رؤى

رؤى: مسألة البطيخ ودورها في الهيمنة الرمزية ومحو الهوية الفلسطينية

حمل هذا المقال كبي دي إف

الإشارة المرجعية: رشماوي، ياسمين (2024). رؤى: مسألة البطيخ ودورها في الهيمنة الرمزية ومحو الهوية الفلسطينية. رواق عربي، 29 (3)، 36-42. DOI: 10.53833/UIKA1259.

منذ عام 2021، وخصوصًا أثناء العام الماضي الذي شهد استمرار الإبادة الجماعية في غزة، برزت فاكهة البطيخ باعتبارها رمزًا للتضامن مع فلسطين والفلسطينيين؛ لتشابه ألوانها –الأحمر والأخضر والأسود والأبيض– مع ألوان العَلَم الفلسطيني. وهكذا، فإنها أتاحت الفرصةً لتمكين الأفراد من تقديم الدعم لفلسطين دون إظهار العلم أو استخدام كلمة «فلسطين»، في الأماكن التي تضع قيودًا أو رقابة على ذلك. اكتسب هذا التوجه زخمًا ضمن حركة التضامن العالمية؛ فظهرت قطعة البطيخ على الأعلام، وأزرار الملابس، والرايات، والرسوم على الجدران، والقمصان، بل وحتى الوشوم. فضلًا عن وسائل التواصل الاجتماعي، إذ أصبح رمز البطيخ شائعًا بين الداعمين للشعب الفلسطيني والمتضامنين معه. تركّز هذه النزعة على فاكهة البطيخ كرمز لفلسطين والشعب الفلسطيني، ليس لمجرد الإشارة إلى العَلَم الفلسطيني أو فلسطين تجنبًا للرقابة؛ بل أن العَلَم تم استبداله بشكل كامل، وحتى مجرد ذكر فلسطين، عند غياب تهديد الرقابة. ورغم النية الحسنة؛ إلا أن هذه النزعة تثير مخاوفًا جدية بشأن مخاطر تقليص، خفوت، أو محو الهوية الفلسطينية بالكامل دونما تتعمد ذلك. فبينما يبدو هذا التوجه العام حميدًا؛ إلا أن استخدام فاكهة لتمثيل الواقع القاسي للنضال المتواصل من أجل العدالة، وتحرير شعب يواجه التطهير العرقي والاستعمار والإبادة الجماعية، يكشف عن خلل جوهري في كيفية تعامل الجهات الدولية الداعمة مع القضية الفلسطينية.

تصاعد استخدام البطيخ رمزًا لفلسطين، الذي غالبًا ما يُروج له الداعمون الدوليون (من الغرب في المقام الأول) وبعض العرب، وبدرجة أقل الفلسطينيون أنفسهم، يطرح سؤالًا: هل هذه النزعة مجرد لفتةٍ حسنة النية ظهرت كحركةٍ لمناهضة الهيمنة؛ أم أنها تساهم في محو الهوية بما يتوافق مع القوى الاستعمارية المهيمنة التي تستهدف محو الهوية الفلسطينية وتحييد المقاومة الفلسطينية؟ لمناقشة هذا السؤال، تستخدم هذه المقالة الإطار النظري الذي وضعه أنطونيو جرامشي للهيمنة والهيمنة المضادة، وتستقصي كيف يمكن توظيف مثل هذه النزعات للحفاظ على الوضع القائم. يرى جرامشي أن القوة المهيمنة لا تفرض سطوتها بالإجبار فحسب، إنما تعززها بالهيمنة الثقافية التي تشكّل فهم المجتمع للأعراف والقيم والرموز.[1] وفي سياق الاستعمار الاستيطاني، تعد الرموز أدوات فعّالة، ليس للسّاعين إلى التحرير فحسب، وإنما كذلك للقوى التي تحاول محو مقاومة الاستعمار –بمختلف أشكاله، والحد من التهديد المُتَصوَّر لنضال السكّان الأصليين من أجل تقرير المصير.

وباستكشاف ظهور البطيخ كرمز في سياق المقاومة الفلسطينية للمشروع الصهيوني الاستيطاني، وانتشار استخدامها بين حركات التضامن العالمية، وتداعيات ذلك على الهوية الفلسطينية ومكانها على الساحة العالمية؛ ترى هذه المقالة أن رمز فاكهة البطيخ، الذي قد يكون مفيدًا في بعض السياقات، يهدد في المحصلة بتسطيح الهوية الفلسطينية والتقليل من أهميتها. وتخلص المقالة إلى أن التضامن الحقيقي يتطلب فهمًا أعمق وأدق للرموز المتأصلة في الثقافة والتاريخ الفلسطينيين، والتزامًا راسخًا بقول الحقيقة في وجه السلطة، ووصف الظروف القاسية التي يجابهها الفلسطينيون بمصطلحاتها الواضحة: الاستعمار والفصل العنصري والتطهير العرقي والإبادة الجماعية.

هل البطيخة رمزًا فلسطينيًا؟

مؤخرًا أضحى رمز البطيخ شائعًا للتضامن مع القضية الفلسطينية، لاسيما في حركة التضامن الدولية. يُظهر بحث سريع على جوجل العديد من التقارير والمقالات[2] والمنشورات والمواد البصرية التي تصف فاكهة البطيخ باعتبارها أيقونة متجذرة تدل على مقاومة فلسطين وهويتها. وأرجعت معظمها تاريخ ظهوره إلى عام 1967 بعد الاحتلال، حينما جرّم النظام الإسرائيلي رفع العَلَم الفلسطيني. هذه السردية تفترض أن الفلسطينيين، إثر منعهم من حمل علمهم، تبنوا رمز فاكهة البطيخ بألوانها، الأحمر والأخضر والأبيض والأسود، للإشارة بشكل غير مباشر إلى هويتهم من خلال بديل للعلَم. ورغم انتشار هذه القصة على نطاق واسع وفي وسائل إعلام كبرى؛ إلا أنها تفتقر للتوثيق التاريخي؛ إذ لم يؤكدها أي دليل من الثقافة أو الذاكرة الجمعية أو الممارسات التاريخية الفلسطينية. وتبدو هذه السردية –التي تتكرر بشكل حرفيّ في عدة مصادر إعلامية– مكونًا خارجيًا دخيلًا وليس عنصرًا حقيقيًا من التاريخ الفلسطيني. كما تعكس نزوعًا في مساعي التضامن العالمية لتبسيط النضالات المعقّد، مما يشكل، بغير قصد، أساطير تهدد بطمس الرموز الحقيقية والتجارب الأصيلة للشعب الفلسطيني.

بإمكان أي فلسطيني عاش خلال تلك الفترة، لاسيما أثناء الانتفاضة الأولى،[3] تأكيد عدم استخدام فاكهة البطيخ يومًا كأداة (مناهضة للهيمنة)؛ للالتفاف حول منع النظام الإسرائيلي العَلَم الفلسطيني. إذ يحمل العلَم نفسه معنى عميقًا يرتبط بتضحيات وأعمال مقاومة حقيقية. كما تروي السرديات والأحداث وتفاصيل التاريخ الشفهي المتناقلة عبر الأجيال حكايات أفراد ضحوا بحياتهم لرفع العَلَم الفلسطيني، أو تهريبه داخل أرغفة الخبز، أو صبغ الملابس بألوانه لتحدي القيود الإسرائيلية. وتعكس هذه القصص الارتباط الوثيق بين الرموز الفلسطينية والتضحيات التي بُذِلت والأرواح التي أُزهِقت والدماء التي أُريقت للحفاظ عليها.

وفيما لا يزال حمل العَلَم الفلسطيني ورفعه يمثل فعل تحدٍّ ومقاومة. فإن التجول في المدن الفلسطينية، وفي المخيمات، وعلى جدار الفصل العنصري الذي يُحيط بالضفة الغربية، يكشف عن رسوم وشعارات لرموز المقاومة ولحنظلة –الذي يجسّد حق العودة– والشعارات السياسية والآيات القرآنية وأيقونات لمريم العذراء، ولكن نادرًا –إن وجد– أن تشاهد رسومًا للبطيخ.

وبشأن كيفية تحول فاكهة البطيخ إلى رمز للتضامن مع القضية الفلسطينية؟ يفسّر الفنان الفلسطيني خالد حوراني أصل هذا التحول: في سبعينيات القرن العشرين، سعى ثلاثة فنانين فلسطينيين، هم سليمان منصور وعصام بدر ونبيل عناني، إلى تأسيس جمعية للفنانين. وبموجب قانون الاحتلال الإسرائيلي، تعين عليهم التقدّم بطلب رسمي يتضمن الاجتماع مع ضابط إسرائيلي للموافقة عليه. أثناء الاجتماع، شدد الضابطُ على منع الأعمال الفنية التي تُعتَبر «تحريضية»، وكذا بعض الرموز الوطنية، وعلى رأسها العَلَم الفلسطيني وألوانه، الأحمر والأخضر والأبيض والأسود. ردًا على ذلك، سأل عصام بدر عما إذا كان مسموحًا للفنّان رسم زهرة بهذه الألوان؛ ليجيبه الضابط بأن ذلك ممنوع أيضًا، مضيفًا بشكل سخيف أن مجرد رسم البطيخ ممنوع.[4] لاحقًا، استخدم حوراني هذه القصة، وصنع عملًا فنيًا استخدم فيه البطيخ كرد ساخر على هذه القيود. بالنسبة لحوراني، كان البطيخ أداةً لإظهار تهافت نظام الاحتلال أكثر منه رمزًا وطنيًا ذو مغزى.[5]

في عام 2007، ضمّن حوراني هذا المفهوم في الأطلس الفلسطيني الذاتي (Subjective Atlas of Palestine)؛ إذ رسم قطعة البطيخ كاستعارةٍ لعلم فلسطين. لم يكن الهدف من هذا العمل الفني، الذي يُشار إليه غالبًا بعنوان «هذه ليست بطيخة»، الحلول محل العَلَم الفلسطيني، وإنما فضح تفاهة هوَس المُحتَل بقمع الهوية الفلسطينية. ورغم أن العمل عُرِض في عدة معارض فنية دولية؛ لكنه لم يحل يومًا محل العَلَم الفلسطيني كرمز وطني.[6]

وبينما كان العالم يشاهد التهجير القسري للعائلات الفلسطينية من حي الشيخ جراح في القدس في عام 2021، حاولت مجموعة من أكاديمية روتردام للفنون رفع لافتة عليها العَلَم الفلسطيني، إلا أن إدارة الجامعة أزالتها بذريعة أنّها تمثل نشاطًا سياسيًا مشحونًا. وكرد فعل على ذلك، رفع الطلبة لافتة أخرى رُسِمت عليها بطيخة وكتبوا تحتها «هذه ليست بطيخة». أحال هذا الأمر بشكل مباشر إلى عمل حوراني، ومكّن الطلبة من تجاوز الرقابة. وهكذا أصبحت فاكهة البطيخ «علمًا» مؤقتًا، يشير إلى العَلَم الفلسطيني الذي منعت إدارة الجامعة عرضه.[7] تعليقًا على هذه الحادثة، يرى حوراني أن البطيخة اكتسبت معنى جديدًا في حركة التضامن الدولية، وتطورت من مجرد عمل فني إلى رمز رائج للتضامن مع فلسطين والفلسطينيين. فاجأ هذا التحولُ الفنانَ،[8] الذي كان عمله الفني احتجاجًا ساخرًا.

في هذا الشأن، تحذر الباحثة الفلسطينية، مليحة مسلماني، من استخدام البطيخ رمزًا أساسيًا لفلسطين؛ إذ لم يكن القصد يومًا أن يحل البطيخ محل رموز الهوية الفلسطينية الأصيلة، مثل العَلَم، الذي لا يمثل المقاومة السياسية فحسب، بل تضحيات الفلسطينيين في سبيل التحرير أيضًا. وبينما قد يكون رمز البطيخ مفيدًا –في ظروف محددة جدًا تستدعي تجاوز الرقابة– فإنه لا يجب أن يحلّ محل الرموز الفلسطينية التاريخية، أو يخفف من ظهورها ومعانيها.[9] فيما انتقد الباحث الفلسطيني عصام نصّار انتشار رمز فاكهة البطيخ، مؤكدًا افتقاره إلى الأساس التاريخي أو الدلالة في القاموس الوطني الفلسطيني.[10] ويخلص نصار من أبحاثه لوجود حادثة واحدة، غير موثّقة، لاستخدام فاكهة البطيخ كرد على محاولة النظام الإسرائيلي محو الهوية الفلسطينية أو فرض قيود بحق الرموز الفلسطينية. مشيرًا لأن البطيخ لم يكن على الإطلاق رمزًا واسع الانتشار أو متجذرًا ثقافيًا في الحياة الفلسطينية والعمل الفلسطيني المقاوم. في المقابل، فإن العَلَم الفلسطيني والكوفية ومفاتيح البيوت –التي تشير إلى حق الفلسطينيين في العودة إلى منازلهم– تحظى بمعنى عميق في فلسطين. كما أنها ليست مجرد تمثيل بصري، وإنما تحمل في ذاتها معانٍ عميقة؛ إذ لطالما استُخدمت كتمثيل سياسي وثقافي للنضال الوطني، كما جسدت المقاومة بطريقة تعكس الواقع التاريخي، وتمتلك صدى واسع في الذاكرة الجمعية للشعب الفلسطيني.

وفي هذا السياق، يؤكد كليفورد جيرتز أنه «لا يمكن «حفظ» المعاني سوى في الرموز».[11] وبينما كان جيرتز يقصد الرموز المقدسة؛ إلا أن هذا التشبيه يمكن تطبيقه على الرموز الوطنية أيضًا. وهو يشير هنا إلى أن هذه الرموز تقدم، لمن يقدّرها، تفسيرًا لكيفية سير العالم وطبيعة الحياة العاطفية التي تغذيها والسلوكيات المتوقعة منهم ضمن هذه الرؤية للعالم.[12] مضيفًا «الرموز المقدّسة تضيف وجودًا ماورائيًا وكونيًا للجماليات والأخلاق، وتنبع قوة الرموز الفريدة من قدرتها المُفتَرَضة على منح قيمة للواقع على مستوى أساسي، وتمنح ما هو واقعي بعدًا شاملًا ومعنى أبعد».[13]

انطلاقًا من ذلك، أعتقد أن الفلسطينيين عندما يضحون بأرواحهم وأرزاقهم لرفع علمهم، فإن هذا ليس مجرّد تحدٍّ، بل هو فعل ينتج معنى عميقًا في اتجاهين؛ فالتضحية المبذولة لرفع العَلَم تجذّره في الذاكرة الجمعية رمزًا للكرامة والمقاومة. فيما تكتسب الأرواح المُضحّى بها لرفع العَلَم معنى أعمق في الوقت نفسه، فأولئك الذين يرفعون العَلَم يفتخرون بالدفاع عن كرامة وطنهم ووقوفهم ضد مساعي محو الهوية ومواجهتهم الحيفَ الممنهج. وفي هذه العلاقة المتبادلة، لا يقتصر العَلَم على كونه رمزًا، بل يصبح شهادةً حية على التضحيات ويجسّد المقاومة والنضال المستمرين من أجل التحرير.

بحسب اصطلاح جيرتز، يربط العَلَم بين الوجودي والأخلاقي متشابكًا مع الشعب الفلسطيني نفسه والتزامه الأخلاقي بمقاومةَ التهجير والحفاظ على الكرامة الجماعية. يعكس العَلَم، باعتباره علامةً وجودية، الهوية الفلسطينية والنضال الفلسطيني من أجل تقرير المصير. ويجسد، باعتباره رمزًا أخلاقيًا، الحتمية الأخلاقية لمواجهة عنف المستعمر ومقاومة محو الهوية وتكريم التضحيات المبذولة من أجل العدالة والحرية. بهذا المعنى، فإن العلم ليس مجرد قطعة قماش أو علامة بصرية، إنما هو تعبير حي وأخلاقي عن مقاومة الشعب الفلسطيني ونضاله من أجل التحرير، فضلًا عن دلالته على ارتباط الفلسطينيين الوثيق بأرضهم وتاريخهم.

على الجانب المقابل، تبرز فاكهة البطيخ باعتبارها رمزًا خارجيًا، اختاره وروج له المتضامنون في الغرب وليس الفلسطينيون أنفسهم. وعلى عكس العلم الفلسطيني أو الكوفية أو المفتاح الذي يرمز إلى حق العودة –وهي رموز نابعة من تضحيات الفلسطينيين ومتجذّرة في النسيج الثقافي للهوية الفلسطينية؛ لا يمتلك رمز البطيخ أي صدى تاريخي أو عاطفي لدى الفلسطينيين. فهو لم يرتبط بأعمال التحدي أو تجارب المقاومة، إذ لم يُضحِّ أي فلسطيني بحياته ليرفع لافتة عليها قطعة بطيخ، كما أنه لا يشكل رمزًا يحمل ثقل ذاكرة السابقين أو الأهمية الثقافية. وباتّخاذ البطيخ رمزًا للتضامن، يفرض الحلفاء الدوليون، بغير قصد، سرديةً خارجية تتجاهل الواقع الفلسطيني، وتقلل من شأن نضالهم، وتُبعِد حركتهم عن الرموز الأصيلة التي لطالما شكلت جزءً لا يتجزّأ من المقاومة الفلسطينية ضد مساعي الاحتلال لمحو هويتهم. بهذا المعنى، لا يمكن لرمز البطيخ التعبير عن عمق التجارب الفلسطينية، كما أنه يهدد بالتعتيم على جوهر النضال الفلسطيني من أجل العدالة والكرامة والتحرير.

رمز البطيخة: شكل من الهيمنة الثقافية؟

في وجهة نظر بعض المؤيدين، قد يبدو أن استخدام البطيخ بديلًا للعلم الفلسطيني أمرًا غير مؤذٍ ومبتكر؛ بينما في واقع الأمر قد يثير  تبنيه مخاوف بالغة بشأن دوره في تعزيز الهيمنة الاستعمارية والمساهمة في محو الهوية الفلسطينية الأصلية. واستنادًا إلى نظرية أنطونيو جرامشي بشأن الهيمنة الثقافية، يستكشف هذا القسم كيف يمكن لرمز البطيخ، رغم ظهوره في البداية في إطار حركة مناهضة للهيمنة؛ التوافق، عن غير قصد، مع القوى المهيمنة ذاتها الساعية لمحو الهوية الفلسطينية وتقويض مقاومة الفلسطينيين ونضالهم من أجل التحرير.

في كتابه دفاتر السجن، يقدم جرامشي إطارًا قيمًا لفهم ديناميات السيطرة الثقافية والمقاومة في السياق الفلسطيني. إذ يوضح جرامشي كيفية الحفاظ على الهيمنة عندما تتشرّب الطبقاتُ الخاضعة قيمَ الطبقة الحاكمة ومعاييرها وأفكارها، فتتحول تدريجيًا إلى العرف السائد. ويوضح أن «السيطرة الاجتماعية تتخذ شكلين أساسيين: فإلى جانب التأثير على السلوك والاختيار خارجيًا، بالترغيب والترهيب، تتأثر الطبقات الخاضعة داخليًا أيضًا، بصياغة القناعات الشخصية كنسخة طبق الأصل عن المعايير السائدة». وتستند هذه «السيطرة الداخلية» إلى الهيمنة، التي تشير إلى نظام ذي لغة اجتماعية أخلاقية مشتركة، إذ يهيمن مفهومٌ واحد للواقع، ويشكل بروحه أنماط التفكير والسلوك كافة.[14] ويضيف جرامشي إن الهيمنة تنطوي على استخدام الوسائل الثقافية لصياغة المعايير والقيم والرموز المجتمعية بأشكال تعزز مصالح المجموعة المهيمنة. إذ أن هذه الهيمنة الثقافية لا تتحقق بالقوة والإكراه فحسب؛ بل بصياغة الإيديولوجيات التي تجعل ما هو سائد يبدو طبيعيًا ولا مفر منه، بل ومرغوبًا فيه.[15] إذا الهيمنة «هي تغلُّب طبقة أو فئة على الطبقات الأخرى بالتراضي، وليس بالإكراه».[16]

في سياق الاستعمار الاستيطاني، مثل الاستيطان الصهيوني في فلسطين، لا تُمارَس الهيمنة بأعمال الإبادة الجماعية والتهجير القسري فحسب، وإنما أيضًا من خلال محو الهوية الثقافية وفرض السرديات الاستيطانية التي تسعى لإعادة كتابة تاريخ المكان. في كتابه الاستعمار الاستيطاني وإقصاء الهوية الأصلية، يقول باتريك وولف أن الاستعمار الاستيطاني هو بُنية، لا حدث، وبالتالي، فهو ينتج عمليةً مستمرة تهدف لإزالة السكان الأصليين من الوجود لتمهيد الطريق أمام مجتمع الاستيطان. في سياق الاستعمار الصهيوني في فلسطين، لا تقتصر العملية على غزو الأراضي، بل تمتد أيضًا لمحو الجوانب الثقافية والتاريخية والرمزية للهوية الفلسطينية.

ضمن هذا الإطار، يمكن رؤية رمز البطيخ كمشاركة خفيّة في العملية الاستيطانية. فعبر التركيز على رمز يفتقر للجذور في الثقافة والمقاومة الفلسطينيتين؛ قد تتماشى حركة التضامن الدولية، بغير قصد، مع قوى الاستيطان المهيمنة. إذ أن تبني البطيخ رمزًا، بدلًا من تحدي محو الرموز الفلسطينية؛ يساهم في هذا المحو بإتاحة تقديم رمز أكثر ليونة وأقل مواجهةً، ولا يمثل عقبةً في وجه المشروع الاستيطاني لتحييد البعد السياسي العميق للمقاومة الفلسطينية.

يقول جرامشي إن «كل علاقة «هيمنة» هي بالضرورة علاقة تعليم، لا تقتصر على الدولة وحدها، أو بين القوى المتنوعة التي تتكون منها الدولة؛ وإنما تمتد إلى المجال الدولي والعالمي أيضًا، لتتضمن التفاعلات بين  مجمعات الحضارات الوطنية والقارية».[17] مؤكدًا أن الرموز الثقافية تعد أدوات قوية للحفاظ على الهيمنة ومقاومتها. وبالتالي، يساهم استخدام البطيخ رمزًا لتضامن الداعمين الدوليين، لاسيما الغربيين منهم، في «عملية تؤدي إلى إنتاج السيطرة وإعادة إنتاجها، أو تحولها».[18] إذ أن رمز البطيخ قد يتحول إلى أداة لاحتواء الثقافة وتخفيف أثر الرموز الوطنية ذات المعنى العميق؛ بدلًا من تعزيز الرموز التي تعبّر عن النضال الفلسطيني.

في حالة فلسطين، سعت قوى الاستيطان المهيمنة بشكل منهجي إلى محو وتحييد الهوية الفلسطينية. ليس فقط من خلال الممارسات العلنيّة والواضحة المتمثلة في التطهير العرقي (القائم) والتهجير القسري اللذين يتعرض لهما الفلسطينيون، وهدم المنازل والقتل وقطع الأرزاق؛ ولكن أيضًا من خلال أشكال أكثر دقة لطمس الهوية الثقافة، من بينها تجريم رفع العَلَم الفلسطيني وتقييد استخدام اللغة العربية والسرديات والتاريخ والاستيلاء على الرموز الفلسطينية أو تحييدها.

ورغم احتمالات حسن النية، فإن استخدام البطيخ رمزًا في النشاط الدولي يُعرّض حركة التضامن الدولية لخطر المشاركة في إطار الهيمنة هذا. فمن خلال إعلاء شأن رمز لا صلة تاريخية له بالمقاومة الفلسطينية، قد ينال الداعمون الدوليون، وحركة التضامن الدولية، عن غير قصد، من الرموز المتجذرة في الهوية الفلسطينية، والتي ناضل الفلسطينيون أنفسهم للحفاظ عليها. بناءً على رؤية جرامشي، يمكن اعتبار رمز البطيخ وسيلةً لاستيعاب وتشويه الجوانب الأكثر حدةً ومواجَهةً من المقاومة الفلسطينية، بما يسهّل على الحركات الدولية التعبير عن تضامنها دونما الانخراط في تحدي واقع الاستيطان والفصل العنصري والتطهير العرقي.

مفهوم جرامشي للهيمنة الثقافية مفيد جدًا في فهم كيفية استيلاء القوى المسيطرة على الرموز وتحويل معناها لتحييد المقاومة. وإذا كانت رموز مثل العَلَم الفلسطيني ومفتاح المنزل هي رموز مناهضة للهيمنة، بتعبيرها عن النضال الفلسطيني من أجل تقرير المصير وحق العودة؛ فإن رمز البطيخ، على النقيض من الرمزين المذكورين، يفتقر للثّقل السياسي، فهو رمز أكثر ليونة وحيادية بما قد يجذب الجمهور في الغرب؛ لأنه يتجنّب المواجهة السياسية المباشرة التي تستدعيها الرموز الفلسطينية الأصلية. ففي المحصلة، ليس البطيخ سوى فاكهة!

وبالتالي، يكشف استخدام البطيخ رمزًا للتضامن، لاسيما في السياقات الدولية، كيفية استيلاء الهيمنة الثقافية، بشكل خفيّ، على المقاومة. وباستخدام البطيخ رمزًا أكثر حيادًا و«محببًا»، تتعرض حركة التضامن العالمية لخطر الوقوع في فخ تخفيف حدة البعد السياسي للنضال الفلسطيني. باصطلاح جرامشي، ما نراه حاليًا هو أحد أشكال الاستيلاء الثقافي، إذ يتم التشويش على رموز المقاومة الفلسطينية واستبدالها برموز تلقى قبولًا أكبر لدى الجمهور الدولي، الذي قد لا يشعر بالارتياح إزاء الرسائل السياسية الصريحة التي تترافق مع رفع العَلَم الفلسطيني أو استخدام رموز وطنية قوية.

البطيخ كأداةً لنزع التسييس: إشكالية التضامن «المحبب»

يكشف تبني رمز البطيخ في الغرب عن مشكلة أساسية في مساعي التضامن الدولية، وهي الميل إلى تبسيط النضالات المعقدة أو نزع تسييسها. فمن خلال استخدام رمز «محبب» أو غير عدائي، مثل فاكهة البطيخ، قد تساهم حركة التضامن الدولية، بغير قصد، في تحويل النضال الفلسطيني إلى نضال جماليّ شكليّ، بدلًا عن التعبير عنه كنضال سياسي عميق وصراع وجودي ضد الاستعمار والإبادة الجماعية. ويشكل نزع التسييس عنصرًا حاسمًا في الأساليب التي تتبعها قوى الهيمنة، ومن خلال جعل النضال الفلسطيني أكثر استساغةً؛ تُعرِّض الحركات العالمية نفسها لخطر المساهمة في حرمان هذا النضال من أهميته ومن هول المشكلات التي يجابهها الشعب الفلسطيني.

تكمن المشكلة في تبني البطيخ رمزًا في كون ذلك ينزع التسييس عن القضية؛ إذ تتعرض الحركات الدولية –من خلال التعبير عن النضال الفلسطيني برمزٍ يفتقر إلى العمق التاريخي والصدى السياسي– لخطر المشاركة في نشاط شكليّ عوضًا عن تقديم الدعم السياسي الحقيقي. إن اختيار البطيخ رمزًا، بدلًا من الرموز الفلسطينية الأصيلة، ليس خيارًا «بريئًا»، إنما هو خيار يعكس تفضيل نسخة للتضامن أكثر جاذبية من الجانب الجمالي، ويسهل على الجمهور الغربي تقبلها. تتوافق هذه النزعة مع مصالح قوى الهيمنة الساعية لتحييد المقاومة والاستيلاء عليها، وتحويلها إلى سلعة يمكن استهلاكها بسهولة دون تحدي العنف الممنهج وواقع الاستيطان العصيب الذي يجابهه الفلسطينيون.

بالإضافة إلى ذلك، فإن اعتماد رمز أقل صدامًا من شانه التعتيم على التداعيات الحقيقية للنضال الفلسطيني من أجل التحرير. فالرموز الفلسطينية الراسخة تحمل وزن تجربة الفلسطينيين وتضحياتهم والنضال الجماعي من أجل التحرير، وهي ليست مجرد تعبيرات ثقافية، وإنما رموز سياسية فاعلة للتحدي ومواجهة المحو والحرمان. على الجهة المقابلة، رمز البطيخ هو رمز سلبي يعجز عن التعبير عن المعركة الوجودية من أجل الأرض والسيادة وحق العودة. وباستبدال الرموز الأساسية بفاكهة، تتحول السردية من التحرر من الاحتلال والعدالة، إلى نسخة معقّمة ومُسلّعة للمقاومة تفتقر إلى المعنى الراديكالي.

يؤدي نزع التسييس إلى شكل من أشكال «التضامن الجماليّ»، حيثما تُمنَح الأولوية لمظاهر الدعم وليس للدعم السياسي الفاعل. وبينما يتيح هذا الأمر للناشطين الدوليين الانحياز إلى القضية الفلسطينية بشكل مريح ولا يعرضهم للخطر؛ إلا أنه في الوقت ذاته يُهمل واقع الإبادة الجماعية والفصل العنصري والتطهير العرقي. لينتج في النهاية شكلًا من التضامن يعبّر عن الدعم ولكنه يعجز عن مواجهة المشكلة الأعمق، المتمثلة في العنف والقمع المنهجيين. من هذا المنطلق، فإن فاكهة البطيخ ليست رمزًا حقيقيًا للمقاومة؛ وإنما أداةً للاحتواء وآلية لتخفيف الحدة السياسية للنضال الفلسطيني، مما يجعله مستساغًا للجمهور الخارجي، ويقلص حدته الراديكالية.

إذا كانت حركة التضامن الدولية ترغب في دعم النضال الفلسطيني من أجل التحرير بشكل فعال؛ يتعين عليها تجاوز النهج الجمالي غير المسيس. إذ يتطلب التضامن الحقيقي تبني الرموز التي ينطوي استخدامها على مخاطر سياسية، والتي تلقى صدى في الواقع التاريخي والثقافي للشعب الفلسطيني. كذا فإن رفض تبسيط النضالات المعقدة حرصًا على الراحة، ومواجهة الواقع القاسي للاستعمار الاستيطاني والعنف الممنهج. بالوقوف مع الرموز المناهضة للهيمنة التي اختارها الفلسطينيون أنفسهم –وهي الرموز التي تجسد إرث التحدي والبقاء والمطالبة بالعدالة؛ من شأنه تمكين النشطاء من مقاومة الاستيلاء على الحركة، والمساهمة بشكل مؤثر في النضال الأوسع من أجل التحرر من الاحتلال وتقرير المصير.

خاتمة: ما وراء البطيخة

يثير استخدام البطيخ رمزًا للتضامن مع فلسطين، لاسيما في أوساط حركات التضامن الدولية، مخاوف جوهرية بشأن طبيعة الدعم الدولي للنضال الفلسطيني. كما تكشف هذه النزعة عن مشكلة أكبر في مساعي التضامن العالمية، وتتمثل في الميل لاستخدام رموز مُبسّطة و«آمنة» تجنّب حامليها جهد التفاعل مع واقع سياسي صعب من العنف الاستعماري. وباختيار رمز البطيخ –الأيقونة التي لا تلقى صدى لدى المقاومة الفلسطينية– يواجه الحلفاء الدوليون خطر تسطيح الطبيعة المعقدة والعميقة سياسياً للنضال الفلسطيني، وتحويله إلى شيء أمن وقابل للاستهلاك.

أيقونات مثل العَلَم الفلسطيني ومفتاح المنزل والكوفية تحمل في ذاتها قوة تاريخية ورمزية واضحة. فهذه الرموز متجذرة في الذاكرة الجمعية، ولا تعبر عن ألم التهجير فحسب، وإنما عن روح المقاومة المتواصلة أيضًا. على عكس رمز البطيخ، الذي روجت له قوى فاعلة خارجية ويفتقر إلى المعنى المتجذر، تتضمن هذه الرموز الأصيلة التجربة التي عايشها الفلسطينيون والتضحيات التي بذلوها، وتجسّد النضال الفلسطيني من أجل العدالة والكرامة والتحرير، وهو نضال وجودي لا يمكن تحويله لمجرد نزعة جماليّة.

يمكن توظيف رمز البطيخ وتضمينه في سرديات الهيمنة التي تعمل على إزالة الطابع السياسي عن المقاومة الفلسطينية وتحييدها. كذا فإن استخدام رموز «محببة» وسهلة الاستيعاب مثل البطيخ، قد يؤدي لخطر الانسجام مع إطار عمل يقلل من المطالب الراديكالية المتمثلة في العدالة والتحرر من الاحتلال بدلًا من تحدي البنى السلطوية المهيمنة. وبهذه الصورة، يتحول رمز البطيخ إلى أداة احتواء تخفف من حدة النضال، وتجعله مستساغًا للجمهور الغربي، الذي قد لا يشعر بالارتياح إزاء الرموز السياسية الصريحة.

يتطلب التضامن الحقيقي تحولًا جذريًا يبتعد عن النهج الجماليّ غير المُسيّس، ويفرض التزامًا راسخًا بالتركيز على الرموز التي اختارها الفلسطينيون أنفسهم، وهي رموز تروي تاريخهم وتعبّر عن معاناتهم الجماعية ونضالهم المستمر ضد المحو. فيما يمثل منح هذه الرموز مكانتها التي تستحقها، اعترافًا بالأبعاد السياسية للقضية الفلسطينية، ومواجهة واقع العنف الاستيطاني بشكل مباشر.

وبتجاوز استخدام رمز البطيخ السطحي، فإن حركات التضامن الدولية لديها فرصة للمشاركة بشكل أعمق وأكثر تأثيرًا في النضال الفلسطيني. ويتضمن ذلك الإقرار بالأهمية السياسية والثقافية للمروز الفلسطينية واحترامها، ومساندتها حتى حينما يكون ذلك الأمر غير مريح أو محفوفًا بالمخاطر. فقط من خلال هذه المشاركة الراديكالية المناهضة للهيمنة، يمكن تحقيق التضامن الحقيقي، ذلك التضامن الذي لا يخفف من قيمة النضال أو يُسلّعه، بل يعزز ويدعم النضال المتواصل من أجل العدالة والتحرير وإنهاء الاحتلال.

هذا المقال كتب في الأصل باللغة الانجليزية لرواق عربي.

مسألة البطيخ ودورها في الهيمنة الرمزية ومحو الهوية الفلسطينية
[1] جرامشي، أنطونيو (1971). مختارات من دفاتر السجن (Selections from the Prison Notebooks). تحرير وترجمة كوينتين هوار وجيوفري نويل سميث. نيويورك. ص 12.
[2] حداد، محمد وأنتونوبولوس، كنستانتينوس وعلي، مريوم (2023). رموز فلسطين (Symbols of Palestine). الجزيرة، 20 نوفمبر. تاريخ الاطلاع 14 نوفمبر 2024، https://www.aljazeera.com/news/longform/2023/11/20/palestine-symbols-keffiyeh-olive-branch-watermelon؛ سيد، أرماني (2024). كيف تحولت فاكهة البطيخ إلى رمز للتضامن مع الفلسطينيين (How the Watermelon Became a Symbol of Palestinian Solidarity). تايم، 20 أكتوبر. تاريخ الاطلاع 14 نوفمبر، https://time.com/6326312/watermelon-palestinian-symbol-solidarity/.
[3] اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الأولى في 8 ديسمبر 1987 وانتهت بتوقيع اتفاق أوسلو في 13 ديسمبر 1993.
[4] حوراني، خالد (2024). هذه ليست بطيخة!. مجلة الدراسات الفلسطينية، العدد 127، سبتمبر 2021. تاريخ الاطلاع 12 نوفمبر، https://shorturl.at/JRXvW.
[5] المرجع السابق.
[6] المرجع السابق.
[7] المرجع السابق الفقرة 1.
[8] المرجع السابق الفقرة 3.
[9] مسلماني، مليحة (2023). البطّيخ علمًا لفلسطين… خيال ضابط إسرائيليّ، عرب 48، 12 ديسمبر ،https://shorturl.at/y0RB4.
[10]المرجع السابق.
[11] غيرتز، كليفورد (1973) تفسير الثقافات: مقالات مختارة (نيويورك: بيسك بوكس)، ص. 127.
[12] المرجع السابق.
[13] المرجع السابق.
[14] فيميا، جوزيف ف (1987). فكر جرامشي السياسي: الهيمنة والوعي والعملية الثورية (Gramsci’s Political Thought: Hegemony, Consciousness, and the Revolutionary Process). نسخة الإنترنت من أكسفورد أكاديميك، 3 أكتوبر 2011. تاريخ الاطلاع 13 نوفمبر 2024، ص 24، https://academic.oup.com/book/5347.
[15] كريهان، كيت (2002). جرامشي والثقافة والأنثروبولوجيا (Gramsci, Culture and Anthropology). مطبوعات جامعة كالفورنيا (بيركلي ولوس أنجلوس).
[16] فيميا، جوزيف ف (1987). ص. 24.
[17] جرامشي، أنطونيو (1971). ص. 350.
[18] المرجع السابق.

Read this post in: English

اظهر المزيد

ياسمين رشماوي

أنثروبولوجية فلسطينية تعمل كباحثة في جامعة أوديسي للعلوم التطبيقية، حيث تركز أبحاثها على الهجرة القسرية وتغير ديناميكيات الأسرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى