دراسات

شرعية الرموز الدينية في قاعات الدراسة البلجيكية: ما المكتوب على الجدران؟

حمل هذا المقال كبي دي إف

خلاصة

شهدت بلجيكا مناقشات مطولة بشأن تواجد الرموز الدينية في المؤسسات التعليمية. ولا يزال الحجاب –بشكل خاص– يثير الجدل. من ناحيتها، وجدت المحاكم البلجيكية، وبشكل متكرر، أن لوائح المدارس تنتهك الحرية الدينية حينما تحظر على الطلاب والمعلمين ارتداء الرموز الدينية. ومع ذلك، لا تزال المدارس تحتفظ بلوائحها المتنازع عليها، وتؤدي الإجراءات القانونية الجارية إلى استنتاجات متضاربة. تبحث هذه الدراسة في كيفية تأثير الجدل البلجيكي حول الرموز الدينية في المؤسسات التعليمية على الحرية الدينية. من أجل إنجاز ذلك؛ ستقوم أولًا بفحص السوابق القضائية في المحاكم البلجيكية، وبُناءً عليه ستقوم الدراسة بوضع السوابق القضائية البلجيكية بجوار قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. كما ستسلط الدراسة الضوء على وجهات النظر المتعارضة بين القضاة الوطنيين والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، مع شرح العواقب المحتملة على بلجيكا. بهذه الطريقة، ستُقيّم الورقة مدى قانونية الحظر العام على الرموز الدينية في المدارس البلجيكية.

مقدمة

شهد التعليم في بلجيكا تحول لافت للنظر خلال العقد الأخير؛ فبينما اعتادت المدارس الحفاظ على تعددية مفعمة بالحيوية، وقبول التنوع الديني في مبانيها، فإنها الآن في الغالب تطبق مبدأ الحياد بشكل صارم. وبالتبعية، صارت مجالس المدارس تحظر على المعلمين والطلاب إظهار معتقداتهم بارتدائهم الرموز الدينية. مثل هذا الحظر أشعل، بشكل متكرر، الجدالات حول نطاق الحرية الدينية، ومن الجليّ أن الجدل وضع العديد من القيم على المحك، مثل التنوع والعلمانية والمساواة بين الجنسين والحق في التعليم والأمن والهوية.

ويواجه القضاة البلجيكيون، بين الفينة والأخرى، هذه المهمة المهيبة المتمثلة في الموازنة بين هذه المصالح، وقاد ذلك إلى استنتاجات متعارضة. إذ تستمر حالة عدم اليقين، وتواصل المدارس حظر الرموز الدينية. تسعى هذه الدراسة إلى تقييم نطاق الحرية الدينية في المدارس البلجيكية؛ عبر اعتماد منهجية البحث القانوني، وتحليل الأحكام ذات الصلة في كلا من الدستور البلجيكي والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. وستقوم الدراسة باستعراض وتحليل وتقييم السوابق القضائية للمحاكم البلجيكية والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. ومن أجل فهم السوابق القضائية بشكل جيد؛ سيلخص الفصل الأول بنية النظام التعليمي في بلجيكا.

ونظرًا لأن معظم الأدبيات البلجيكية إما باللغة الفرنسية أو الهولندية؛ ترجم المؤلف الاقتباسات الواردة في هذه الدراسة إلى اللغة الإنجليزية مع الإشارة إلى المصادر الأصلية. علاوةً على ذلك، فإن الدراسة ستركز على الحجاب في ضوء معالجتها للرموز الدينية بشكل عام. ففي النهاية، وكما لاحظ قاض بلجيكي، غالبًا ما يركز الجدل بشكل متحيّز على حجاب المسلمات.[1] ولا تتضمن “الرموز الدينية” التي تتناولها الدراسة النقاب أو البرقع، حيث أن الملابس التي تغطي الوجه محظورة في بلجيكا.

وأخيرًا، فإن بعض المدارس تحظر غطاء الرأس بشكل غير مباشر بزعم المظهر الملائم، وهكذا تحظر فعليًا ارتداء، على سبيل المثال، كيباه اليهود وعمامة السيخ وحجاب المسلمات. وتحظر مدارس أخرى بشكل مباشر أي زي ديني، بما يشمل الرموز الأقل وضوحًا مثل الصليب المسيحي ونجمة داود أو كف فاطمة. لأن الحظر غير المباشر يؤثر أيضًا على الحرية الدينية؛ فإن هذه الدراسة تفهم “حظر الرموز الدينية” بأنها تشمل المحظورات المباشرة وغير المباشرة.

المشهد التعليمي في بلجيكا

حروب المدارس

ساهمت ديناميتان تاريخيتان في تكوين بنية النظام التعليمي البلجيكي. وليس من قبيل المصادفة أن الدينامية الأولى مرتبطة بالمسائل الدينية كذلك. وعلى عكس ما قد يوحي به الاسم، فإن أول وثاني حرب مدرسية (بالفرنسية: Guerre scolaire؛ وبالهولندية: Schoolstrijd) لم تنطو على عنف جسدي، بل إنها تعلقت بدلًا من ذلك بالجدالات السياسية بين الأحزاب الكاثوليكية والليبرالية. حيث سعى الليبراليون إلى الإطاحة بالوضعية المهيمنة للكنيسة الكاثوليكية على التعليم، بينما أراد الكاثوليك دعم المدارس الكاثوليكية الخاصة.[2] في نهاية المطاف، وضع الميثاق المدرسي لعام 1958 حدًا للعداء بين الطرفين عبر الفصل بين التعليم العام والتعليم المجاني.[3]

فيدرالية بلجيكا

ثانيًا، كان هناك أيضًا تأثير لفيدرالية بلجيكا. حيث يتسم التاريخ البلجيكي بصراع لغوي بين الشمال الناطق بالهولندية (فلاندرز) والجنوب الناطق بالفرنسية (فالونيا). وفي محاولة لرأب الصدع بين فلاندرز وفالونيا؛ أُجريت حتى الآن ستة إصلاحات حكومية بين عامي 1970 و2011، ونتج عنها فيدرالية واسعة النطاق في بلجيكا.

في الوقت الراهن تضم الفيدرالية البلجيكية ستة كيانات. وهناك تقسيم إقليمي إلى ثلاث مناطق: المنطقة الفلمنكية ومنطقة فالون ومنطقة العاصمة بروكسل. بالإضافة لذلك، تنقسم المنطقة نفسها عبر الحدود اللغوية إلى ثلاث جماعات: الجماعة الفلمنكية والجماعة الفرنسية والجماعة الألمانية. تعمل الجماعتين الفلمنكية والفرنسية بشكل مستقل داخل المنطقة ثنائية اللغة في بروكسل. ونظرًا لأهمية اللغة في التعليم؛ أصبحت إدارة الشئون التعليمية من اختصاص الجماعات منذ الإصلاح الحكومي الثالث في عام 1989.

خلاصة: ثلاث شبكات مدرسية في ثلاث جماعات

بالتبعية، يتم تنظيم التعليم بشكل مستقل داخل الجماعات الثلاث، حيث يوجد في كل واحدة منها ثلاث شبكات دراسية مختلفة. أولًا، هناك التعليم الذي توفره الحكومة وذلك مباشرةً من الجماعة نفسها.[4] ثانيًا، هناك شبكة تعليمية عامة تحظى بالدعم، حيث يتم تجهيز المدارس من قِبَل المحافظة أو المدينة أو المجلس البلدي. وبالتوازي مع هاتين الشبكتين العامتين، هناك شبكة المدارس المجانية، وهي بالدرجة الأولى مدارس طائفية. حيث أن غالبية المدارس المجانية كاثوليكية، فيما توجد بعض المدارس البروتستانتية والمسلمة واليهودية.

بين الدين والحياد: الجدل مستمر

أدى تقسيم شبكات المدارس داخل كل جماعة إلى حل معظم التوترات التاريخية. إذ يمكن للمدارس المجانية البقاء على أساس طائفي، بينما ينبغي على المدارس العامة تبني موقفًا محايدًا وفقًا للمادة 24 من الدستور البلجيكي.[5] وبرغم ذلك، فإن هذا الحياد لا ينطوي على علمانية صارمة، لكنه يحترم التعددية بدلًا من ذلك؛ حيث يجب على كل مدرسة عامة تسهيل الاختيار بين تعليم واحدة من الديانات الستة المعترف بها[6] بالإضافة إلى الأخلاق.[7]

بالتالي فإن الآباء يتمتعون بحرية اختيار مدرسة بإمكانها تعليم أطفالهم وفقًا لقناعاتهم، وتُعرف حرية الاختيار تلك بالحرية السلبية للتعليم؛ وهي محمية بالقدر نفسه وفقًا للمادة 24 من الدستور.[8]

وبرغم ذلك، فإن الدين يثير الجدل مرة أخرى. فيعتقد البعض أن مبدأ الحياد يجب تطبيقه بشكل أكثر صرامة في مجتمع اليوم ذو الثقافات المتعددة؛ وهو ما نجم عنه حظر الرموز الدينية داخل مباني المدارس. وبرغم ذلك، فإن اللوائح المدرسية التي تحظر ارتداء الرموز الدينية لم تبق دون تحد؛ حيث ذهب الطلاب والمعلمين المتضررين مرارًا إلى المحكمة.

السوابق القضائية البلجيكية بشأن الرموز الدينية في المدرسة

السوابق القضائية لمجلس الدولة

صدر أول قرار بشأن جوهر تلك المسألة قبل أكثر من عقد كامل بوساطة المحكمة الإدارية العليا البلجيكية؛ مجلس الدولة (بالفرنسية: Conseil d’État؛ بالهولندية: Raad van State).[9] إذ أن المجلس بإمكانه تعليق وإبطال أي قرار إداري ينتهك القانون مثل اللوائح المدرسية. ومع ذلك، فإن اللجوء للمجلس له سقف زمني محدد، حيث يجب إيداع الشكاوى في غضون ستين يومًا من تاريخ النشر الرسمي أو الإخطار أو معاينة القرار الإداري. وعلاوةً على ذلك، ينبغي أن يكون لمقدم الشكوى مصلحة تأثرت بالقرار الإداري المطعون عليه.[10]

في عام 2009، اعتبرت معلمة للدين الإسلامي أن قرارًا إداريًا قد أضر فعليًا بمصالحها، حيث كانت تقوم بتدريس الدين في مدرستين ابتدائيتين تابعتين لشبكة الجماعة الفلمنكية GO!. وعلى الرغم من حظر المدارس “التباهي” بالرموز الدينية؛ فإنها منحت استثناءً لمعلمي الدين، وهكذا يصبح بمقدورهم ارتداء الرموز الدينية خلال حصصهم فحسب. بالرغم من ذلك، فإن المعلمة لم تخلع حجابها خارج قاعة الدراسة، ما ترتب عليه فصلها من كلتا المدرستين.

واعتبر المجلس أن فصل المعلمة يعد انتهاكًا للقانون؛[11] فبعد كل شيء، لا يتلاشى الالتزام الشخصي للمعلم عند باب قاعة الدراسة. وفي الوقت ذاته، أقر المجلس بأنه في بعض الحالات يمكن أن يكون حظر الحجاب مبررًا. بالرغم من ذلك، فإن مجلسي المدرستين لم ينجحا في إثبات وجود مثل هذه الضرورة. ونظرًا لعدم إثبات الحاجة لحظر عام؛ أعلن المجلس أن فصل المعلمة مخالف للقواعد.

وكرد فعل، أرسلت شبكة GO! أول منشور دوري في سبتمبر 2009، طالبت فيه المدارس التابعة لها بأن تدرج في لوائحها حظرًا عامًا على الرموز الدينية، ما أدى بدوره إلى سلسلة أخرى من الدعاوى القضائية. وقد ورد في حكم صدر في مارس 2010، أن مجلس الدولة يعتقد –وفقًا للدستور البلجيكي– أن البرلمان هو الجهة الوحيدة التي يمكنها فرض حظر عام على الرموز الدينية.[12] وبرغم ذلك، فبعد إصدار المحكمة الدستورية البلجيكية حكمًا ابتدائيًا، أقر مجلس الدولة أن المنشور لا يشكل نصًا تنظيميًا.[13] فهو يشكّل فقط تعليمات صادرة للمدارس التابعة لشبكة GO!. وبالتالي، لم يتم إبطال العمل بالمنشور الدوري؛ حيث يمكن لمجلس الدولة فقط أن يراجع لوائح كل مدرسة على حدة، وليس المنشور العام الذي تعتمد عليه شبكة المدارس.

وفي ديسمبر2010، أصدر مجلس الدولة لأول مرة قراره في قضية فالون، والتي تتعلق بمعلمة رياضيات في المدارس البلدية لمدينة شارلوروا . حيث خلق حجابها مشكلة لمجلس المدينة، ومنعت السلطات المحلية المعلمة من ارتداء أي رموز دينية. وفي نهاية المطاف، قام مجلس شارلوروا  بفصل المعلمة. وعلى النقيض من قضية 2009 المتعلقة بمعلمة الدين في شبكة الدارس الفلمنكية GO!، أعلن مجلس المدينة أن الحظر في المدارس العامة في شارلوروا قانونيًا.[14]

كان الاستنتاج المختلف ناجمًا عن تشريع الجماعة الفرنسية، التي اعتمدت مرسومًا في عام 1994 لتفسير المبدأ الدستوري للحياد في التعليم العام. وتنص المادة 4 من المرسوم على ما يلي: “أثناء التعامل مع الطلاب، يجب الامتناع عن أي سلوك أو بيان حزبي يتعلق بالمشكلات الأيديولوجية والأخلاقية والاجتماعية ذات الطابع المحلي والتي من شأنها أن تقسم الرأي العام”.[15] واعتبر مجلس الدولة أن الحجاب يُعد موضوعًا للنقاش العام؛ لأنه يؤثر على قيمة ديمقراطية أساسية أخرى وهي المساواة بين النساء والرجال.

في عام 2014، أكد مجلس الدولة على حكمة السابق بشأن معلمي الدين في التعليم العام الفلمنكي.[16] حيث رفضت شبكة GO! تعيين امرأتين مسلمتين في وظيفة معلم دين؛ بسبب ارتدائهما الحجاب. وبالرغم من أن مجلس الدولة في نهاية المطاف رفض الالتماس بسبب الافتقار للمصلحة؛ فإن القاضي أكد أن وظيفة معلم الدين ترتبط بشكل وثيق بالالتزام الشخصي. وعلاوةً على ذلك، اعتبر المجلس أن نزع أي رموز دينية خارج قاعة الدراسة يمكن أن يكون له تأثيرًا سلبيًا على مصداقية المعلم أمام الطلاب وأولياء الأمور.

وفي العام نفسه، أصدر مجلس الدولة حكمين آخرين بشأن طلاب مدارس GO!.[17] يتعلق أحدهما بطالبة من السيخ، بينما يرتبط الحكم الآخر بست فتيات مسلمات. وكان منطق مجلس الدولة متشابهًا في كلا القضيتين، كما كان –وللمرة الأولى– شديد التفصيل ومتوازن. إذ اعتبر القاضي أن حظر الرموز الدينية يقيد بشكل أساسي الحرية الدينية المنصوص عليها في المادة 9 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.[18] وبينما كرر مجلس الدولة أن ظروفًا خاصة قد تستلزم مثل هذا التقييد، فإنه برغم ذلك قام هذه المرة بالإشارة صراحة إلى ثلاثة شروط في المادة 9 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والتي من شأنها السماح بحظر الرموز الدينية: فالحظر يجب أن يكون (1) وفقًا للقيود المحددة في القانون؛ (2) يسعى لتحقيق أحد الأهداف المشروعة الواردة في البند 2 في المادة 9 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان؛ (3) ضروريًا في مجتمع ديمقراطي، بما يعني أن التدابير المقيدة يجب أن تكون ملحة وملائمة ومتناسبة.

وقد وجد مجلس الدولة أن حظر الرموز الدينية قد لبى الشرطين الأولين؛ إذ أن اللوائح المدرسية تشكّل قانونًا بالمعنى الواسع للبند 2 في المادة 9 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، كما أن المدارس تهدف إلى حماية حقوق وحريات الآخرين. الأمر الأكثر أهمية، يتجلى في توضيح القاضي أن الحق السلبي في التعليم لا ينطوي على الحق في مطالبة الأطفال بعدم مواجهتهم زملائهم الطلاب بالرموز الدينية.[19] ويُعد مهمًا بالقدر نفسه رفض القاضي لحجة المساواة بين الجنسين.[20] ووفقًا للمجلس، فإن ارتداء الفتيات للحجاب كان نابعًا من إرادتهن الحرة. فوحده السلوك الذي من شأنه تهديد حيادية التعليم أو حقوق الآخرين، مثل التبشير، هو ما يبرر تقييد الحرية الدينية.

وقاد ذلك إلى إشكالية تتصل بالشرط الثالث. فبينما أقر مجلس الدولة بأن شبكة GO! كانت تسعى وراء هدف مشروع، وجد القاضي أنه لا توجد ظروف معينة تشير إلى حاجة المدرسة لفرض حظر عام على الرموز الدينية لحماية النظام العام أو حقوق الآخرين. وبسبب الافتقار إلى “ضرورة ديمقراطية”، وجد مجلس الدولة أن حظر الرموز الدينية يُشكّل تقييدًا غير مبررًا للحرية الدينية؛ ووفقًا لذلك أسقط أحكام لوائح كلا المدرستين.

بالإضافة إلى ذلك، قدّم مجلس الدولة إضافة مهمة، مفادها أن الحظر العام للرموز الدينية لا يتعارض في حد ذاته مع الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. فبينما يتطلب شرط التناسب في العادة تقييدًا محدودًا؛ أقر القاضي باحتمالية ظهور ما يسمى بــ “نقطة الترجيح” التي يصبح عندها الحظر العام مبررًا.[21] العديد من الظروف يمكن أن تشكّل نقطة الترجيح تلك، مثل الفصل والقمع وعدم تكافؤ الفرص التعليمية.

محاكم أخرى

كانت أحكام 15 أكتوبر 2014 هي آخر قرارات صادرة عن مجلس الدولة فيما يتعلق بالرموز الدينية في المدارس. ومنذ ذلك الحين، أصدرت عدة محاكم مدنية أيضًا قراراتها بهذا الشأن. والسبب الأساسي بسيط: فهناك مهلة قانونية للطعن في القرار الإداري أمام مجلس الدولة. بعد انقضاء هذه المهلة، يصبح بإمكان المرء حينها اللجوء إلى محكمة مدنية. ومع ذلك، هناك فرق مهم بين وقع تأثير حكم صادر عن محكمة مدنية وحكم صادر عن مجلس الدولة. فبينما يمكن لمجلس الدولة إلغاء القرارات الإدارية، فإن القاضي المدني يمكنه فقط إعلان أن قرارًا ما غير قانوني ولا ينطبق على الأطراف المعنية. وهو ما يعني أن القرار نفسه، غير القانوني كما هو محتمل، سيظل في حيز التنفيذ.

الحالة الأولى تتعلق بكلية عامة في مقاطعة لياج، حيث رفعت ست عشرة طالبة قضية أمام محكمة لياج الابتدائية؛ بسبب منعهن من ارتداء الحجاب في الحرم الجامعي. كان استنتاج القاضي مختصرًا ولكن واضحًا: “إن ارتداء الحجاب لا يمثّل عقبة أمام التعلم، كما أنه لا يُعد مصدرًا للتوتر في حد ذاته”.[22] هناك أيضًا حالتان أُخريان تتعلقان بفتيات مسلمات لم يعد بإمكانهن ارتداء الحجاب في مباني مدارس GO!.[23] القضاة توصلوا للاستنتاج نفسه الذي توصلت له محكمة لياج، لم تكن هناك مؤشرات لوجود “ضرورة ديمقراطية”، ما يجعل الحظر العام غير متناسب. وبالتالي؛ قام القضاة بمنع المدارس من فرض الحظر على الطالبات.

على الرغم من ذلك، قامت GO! باستئناف أحد القرارات، وألغت محكمة استئناف أنتويرب القرار الابتدائي. ووافق القاضي، للمرة الأولى، على وجود ضرورة للحظر: “لقد أظهرت الحوادث في مدارس الجماعة أن التعددية المفتوحة لا ترقى لمستوى التحديات التي يطرحها تزايد التنوع في المجتمع. إن ارتداء الرموز الدينية أدى إلى اضطراب في السلام وضغط الأقران”.[24] بصيغة أخرى، لقد افترض القاضي أنه تم الوصول إلى “نقطة الترجيح” التي حددها مجلس الدولة. علاوةً على ذلك، يعتقد القاضي أنه يجب على الطالبات تقديم تنازلات؛ عندما يتعلق الأمر بارتداء الرموز الدينية لحماية المبادئ الدستورية للحياد والحرية السلبية للتعليم. وهكذا وجد أن الحظر يتمتع بالشرعية، وأن على الطالبات الامتثال إلى اللوائح المدرسية مرة أخرى.

تحليل السوابق القضائية البلجيكية

إن النظرة الشاملة للسوابق القضائية وفقًا للتسلسل الزمني تُظهر تردد مجلس الدولة في البداية إزاء معالجة الموضوع، وحدها أحكام عام 2014 تحتوي على استدلال مفصّل. فبينما احتاج مجلس الدولة سنوات عدة لتطوير هذا الاستنتاج، فإن سوابقه القضائية النهائية قاطعة: لم يقبل المجلس حظرًا عامًا على الرموز الدينية للطلاب، وكما لم يستبعد الحكم مستقبلًا بحظر الرموز الدينية، فإنه سلّط الضوء على الطابع الاستثنائي لهذا الحظر المحتمل.[25] إذ يجب ثبوت الأدلة الظرفية أنه قد تم الوفاء بالشروط الثلاثة الواردة في البند الثاني في المادة التاسعة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

الأمر يختلف بالنسبة للمعلمين؛ حيث وافق مجلس الدولة على السماح لمعلمي الدين بإبداء قناعاتهم، شريطة عدم انتهاك حقوق الآخرين. هذا المبدأ ينبع من الموقف نفسه، وهو ما يقتضي التزامًا شخصيًا. وبناءً عليه، لا ينطبق هذا المبدأ على المعلمين في المدراس العامة الناطقة بالفرنسية ممن لا يُدرسون الدين، حيث أصدرت الجماعة الفرنسية مرسومًا.[26] يشير ذلك إلى الفرق بين الجماعتين الفرنسية والفلمنكية، حيث لم يصدر عن الجماعة الفلمنكية أي تشريع مماثل. وفي ضوء المبدأ الدستوري للحياد؛ يبدو أنه من الصعب الدفاع عن حظر إبراز الرموز الدينية على جميع المعلمين في المدارس الفلمنكية.

بالإضافة إلى ذلك، كشفت السوابق القضائية عن ثغرة، ففي منشورها الدوري لعام 2009، أصدرت GO! تعليماتها للمدارس التابعة لها بحظر الرموز الدينية. وعلى الرغم من أن مجلس الدولة قد أعلن بشكل متكرر أن الحظر العام غير متناسب، فإن GO! تشبثت بموقفها. وفي الوقت ذاته، لا يمكن لمجلس الدولة إبطال المنشور الدوري نفسه؛ لأنه لا يشكّل قرارًا إداريًا. تصبح المفارقة أكثر وضوحًا عندما نأخذ في الحسبان أحكام المحكمة المدنية التي تُعد ملزمة للأطراف بشكل حصري. لذلك، يمكن أن تواصل المدارس فرض اللوائح على الطلاب غير المنخرطين في إجراءات التقاضي. إن تعنت GO! ساهم في ترسيخ الالتباس القانوني.

وفي ضوء حكم محكمة استئناف أنتويرب فإنه من غير المحتمل أن تشرع GO! في إعادة تقييم منشورها العام. مع ذلك، فالحكم قابل للنقد. وبينما قبلت المحكمة ضرورة الحظر العام، فإنها لم تشر إلى وقائع بعينها، وبدلًا من ذلك، استغرق القاضي في استخدام لغة مبهمة وفضفاضة مثل “الوقائع” و”الإخلال بالسلام” و”ضغط الأقران”. مع ذلك، يتطلب مجلس الدولة مؤشرات محددة، مثل الشهادات والتقارير؛ لتبرير تقييد إحدى الحريات الأساسية. وبدون تقييم منضبط لملائمة الحظر، فإنه يمكن القول أن محكمة الاستئناف كانت متسرعة في قبول الحظر العام.

وبالتبعية، يظل الالتباس القانوني قائمًا. فبينما أبطل مجلس الدولة بعض اللوائح المدرسية؛ ظلت مدارس أخرى محتفظة بقواعدها. وعلى الرغم من أن المحكمة المدنية ترى عدم قانونية الحظر؛ إلا أنه يمكن للمدرسة أن تقرر ببساطة فرض لوائحها على طلاب آخرين. في خضم الجدل، يجدر بنا ملاحظة أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قد فسرت المادة 9 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. وللتحقق من قانونية أي حظر للرموز الدينية في بلجيكا، فمن المهم دراسة الأحكام الصادرة عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

السوابق القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان

المعلمون في التعليم العام

واجهت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان المسألة للمرة الأولى في عام 2001.[27] حيث كانت السيدة دحلاب، المعلمة في مدرسة ابتدائية عامة في سويسرا، قد اعتنقت الإسلام في عام 1991، وبدأت ارتداء الحجاب منذ ذلك الحين. وفي عام 1996، منعتها السلطات السويسرية من ارتداء الحجاب في المدرسة. وبعد أن صدّق قضاة سويسريون على الحظر؛ قدمت السيدة دحلاب التماسًا إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. ولكن المحكمة وجدت أن طلبها يفتقر بشكل واضح إلى أسس راسخة، ولهذا تم رفض الالتماس؛ لأن الحظر كان يستند إلى أساس قانوني، وخدم هدفًا مشروعًا وكان ضروريًا في مجتمع ديمقراطي. وبشكل خاص، اعتبر القاضي أيضًا أن تلاميذ السيدة دحلاب كانوا في سن يتأثر فيه الأطفال بسهولة أكبر من التلاميذ الأكبر سنًا.[28] وأضاف القاضي: “يبدو أن الحجاب مفروض على النساء وفقًا لتعاليم […] والتي من الصعب أن تكون منسجمة مع مبدأ المساواة بين الجنسين”.[29]

وقد أكدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان هذا الاستنتاج في عام 2006.[30] وذلك حينما خضعت السيدة كورتولموس، الأستاذة في جامعة إسطنبول العامة، للتحقيق التأديبي بسبب حجابها. في نهاية المطاف، فرضت السلطات عليها الاستقالة بسبب فشلها في الامتثال لقواعد الزي. وقد وجدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان مجددًا أن الالتماس غير مقبول؛ لأن مبدأ الحياد في التعليم الحكومي ومبدأ العلمانية يبررا التدبير المتخذ.

الطلاب في التعليم العام

فحصت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان العديد من الالتماسات المقدمة من طلاب. كانت الواقعة الأولى في جامعة إسطنبول، حيث لم يُسمح للسيدة شاهين بارتداء حجابها في الحرم الجامعي. ولم تجد المحكمة أن هناك انتهاكًا للمادة 9 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.[31] وحين تم تقييم ضرورة الحظر في “مجتمع ديمقراطي”؛ أسهب القاضي في شرح التقليد الدستوري للعلمانية في تركيا.[32]

لم يأت هذا التركيز بمحض الصدفة؛ فقد أقرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، في مسألة الرموز الدينية، بأن الدول الأعضاء تتمتع بـ “هامش تقدير”.[33] ويعترف هذا المبدأ بمجال من الاستقلال المحصور للسلطات الوطنية عند تطبيق الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. إن الأساس المنطقي الكامن وراء هذا التقدير هو التوفيق بين التقاليد القانونية والثقافية المتنوعة في أوروبا.[34] إذ يجب على القاضي المحلي معرفة الطريقة المثلى لتحقيق التوازن بين الحقوق الفردية والقيم العامة. ومن الجليّ أن هامش التقدير يتسع عندما لا تتفق الدول الأعضاء على مسألة ما، كما هو الحال في مسألة التعبير العلني عن المعتقد الديني.[35]

ونتيجة لذلك، أكدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان خلاصتها مرارًا. فعندما مُنعت أربعة وتسعون طالبة من ارتداء الحجاب في مدرسة ثانوية تركية؛ أعلنت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان عدم قبول شكواهن.[36] كذلك لم تجد المحكمة ما ينتهك المادة 9 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان في طرد طالبتين فرنسيتين رفضتا نزع حجابيهما في فصول التربية الرياضية.[37] علاوةً على ذلك، أولت المحكمة أهمية مماثلة للتقليد العلماني الفرنسي (اللائكية).[38] بالإضافة إلى سلسلة أخرى من الالتماسات المقدمة من طلاب مسلمين وسيخ ضد فرنسا، اعتبرتها المحكمة أيضًا غير مقبولة.[39]

تحليل السوابق القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان

من الواضح أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قد تبنت موقفًا أكثر صرامة من مجلس الدولة البلجيكي، فالقاضي البلجيكي وافق فقط على حظر إظهار الرموز الدينية للمعلمين، وكان معلمي الدين بمثابة الاستثناء البارز. من ناحية أخرى، يظل الطلاب أحرارًا في ارتداء الرموز الدينية وفقًا لمجلس الدولة؛ شريطة ألا يضروا بحرية الآخرين. في حين أقرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان دائمًا بأن الدول الأعضاء تتمتع ببعض الحرية من خلال هامش التقدير، ويبدو أنها تفضّل الفصل بين الدولة والدين في التعليم؛ فالحرية الدينية الفردية لكل من المعلمين والطلاب تخضع باستمرار لمبدأ الحياد.

وقد تلقت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان انتقادات معقولة بسبب هذا الموقف. أولاً، في قضية دحلاب ضد سويسرا، افترضت المحكمة أن ارتداء الحجاب ربما يكون له تأثير على الأطفال. وفي حالات أخرى، وافق القاضي أيضًا على أن حظر الرموز الدينية يُعد ضرورة لحماية حقوق الآخرين. وبرغم ذلك، لا تتوافر أدلة علمية كافية على أن ارتداء الرموز الدينية، سواء من قِبَل المعلم أو نظرائه يؤثر بالفعل على وجهات نظر الطلاب.[40] فضلًا عن ذلك، لم تعثر المحكمة قط على مؤشرات محددة على أن مقدمي الشكاوى انخرطوا في سلوك مزعج مثل التبشير.

ثانيًا، رصدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان المبادئ الدستورية للعلمانية في تركيا واللائكية في فرنسا. وبرغم ذلك، فإن القاضي لم يفسر قط كلا المفهومين، واعتبر أنهما يعنيان “الحياد” بشكل مجرد. وبالتالي تجاهل القاضي ما أقره بالفعل مقرر الأمم المتحدة الخاص حول الدين والمعتقد في عام 2000: عندما يأتي الأمر للمسائل الدينية؛ فإن الدولة التركية غير محايدة.[41] أيضًا وبشكل مماثل، تجاهل القاضي الدلالات الخاصة باللائكية الفرنسية. حيث إن ترجمتها الشائعة إلى “العلمانية” لا تُلخص المعنى الخاص للكلمة التي تتجاوز الحياد.[42] وبقبولها كلا من تقاليد العلمانية واللائكية التي تبرر حظر الرموز الدينية؛ فإن المحكمة تملصت من النقاش حول معيارية الفصل الصارم بين المجال العام والمجال الديني.[43] مع ذلك، فإن الحجة التي يمكن أن ننتهي إليها هي أن ضمان الوصول المتساوي إلى المجال العام لجميع الأديان؛ يفيد الحرية أكثر بكثير من الفصل الصارم.[44]

ثالثًا، أدى موقف المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إلى تناقض بين سوابقها القضائية المتعلقة بحق أساسي آخر وهو الحق في حرية التعبير في المادة 10 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.[45] فقد أعلنت المحكمة بشكل مستمر أن حظر الحجاب يسعى لتحقيق غاية مشروعة، وهي حماية مشاعر أولئك الذين لا يرغبون في ارتدائه. ومع ذلك، وفيما يتعلق بحرية التعبير؛ أكدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بحزم على أن أي تعبير عن المصلحة العامة لا يمكن تقييده على أساس أنه قد يُمثّل إهانة أو صدمة أو إزعاج.[46] ويلاحظ جن GUNN عن حق أننا “في العادة لا نتوقع من محكمة حقوق الإنسان أن تكترث لحساسيات أولئك الذين لا يحبون التعبير الديني […] أكثر من الحق في إظهار الدين […]”.[47]

وأخيرًا، وجدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أنه من الصعوبة بمكان التوفيق بين الحجاب ومبدأ المساواة بين الجنسين. وهنا أخفقت المحكمة مجددًا في تفسير وجهة نظرها، واكتفت باختزال الحجاب كرمز لقمع بطريركي، وتجاهلت البحث الذي يكشف عن معنى أكثر تركيبًا.[48] في الواقع، بدلًا من كونه رمزًا للقمع، فإن بعض النساء يعتبرن أن ارتداء الحجاب هو تأكيد على كرامتهن أو تعبير عن هويتهن.[49] البعض الآخر يعتبره إعلانًا ضد السياسات المعادية للمسلمين في حقبة ما بعد الحادي عشر من سبتمبر.[50] إن مثل هذا التفسير الانتقائي للحجاب، والعمى إزاء التمييز المتقاطع هو وصمة في سجل محكمة حقوق الإنسان.[51]

في ضوء هذا الانتقاد، أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قرارًا لافت للنظر في قضية لوتسي وآخرون ضد إيطاليا في عام 2011.

لوتسي ضد إيطاليا: تغيير وجهة النظر أم تأكيد الانحياز؟

كملحدة وفية لقناعاتها، لم تقبل السيدة لوتسي أن يذهب ولديها إلى مدرسة عامة إيطالية، حيث يزين الصليب جدران كل قاعاتها الدراسية. حيث رأت السيدة لوتسي أن حريتها في التفكير تعرضت للانتهاك بوساطة نظام تعليمي متحيز.[52] ولم يكن مفاجئًا أنها أشارت إلى السوابق القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وبشكل خاص قضية السيدة دحلاب ضد سويسرا، والتي اعتبرت فيها المحكمة أن قوة الرموز الدينية الخارجية يمكن أن يكون لها تأثيرها على التلاميذ. في البداية، اتبعت المحكمة منطقها الخاص: نظرًا لواجب الدولة في الحفاظ على الحياد في التعليم العام إزاء الطوائف، فإن وجود الصليب في مدارس الدولة ينتهك المادة 9 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.[53]

وبالرغم من ذلك، أثار الحكم اعتراضًا غير مسبوق من الدول الأعضاء، وقامت الدائرة الكبرى للمحكمة بمراجعة القضية، ولم يوافق القضاة السبعة عشر في الدائرة الكبرى على الحكم الابتدائي. وفي تناقض مع التأكيد على أن “الحجاب قد يكون له نوعا ما تأثير تبشيري”[54]، فإن المحكمة هنا لم تعثر على أي دليل على أن إظهار رمز ديني ربما يؤثر على التلاميذ. وبينما أخذت المحكمة في اعتبارها في السابق الآثار المحتملة للحجاب على مشاعر الآخرين؛ فإنها أعلنت في هذا القضية أن “الإحساس الذاتي لمقدم الالتماس” غير كاف في حد ذاته لإثبات انتهاك الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. وقد وافق القضاة أيضًا على أن الصليب لا يرتبط فقط بالدين، بل أيضًا بالهوية والتقاليد الإيطالية. ويقع قرار تخليد مثل هذا التقليد في نطاق هامش التقدير. وقد خلصت الدائرة الكبرى للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إلى أن وجود الصليب هو “رمز سلبي في الأساس” ولا يُمثّل انتهاكًا للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.[55]

وفي محاولة لتفسير التناقض بين هذا الاستنتاج وقضية دحلاب ضد سويسرا، فإن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان وضعت ثلاث اختلافات. أولًا، زعمت أن الصليب “لا يرتبط بتعليم إجباري عن المسيحية”. ثانيًا، أن البيئة المدرسية في إيطاليا مفتوحة على قدم المساواة للأديان الأخرى. وبيّنت المحكمة ذلك بحقيقة أن الطلاب كانوا أحرارًا في ارتداء أي رمز ديني. وأخيرًا، لم تعثر المحكمة على مؤشرات بأن السلطات استبعدت الطلاب الملحدين، أو أن وجود الصليب شجّع على ممارسة التبشير.

مع ذلك، فإن هذه الحجج غير كافية لمحكمة تنظر في قضايا لم يتم التحقيق فيها أبدًا في المقام الأول. ففي القرارات المذكورة آنفًا لم يثبت القاضي وجود تعاليم إجبارية. بدلًا من ذلك، جادلت المحكمة بأن الحجاب جائر، مفترضةً أنه بشكل ما يجب أن يكون مرتبطًا بتعاليم إجبارية. وعلى العكس من مقدمي الالتماسات، الذين اعترفوا بالتنوع والتعددية، فإن الدول الفرنسية والتركية والسويسرية هي من اتخذ تدابير حصرية. ومن خلال المفاضلة غير الملائمة بين قضية لوتسي ضد إيطاليا والسوابق القضائية القديمة؛ أظهرت المحكمة أنها لم تكن تنوي مراجعة وجهة نظرها، وكشفت عن تحيزها السافر.[56]

عودة إلى بلجيكا: ما الدروس المستفادة من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان؟

عند مقارنة السوابق القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان مع القضايا البلجيكية، يمكن لنا إبداء ثلاث ملاحظات. أولا، هناك اختلاف جدير بالملاحظة بين السياقين الفرنسي والتركي من جانب والسياق البلجيكي من جانب آخر. إذ لا يوجد في بلجيكا تقليد دستوري قوي للعلمانية كما هو الأمر في فرنسا وتركيا.[57] ومع ذلك، فمن غير الواضح إلى أي مدى يمكن لذلك أن يؤثر على هامش التقدير البلجيكي في حال وصلت مسألة الرموز الدينية في المدارس البلجيكية إلى ستراتسبورغ.

ثانيًا، نجد في قضية دحلاب ضد سويسرا بعض أوجه الشبه بينها وبين المعلمين الذين لا يُدرّسون الدين في الجماعة الفرنسية. فالجماعة الفرنسية مثل سويسرا لديها تشريع بموجبه يجب أن يظل معلمي المدارس العامة محايدين. وعلى الرغم من أنه يمكن المجادلة بأن إظهار الرموز الدينية لا يمثل بالضرورة عرقلة للحياد، مثل قضية لوتسي ضد إيطاليا، فإن كلا من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ومجلس الدولة البلجيكي يفضلان مبدأ الحياد على الحرية الدينية عندما يتعلق الأمر بالمعلمين الذين لا يدرّسون الدين.

وأخيرًا، فعلى النقيض من النهج التمييزي للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، فإن مجلس الدولة البلجيكي قد طوّر وجهة نظر متسقة أكثر مع القانون الدولي لحقوق الإنسان. وفقًا لوجهة النظر تلك، فإن الحظر العام للرموز الدينية يمكن فقط أن يكون متوافقًا مع الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان في ظروف استثنائية وموثقة جيدًا، عندما تفشل التدابير الأقل تقييدًا في تحقيق أحد الأهداف المشروعة. وتُعتبر قضية لوتسي ضد إيطاليا، وهي الحالة الوحيدة حتى الآن التي طبقت فيها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الاتفاقية بشكل صحيح فيما يتعلق بالرموز الدينية في المدرسة، بمثابة فرصة ضائعة أمام المحكمة لمراجعة نتائجها المعيبة.

خاتمة: ما المكتوب على الجدران؟

حتى الآن لم يتم العثور على حل من شأنه كسر حالة الجمود القانوني في بلجيكا؛ برغم النهج الحقوقي الواضح لمجلس الدولة. ومن غير المحتمل أن يشهد المستقبل القريب طريقًا للخروج من هذا المأزق. فبالإضافة إلى قبول محكمة استئناف أنتويرب لحظر عام على الرموز الدينية في تعليم الجماعة الفلمنكية بدون إعطاء أسباب ملائمة، فإن GO! لديها استئناف آخر معلّق. في هذه الأثناء، يتطلع السياسيون بفارغ الصبر إلى نتيجة.

لا يمثّل هذا مفاجئة؛ حيث قامت الحكومة الفلمنكية المشكلة حديثًا (2019-2024) بإدراج الموضوع على جدول أعمالها. وتهدف اتفاقية ائتلاف الحكومة صراحةً إلى الوصول إلى الحياد في التعليم داخل الجماعة سواء بالنسبة للمعلمين أو الطلاب.[58] وبغرض تحقيق ذلك، أعلنت الحكومة الفلمنكية عن عزمها منح الحظر أساسًا قانونيًا. ومع ذلك، أشاد وزير التعليم الفلمنكي، في 9 يناير 2020، بالحكم الصادر عن محكمة استئناف أنتويرب معتبرًا إياه تطورًا إيجابيًا.[59] وبشكل خاطئ، جادل بأن الحكم قد أنهى حالة عدم اليقين القانوني ولذلك فالخطوات التشريعية ليست ضرورية في الوقت الحالي. على أي حال، يجب على المقترحات التشريعية الصادرة عن الحكومة الفلمنكية احترام الشروط الواردة في البند الثاني من المادة 9 في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. وكما أشرنا سابقًا، من غير المحتمل أن الحظر العام سيفعل ذلك.

لم تعتمد بعد حكومات الجماعات الأخرى وجهة نظر علنية مماثلة. ومع ذلك، فإن حظر الرموز الدينية على كل من المعلمين والطلاب يظل ممارسة سائدة في كلا من المدارس العامة والمجانية في بلجيكا. وتتواتر أسباب الحظر: تجنب ضغط الأنداد، تعزيز المساواة بين الجنسين وحماية النظام العام. في الواقع، يُعتبر التطرف مشكلة ملموسة في المجتمع البلجيكي، وفي هذا الإطار تظل هجمات 22 مارس 2016 كشهادة محزنة.

برغم ذلك، فإن الحظر العام أداة بليدة تخاطر بأن يشعر الناس بالعزلة وتدفعهم للانتقال إلى مدارس أخرى، وبالتالي تعزيز الفصل بين المواطنين البلجيكيين في التعليم. علاوةً على ذلك، فقد يسعى الأشخاص الذين لا يتمكنون من إظهار انتمائهم الديني إلى استخدام حقهم في التعليم وإنشاء مدارسهم المجانية؛ وهو الأمر الذي من شأنه أن يخلق تحدياته الخاصة. علاوةً على ذلك، يتجاهل الحظر الجوانب المتعلقة بالهوية للرموز الدينية. على وجه التحديد، تغامر النظرة الاستشراقية حول المرأة المسلمة المظلومة، بإنكار وجود طالبات يرغبن في ارتداء الحجاب. وفي استطلاع محدود بين 103 فتاة مسلمة وثق وجود إدراكًا سلبيًا لحظر الرموز الدينية في مدارس GO!.[60] ومع ذلك، أوردت اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة في توصياتها بضرورة إجراء بحث أكثر شمولًا حول تأثير الحظر.[61]

لقد تجاهلت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان مثل هذه الاعتبارات، وفي الغالب اعتبرت أن الحظر العام للرموز الدينية قانونيًا. فقط في قضية لوتسي ضد إيطاليا، اتخذت محكمة ستراتسبورغ نهجًا أكثر تساهلًا إزاء الرموز الدينية. لكن للأسف فإن الحكم لم يمثّل علامة على مراجعة المحكمة لوجهة نظرها، بل على التحيز ضد الحجاب والعمامة. وعلى النقيض من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، خلص مجلس الدولة إلى أن الحظر العام على الطلاب ومعلمي الدين يمكن فقط أن يكون قانونيًا لو تم تأسيسه حسب الأصول في ظروف استثنائية. وبالنسبة للمعلمين الآخرين، على الأقل في المدارس العامة التابعة للجماعة الفرنسية، فإن مبدأ الحياد له الأولوية على الحرية الدينية الفردية.

ولم تثن أحكام مجلس الدولة كلا من المدارس العامة والمجانية عن الإبقاء على حظر الرموز الدينية. وقد يكمن الحل في إصدار تشريع واضح يترجم بشكل شامل المبادئ المجردة للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وبرغم ذلك، فطالما نفتقر إلى توافر الإرادة السياسية اللازمة لتطبيق مثل هذا الحل؛ سيستمر التقاضي وعدم اليقين القانوني للأقليات الدينية في بلجيكا. وفي خضم الإجراءات القانونية المتواصلة، يغدو أمرًا جيدًا أن نتذكر الدرس الذي يتردد صداه في الأحكام التي خضعت للتدقيق في هذه الدراسة: “إن التعددية والتسامح وسعة الأفق هي السمات المميزة للمجتمع الديمقراطي”.[62] وقد يؤدي التخلي عن إحدى هذه السمات إلى خسارة البقية.

 

[1] مجلس الدولة. 14 أكتوبر 2014. رقم 228.748 ورقم 228.752. http://www.raadvanstate.be

[2] دي سميل، هنك (2009). التيار اليميني للفلاندرز: الدين وسلوك التصويت في بلجيكا خلال القرن التاسع عشر. لوفين: منشورات جامعة لوفين. (ص ص. 202-203). (بالهولندية).

[3] دفرينت، سيان (2018). الحرية الدينية وحرية التعليم في التعليم العام الفلمنكي: العلاقة بين الأحكام الدستورية الدولية/الأوروبية واللوائح المدرسية. مجلة قانون التعليم والسياسات المدرسية. 4-5. (ص ص. 323-340). (بالهولندية)؛ والبرهومي، ماتياس (2013). الإطار القانوني لحرية التعليم الذي تواجهه السياسات المدرسية. بروكسل: برويلانت. (ص ص. 122-125). (بالفرنسية).

[4] لدى الجماعة الفلمنكية شبكة Gemeenschapsonderwijs وتُعرف اختصارًا بـ (GO!)، وتترجم حرفيًا إلى “تعليم الجماعة”. ولدى الجماعة الفرنسية Wallonie-BruxellesEnseignement وتُعرف اختصارًا بـ (WBE)، أو “تعليم بروكسل الفالوني”. الجماعة الألمانية لديها Gemeinschaftsunterrichtswesen وتُعرف اختصارًا بـ (GUW).

[5] المادة 24 من الدستور البلجيكي. الفقرة 1. https://www.senate.be/doc/const_nl.html

[6] الديانات المعترف بها في بلجيكا هي: الكاثوليكية، الأرثوذكسية، الأنجليكانية، البروتستانتية، اليهودية والإسلام.

[7] البرهومي، ماتياس (2009). حرية التعليم. بروكسل: لاسير. ص57؛ وليفينز، جوهان وجوناس، فيرنمين (2017). عن الحقوق والواجبات والحريات: نظرة قانونية على التنوع الديني في المدارس. (بالفرنسية) https://www.law.kuleuven.be/pub/nl/bestanden/

[8] المادة 24 من الدستور البلجيكي. الفقرة 1. https://www.senate.be/doc/const_nl.html.

[9] جاوموت، جاكوب وإريك ثيبوت (2012). مجلس الدولة البلجيكي. بروكسل: برويلانت. ص 331. (بالفرنسية).

[10] المادة 19 من قانون مجلس الدولة.

[11] مجلس الدولة. 2 يوليو 2009. رقم 195.044. http://www.raadvanstate.be

[12] مجلس الدولة. 18 مارس 2010. رقم 202.039 http://www.raadvanstate.be

[13] مجلس الدولة، 10 يوليو 2012. رقم 220.245 http://www.raadvanstate.be

[14] مجلس الدولة. 21 ديسمبر 2010. رقم 210.000. http://www.raadvanstate.be

[15] المرسوم الصادر في 31 مارس 1994 والذي يُعرّف حياد التعليم في الجماعة. موقع خدمة العدالة الفدرالية العامة. 18 يونيو 1994. (بالفرنسية). https://www.gallilex.cfwb.be/document/pdf/18312_000.pdf.

[16] مجلس الدولة. 5 فبراير 2014. رقم 226.345 ورقم 226.346 http://www.raadvanstate.be

[17] مجلس الدولة. 14 أكتوبر 2014. رقم228.748 ورقم 228.752 http://www.raadvanstate.be

[18] البند الثاني في المادة 9 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. الموقعة في 4 نوفمبر 1950. دخلت حيز التنفيذ في 3 سبتمبر 1953. https://www.echr.coe.int/Documents/Convention_ENG.pdf

[19] مجلس الدولة. 14 أكتوبر 2014. رقم 228.752، الفقرة 36.

[20] مجلس الدولة. 14 أكتوبر 2014. رقم 228.752، الفقرة 37.2؛ وليفينز،جوهان وفريلنيك، جوشام (2019). حظر الرموز الدينية يميط اللثام (مجددًا): حالة التعليم في (الجماعة). مجلة قانون التعليم والسياسات المدرسية. (ص ص. 349-353). (بالهولندية).

[21] المصدر السابق. الفقرة 44.1؛ ومجلس الدولة. 14 أكتوبر 2014. رقم 228.748. الفقرة 66.1.

[22] محكمة لياج الابتدائية. 4 أكتوبر 2016. https://www.unia.be/files/Documenten

[23] محكمة تونجرين الابتدائية. 23 فبراير 2018. https://www.unia.be/files/Documenten؛ ومحكمة لوفين الابتدائية. 27 أغسطس 2019. https://www.unia.be/files/Documenten

[24] محكمة استئناف أنتويرب. 23 ديسمبر 2019.

[25] دي هيرت، بول وكارولين دي جيست (2014). مجلس الدولة يعيد اكتشاف الحقوق الأساسية في حظر الحجاب في GO!. نحو إطار لسياسات “المدرسة تلو الأخرى”. مجلة قانون التعليم والسياسات المدرسية. 5. (ص. 8-11). (بالهولندية)؛  وليفينز، جوهان وجوناس، فيرنمين (2014). معركة الرموز: مجلس الدولة والرموز الدينية في تعليم “الجماعة”. مجلة قانون التعليم والسياسات المدرسية. (ص ص. 4-14). (بالهولندية)؛ وليفينز،جوهان وفريلنيك، جوشام (2019). حظر الرموز الدينية يميط اللثام (مجددًا): حالة التعليم في (الجماعة). مجلة قانون التعليم والسياسات المدرسية. (ص ص. 349-353). (بالهولندية).

[26] المصدر السابق.

[27] المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.15 فبراير 2001. دحلاب ضد سويسرا. رقم 42393/98. https://hudoc.echr.coe.int

[28] المرجع السابق. ص 11.

[29] المرجع السابق. ص 13.

[30] المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. 24 يناير 2006. قضية كورتولموس ضد تركيا. رقم 65500/01. https://hudoc.echr.coe.int

[31] المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. 10 نوفمبر 2005. ليلى شاهين ضد تركيا. رقم 44774/98. https://hudoc.echr.coe.int.

[32] المرجع السابق. ص 116.

[33] تم قبول هذا المبدأ من قبل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لأول مرة في القضية اللغوية البلجيكية في عام 1968.

[34] آغا، بيتر (2017). مقدمة. في بيتر آغا (مُحرر). حقوق الإنسان بين القانون والسياسة. هامش التقدير في سياقات ما بعد القومية (بورتلاند: هارت للنشر)؛ ولتساس، جورج (2006). مفهومان لهامش التقدير. مجلة أكسفورد للدراسات القانونية. 26 (4). (ص ص. 705-732). (بالإنجليزية).

[35] بيري، ستيفاني (2017). الحرية الدينية والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان: هامشين للتقدير. الدين وحقوق الإنسان. 12. (ص ص. 198-209). (بالإنجليزية).

[36] المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. 24 يناير 2006. كوس و 93 آخرون ضد تركيا. رقم 26625/02 https://hudoc.echr.coe.int.

[37] المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. 4 ديسمبر 2008. دوجرو ضد فرنسا. رقم 27058/05 وكرفانسي ضد فرنسا، رقم 31645/04 https://hudoc.echr.coe.int.

[38] المرجع السابق.

[39] المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. 30 يونيو 2009. قضية أكتاس ضد فرنسا. رقم 43563/08؛ وبيرق ضد فرنسا. رقم 14308/08؛ وجمال الدين ضد فرنسا. رقم 18527/08؛ وغزال ضد فرنسا. رقم 29134/08؛ وجاسفير سينغ ضد فرنسا. رقم 25463/08 ؛ ورانجيت سينجف ضد فرنسا. رقم 7561/08. https://hudoc.echr.coe.int

[40] رادايتش، إيفانا (2012). الرموز الدينية في المؤسسات التعليمية: فقه المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. الدين وحقوق الإنسان 7. (ص ص. 133-149).

[41] تقرير مرحلي للمقرر الخاص للجنة حقوق الإنسان بشأن القضاء على جميع أشكال التعصب والتمييز على أساس الدين أو المعتقد. 11 أغسطس 2000. وثيقة الأمم المتحدة A/55/280/Add.1 https://ap.ohchr.org/documents/alldocs.aspx?doc_id=5540

[42] باربييه، موريس (2005). عن تعريف اللائكية الفرنسية. الجدل 134. (بالفرنسية) https://www.diplomatie.gouv.fr/IMG/pdf/0205-Barbier-FR-5.pdf؛ وجن، جيرمي (2004). في ظل الله وليس الحجاب: الأساطير المؤسسة للحرية الدينية في الولايات المتحدة واللائكية في فرنسا. مجلة الكنيسة والدولة. 46 (1). (ص ص. 7-24). (بالإنجليزية)

[43] رادايتش، إيفانا (2012). الرموز الدينية في المؤسسات التعليمية: فقه المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. الدين وحقوق الإنسان 7. (ص ص. 133-149).

[44] روزنفيلد، ميشيل (2011). القانون والعدالة والديمقراطية وصدام الثقافات. (كامبريدج: مطبعة جامعة كامبريدج). (بالإنجليزية).

[45] جن، جيريمي (2008). الرموز المخيفة: الحجاب الإسلامي والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية شاهين ضد تركيا (ورقة مؤتمر)، القانون والأديان 3. (ص ص. 341-367). (بالإنجليزية).

[46] انظر على سبيل المثال: المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. 26 فبراير 2002K ديشاند وآخرون ضد النمسا. رقم 29271/95؛ المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. 13 نوفمبر 2003. سارساش و Verlagsgesellschaft للأنباء ضد النمسا. رقم 39394/9؛ ومجلس أوروبا (2007). حرية التعبير في أوروبا: السوابق القضائية فيما يتعلق بالمادة 10 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان (ستراسبورغ: مجلس أوروبا للنشر).

[47] جن، جيريمي (2008). الرموز المخيفة: الحجاب الإسلامي والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية شاهين ضد تركيا (ورقة مؤتمر)، القانون والأديان 3. (ص ص. 341-367). (بالإنجليزية).

[48] رادايتش، إيفانا (2012). الرموز الدينية في المؤسسات التعليمية: فقه المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. الدين وحقوق الإنسان 7. (ص ص. 133-149).

[49] ليون، داون وديبورا سبيني (2004). إماطة اللثام عن جدل الحجاب. الدراسات القانونية النسوية. 12. https://link-springer-com.kuleuven.ezproxy.kuleuven.be/article/10.1007/s10691-004-4991-4؛ وأبو عودة، لاما (1993). النسوية ما بعد الكولونيالية والحجاب: التأمل في الاختلاف. المجلة النسوية 43. (ص ص. 26-37). (بالإنجليزية).

[50] رادايتش، إيفانا (2012). الرموز الدينية في المؤسسات التعليمية: فقه المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. الدين وحقوق الإنسان 7. (ص ص. 133-149).

[51] يعني التمييز المتقاطع أن الممارسات التمييزية تستند إلى العديد من الخصائص الشخصية أو تعدد الهويات. وهذا يعني أن المرأة المسلمة يمكن أن تواجه شكلا فريدا من أشكال التمييز يختلف عن “التمييز ضد المسلمين” أو “التمييز ضد النساء”. انظر كرينشو، كيمبرلي (1989). إعادة الاعتبار للتقاطع بين العرق والجنس: نقد النسوية السوداء لمذهب مناهضة التمييز. النظرية النسوية وسياسات مناهضة التمييز. المنتدى القانوني لجامعة شيكاغو. 1 (ص ص. 139-167). (بالإنجليزية)؛ وتيغروجا، هيلين (2019). ارتداء الرموز الدينية: التمييز المتقاطع وتدخل الدولة في حرية إظهار الانتماء الديني. فصلية لحقوق الإنسان. 118، (ص ص.411-414). (بالفرنسية)

https://www-jurisquare-be.kuleuven.ezproxy.kuleuven.be/en/journal/revtrimdrh/index.html.

[52] المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، 18 مارس 2011. لوتسي وآخرون ضد إيطاليا. رقم 30814/06، الفقرة 45 https://hudoc.echr.coe.int.

[53] المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، 18 مارس 2011، لوتسي وآخرون ضد إيطاليا، رقم 30814/06، الفقرة 30 https://hudoc.echr.coe.int

[54] المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.15 فبراير 2001. دحلاب ضد سويسرا. رقم 42393/98 https://hudoc.echr.coe.int

[55] المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. 18 مارس 2011. لوتسي وآخرون ضد إيطاليا. رقم 30814/06. الفقرة 72 https://hudoc.echr.coe.int

[56] رادايتش، إيفانا (2012). الرموز الدينية في المؤسسات التعليمية: فقه المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. الدين وحقوق الإنسان 7. (ص ص. 133-149).

[57] محكمة لوفين الابتدائية. 27 أغسطس 2019. https://www.unia.be/files/Documenten

[58] (2019). اتفاقية ائتلاف الحكومة الفلمنكية 2019-2024، ص. 25 (بالهولندية) https://www.vlaanderen.be/publicaties

[59] لجنة التعليم. اجتماع 9 يناير 2020. سؤال وجه إلى وزير التعليم بن ويتس حول الحياد في التعليم (بالهولندية). https://www.vlaamsparlement.be/commissies/commissievergaderingen/1353785/verslag/1357252.

[60] بكير،كوثر (2018). تأثير حظر الحجاب على المراهقات المسلمات. (بالهولندية) https://www.scriptiebank.be/scriptie/2018

[61] اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة (2014). ملاحظات ختامية بشأن الاستعراض الدوري الشامل السابع لبلجيكا. (بالإنجليزية). CEDAW/C/BEL/CO/7

[62] المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. 10 نوفمبر 2005. ليلى شاهين ضد تركيا. رقم 44774/98. الفقرة 108. https://hudoc.echr.coe.int؛ ومجلس الدولة. 14 أكتوبر 2014. رقم 228.752. الفقرة 44.1؛ ومحكمة لوفين الابتدائية. 27 أغسطس 2019، https://www.unia.be/files/Documenten

Read this post in: English

اظهر المزيد

سيدريك دهونت

سيدريك دونت هو حقوقي سابق في مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ومتدرب كمحامٍ في السجل القانوني في بروكسل. يحمل درجتي ماجستير: واحدة في القانون من جامعة لوفان الكاثوليكية (KU Leuven)والأخرى في الديمقراطية العربية وحقوق الإنسان من جامعة القديس جوزيف في بيروت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى