 2 (2013)، تاريخ الاطلاع 1 يونيو 2025، https://shorturl.at/Cudlg؛ شريف الجبيلي، «الإمبراطورية الاقتصادية الجديدة للجيش المصري: درس في الخطوط الضبابية والانتهاك الدستوري،» (The New Economic Empire of the Egyptian Military: A Lesson in Blurred Lines and Constitutional Transgression) في الدستورية والاقتصاد في إفريقيا، تحرير تشارلز م. فومباد، ونيكو ستايتلر (أكاديمية أوكسفورد 2022)،https://doi.org/10.1093/oso/9780192886439.003.0013 ؛ هشام بو ناصيف، «متزوجون من مبارك: المهن الثانية والمكافآت المالية للنخبة العسكرية المصرية، 1981-2011،» (Wedded to Mubarak: The Second Careers and Financial Rewards of Egypt’s Military Elite, 1981-2011) مجلة الشرق الأوسط 67، العدد 4 (2013)، https://doi.org/10.3751/67.4.11.
[12] أنجيلا جويا، «الجيش والدولة في مصر: تشكيل الطبقات فيما بعد الانتفاضات العربية،» (The Military and the State in Egypt: Class Formation in the Post-Arab Uprisings) المجلة البريطانية لدراسات الشرق الأوسط 47، العدد 5 (2020)، https://doi.org/10.1080/13530194.2018.1509692؛ هبة خليل، ديل بريان، «التفاوض على النيوليبرالية الدولتية: الاقتصاد السياسي في مصر ما بعد الثورة،» (Negotiating Statist Neoliberalism: The Political Economy of Post-Revolution Egypt) مراجعة الاقتصاد السياسي الإفريقي 45، العدد 158، (2018)،https://doi.org/10.1080/03056244.2018.1547187 ؛ محمد ماهر، تشاو يانزي، «هل يُقوّض عدم الاستقرار السياسي والإنفاق العسكري النمو الاقتصادي في مصر؟ أدلة من نهج ARDL»، (Do Political Instability and Military Expenditure Undermine Economic Growth in Egypt? Evidence from the ARDL Approach ) اقتصاديات الدفاع والسلام 33، العدد 8 (2021)، https://doi.org/10.1080/10242694.2021.1943625؛ روبرت سبرينغبورغ، «مكافآت الفشل: استمرار الحكم العسكري في مصر،» (The Rewards of Failure: Persisting Military Rule in Egypt) المجلة البريطانية لدراسات الشرق الأوسط 44، العدد 4 (2017)، https://www.jstor.org/stable/48541197 ؛ عمرو عدلي، «نزع التمكين دون نزع الملكية: الأوليغارشية المصرية القديمة في عهد السيسي،» (Disempowerment without Expropriation: Egypt’s Old Oligarchy under Sisi) المجلة البريطانية لدراسات الشرق الأوسط 50، العدد 2 (2021)، https://doi.org/10.1080/13530194.2021.1975533.
[13] هبة هندوسة، «استراتيجية الاستثمار في مصر وسياساتها وأدائها منذ الانفتاح،» (Egypt’s Investment Strategy, Policies, and Performance Since the Infitah) في سياسات الاستثمار في الدول العربية، تحرير سعيد النجار (صندوق النقد الدولي، 1990)؛ ماجد شوقي واليسا اميكو، «دور المستثمرين المؤسسيين في سوق رأس المال المصري،» (The Role of Institutional Investors in the Egyptian Capital Market) إس إس أر إن (SSRN)، 11 سبتمبر 2015، تاريخ الاطلاع 2 يونيو 2025، https://shorturl.at/uEfGp؛ وسام عبد الفتاح سليمان، «تحليل وتقييم البيئة الاستثمارية في مصر،» كلية التجارة وإدارة الأعمال-جامعة حلوان 43، العدد 4 (2023)، https://doi.org/10.21608/caf.2023.321568.
[14] على سبيل المثال نص المرسوم بقانون رقم 204 لسنة 1957 على إعفاء وزارة الدفاع والهيئات التابعة لها من الضرائب والرسوم الجمركية وقواعد المشتريات الحكومية. كما سمح للجيش باستيراد احتياجاته مباشرة دون المرور على الجهاز البيروقراطي المدني أو الخضوع للرقابة. بينما منح المرسوم الجمهوري رقم 263 لسنة 1956 القوات المسلحة صلاحية إنشاء مخازن سرية لا تخضع لأي شكل من أشكال التفتيش أو الرقابة المدنية. في: يزيد صايغ، «أولياء الجمهورية: تشريح الإقتصاد العسكري المصري،» مركز كارنيجي للشرق الأوسط، 14 ديسمبر 2019، 39-46، تاريخ الاطلاع 25 يونيو 2025،https://shorturl.at/ypcDW.
[15] صايغ، «أولياء الجمهورية،» 40-41؛ شانا مارشال، «القوات المسلحة المصرية وتجديد الإمبراطورية العسكرية،» مركز كارنيجي للشرق الأوسط، 15 أبريل 2015، تاريخ الاطلاع 29 يونيو 2025،  https://shorturl.at/odOvZ.
[16] حازم قنديل، الجنود والجواسيس ورجال الدولة: طريق مصر إلى الثورة (Soldiers, Spies, and Statesmen: Egypt’s Road to Revolt) (فيرسو، 2012)، 181-183.
[17] مركز الجزيرة للدراسات، «الدور الاقتصادي للجيش في مصر: الحسابات والتداعيات،» 20 نوفمبر 2016، تاريخ الاطلاع 5 مارس 2025، http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2016/11/161120101619972.html.
[18] على سبيل المثال في مايو 2011، عدّل المجلس قانون القضاء العسكري ليضيف مادة تمنح النيابة والقضاة العسكريين وحدهم الحق في التحقيق في الكسب غير المشروع لضباط الجيش، حتى لو بدأ التحقيق بعد تقاعد الضابط. في: محمد السنهوري، ««طنطاوي» يقر قانونًا يخص القضاء العسكري بالفصل في «جرائم الكسب» لضباط الجيش حتى بعد التقاعد،» المصري اليوم، 18 يونيو 2011، تاريخ الاطلاع 5 مارس 2025، https://www.almasryalyoum.com/news/details/138863.
[19] شانا مارشال، «القوات المسلحة المصرية».
[20] كريم عبد الله، مارتينا جيرانكوفا، «رأسمالية الدولة ودور القوات المسلحة في مصر،» (State Capitalism and the Role of the Armed Forces in Egypt) الاقتصاد العالمي والسياسة 1، العدد 1 (2024)، 10. تاريخ الاطلاع 26 يونيو 2025، https://shorturl.at/iQAEO؛ عبد الفتاح برايز، «ممنوع الاقتراب والتصوير: الجيش والاقتصاد في مصر»، جدلية، 25 يناير 2016، تاريخ الاطلاع 5 مارس 2025، https://www.jadaliyya.com/Details/32900؛ أحمد جمال زيادة، «كل ما نعرفه عن امبراطورية الجيش المصري الاقتصادية،» السفير العربي، 21 سبتمبر 2017، تاريخ الاطلاع 5 مارس 2025، https://shorturl.at/Boc8R؛ سي إن بي سي العربية، «جهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة يتولى دور الهيئة العامة للسلع التموينية،» 6 ديسمبر 2024، تاريخ الاطلاع 5 مارس 2025،https://shorturl.at/wVA6a.
[21] يزيد صايغ، «الاحتفاظ بالقدرة أم إعادة الهيكلة أم التجريد؟ خيارات سياساتية للاقتصاد العسكري المصري،» مركز كارنيجي للشرق الأوسط، 31 يناير 2022، تاريخ الاطلاع 5 مارس 2025، https://shorturl.at/CPtrP؛ شانا مارشال، «القوات المسلحة المصرية».
[22] مشتاق خان، «البحث عن الريع والتنمية: مقدمة».
[23] عمرو عدلي، «اقتصاد الجيش ومستقبل القطاع الخاص في مصر،» سي إن إن بالعربية، 6 سبتمبر 2014، تاريخ الاطلاع 5 مارس 2025، https://arabic.cnn.com/business/2014/09/06/egypt-economics-opinion-amro-adili.
[24] صايغ، «أولياء الجمهورية،» 46-50.
[25] منشورات قانونية، تعديل بعض أحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات بالقانون 82 لسنة 2013، تاريخ الاطلاع 5 مارس 2025، https://manshurat.org/node/9198 .
[26] منشورات قانونية، تعديل قرار تنظيم قواعد التصرف في الأراضي والعقارات التي تخليها القوات المسلحة، تاريخ الاطلاع 5 مارس 2025، https://manshurat.org/node/11251 .
[27] الموقع الرسمي للشركة الوطنية للثروة السمكية والأحياء المائية، تاريخ الاطلاع 6 مارس 2025، http://www.ncfa.com.eg/About.aspx.
[28] مقابلة شخصية بتاريخ 20 فبراير 2025.
[29] منشورات قانونية، قانون الضريبة على القيمة المضافة رقم 67 لسنة 2016، تاريخ الاطلاع 5 مارس 2025، https://manshurat.org/node/14613 .
[30] محمد بصل، «قرار جمهوري بتخصيص 2 كيلومتر على جانبي 21 طريقا لوزارة الدفاع كمناطق استراتيجية ذات أهمية عسكرية،» الشروق، 9 يونيو 2016، تاريخ الاطلاع 5 مارس 2025، https://shorturl.at/OWxUm.
[31] صايغ، «الاحتفاظ بالقدرة أم إعادة الهيكلة أم التجريد؟».
[32] المرجع السابق.
[33] مقابلة شخصية بتاريخ 8 فبراير 2025.
[34] منشورات قانونية، قانون الأراضي الصحراوية رقم 143 لسنة 1981، تاريخ الاطلاع 5 مارس 2025، https://manshurat.org/node/259 .
[35] برايز، «ممنوع الاقتراب والتصوير: الجيش والاقتصاد في مصر».
[36] مقابلة شخصية بتاريخ 5 مارس 2025.
[37] الصفحة الرسمية لجهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة، تاريخ الاطلاع 5 مارس 2025، https://landsprojects.mod.gov.eg/ .
[38] الهيئة العامة للاستعلامات، قرار جمهوري بتعديل قواعد التصرف في أراضي القوات المسلحة، 3 ديسمبر 2015، تاريخ الاطلاع 5 مارس 2025، https://sis.gov.eg/Story/115793?lang=ar .
[39] منشورات قانونية، قانون التنمية المتكاملة في شبه جزيرة سيناء رقم 14 لسنة 2012، تاريخ الاطلاع 5 مارس 2025، https://manshurat.org/node/8037.
[40] منى إبراهيم، «الجيش والاقتصاد في مصر بين الاحتكارات والفساد والاضطرابات الاجتماعية،» رواق عربي، 16 أكتوبر 2020، تاريخ الاطلاع 5 مارس 2025، https://shorturl.at/tfWUo.
[41] برايز، «ممنوع الاقتراب والتصوير».
[42] ماجدة حسني، «موارد مصر ليست لشعبها.. من يُحكِم قبضته عليها؟،» السفير العربي، 6 يونيو 2019، تاريخ الاطلاع 5 مارس 2025، https://shorturl.at/1paj5.
[43] جمال بخاري، «مصر: قطاع الإسمنت في قبضة الجنرالات،» أوريان 21، 20 نوفمبر 2018، تاريخ الاطلاع 7 مارس 2025، https://orientxxi.info/magazine/article2774.
[44] مقابلة شخصية بتاريخ 25فبراير 2025.
[45] مقابلة شخصية بتاريخ 16 فبراير 2025.
[46] إسحاق ديوان ونديم حوري ويزيد صايغ، «مصر بعد فيروس كورونا: العودة إلى المربع الأول،» (Egypt After the Coronavirus: Back to Square One) مبادرة الإصلاح العربي، 26 أغسطس 2020، تاريخ الاطلاع 5 مارس 2025، https://shorturl.at/xuCmQ.
[47] مقابلة شخصية بتاريخ 10 مارس 2025.
[48] ديوان، حوري، وصايغ «مصر بعد فيروس كورونا».
[49] محمد حميد، ««الجيش» يستحوذ على حصة مساوية لـ«عز» في سوق الحديد،» المنصة، 13 سبتمبر 2023، تاريخ الاطلاع 7 مارس 2025، https://almanassa.com/news/13283.
[50] مقابلة شخصية بتاريخ 8 مارس 2025.
[51] عبد التواب بركات، «دواجن العسكر في مصر… إغراق أم فساد؟،» العربي الجديد، 16 فبراير 2018، تاريخ الاطلاع 7 مارس 2025، https://rb.gy/kp5nyk.
[52] مقابلة شخصية بتاريخ 7 فبراير 2025.
[53] عبد الحافظ الصاوي، «أبعاد توسّع الجيش المصري في المشهد الاقتصادي،» العربي الجديد، 8 أغسطس 2023، تاريخ الاطلاع 7 مارس 2025، https://shorturl.at/WfXgV.
[54] صايغ، «أولياء الجمهورية».
[55] يزيد صايغ وحمزة المؤدب، «المؤسسة العسكرية وقطاع الأعمال الخاص في بلدان الجنوب العالمي: دور العلاقة السياسية في الوصول إلى الأسواق،» مركز كارنيجي للشرق الأوسط، 19 أغسطس 2024، تاريخ الاطلاع 5 مارس 2025، https://shorturl.at/I8FGc.
[56]خان، «التسويات السياسية،» 1-140؛ روبنسون، هاديز، إعادة تنظيم السلطة في إندونيسيا، 187-197.
[57] صايغ والمؤدب، «المؤسسة العسكرية وقطاع الأعمال الخاص».
[58] مقابلة شخصية بتاريخ 12 فبراير 2025.
[59] شانا مارشال، «الطبقة الحاكمة الناشئة في مصر،» مركز كارنيجي للشرق الأوسط، 26 أكتوبر 2020، تاريخ الاطلاع 5 مارس 2025، https://shorturl.at/tcqKw.
[60] مقابلة شخصية بتاريخ 3 فبراير 2025.
[61] صايغ والمؤدب، «المؤسسة العسكرية وقطاع الأعمال الخاص».
[62] كيرشانلي، «الرأسمالية المحسوبية والفساد،»، 15-16.
[63] زينب أبو المجد، شانا مارشال، وعصمت أكشا، «مساران للهيمنة: الشركات العسكرية في تركيا ومصر،» مركز كارنيجي للشرق الأوسط، 3 يونيو 2020، تاريخ الاطلاع 25 يونيو 2025، https://shorturl.at/VvxkB.

Read this post in: English

اظهر المزيد

يمنى سامي

كاتبة وباحثة في الاقتصاد السياسي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى