رؤى: «نهج التكيُّف» كمخرج لأزمة العدالة في سوريا بعد الأسد

الإشارة المرجعية: الحمد، جلال. 2025. «رؤى: «نهج التكيُّف» كمخرج لأزمة العدالة في سوريا بعد الأسد». رواق عربي 30 (1): 39-47. https://doi.org/10.53833/YDWU8472.
يبدو أن تحقيق العدلة الانتقالية في سوريا ليس يسيرًا رغم سقوط بشار الأسد؛ فهروب العائلة الحاكمة ورموز النظام السابق بعد عقود من الاستبداد فتح الباب واسعًا للمطالبة بتمكين العدالة للتعامل مع انتهاكات واسعة، ارتكبت في سوريا على مدار سنوات طويلة خاصة بعد الثورة عام 2011. إلّا أن هذه المطالبة باتت موضع جدل واسع بين السوريين، وتواجه مأزقًا جديًّا؛ فالسلطات الحالية، وفي الأيام الأولى لوصولها إلى الحكم، تجنبت التصريح عن موقفها من العدالة الانتقالية، وبدأت شيئًا فشيئًا تُلقي ببعض المواقف عِبر مؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي أو من خلال اللقاءات المغلقة التي عقدتها قياداتها. إلّا أنها أبدت بعض المرونة لاحقًا، نتيجة للضغط المتواصل خاصة من الكيانات الحقوقية المحليّة والدوليّة، وعبّرت عن عزمها تشكيل كيان مختص بالبحث عن المفقودين،[1] لتقوم بالفعل بتشكيله في أيار 2025 إلى جانب هيئة أخرى للعدالة الانتقالية.[2]
في الوقت نفسه، يؤكّد القادة الجدد على رفضهم لأي دور للأمم المتحدة في الملف السوري، وهو ما لا يقتصر على الدور السياسي للمؤسسة الدوليّة –والذي يعبّر عنه المبعوث الدولي الخاص بالسلام في سوريا وفريقه؛ بل يتجاوزه ليشمل الآليات الدولية ولجان التحقيق الخاصة بسوريا والتي تشكّلت للبحث في الانتهاكات، وتمتلك قاعدة بيانات تضم مئات الآلاف من الوثائق. في ضوء هذا، ينبغي التفحّص في أن السلطات الحالية، رغم المرونة التي أبدتها، وإعلانها سعيها للتفاعل الجزئي مع ملف العدالة؛ إلّا أن ذلك الأمر نفسه قد يقوّض الجهود الدولية التي اضطلعت بمساندة السوريين بمهام حساسة في رصد وتوثيق الانتهاكات، وتحريك عدة دعاوى قضائية. تجدر الإشارة إلى أن الدافع الأساسي لهذا التحذير يتمثل في أن «مؤتمر النصر» الذي عُقد في التاسع والعشرين من كانون الأول 2025، أقرّ تجميع السلطات في يد أحمد الشرع، ومنحه الصلاحيات الكاملة لتشكيل السلطات بما فيها التشريعية.[3] كما تجاوزت الوزارات المختلفة صلاحياتها كونها سلطات تصريف للأعمال، ويتضح ذلك في إقدامها على تعديل بعض القوانين. فيما رسّخ الإعلان الدستوري الذي وقّع عليه الرئيس أحمد الشرع في شهر آذار 2025 سيطرة الرئيس على كافة السلطات.[4]
يبحث المقال في فرص تحقيق العدالة الانتقالية في سوريا بعد التغيير السياسي، والتحديات التي تواجهها والمخارج التي يمكن العمل عليها في ظل التعقيدات السياسية والأمنية، ويخلص إلى ضرورة تجنّب اتخاذ مواقف صلبة تجاه العدالة واعتماد نهج مرن يعتمد على المضي بمسارات تلائم السياق الجديد. ويؤكد المقال على أهمية الاشتباك في المسارات التي من المتوقع أن تواجه رفضًا واسعًا من أطراف عدّة.
ينقسم السوريون في موقفهم من العدالة الانتقالية بعد سقوط الأسد إلى قسمين رئيسيين، فالأول يرى ضرورة تحقيق العدالة للجميع بغض النظر عن نوع الانتهاك وخلفيّة المنتهك، والعدالة بهذا المعنى تمثّل حاجة ماسة للوصول لحالة سلم قادرة على الصمود. فيما يرى الثاني بأن العدالة تقتصر على النظام المهزوم، بوصفه المرتكب الأول للانتهاكات من حيث عدد الضحايا، وبالتالي تُستثني من العدالة المجموعات الأُخرى التي شاركت في الصراع، ومنها الفصائل الحاكمة حاليًّا.
في تعريفه للعدالة الانتقالية، يقول كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة، في تقريره رقم 616 لعام 2004 المقدم لمجلس الأمن الدولي، بأن هذا المفهوم يشمل «كامل نطاق العمليات والآليات المرتبطة بالمحاولات التي يبذلها المجتمع لتفهم تركة من تجاوزات الماضي الواسعة النطاق بغية كفالة المساءلة وإقامة العدالة وتحقيق المصالحة. وقد تشمل هذه الآليات القضائية وغير القضائية على السواء، مع تفاوت مستويات المشاركة الدولية، أو عدم وجودها مطلقًا، ومحاكمات الأفراد، والتعويض، وتقصي الحقائق، والإصلاح الدستوري، وفحص السجل الشخصي للكشف عن التجاوزات، والفصل أو اقترانهما معًا».[5]
كانت محافظتا اللاذقية وطرطوس في الساحل السوري قد شهدتا حالات قتل على الهوية مارستها فصائل مسلّحة تتبع الحكومة الجديدة،[6] وذلك بعد مقتل عشرات من عناصر الأمن العام التابعين لوزارة الداخلية السورية بكمائن نفذها مسلّحون من بقايا النظام السوري السابق.[7] فبينما وجه العناصر الذين هاجموا حواجز الأمن العام اتهامات للحكومة بارتكاب انتهاكات منذ تسلمها السلطة؛ هاجمت الفصائل عشرات البلدات والقرى متهمة سكانها بإيواء فلول النظام وتأييدها للانتهاكات التي مارسها الأسد على مدار السنوات الأربع عشرة الماضية. وتنبّه هذه الحادثة إلى أولوية السلام الأهلي الذي يتوجب تحقيقه بناء على الاعتراف الكامل بالانتهاكات وتداعياتها على المجتمع السوري، ومعالجتها وفق مسارات تحقق الرضى للضحايا.
سقوط الأسد: انحسار الأمل بالعدالة
ظهور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فور الاتفاق على وقف إطلاق النار في لبنان، وتوجيهه كلمة تضمنت تهديدًا مباشرًا للرئيس السوري السابق ونظامه في حال استمر الأسد «باللعب بالنار» ودعم حزب الله اللبناني،[8] شكّل نقطة التحوّل السياسيّة الأولى في مسار الأحداث في سوريا، خاصة بعد تداعي محور المقاومة بقيادة إيران في كل من لبنان وفلسطين. جاء هذا التهديد بعد سلسلة عمليات جويّة مركزة نفذتها إسرائيل على مدار الأعوام السابقة، وتكثفت في الأشهر التي تلت عمليّة السابع من تشرين الأول 2023 لتستهدف القنصلية الإيرانية في دمشق،[9] إذ بدأت بالظهور مؤشرات على تمدّد نطاق الحرب الإسرائيلية على محور إيران إلى سوريا. وتزامن ذلك مع إطلاق فصائل مسلّحة سوريّة معارضة عملية عسكرية تحت مسمّى «ردع العدوان» بمواجهة النظام السوري،[10] ظنّ معظم المراقبين السوريين والدوليين في البداية أنها محدودة وموجهة للضغط على الأسد وحكومته لتقديم تنازلات على طاولة المفاوضات.[11] مع توسّع العمليات العسكرية للمعارضة، المتزامن مع رد فعل ضعيف وغير متوقع للقوات السورية وحلفائها، والمواقف السياسية الخجولة للقيادة الروسية الحليف الأبرز للأسد، والعجز الإيراني عن التأثير في مسار الأحداث، تتالى سقوط المدن الكبرى في قبضة المجموعات المعارضة، وصار من الواضح أن وضعًا جديدًا يُولد في سوريا، وهو ما تحقق بهروب بشار الأسد وتبخّر قيادات نظامه وسيطرة التشكيلات المتمردة على دمشق في الثامن من كانون الأول 2024.
برز القيادي الجهادي أبو محمد الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام، في طليعة المجموعات المسلّحة التي شاركت في السيطرة على دمشق، وسبق ذلك استبداله لاسمه الأصلي، أحمد الشرع، باسمه الحركي. في إشارة إلى أن الرجل يحّضر نفسه، وربما بمساعدة آخرين،[12] لمرحلة يكون له فيها دورًا بارزًا، خاصة بعدما ظهر خلال عمليّة «ردع العدوان» يوجّه رسائل طمأنة للمجتمع الدولي، والدول الإقليمية على وجه التحديد، تتضمن توصيفًا لسوريا المستقبلية التي لن تهدّد السلم والأمن الإقليميين، مقدّمًا نفسه بخطاب لم يألفه السوريون منه وممهّدًا للحقبة السورية الجديدة.[13]
باشر الشرع ممارسة مهام رئيس الجمهورية، إذ أعلن بعد يومين على دخوله دمشق عن تعيين محمد البشير رئيسًا للوزراء بديلًا عن رئيس وزراء الأسد محمد الجلالي الذي قرّر البقاء وأعلن، قبل تعيين البشير،[14] استعداده لاستكمال عمله لضمان استمرار مؤسسات الدولة السورية.[15] تبع ذلك حديث الشرع عن برنامج سياسي يشمل قضايا كُبرى كتأسيس جيش وطني ورؤية اقتصادية وتصور عن العلاقة مع دول الجوار، كما عيّن رئيس لجهاز الاستخبارات، الذي عُيّن بدوره وزيرًا للداخليّة فيما بعد.[16] وحدّد مبكّرًا وبشكل منفرد مدة خمس سنوات للمرحلة الانتقالية، وهو ما أكّده الإعلان الدستوري لاحقًا، الأمر الذي دلّ على أن الشرع يخطط للبقاء في السلطة لفترة قد تطول. عزّز هذا الشعور المساعي الحثيثة التي بذلها وزير خارجية الشرع ووزراء دول إقليميّة في التسويق للمرحلة الجديدة ولأحمد الشرع بوصفه الشخص المناسب خلال السنوات القادمة في سوريا.
ضغطُ المجتمع المدني السوري الذي يلتقي مع مواقف الدول المهتمة بسوريا، وبمشهد الشرق الأوسط عمومًا، ولّد خطابًا متبدّلًا للشرع وحكومته وهو ما وضّح أن الحكم الجديد يسعى فعلًا للوصول إلى نقطة تلاق مع المجتمع الدولي تزيد من فرص بقائه في السلطة، فتحديد موعد للحوار الوطني وتغييره أكثر من مرّة، واتّكاله في الكشف عن نيّاته على قنوات غير رسمية بيّن سعيه لاختبار ردة الفعل المحلية والدولية. ليأتي، وبعكس مسار الأحداث، «مؤتمر النصر» في التاسع والعشرين من كانون الأول 2025 والذي أعلنت فيه الفصائل المشاركة في عملية «ردع العدوان» عن تنصيب الشرع رئيسًا مؤقتًا بناء على «الشرعية الثورية»، في ظل غياب فصائل عسكرية أساسية في الجنوب السوري، تحديدًا محافظتي درعا والسويداء، ومناطق شمال شرق سوريا الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية.
في اليوم التالي لمؤتمر النصر، ألقى الشرع خطابه الأول والذي تضمن رسائل طمأنة للشارع السوري والمجتمع الدولي، بما في ذلك حرصه على ملف العدالة والحوار الوطني، لكنه أعلن عن حصر السلطات والمسار السياسي بالرئيس خلال الفترة الانتقالية كتشكيل مجلس تشريعي وتنظيم حوار سوري «لمناقشة برنامجه السياسي».[17] لتتسارع الخطوات بعدها بتشكيل لجنة تحضيرية للحوار الوطني التي لم توضح في مؤتمرها الصحفي صلاحياتها وآلية عملها وكذا مهام مؤتمر الحوار الوطني المكلّفة بتشكيله،[18] فضلًا عن إعلان اللجنة أنها ستتعامل مع الأفراد وليس الكيانات السياسية،[19] وهو ما يتلاقى مع رغبة برزت لدى الشرع منذ البداية، إذ أصرّ على استقبال زوّاره بصفتهم الشخصية وليس الحزبية أو المدنية. كما أكّدت اللجنة أن قراراتها ستكون استشارية للرئيس، ليُعقد الحوار الوطني في الرابع والعشرين والخامس والعشرين من شباط 2025 على عجالة وبناء على دعوات وصلت للمشاركين قبل يوم أو ساعات في بعض الأحيان، وانتهى ببيان فضفاض وكأنه يحاول إرضاء أطراف مختلفة، إلا أّنه تضمن ثغرات عديدة ومنها تجنبه التطرق للديمقراطية والفصل بين السلطات.[20] كما شكّل الشرع لجنة لإعداد مسودة للإعلان الدستوري المؤقت والذي قال أحد أعضائها أن اللجنة ستتولى الصياغة القانونية لرؤية الرئاسة السورية للإعلان الدستوري. وصدر الإعلان بعد حوالي عشر أيام من تشكيل اللجنة،[21] وأعلن في التاسع والعشرين من آذار 2025 عن تشكيل حكومة مؤقتة سيطرت فيها هيئة تحرير الشام على الوزارات السيادية.[22]
خطاب السلطة: تخبّط حيال العدالة
ظهر الرئيس السوري المؤقت في لقاء مع مجموعة من المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي سُجّل قبل بّثّه في الثاني عشر من شباط 2025 بأسابيع،[23] وتحدث عن حرصه على العدالة، لكنه استدرك بالقول «في حال شوّشت المطالبة بالحقوق الشخصية على بناء الدولة نقول البناء أولى من الحقوق الشخصية»، وأكمل «أنا رجعت لك سوريا كلها، أعدت أعظم حق». عرض الشرع في لقائه هذا توجهه حول ملف العدالة، ووضع أولى العقبات أمام مسار العدالة بحديثه عن احتماليّة تضارب هذا الملف مع بناء الدولة، وأن الإطاحة بنظام الأسد فقط يمكن أن تمثّل العدالة للسوريين، وهو بذلك يبني فرضيّته دون أي تواصل مع الضحايا.
لم يلتقِ الشرع بالمنظمات الحقوقية السورية وروابط الضحايا حتى الخامس من شباط 2025، وذلك بعد حملات ضغط مارستها تلك الجهات على الشرع وحكومته،[24] خاصة وأنّه التقى قبلهم بوالدة الصحفي الأمريكي المعتقل في سوريا أوستن تايس،[25] وكذلك لقائه بكل من المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك في 15 كانون الثاني 2025،[26] و كريم خان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في 17 كانون الثاني 2025،[27] الأمر الذي اعتُبر اهتمامًا خاصًا بالرسائل ذات المفعول الخارجي على حساب الضحايا السوريين؛ للتدليل على قدرة الحكم الجديد على تحقيق مطالب المجتمع الدولي، ومنها تحقيق استجابة مقبولة لمسار العدالة.
في السياق نفسه، عقدت 51 منظمة سورية مؤتمرًا في دمشق حول العدالة الانتقالية بتاريخ الرابع والعشرين والخامس والعشرين كانون الثاني 2025، منشئة بذلك مسارًا جديدًا للضغط. وبالفعل حضر الاجتماع ممثل عن وزارة العدل التابعة لحكومة تصريف الأعمال في دمشق، وأصدر المؤتمر في نهايته توصيات محدّدة حول المبادئ الواجبة للوصول إلى العدالة الانتقالية في سوريا، ونُقلت التوصيات إلى اللقاء الوزاري حول سوريا الذي عقد في باريس في شباط الماضي من خلال حدث جانبي عقد قبل اللقاء المذكور بيوم واحد.[28]
عدة كيانات حقوقية، من بينها روابط للضحايا ومنظمات سورية ودولية، تتّهم الفصائل التي تسلّمت الحكم في سوريا بارتكاب انتهاكات واسعة بحق السوريين خلال السنوات الأربع عشرة الماضية.[29] سردية الجهات الحقوقية[30] يدعمها تصنيف الرئيس السوري المؤقت وقيادات عسكرية عديدة على لوائح الإرهاب الدولية أو قوائم إرهاب أصدرتها دول عديدة،[31] وهو ما يعيدنا إلى تلميحات السلطة السورية الجديدة، ممثّلة في رئيسها، بأن التوجه لاختزال ملف العدالة في مواجهة رواية الكيانات الحقوقية ليس إجراءً عفويًا، بل هو نابع من إدراك القيادات الحالية للسلطة بأنها ستكون عرضة للمساءلة القضائية،[32] ويحمل هذا التوجه في طياته نذر العودة إلى النزاع المسلّح لانسداد أُفق العدالة؛ خاصة مع الانتشار الواسع للسلاح والحالة الأمنية الهشّة بعدما قررت حكومة الشرع حل الأجهزة الأمنية والجيش وسرّحت آلاف العناصر الأمنية والعسكرية،[33] وبالتالي فإن أي انحراف عن العدالة قد تعني العودة إلى المربع الأول ويصعّب مسيرة السلام. وتعزّزت المخاوف حول توجه الرئيس في ملف العدالة مع ارتكاب انتهاكات عديدة،[34] وتعيين شخصيات متهمة بالانتهاكات في مناصب قيادية عسكرية وأمنية ومدنية.[35] كان آخرها الأحداث الدموية التي شهدتها محافظات الساحل السوري بين السادس والعاشر من آذار 2025.
وكواحد من أبرز التعبيرات عن تخبط السلطة الحالية حول العدالة، أجرت مؤسسات الدولة الجديدة تسويات مع قيادات بارزة من النظام السابق،[36] فيما لا يزال مئات العناصر التابعين للجيش السوري السابق قيد الاعتقال بانتظار التسويات بدون أدنى توضيح للإجراءات المتبعة وهل هي ضمن آلية تعتمدها السلطات الجديدة أم لا، خاصة في ظل الغياب التام للضحايا والمجتمعات المحليّة عن هذه العملية. كذا ألقت أجهزة الأمن السورية القبض على ما قيل أنهم من المسئولين عن انتهاكات ارتكبها النظام السابق في دمشق،[37] والجدير بالملاحظة هنا أن اعتقال هؤلاء المتهمين تم بعد مرور أكثر من شهرين على سقوط النظام، وهو ما أثار التساؤلات حول أسباب عدم اعتقالهم منذ البداية في ضوء تواجد المتهمين في دمشق وعدم تواريهم عن الأنظار، كما أن الاعتقال نُفّذ بعد ضغط مارسه الشارع من خلال مظاهرة خرجت في العاصمة،[38] وما يفاقم الشكوك هو عدم الإفصاح عن الإجراءات اللاحقة تجاه هؤلاء أو تجاه آخرين أُعلن القبض عليهم أو سلّموا أنفسهم كوزير الداخلية السابق محمد الشعّار.[39]
التحديات: طريق العدالة الشاق
ليس من العسير تفسير إقبال المجتمع الدولي على التعامل مع الحكم الجديد في سوريا، صحيح أن هدف كل طرف دولي أو إقليمي قد يختلف عن غيره، لكنهم يُجمعون على ضرورة منح الحكم الحالي فرصة لممارسة مهامه.
إن عدم الاستقرار في سوريا خلّف على دول الإقليم، كالأردن ولبنان وتركيا والعراق وبعض دول الخليج، تداعيات أمنية وسياسية واقتصادية كبيرة، لذا تسعى هذه الدول لإرساء شكل من الاستقرار في سوريا، ويبدو أنّها ترى توافر الإمكانية للتعاون فيما بينها في سوريا لتجنّب الانقسام كما حدث في حالات أُخرى، مثل ليبيا والسودان الأمر الذي أدخل البلدين في حرب أهلية دموية. في الوقت نفسه، يشكل التعاون في سوريا فرصة لتعزيز التقارب السياسي والاقتصادي بين دول الإقليم، والذي انطلق مؤخرًا بعد سنوات من التوتر خاصة بين تركيا وقطر من طرف والسعودية ومصر والإمارات من طرف آخر. إلّا أن طريق التعاون هذا ليس مفروشًا بالورود، فالتنافس الإقليمي على النفوذ لتعويض الفراغ الذي خلّفه الانكماش الإيراني في المنطقة، وتنامي الدور الإسرائيلي لتعزيز نتائج الحرب في غزة وجنوب لبنان، والرغبة في تجنب أي نزاع جديد داخل سوريا أو عليها، جميعها تشكل المعالم الرئيسية في التعامل مع سوريا بعد الأسد.
دوليًّا، ترغب الدول الأوربية في التخلص من واحد من النزاعات التي أثّرت عليها، وبالتالي تخفيف العبء المالي وتجفيف أحد مصادر تصدير اللاجئين في ظل الوضع الاقتصادي المتأزم. من ناحية أخرى، ورغم أن سوريا لم تُصنف ضمن الأولويات الاستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية منذ عدة سنوات؛ إلا أن إيلاء قدر من الاهتمام بالشأن السوري يظل أمرًا ذا أهمية في إطار تهيئة الشكل الجديد للشرق الأوسط بالشراكة مع حلفائها في المنطقة، ومنهم إسرائيل.[40]
لذا فإن ملف العدالة، وعلى الأخص المحاسبة الجنائية، لن يكون مناسبًا على المستويين الإقليمي والدولي على الأقل في الوقت الحالي؛ إذ أن الدول المنخرطة في الشأن السوري يهمها السير قدمًا نحو تحقيق صيغة من الاستقرار السياسي حتى وإن استلزم ذلك تنازلات على صعيد تحقيق العدالة.
بالمقابل، فإن فرصة المجتمع المدني السوري كبيرة في مواصلة الضغط خاصة وأن المنظمات الحقوقية حازت بيانات ضخمة خلال عملها في واحدة من أوسع عمليات توثيق الانتهاكات، فضلًا عما ظهر من فظائع بعد سقوط الأسد خاصة مع حضور شخصيات معارضة وأُخرى كانت مقربة من الأسد وحديثها عن بشاعة ما ارتكبه نظامه. من بين هؤلاء شخصيات ساهمت في ملف العدالة، مثل العسكري السوري المنشق عن النظام السابق فريد المذهان، الملقب بالقيصر، والذي سرّب آلاف الصور عن عمليات التعذيب في سجون الأسد.[41]
من جانب أُخر، وعلى المستوى الدولي أيضًا، فإن تشكل آليات ولجان تحقيق دولية خاصة بسوريا، والمحاكمات التي أطلقتها منظمات سوريّة ودولية في عدّة دول وفق الولاية القضائية الدولية، وكذا الدعوى التي أقامتها كل من هولندا وكندا أمام محكمة العدل الدولية تجاه الدولة السورية، والمتعلقة بانتهاك الاتفاقية الدولية لمناهضة للتعذيب،[42] وكل ما هو مثبت على قيادات الحكم الحالي وصنفوا على أساسه على قوائم الإرهاب الدولية؛ يمكن أن يُعتمد لاشتراط أن يكون التزام الحكومة الجديدة بملف العدالة أحد التعبيرات عن تجاوب السلطات الجديدة مع المطالب المحلية والدولية. كل ما سبق يشكل فرصة سانحة ليواصل السوريون الضغط على مختلف الأطراف وإبقاء ملف العدالة حيًّا ومقاومًا لمحاولات الإجهاض أو الاختزال.
الطريق نحو العدالة: نهج التكيّف
لا يملك أي طرف ممّن انخرطوا في النزاع السوري المصلحة في تحقيق عدالة شاملة؛ فجميع الأطراف تورطت في الحرب الداخلية السورية وتُوَجه لقياداتها اتهامات بارتكاب انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان. وهو ما يفسّر تصريحات وأفعال قيادات الحكومة الحالية تجاه ملف العدالة، وكذلك عدم خوض القوى الأُخرى المسيطرة على بعض المساحات السورية في هذا الملف. وقد عبّر الرئيس أحمد الشرع عن هذا التوجه من خلال المرسوم الرئاسي الخاص بتشكيل الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية، والذي حصر مهام الهيئة في الانتهاكات التي ارتكبها النظام السابق فقط، متجاهلًا باقي الأطراف.[43]
الواقع السياسي والميداني السوري، فضلًا عن الواقع السياسي الجديد في الشرق الأوسط يدفعنا للتفكير بالمزيد من الحلول للسير قدمًا في طريق العدالة، وتقتضي الضرورة تجنب طرح حلول متشنّجة وجامدة والانفتاح على حلول أكثر مرونة وقابلة للتطبيق. وفي هذا الصدد، أقترح رؤية العدالة في سوريا من منظار الممكن، ما يعني تكيّف آليات العدالة مع السياق السوري للحفاظ على الفرصة التي سنحت لتحقيق العدالة بعد عقود من الانتهاكات. يتيح هذا التكيّف إمكانيّة الاستفادة من المساحة التي لا تزال متاحة للمجتمع المدني داخل سوريا، والعمل من خلالها على تأسيس بعض مسارات العدالة وتوفير الدعم السياسي والمالي واللوجستي لها من جهة. ومن جهة أخرى، لا ينتقص من إمكانيّة الاشتباك مع الحكام الحاليين، ومختلف القوى الرافضة لمسار العدالة، في مسارات العدالة المعقّدة حاليًّا كالمحاسبة والملاحقات القضائية والتي أفترض أن حكومة الشرع ستقاومها أو على الأقل لن تنخرط بها بالشكل المناسب، وذلك من خلال البناء على ما تم إحرازه خلال السنوات السابقة على المستوى الدولي.
ينطلق النهج المقترح من أن العدالة الانتقالية ليست «عنصرًا واحدًا أو عملية واحدة، ولا هي صيغة فريدة جامدة تؤول إلى استنساخ المؤسسات. وإنما هي أشبه بخريطة وشبكة طرق تقربك من وجهتك: ألا وهي مجتمع أكثر سلامًا وعدلًا وشمولًا للجميع، صفّى حساباته مع ماضيه العنيف وأحقّ العدالة للضحايا. لكن، ما من طريق واحد يُتّبع؛ «فلكل مجتمع طرق شتّى يسلكها، تحددها طبيعة الفظائع المرتكبة وطبيعة المجتمع نفسه، بما في ذلك ثقافته وتاريخه وبنياه القانونية والسياسية وقدراته بالإضافة إلى انتمائه الإثني ودينه وتكوينه الاجتماعي والاقتصادي».[44] وهي كذلك «تكييف للعدالة على النحو الذي يلائم مجتمعات تخوض مرحلة التحولات في أعقاب حقبة من تفشي انتهاكات حقوق الإنسان».[45]
يفترض نهج التكيّف، ومن خلال التحركات الحالية للمنظمات المدنية وروابط الضحايا، إمكانية الانخراط في مسارين من مسارات العدالة الانتقالية وهما: جبر الضرر وإصلاح المؤسسات، إذ يمكن من خلالهما التعامل مع طيف واسع من إرث الماضي. وفي هذا السياق، اقترح فكرة التخصيص والتي تشكل جوهر نهج التكيّف، وتعني التفاعل مع المجتمعات المحلية السورية إلى جانب الضحايا؛ لبحث أولوياتها في الجبر وإصلاح المؤسسات. ويتيح التعرّف على الاستحقاقات التي تحقق الرضى لتلك المجتمعات والضحايا، وعكسها في آلية وطنية لجبر الضرر والإصلاح المؤسسي. مع أهميّة استمرار التوثيق والتنسيق بين المنظمات الحقوقية ومجموعات الضحايا لتسخير جهودهم في هذين المسارين. كما أن التخصيص يسهم في تعزيز الشعور المحلي بالمشاركة في العدالة وعدم فرضها على المستحقين، إضافة إلى إسهام التخصيص في زيادة المعرفة المستنيرة للمجتمعات المحلية بمعنى وضرورة العدالة الانتقالية، وهو نهج عملي يسهم في تجنب إعراض السكان المحليين عن المشاركة، ويقلّل من التحديات التي تواجه مسارات العدالة الانتقالية خلال فترة الانتقال السياسي. مع التشديد على أن يكون تشكيل آلية لجبر الضرر والإصلاح المؤسساتي ليس عمليّة فرض من السلطة على المجتمع السوري، وإنما نتيجة حوار موسع يعكس طلبات واحتياجات الناس.[46]
إن مواءمة آليات العدالة الانتقالية مع السياقات المحلية ليس بجديد، فالعديد من التجارب الدولية تشهد على ذلك. في جنوب إفريقيا، بعد مرحلة نظام الفصل العنصري، كان الأساس هو دعم الوحدة الوطنية والمصالحة من خلال تشكيل «لجنة الحقيقة والمصالحة». وحذت المغرب حذو جنوب إفريقيا في التعامل مع سنوات حكم الملك الحسن الثاني، وذلك بتشكيل «هيئة الإنصاف والمصالحة». فيما نفذت ألمانيا، بعد سقوط جدار برلين عام 1989، محاكمات محدودة واعتمدت على المصارحة وجبر الضرر. بينما على النقيض، قرّرت إسبانيا عدم مواجهة الماضي الدموي لفترة حكم فرانسيسكو فرانكو خشية تأثير ذلك على الانتقال الديمقراطي، ومضت في إصلاح المؤسسات لضمان عدم تكرار الانتهاكات مستقبلًا.[47]
لم تعتمد التجارب المذكورة نموذجًا واحدًا ولا متشابهًا تمامًا حتى في حالتي جنوب إفريقيا والمغرب، بل رسمت مساراتها وفق مبدأين وهما: الحاجة للعدالة، والقدرة على التطبيق. كما بيّنت التجارب الدور المحوري للمجتمع المدني في تطوير وحماية ومراقبة آليات العدالة الانتقالية.
في صلب نهج التكيّف، لا بد من أن تكون قضايا إعادة الإعمار، وعودة المهجرين، واسترداد الحقوق، ورد الاعتبار، وإعادة التأهيل، وضمان منع تكرار الانتهاكات، وإصلاح مؤسسات إنفاذ القانون، وغيرها جزءً لا يتجزّأ من العدالة الانتقالية وليست بمعزل عنها؛ ليتسنّى تسخير ما يتوافر من الموارد الماليّة والبشريّة لدعم طريق العدالة. ومن الأهمية بمكان تجنّب الخوض في التعويضات المالية الفردية لما يمكن أن تسببه من منافسة حادّة بين المستحقين الحقيقين وغيرهم ممن قد يستغلّون هشاشة الجهاز الإداري في سوريا للاستفادة من التعويضات.
لا يتعارض هذا الانخراط مع وجوب التماس كافة الطرق نحو المحاسبة والملاحقة القضائية للمتهمين بالانتهاكات، ومن بينهم قيادات الصف الأول من أطراف الصراع سواء المنتمين للنظام السابق أو الحالي أو الجماعات المسلّحة الأُخرى. ومن الضروري هنا مواصلة الاستفادة من الولاية القضائية الدولية فيما يتعلق بالمحاكمات القائمة وضرورة عدم نقلها إلى المحاكم السورية، التي لا تمتلك إمكانية إجراء محاكمات عادلة نظرًا للإجراءات الحكومية الحالية الخاصة بقطاع القضاء،[48] وكذا السعي لرفع دعاوى جديدة.
من الأهمية بمكان كذلك مواصلة التنسيق مع الآلية الدولية للتحقيق في سوريا والآلية الخاصة بالمفقودين، إلى جانب ضرورة العمل على تقييم للواقع السياسي المستجد وتجديد المساعي الرامية إلى إحالة ملف سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية أو إنشاء محاكم خاصة بموجب قرار من مجلس الأمن الدولي؛ فالفيتو الروسي–الصيني الذي منع الإحالة سابقًا لم يعد مبرّرًا، فضلًا عن التغيرات في خارطة التحالفات بعد السابع من أكتوبر وانتخاب الرئيس ترامب، وهو ما أشار له البيان الصادر عن مجلس الأمن الدولي بخصوص سوريا والذي قدمته البعثتان الروسية والأمريكية، وهو وضع لم نشهده سابقًا يوحي بنشوء مناخ سياسي جديد يستوجب مواكبته واختباره من خلال مجلس الأمن، والنظر في إمكانية تبنيه موقف مغاير لملف العدالة في سوريا.[49]
فيما يتعلق بمسار المحاسبة والملاحقات القضائية؛ فإن الاشتباك مع السلطة الحالية وبقية المجموعات المسلّحة ينبغي ألّا يكون من باب الانتقام والتشفّي أو تقويض السلطة والانتقال السياسي، وإنما يتعين أن يأخذ الخطاب المُطالب بالمحاسبة بعين الاعتبار الحساسيّات المحليّة للمجتمعات السوريّة، وأن يستهدف تحقيق العدالة الشاملة لكل السوريين كسبيل للوصول لسلم أهلي يفيد في انخراط المواطنين السوريين في بناء دولتهم الجديدة التي تقطع تمامًا مع السلطوية.
خاتمة
لا تبدو السلطة الحالية قادرة على تجاوز العدالة الانتقالية في سوريا؛ ففظاعة الانتهاكات على مدار سنوات من جهة، وضغط المجتمع السوري من جهة أُخرى أبقى الملف حاضرًا. إلا أنه من المتوقع إقدام السلطة على اختزال الملف ببضعة تحركات هنا وهناك، ففضلًا عن تورطها في الانتهاكات، أعطت بعض التعهدات بعدم التعرّض لشخصيات معينة وهو ما أظهرته تصرفاتها في التسويات وتصريحات الرئيس المؤقت أكثر من مرّة بشأن أسبقية قضايا عدّة على العدالة.
إن البون الشاسع بين السوريين نتيجة الحرب يفرض وجود مسار للعدالة يضع في طليعة أهدافه بلورة سرديّة وطنية تعترف بالانتهاكات بحق كل السوريين من مختلف الأطراف، وهو ما يدفعنا للبحث في سبل مختلفة للسير في ملف العدالة رغم ما يحيط بسوريا من تعقيدات من خارجها، فضلًا عن عمق الأزمة السورية. فالسلطة السورية قدّمت إجابتها حول ملف العدالة من خلال تصريحات وأفعال مختلفة منذ اليوم الأول، وهي بذلك تضع الكرة في ملعب الحقوقيين السوريين لإيجاد مَنفذ يضمن استمرار العدالة.
يُظهر الواقع الجديد في سوريا صعوبة السير بمسار للعدالة الانتقالية، ويوجب ابتكار طراز سوري يتلاءم مع الظروف السياسية والأمنية الداخلية والمحيطة بسوريا؛ ليتسنّى تطبيقه، كما يجب أن يتراوح هذا الطراز بين المرونة والاشتباك. إن نهج التكيّف للعدالة يتقاطع في جوهره مع العديد من التجارب الدولية التي نفذت برامج للعدالة تتلاءم مع الظروف المحلية بعد الانتقال السياسي، بعضها نجح في الانتقال وبعضها الآخر لم يحقق المرجو منه، لكن المؤكّد أن تجاهل الملف تمامًا هو الأخطر على الإطلاق في مختلف الحالات ومن بينها الحالة السورية. إلا أن هذا النهج معرّض للفشل في حال عدم شعور الضحايا والمجتمعات المحليّة بالرضى، وهو ما قد ينجم عن فرض مسارات بعينها دون مشاورات محليّة معمّقة من ناحية، وتجاهل مسارات ضرورية أُخرى كالمحاسبة الجنائية من ناحية أخرى. وفي هذا السياق، يستدعي نهج التكيّف مؤتمرًا وطنيًّا سوريًّا حول العدالة يتفرّع عنه اجتماعات محلية على مستوى المحافظات مع إطار زمني كاف يتيح للقائمين على المؤتمر المُقترح استطلاع آراء المجتمعات السورية كافة.
إن الوصول لسلام مستدام في سوريا يستلزم التفكير باحتواء الوضع الحالي في سوريا، والدفع نحو نهج عدالة سوري يلائم تعقيدات الحالة السورية، وهذا الدور يُناط بالمجتمع المدني صاحب الخبرة الكافية بالعدالة، والذي يتمتّع بموارد بشرية كبيرة وثقة على المستويين المحلي والدولي.
[2]عدنان علي وحسام رستم، «تشكيل هيئتين وطنيتين للعدالة الانتقالية والمفقودين في سوريا»، العربي الجديد، 18 أيار 2025، تاريخ الاطلاع 19 أيار 2025، https://shorturl.at/ZXPBQ.
[3] موقع التغيير، «في خطاب النصر. أحمد الشرع يكشف أولى تحركاته»، 31 كانون الثاني 2025، تاريخ الاطلاع 15 آذار 2025، https://shorturl.at/GQD51.
[4] الجزيرة نت، «الشرع يوقع مسودة الإعلان الدستوري في سوريا»، 13 آذار 2025، تاريخ الاطلاع 15 آذار 2025، https://shorturl.at/9Zoow.
[5] الأمم المتحدة، «القانون والعدالة الانتقالية في مجتمعات الصراع ومجتمعات ما بعد الصراع»، 3 أب 2004، تاريخ الاطلاع 15 آذار 2025، https://main.un.org/securitycouncil/ar/content/secretary-generals-reports-submitted-security-council-2004.
[6] يورونيوز، «انتهاكات متصاعدة في الساحل السوري: حصيلة الضحايا المدنيين ترتفع إلى 1383 قتيلًا»، 12 آذار 2025، تاريخ الاطلاع 15 آذار 2025، https://shorturl.at/tRatX.
[7] معاذ العباس «هكذا تصدت القوات السورية لهجوم الساحل»، الجزيرة نت، 10 آذار 2025، تاريخ الاطلاع 27 آذار 2025، https://shorturl.at/NJFve.
[8] العربية، «نتنياهو هدد الأسد وضرب المعابر.. تفاصيل غارات عزلت سوريا»، 27 تشرين الثاني 2024، تاريخ الاطلاع 15 آذار 2025، https://shorturl.at/EQhRk.
[9] الحرة، «ارتفاع حصيلة قتلى الضربة على القنصلية الإيرانية في دمشق»، 4 نيسان 2024، تاريخ الاطلاع 15 آذار 2025، https://shorturl.at/eSCl3.
[10] محمد حسان، «ردع العدوان معركة ضمن حدود تفاهمات أستانا أم أبعد من ذل»، درج، 29 تشرين الثاني 2024، تاريخ الاطلاع 15 آذار 2025، https://shorturl.at/2ZDzL.
[11] المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، «قراءة أولية في عملية ردع العدوان شمال غربي سوريا..سياقات وتصورات»، 2 كانون الأول 2024، تاريخ الاطلاع 27 آذار 2025، https://shorturl.at/n9InC.
[12] العربية، «أردوغان: مرحلة جديدة تتم إدارتها في سورية»، 5 كانون الأول 2024، تاريخ الاطلاع 15 آذار 2025، https://shorturl.at/wEW1e.
[13] العربية، «الجولاني إلى رئيس حكومة العراق: لا تتدخلوا في سوريا»، 5 كانون الأول 2024، تاريخ الاطلاع 15 آذار 2025، https://shorturl.at/ouNYm.
[14]سي إن إن، «المعارضة السورية تعين محمد البشير رئيسًا مؤقتًا للحكومة للإشراف على انتقال السلطة»، 10 كانون الأول 2024، تاريخ الاطلاع 15 آذار 2025، https://arabic.cnn.com/middle-east/article/2024/12/10/syrian-rebels-appoint-caretaker-prime-minister-power-transition.
[15] سكاي نيوز عربية، «فيديو..الجولاني يبحث مع الجلالي انتقال السلطة في سوريا»، 9 كانون الأول 2024، تاريخ الاطلاع 15 آذار 2025، https://shorturl.at/caBv7.
[16] سكاي نيوز عربية، «تعيين رئيس جديد للاستخبارات في سوريا..من هو أنس خطاب؟»، 26 كانون الأول 2024، تاريخ الاطلاع 15 آذار 2025، https://shorturl.at/Vvos6.
[17] باسل مغربي، «خطاب الرئيس السوري أحمد الشرع في أول كلمة للشعب: نفتح فصلًا جديدًا في تاريخ سوريا»، عرب 48، 30 كانون الثاني 2025، تاريخ الاطلاع 15 آذار 2025، https://shorturl.at/oVsRn.
[18] سي إن بي سي، «رسميًا..سوريا تعلن تشكيل اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني»، 12 شباط 2025، تاريخ الاطلاع 15 آذار 2025، https://shorturl.at/g589G.
[19] ثورة أون لاين، «مجريات المؤتمر الصحفي للجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني الذي انعقد في وزارة الإعلام»، يوتيوب، 14 شباط 2025، https://www.youtube.com/watch?v=YvtZbB8WlSs.
[20] العربي الجديد، «البيان الختامي لمؤتمر الحوار الوطني السوري: إدانة التوغل الإسرائيلي وسد الفراغ الدستوري »، 25 شباط 2025، تاريخ الاطلاع 5 نيسان 2025، https://shorturl.at/Rm5m0.
[21] جسر، «القربي: رئاسة الجمهورية ستضع المحددات الرئيسية للإعلان الدستوري»، 3 آذار 2025، تاريخ الاطلاع 15 آذار 2025، https://shorturl.at/WdlYZ.
[22] فرانس 24، «سوريا: الرئيس الانتقالي أحمد الشرع يعلن عن تشكيل حكومة جديدة»، 29 آذار 2025، تاريخ الاطلاع 5 نيسان 2025، https://2u.pw/OCwwX.
[23] عربي 21، «الشرع يعلن انتهاء الثورة السورية ويتحدث عن موقفه من التكويع»، 13كانون الثاني 2025، تاريخ الاطلاع 16 آذار 2025، https://shorturl.at/sHmx5.
[24] سعد اليازجي، «الشرع يلتقي عائلات معتقلين ومفقودين في دمشق»، نورث برس، 5 شباط 2025، تاريخ الاطلاع 16 آذار 2025، https://npasyria.com/204588/.
[25] عدي منصور، «والدة تايس: سقوط نظام الأسد عقد عملية البحث عن ابنها الصحفي الأمريكي المختفي في سوريا»، مونت كارلو، 21 كانون الثاني 2024، تاريخ الاطلاع 16 آذار 2025، https://shorturl.at/ZuIYX.
[26] الشرق الأوسط، «الشرع يلتقي وفدًا من المفوضية الأممية لحقوق الإنسان في سوريا»، 15 كانون الثاني 2025، تاريخ الاطلاع 16 آذار 2025، https://shorturl.at/gjic1.
[27] الجزيرة نت، «الشرع يلتقي المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية»، 17 كانون الثاني 2025، تاريخ الاطلاع 16 آذار 2025، https://shorturl.at/1jTuC.
[28] ميشال أبو نجم، «مؤتمر باريس لدعم سوريا مستعد للكثير مقابل تعهدات وضمانات»، الشرق الأوسط، 13 شباط 2025، تاريخ الاطلاع 16 آذار 2025، https://shorturl.at/TOR4L.
[29] سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، «هيئة تحرير الشام لم تستثنِ النساء من عمليات الاعتقال والإساءة البدنية»، 7 نيسان 2020، تاريخ الاطلاع 16 آذار 2025، https://shorturl.at/nOCf5.
[30] ماثيو ليفيت، «كيف أُدرجت هيئة تحرير الشام على قوائم الإرهاب الأمريكية-ولماذا يجب أن تبقى هناك في الوقت الحالي»، معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، 17 كانون الأول 2024، تاريخ الاطلاع 16 آذار 2025، https://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/kyf-audrijt-hyyt-thryr-alsham-ly-qwaym-alarhab-alamrykyt-wlmadha-yjb-tbqy-hnak-fy.
[31] الأمم المتحدة، «سلطة الأمر الواقع في دمشق على قائمة الإرهاب: ماذا سيحدث الآن؟»، 12 كانون الأول 2024، تاريخ الاطلاع 15 آذار 2025، https://news.un.org/ar/story/2024/12/1137486.
[32] هيومان رايتس ووتش، «سوريا: انتهاكات وإفلات من العقاب في الأراضي التي تحتلها تركيا»، 29 شباط 2024، تاريخ الاطلاع 16 آذار 2025، https://www.hrw.org/ar/news/2024/02/29/syria-abuses-impunity-turkish-occupied-territories.
[33] الحرة، «سوريا..قرارات بحل الجيش والبرلمان والبعث وإعلان الشرع رئيسًا مؤقتًا»، 29 كانون الثاني 2024، تاريخ الاطلاع 27 آذار 2025، https://shorturl.at/iKSRw.
[34] المركز السوري للعدالة والمساءلة، «لا تزال الانتهاكات التي تشبه انتهاكات الأسد مستمرة في سوريا»، 13 شباط 2025، تاريخ الاطلاع 16 آذار 2025، https://ar.syriaaccountability.org/l-tzl-lnthkt-lty-tshbh-nthkt-lsd-mstmr-fy-swry/.
[35] عنب بلدي، «الدفاع السورية تعين أبو عمشة قائدًا لفرقة حماة»، 3 شباط 2025، تاريخ الاطلاع 16 آذار 2025، https://shorturl.at/48Y9g.
[36] الشرق الأوسط، «تسوية أوضاع مقرّب من نظام الأسد تثير عاصفة من الجدل»، 23 كانون الأول 2024، تاريخ الاطلاع 16 آذار 2025، https://shorturl.at/jQ6z5.
[37] بي بي سي، «مجزرة التضامن.. القبض على أبرز المتهمين بعد 12 عامًا من وقوعها»، 18 شباط 2025، تاريخ الاطلاع 16 آذار 2025، https://www.bbc.com/arabic/articles/c3rndwgnwn7o.
[38] الحرة، «سوريا.. أول مظاهرة غاضبة في عهد الشرع بسبب المجرم صقر»، 8 شباط 2025، تاريخ لاطلاع 16 آذار 2025، https://shorturl.at/zJWdd.
[39] محمد الناموس، «وزير الداخلية السوري السابق محمد الشعار يسلم نفسه للسلطات الجديدة»، الحرة، 4 شباط 2025، تاريخ الاطلاع 16 آذار 2025، https://shorturl.at/fD0ml.
[40] آلاء رجائي، «ما ملامح الشرق الأوسط الجديد الذي تسعى إسرائيل لرسمه»، بي بي سي، 5 تشري الأول 2024، تاريخ الاطلاع 27 آذار 2025، https://www.bbc.com/arabic/articles/cgq8zv2vgj7o.amp
[41] الجزيرة نت، «فريد المذهان القيصر الذي فضح نظام الأسد»، 8 شباط 2025، تاريخ الاطلاع 16 آذار 2025، https://shorturl.at/GFSNv.
[42] المركز السوري للعدالة والمساءلة، «أسئلة وأجوبة: رفع دعوى ضد سوريا أمام محكمة العدل الدولية»، 20 حزيران 2023، تاريخ الاطلاع 16 آذار 2025، https://ar.syriaaccountability.org/syl-wjwb/.
[43] نورث برس، «بين الترحيب والتحفظ..تشكيل هيئة للعدالة الانتقالية في سوريا»، 18 أيار 2025، تاريخ الاطلاع 18 أيار 2025، https://npasyria.com/213349/.
[44] المركز الدولي للعدالة الانتقالية، «ما العدالة الانتقالية؟»، تاريخ الاطلاع 27 آذار 2025، https://www.ictj.org/ar/what-transitional-justice.
[45] مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، «العدالة الانتقالية والعزل السياسي…في سؤال وجواب»، تاريخ الاطلاع 27 آذار 2025، https://shorturl.at/s34As.
[46] منظمة العدالة من أجل الحياة، «جبر الضرر من منظور المجتمعات المحلية في سوريا»، 26 حزيران 2024، تاريخ الاطلاع 16 آذار 2025، https://shorturl.at/D17FM.
[47] مركز دراسات الوحدة العربية، «العدالة الانتقالية في سياق الانتقال الديمقراطي تجارب ألمانيا وإسبانيا وجنوب إفريقيا والمغرب»، 22 آب 2023، تاريخ الاطلاع 28 آذار 2025، https://shorturl.at/m8yRD.
[48] بي بي سي، «شادي الويسي: مطالبات بإقالة وزير العدل السوري بعد انتشار فيديو لإعدام سيدتين»، 6 كانون الثاني 2025، تاريخ الاطلاع 16 آذار 2025، https://www.bbc.com/arabic/articles/cq5lv2vlxqzo.
[49] الأمم المتحدة، «مجلس الأمن يدين العنف في سوريا ويدعو إلى حماية المدنيين بغض النظر عن العرق أو الدين»، 14 آذار 2025، تاريخ الاطلاع 16 آذار 2025، https://news.un.org/ar/story/2025/03/1139896.
Read this post in: English