الإشارة المرجعية: عبد الصادق، توفيق (2021). واقع ومستقبل الإصلاحات بالمغرب 2011-2021: دراسة حول موضوع السلطة. رواق عربي، 26 (1)، 55-66. https://doi.org/10.53833/FMGR9223
خلاصة
نبحث في هذه الورقة تجربة المغرب السياسية كحالة وصفت بالتجربة الهادئة والإصلاحية، مقارنةً مع تجارب الانتفاضات الأخرى والتي كانت أكثر جذرية وثورية، سواء أكان ذلك من خلال تجارب الموجة الأولى بالعام 2011 (تونس–مصر–سوريا–اليمن) أو من خلال تجارب الموجة الثانية سنة 2019، خاصةً حالتي السودان والجزائر. وتهدف الورقة إلى تفكيك تجربة الإصلاح الدستوري والسياسي بالمغرب خلال الفترة الممتدة بين 2011 وحتى 2021، مركزةً على موضوع السلطة وكيفية صناعة القرار وسط دواليبها. توظف الدراسة إطار نظري يعتمد على أدوات التحليل المؤسساتي وتقاطعاته مع المقاربة الدستورانية ومدخل النخب؛ بهدف تفكيك بنية السلطوية وضبط معيارية التحولات السياسية والديمقراطية. شرح وتفسير وضع حالة الإصلاح بالمغرب سيتم وفق منهجية تزاوج بين زاويتين، الأولى، تستند على منطوق الوثيقة الدستورية لسنة 2011، والثانية تنطلق من أساس السياقات التاريخية والسياسية لتشكل السلطة واستمراريتها في المغرب. في النتيجة، الدراسة حاججت عن طرح غياب الإصلاح في موضوع السلطة وفق مستويات صناعة القرار وتجديد النخب ودورانها، لأن مخرجات هذا الإصلاح بقيت في حدود ضيقة، ومساره جرى في ظل نطاق توجهات النظام السياسي وقراءته لمتغيرات المرحلة.
مقدمة
لا يزال البحث في موضوعات الديمقراطية ومخططات الإصلاح والتغيير السياسي داخل بيئة المجتمعات العربية، يثير الكثير من السجالات والجدالات البعيدة عن متطلبات التفكير العقلاني والحجج المعرفية، وقد زادتها حدة أحداث ما سمي بــــ«الربيع العربي»، منذ سنة 2011 وحتى حدود اليوم مع الذكرى العاشرة 2021. نتيجة مألات أحداثه وتجاربه السياسية، وفشل أغلب الانتفاضات والثورات المنطلقة في خضمه، ما رفع من وتيرة المواقف والطروحات السياسية والأيديولوجية، وحَجَّم من أهمية الدراسات والأبحاث الأكاديمية.
هذا الأمر، وبقدر ما قد يدفع البعض للقول بأن الموضوع أضحى متجاوزًا وأصبح من الماضي، يجده البعض الأخر أكثر جدوى معرفيًا وبالغ الأهمية واقعيًا. بالنظر لارتباطه وتغطيته لمفصل مهم من تاريخ وحياة المجتمعات العربية المعاصرة، ولأن زخم الفعل الاحتجاجي والثوري في المنطقة، والذي أزاح حكام من السلطة ودفع أخرين للإصلاح من جهة، وأسفر عن توطيد مزيد من السلطويات بالجهة المقابلة، لا يجب أن يُقاس كخط مستقيم، بل في خضم الصيرورة التاريخية للفعل الثوري والعمل الثوري المضاد.[1]
يتناول موضوع دراستنا تجربة المغرب كحالة وصفت بالتجربة الهادئة والإصلاحية، مقارنةً مع تجارب الربيع الأخرى والتي كانت أكثر جذرية وثورية، سواء مع حالات الموجة الأولى في العام 2011 (تونس–مصر–سوريا–اليمن) أو من خلال تجارب الموجة الثانية سنة 2019، خاصة حالتي السودان والجزائر. وتسعى الورقة لمحاولة تفكيك تجربة الإصلاح الدستوري والسياسي بالمغرب خلال الفترة الممتدة بين 2011 وحتى 2021، مستهدفةً موضوع السلطة وكيفية صناعة القرار، وهذا ما يستدعي بالدرجة الأولى البحث عن المكانة التي تتمتع بها المؤسسة الملكية، باعتبارها ركنًا أصيلًا في بنية السلطة، وعنصرًا محوريًا في تشكيل النسق السياسي. لنبحث بعد ذلك عن أبعاد العلاقة التي أفرزتها مخرجات احتجاجات حركة 20 فبراير 2011، من حيث المساحة والأدوار الممنوحة لمؤسسة الحكومة ولمشاركة حزب العدالة والتنمية في السلطة، باعتباره حزب سياسي ينتمي للحركة الإسلامية، جاء وصوله في سياق إقليمي اتسم بصعود الإسلاميين إلى الحكم –مصر وتونس تحديدًا– من جهة، ونتاجًا لصناديق الانتخاب من جهة أخرى.
شرح وتفسير وضع حالة الإصلاح بالمغرب، سيتم وفق منهجية تزاوج بين زاويتين للتحليل، الأولى تستند على منطوق الوثيقة الدستورية لسنة 2011، والثانية تنطلق من أساس السياقات التاريخية والسياسية لتشكل السلطة واستمراريتها في المغرب منذ حقبة الاستقلال سنة 1956 ومرور أكثر من عقدين على تولي الملك الحالي محمد السادس عرش المملكة (2021-1999).
توظف الدراسة إطار نظري يتسق مع الموضوعات التي ينتمي إليها الفكر الإصلاحي والدستوري وحكم القانون والمؤسسات، وهذا ما يتطلب البحث ضمن المجال الأوسع وداخل البيئة المنتجة لهذه الأفكار، والمقصود هنا وبالضرورة ضمن مجال مفهوم الدولة وتعدد أشكالها.[2] وكذلك ضمن بنية السلطة في المجتمعات غير الديمقراطية، ولطرق استدامة أنماط الحكم السلطوي، سواء مع حكم الزعيم والحزب الأوحد، أو في ظل وجود عملية انتخابية وتوفر أحزاب سياسية.[3] كما أننا ننطلق في دراستنا من مفهوم للإصلاح، باعتباره «تعديل أو تطوير غير جذري في شكل الحكم السياسي أو العلاقات الاجتماعية المبنية على ممارسة السلطة أو التماس معها».[4]
في هذه الورقة سنبدأ بتقديم موجز للإطار النظري، على أن نتبع ذلك بتقسيم البحث إلى أربعة محاور أو عناوين كبرى، الأول: نقدم فيه جزءً من أهم نتائج الدراسات وأبرز الطروحات النظرية ووجهة نظر أصحابها، فيما يخص مسألة الإصلاح السياسي بالمغرب خلال العقود الثلاثة الماضية على الأقل. المحور الثاني: سنوضح من خلاله واقع إصلاحات سنة 2011 وعلاقتها بموضوع السلطة، وكيف أن هذه الأخيرة بقيت حكرًا وتحت سيطرة الملك. وفي المحور الثالث: سنفصل في صلاحيات وأدوار مؤسسة الحكومة ولحدود التماس والتضاد بين الإرادة الانتخابية والإرادة السلطوية. أما المحور الرابع والأخير: فسنحاول من خلاله استشراف مألات ومستقبل تجربة الإصلاح في حالة المغرب.
الإطار النظري للدراسة
إن مسألة الحكم السلطوي المترافق مع وجود عملية انتخابية وتوفر تعددية الأحزاب سياسية، يمكننا القول عنه أنه يندرج في خانة السؤال الكبير الذي طرحه العديد من الباحثين منذ أمد بعيد ولا يزال يطرح حتى اليوم، لا سيما في المنطقة العربية وبعض البلدان الأخرى، وهو لماذا يحكم الحكام غير الديمقراطيين مع المؤسسات الديمقراطية، مثل الهيئات التشريعية والأحزاب السياسية؟
الجواب عن هذا السؤال في تصور الباحثة الأمريكية في علم السياسة جينيفر غاندي يكمن في أن «هذه المؤسسات الخاضعة للدكتاتورية هي بمثابة المظلة التي تحجب الشمس أو الرداء الذي يغطي ضوء النافذة»، وبأن جزء من المشكلة يرجع إلى طرق الحكام الديكتاتورية المبتكرة تمامًا، في كيفية تنظيم حكمهم مع مؤسسات ديمقراطية إسميًا، مثل المجالس التشريعية والأحزاب السياسية. لكن غاندي، تبدي إدراكها لأهمية المؤسسات ووظيفيتها، عندما تقول، بأن هذا الفهم للهيئات التشريعية والأحزاب غير الديمقراطية بلا معنى في ضوء نهج مقاربة «المؤسسية الجديدة»، والتي تعتبر المؤسسات بشكل عام ليست بالظواهر الناشئة عشوائيًا. بل إنها تبنى عن قصد لتعزيز أهداف الجهات السياسية الفاعلة، سواء بهدف حل مشاكل معينة تحول دون تحقيق نتائج أكثر كفاءة، أو لترسيخ قوة التوزيع، أو للبقاء في المنصب، أو لتحقيق أي شيء آخر.[5] وفي الإطار ذاته يرى الاقتصادي الأمريكي نورث دوغلاس، كأحد المؤسسيين للنظرية المؤسساتية في القرن العشرين، أنه وجب النظر للمؤسسات بغض النظر عن سياق وبيئة تشكلها ديمقراطية/ سلطوية، باعتبارها قواعد اللعبة في أي مجتمع ما. وبأن استيعاب قواعدها، يسهم بشكل واضح في فهم دينامية التفاعلات المجتمعية، سواءً كانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية. وبالتالي فإن التغيير المؤسسي يحدد الطريقة التي تتطور بها المجتمعات عبر الزمن.[6]
أهمية التحليل المؤسساتي في فهم الإصلاحات بالمغرب وإشكالية السلطة، يتقاطع مع تصورين أو منظورين أساسيين في التفسير والتأطير. التصور الأول، يركز على المقاربة الدستورية في قراءة التحولات السياسية ومسار الانتقال من السلطوية نحو الديمقراطية، والتي ظهرت بشكل مكثف نتيجة أحداث الانتفاضات العربية، واتساع الدعوات والمطالب الشعبية بتقنين السلطة وضبط صلاحيات الحكام والمسئولين عن تدبير الشأن العام. وهذا ما مَكَّن بعض البلدان من وضع دساتير جديدة، وسمح لغيرها بإدخال إصلاحات وتعديلات على الدساتير القديمة.[7] وقد أسهمت التطورات التي شهدتها مداخل ومقاربات النظرية الدُسْتُورَانِية Constitutionalism،[8] في جعل المفهوم المعاصر للدستور، ينحو باتجاه مسارين متلازمين، الأول رأسي أو عمودي، وهو الضابط للعلاقة بين أفراد المجتمع والدولة كأساس لممارسة الحكم، الثاني أفقي، ويهدف إلى تنظيم ومنح الثقة لأفراد المجتمعات فيما بينهم وبين تنظيماتهم المدنية والسياسية المختلفة، والمتصارعة أحيانًا.[9]
أما التصور الأخر، فيكمن في مدخل النخب وقدرتها على كشف بنية المجتمعات، وفهم طبيعة النظم السياسية ودرجة قابليتها للتحول والانفتاح على الأخرين كشركاء،[10] في بناء المشروع المجتمعي وتحقيق تطلعات أبناء الوطن الواحد، وبما يعنيه مفهوم النخبة الشامل، «ككل الأفراد الذين يحتلون مواقع في السلطة ويمتلكون حق إصدار القرارات، أو لهم قوة النفوذ والثروة، بما يسمح لهم بالتأثير في توجهات السياسات العامة».[11] ذلك أن أي نظام سياسي سواء كان خاضعًا لسلطة فرد أو مجموعة، وعبر التاريخ، لا يستطيع ممارسة السلطة على مكونات الدولة والمجتمع، وبناء التحالفات أو تشكيل التكتلات إقليميًا ودوليًا، دون مشاركة النخب السياسية والاقتصادية، أو تلك العاملة في ميدان الفكر والثقافة.[12]
الدراسات السابقة وأبرز الطروحات عن الإصلاح في المغرب
إن الخوض في مسألة الإصلاح السياسي وسبل التغيير الديمقراطي في الحالة المغربية، من وجهة نظرنا ليس بالأمر الهين، نظرًا لتعدد الأبحاث والكتابات السابقة المتناولة للموضوع، والتي خلصت إلى استعصاء فهم وتفكيك بنية النسق السياسي المغربي وأنماط تفاعله. فمن المعروف أن المجتمع المغربي كان حقلًا لعدة تنظيرات على مر العقود الماضية، ابتداءً بالخلدونية وحتى الفكر السياسي الوطني المعاصر، مرورًا بنظرية أنماط الإنتاج والسوسيولوجيا الكولونيالية.[13] كما خضعت تجربته السياسية في عملية الإصلاح والتحول الديمقراطي، لتحليلات وتفسيرات عدة أطروحات، أبرزها الأطروحة الانقسامية للباحث الأمريكي جون واتربوري، والتي تنطلق في تحليلها من وجود تعددية مجتمعية تتخللها تحالفات دائمة التقلب، تصل إلى حد التعارض؛ مما يطبع عملية التحول السياسي نحو الديمقراطية بالجمود برغم التحولات الجارية على السطح.[14]
بدوره الأنثروبولوجي المغربي عبد الله حمودي، قدم طرحًا في كتابه البارز الشيخ والمريد عن السلطة في المغرب وطرق تجدد أساليب الاستبداد، حيث ربط عسر التحول الديمقراطي بطبيعة النظام السياسي، ذو الخصائص الثقافية والبنيوية التقليدية، مما يجعل من السلطة السياسية محتكرة في شخص الحاكم الملك، الأمر الذي يحول دون بروز مؤسسات أو قوى مضادة لسلطته. في هذا الصدد يقول حمودي، في أحد أكثر تفصيلاته عن بنية التسلط في الفصل السادس من الكتاب، والمعنون بأنظمة سلطوية: المغرب والجزائر ومصر، وفي تمهيده للمقارنة: «أن النظام المغربي اكتسب سماته المميزة خلال العقد الممتد بين 1960 و1970، غير أن هذا الحدث ليس معزولًا. ذلك أننا شهدنا خلال هذه الحقبة بنيات تسلطية متينة تنتشر وتتوطد في المجتمعات العربية الأخرى. وكانت تتركز في نمطين أساسيين: جمهوريات يسيطر عليها زعماء مهيبون تدعمهم المؤسسة العسكرية والأحزاب الوحيدة المسخرة، أو ملكيات تسيطر على التعدد الاجتماعي بفضل القوة المسلحة، ويرتكز نشاطها على ائتلافات أحزاب سياسية مضعفة أو على تحالفات بين تجمعات أو طوائف. وفي الحالتين معا، تدير بيروقراطيات جبارة بدون ارتباطات حزبية البرامج الاقتصادية، أما الأجهزة المنتخبة –إن وُجدت– فهي محرومة من السلطة».[15]
وجهة النظر نفسها المرتبطة بإشكالية السلطوية، كانت محل اجتهاد وبحث المفكرين المغربي محمد عابد الجابري والتونسي محمد عبد الباقي الهرماسي؛ عندما خاض الجابري بعمق في إمكانية إصلاح دولة المخزن، ليخلص بأن المؤسسة الملكية تشكل النواة الجوهرية لدولة المخزن، والتي تبقى مع ذلك أحد أنماط دولة القرون الوسطى.[16] دولة تلعب فيها المؤسسة الملكية دورًا محوريًا في الحياة السياسية، ويشكل فيها الملك المصدر الوحيد لكل السلطات والصلاحيات، دولة مازالت تنهل من التجارب التاريخية للأحكام السلطانية وتقتبس من تجارب الحكم الإسلامية، خاصةً نظام الحكم العثماني، والذي كان يتمحور حول الإرادة السلطانية التي كان لا يحدها أو تقيدها أية مؤسسة أخرى.[17] أما الهرماسي وأثناء تفكيكه لبنية الدولة بالمغرب، وقاصدًا كل من المغرب وتونس والجزائر على وجه التحديد، خلص لوجود ثلاث سمات مميزة لها رغم اختلاف أنظمتها الدستورية وتوجهاتها الأيديولوجية. الأولى، نجد الزعيم أو الحاكم الفردي يحتل مكانًا فريدًا سواء كان رئيسًا أو ملكًا، فالحاكم أوتوقراطي في كل البلاد المغاربية، وكل شيء النخب والتمثيل والفعالية مرتبط بهذه الظاهرة. السمة الثانية، أن إشراك النخب السياسية يقع على قاعدة الجَلْبْ أو ما يسمى بالتزكية، التي تنطبق على أهل الولاء أكثر مما تنطبق على أهل الكفاءة. أما السمة الثالثة، فهي تدور حول طبيعة الانتخابات التي كثيرًا ما تأخذ شكل الاستفتاء، أي تنظيم طريقة تُقَنَنُ بها تزكية القرارات المتخذة من القمة.[18]
مقابل هذه الطروحات المُشَكِكَة في إمكانية الإصلاح السياسي بالمغرب، هناك أخرى، ترى بأن هناك مؤشرات دالة على إمكانية إنجاز التحول الديمقراطي المأمول، خاصةً مع أستاذي علم السياسة المغربيين عبد الله ساعف ومحمد الطوزي، نتيجة مسارات التحديث التي يسير فيها المغرب، أو يسعى جاهدًا لِلْخَوْضْ فيها، رغم ما يظل ملازمًا للحياة السياسية من مظاهر وعلامات للتقليد والمحافظة،[19] وهي المؤشرات التي ستدفع بالنهاية نحو بناء الديمقراطية، وإن كانت العملية تسير ببطء وتحتاج لأمد طويل.[20]
إصلاحات 2011 وموضوع السلطة
في المغرب وبعد خروج المحتجين في إطار حركة عشرين فبراير 2011 ورفعهم لشعارات تنادي بمحاربة الفساد ومواجهة الاستبداد، عبر وضع دستور جديد وديمقراطي. اتجهت المؤسسة الملكية صوب منحى تفاعلي بطرح خطوة الإصلاح الدستوري في خطاب للملك باعتباره رئيسًا للدولة يوم التاسع من مارس 2011، تم على إثره تشكيل لجنة استشارية ملكية بتاريخ العاشر من مارس 2011، كُلفت بمراجعة الدستور السابق للمملكة لسنة 1996. ستستثمر خطوة الإصلاح الدستوري هذه، لتنظم على ضوئها انتخابات تشريعية مبكرة في الخامس والعشرين من نوفمبر 2011، وهي الانتخابات التي ستشهد وصول جزء من الإسلاميين،[21] للمشاركة في الحكم للمرة الأولى في تاريخ المغرب السياسي.[22] وهو ما يجعلنا أمام متغير مهم للتجربة المغربية في سياق تجارب الانتفاضات العربية وأدوار الحركات والأحزاب الإسلامية.[23]
نقاش الإطار الدستوري لعملية البناء المؤسساتي وصنع القرار، كان يُطرح دائمًا أثناء البحث في مسار بناء الديمقراطية وتقيم عمل الدولة ومؤسساتها في أغلب التجارب الدولية المقارنة.[24] أهمية هذا الطرح لم يكن ليغيب عن تاريخ المغرب المعاصر وبناء الدولة الحديثة منذ الاستقلال سنة 1956، وقد كان يأخذ في مختلف المحطات الدستورية الستة التي مرت منها البلاد قدرًا معينًا من الأولوية والخلاف، بداية بدستور 1962التأسيسي، ومرورًا بالتعديلات خلال سنوات (1970، 1972، 1992، 1996) وانتهاءً بالإصلاح الدستوري لسنة 2011، وذلك تبعًا للظرفية التاريخية ولسياقات الصراع السياسي بين المؤسسة الملكية وقوى المجتمع ونخبه المطالبة بالإصلاح والديمقراطية في ممارسة الحكم وتولي المسئولية.[25]
سلطات وصلاحيات المؤسسة الملكية داخل الدستور وخارجه
من أجل تفكيك مركبات السلطة للملك، سواء عبر المداخل والأطر الدستورية، أو لتلك المنطلقة من السياقات التاريخية والسياسية لبناء السلطة واستمراريتها، سنخط مسار ذو توجهين، الأول يقرأ سلطة وصلاحيات مؤسسة الملك من منظور مُتَجَدد يَرتكز على الأدبيات الدستورانية.[26] وهو ما يستدعي وضع المؤسسة وسلطتها في إطار انتقال المغرب من حكم الملكية المُطْلَقَة، نحو ملكية دستورية، تخضع جميع سلطاتها وصلاحيتها ومنها الدينية بطبيعة الحال، لميزان الصراع السياسي على السلطة داخل المجتمع ولضوابط وقيود التجربة الدستورية في المغرب، منذ أول دستور للملكة بعد استقلالها سنة 1962 وحتى دستور 2011 الحالي. التوجه الثاني ويمكن نعته بالتَقْلِيدَانِي Traditionalism، لاستناده إلى «الأحكام السلطانية» لحكام وسلاطين المسلمين، الناجمة عن غياب مصطلح دستور في الفكر الإسلامي، وحيث وحدة السلطة هي من طبيعة الأنظمة السياسية القائمة على توظيف المرتكز الديني من أجل بناء شرعيتها أو تعزيزها. ووفقًا لهذا المنظور لا ينبغي فصل السلطة السياسية الزمنية للملك عن سلطته الدينية الروحية، والتي تقتضي تكفل الحاكم بشئون رعاياه واحتفاظه بجميع السلطات.[27]
موقع الملك في الدستور
محورية المؤسسة الملكية داخل البنيان الدستوري، عكستها حجم الصلاحيات والسلط الممنوحة لها سواء من الناحية المدنية والتنفيذية، باعتبار الملك رئيس الدولة وممثلها الأسمى (الفصل الثاني والأربعون)، أو من الناحية الدينية متمثلة في اختصاصات الملك باعتباره أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين، والضامن لحرية ممارسة الشئون الدينية (الفصل الحادي والأربعون من دستور 2011).
قراءة النص الدستوري من الناحية القانونية، تُظهر أن لدى الملك مجموعة من الاختصاصات سواء في الظروف العادية أو الاستثنائية. وهي موزعة على عدة أبواب وجاءت فصولها صريحة وضمنية. لتبقى أغلب اختصاصاته العادية منصوص عليها في الباب الثالث من الدستور تحت عنوان «المَلَكِيَة»،[28] والذي يتضح من خلال قراءتها أنها تسمح لهيمنة مؤسسة الملك على باقي المؤسسات، والجمع بين جميع السلطات انطلاقًا من تراكم الرئاسات،[29] فالملك هو رئيس المجلس الوزاري (الفصل الثامن والأربعون) ورئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية (الفصل السادس والخمسون)، ورئيس المجلس الأعلى للأمن (الفصل الرابع والخمسون)، ورئيس المجلس العلمي الأعلى (الفصل الحادي وأربعون)، ويعين نصف أعضاء المحكمة الدستورية ورئيسها (الفصل 130)، ويعين خمس شخصيات بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية مع تولي رئاسته أيضًا (الفصلين 56- 115).
ممارسة الملك لاختصاص السلطة التنفيذية فعليًا، امتد أثره إلى المؤسسة التشريعية، وذلك عبر قدرته على توجيه أعمال المجلس التشريعية ووظائفه الرقابية بشكل مباشر وغير مباشر، لأن الملك بإمكانه مخاطبة الأمة والبرلمان، ويُتْلَى خطابه أمام كلا المجلسين –مجلس النواب والمستشارين، ولا يمكن أن يكون مضمون هذا الخطاب موضوع أي نقاش داخلهما (الفصل الثاني والخمسون). وله الحق كذلك في أن يطلب من كلا مجلسي البرلمان أن يقدم قراءة جديدة لكل مشروع أو مقترح قانون بخطابه، ولا يمكن رفض هذه القراءة (الفصل الخامس والتسعون).
وباستحضار مؤسسة أخرى ذات أهمية بالغة وهي مؤسسة القضاء، إذ سمى دستور 2011 تحت أحكام الباب السابع القضاء بالسُّلْطَة، من خلال ما ورد في (الفصل 107) «السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية والملك هو الضامن لاستقلال السلطة القضائية»، نجد أن عديد الأسئلة تظل معلقة بدون أجوبة، فيما يخص مسألة الاستقلالية. ما دامت هذه الأخيرة تحت رئاسة الملك ويعين خمسة من أعضاء مجلسها الأعلى ويوافق بظهير على تعيين باقي الأعضاء الأخرين (الفصول 56-57- 115)، وذلك على اعتبار أن الملك كما سبق وأشرنا، يعد رئيسًا للدولة بحكم الدستور (الفصل الثاني والأربعون) وصاحب السلطة التنفيذية الفعلية من خلال المجلس الوزاري الذي يرأسه، حيث يتم فيه صياغة التوجهات الاستراتيجية والسياسة العامة للدولة، بينما يقتصر دور مؤسسة الحكومة على التداول بخصوصها في المجلس الحكومي، قبل عرضها على المجلس الوزاري (الفصلين التاسع والأربعون والثاني والتسعون).
من الواضح أن الممارسة العملية لما يقرب من عشر سنوات على نفاذ إقرار دستور 2011، قد كشفت أن المسار الدستوري لم يُحدث أي تطور فارق، فيما يخص موضوع وتوزيع السلطة وصناعة القرار الاستراتيجي في البلاد، نظرًا لتزكيته لهيمنة مؤسسة الملك على باقي المؤسسات والفاعلين الأخرين.[30] كما أنه لم يدفع نحو التأسيس لمرحة جديدة في علاقة الدولة بالمجتمع، رغم تضمن الوثيقة الدستورية لسنة 2011 للكثير من الأحكام والمقتضيات الدستورية الجديدة، خاصةً تلك المتعلقة بالمبادئ والقواعد المنظمة للعمل السياسي،[31] أبرزها إزالة صفة القَدَاسَة عن الملك، وفتح مجالات أوسع للحقوق والحريات، ودَسْتَرة العديد من المؤسسات والمجالس المشتغلة على قضايا وملفات قطاعية تفصيلية. (الحوكمة، الجالية المغربية بالخارج، المنافسة والشفافية، الشباب، البيئة، الاتصال، وغيرها).[32]
موقع الملك خارج الدستور
كان مطلب الإصلاح السياسي ملحًا لبنية نظام الحكم، ولتموقع المؤسسة الملكية في النسق السياسي المغربي، محور الصراع الذي طبع مرحلة حكم الملك الراحل الحسن الثاني (1961-1999) لفترة قاربت الأربعة عقود مع الأحزاب السياسية المعارضة، قبل أن تشهد خفوتًا في عهد الملك محمد السادس، مقابل صعود الاحتجاجات المرتبطة بغلاء الأسعار ومشاكل التعليم والصحة، لكن خطاب الإصلاح السياسي والدستوري عاد بقوة مع حركة عشرين فبراير 2011.[33]
إن فهم مكانة المؤسسة الملكية ومحورية دور الملك في بنية النظام السياسي، لا يمكن عزلها أو فكها عن سياقات أخرى غير مرتبطة بالدستور، وهي التي تشكلت تاريخيًا بناءً على أسس سياسية واقتصادية واجتماعية ودينية، مما رسخ نظام حكم يقوم على تعايش حقلين سياسيين. الأول، مغلق لا يسمح بالمنافسة مع الملك على صناعة القرار الاستراتيجي واتخاذ القرارات الكبرى داخليًا وخارجيًا. والثاني، مفتوح للمشاركة والتنافس بين الأحزاب للوصول إلى مراكز القرار وتدبير السياسات العامة الدنيا الخاصة بالشئون الاقتصادية والاجتماعية والثقافية،[34] مع ترك هوامش لحرية الرأي والتعبير للمعارضة واستقلال الهيئات والمنظمات المدنية، دونما تجاوز لخط ومربع السلطة الأحمر المرسوم من قبل الدولة المَخْزَنِية التقليدية، والموازية لمؤسسات الدولة الحديثة الظاهرة في الصورة من حكومة وبرلمان ومجالس منتخبة على مستوى الأقاليم والمحافظات.[35] هذا التوصيف للعلاقة بين السلطة وجهاز الدولة بتنظيمها المخزني القديم وتوظيفها لعناصر ومكونات الدولة الحديثة ظاهريًا، يشبه الرسم الذي خص به الفيلسوف الفرنسي نيكولاس بولانتزاس جوهر مفهوم الدولة عندما قال أن «للدولة طبيعة مزدوجة: الأولى، تعبر عن الطبقات وصراعاتها وهي دولة البرجوازية المسيطرة على السلطة السياسية، بينما الثانية، هي دولة تقنية صِرفة ذات وظائف اجتماعية، مهمتها تدبير قطاعات كالصحة والتعليم والنقل والثقافة. معتبرًا أن الدولة الأولى بمثابة الدولة الخاصة أو دولة فوق الدولة».[36]
في خلاصة هذا المحور، يمكن الإشارة إلى أن مستقبل الأوضاع السياسية ورجوع الثقة في جدوى الإصلاحات الدستورية وحكم دولة الحق والقانون اليوم، في ظل اتساع الحكم الدستوري ليشمل معظم المجتمعات على أساس معياري عابر للحكومات الوطنية، يفرض تفكيك المبررات التاريخية والغير عقلانية للسلطة في المغرب، والتي بموجبها تفرض إرادتها على أفراد المجتمع، وذلك في أفق تغيير نظرتها وتصوراتها لمعنى البعد المؤسساتي والتعاقد الدستوري.[37]
التماس والتضاد بين الإرادة الانتخابية والإرادة السلطوية
حصيلة وهامشية مؤسسة الحكومة في الواقع بعد دخول الإصلاحات الدستورية لسنة 2011 حدود العشر سنوات، وقيادة حزب العدالة والتنمية للحكومة في نسختين الأولى مع عبد الاله بن كيران (2011-2016) والثانية المشرفة على النهاية مع سعد الدين العثماني (2016-2021). يجعل من الأهمية من حيث الدلالات، تحليل الجوانب البنيوية والهيكلية للمجتمع، خاصةً تلك المتعلقة بمدخل النخب ووظائفية الحزب السياسي، وضمنها ذلك السؤال المتعلق بخطوط التماس والتضاد الفاصلة بين الإرادة الحزبية الانتخابية والإرادة السلطوية، وأثرهما على بنية النسق السياسي وإعادة تشكيله.
تجربة الإسلاميين في الحكومة
كانت حكومة عبد الاله بن كيران أول تجربة للمشاركة في الحكم يدخلها الإسلاميون، أو ذلك الجزء منهم الذي قبل بالمشاركة السياسية، في إطار ما يفرضه النسق السياسي المغربي من قواعد وحدود.[38] وصول حزب العدالة والتنمية لقيادة الحكومة، أتى بعد الانتخابات التشريعية المبكرة في الخامس والعشرين من نوفمبر 2011، وكنتيجة للمخرجات السياسية في تعاطي نظام الحكم مع احتجاجات حركة عشرين فبراير، وتدبيره لمرحلة الانتفاضات العربية.[39] أيضًا ارتبط سياق تجربة الإسلاميين في الحكومة برغبة نظام الحكم وما يتماشى مع تصوراته في تدبير المرحلة سياسيًا من جهة، ومن جهة أخرى، كانت فرصة ومحطة لاختبار طروحات الحزب الإسلامي وتصوراته للعمل السياسي، المبنية على التدرج والمراكمة في التعامل مع مراكز السلطة والقرار بدل الصراع والقطيعة –يتم تعريفها والإشارة إليها في أدبيات الحزب بأطروحة الإصلاح في ظل الاستقرار، وعلى التدافع مع الخصوم والمنافسين من القوى والحركات السياسية والاجتماعية الأخرى بدل الإقصاء والعزلة.[40]
وقد اختلفت رهانات الطرفين في المرحلة. بالنسبة للمؤسسة الملكية، شكلت انتخابات الخامس والعشرين من نوفمبر 2011 التشريعية الخطوة التالية لخطوة الإصلاح الدستوري لفاتح يوليو 2011، وهي بمثابة المحطة المعززة لمسار ضبط وترتيب الوضع على المستوى الداخلي، بما يمكن من تجاوز التحديات التي فرضتها حركة الاحتجاجات غير المسبوقة، في حجم تحركاتها وطبيعة مطالبها. ذلك أن الرهان على هذا المستوى كان يهدف لامتصاص غضب الشارع، عبر وصول حزب سياسي محسوب على المعارضة، ويمتلك خطاب إصلاحي ورصيد شعبي.[41] ومن جهة حزب العدالة والتنمية، فقد كان الرهان مرتبطًا بالسعي لتوظيف هذا القبول والسماح له بالمشاركة في ممارسة السلطة، من أجل التقرب أكثر ونيل ثقة المؤسسة الملكية، وتبديد مخاوف مراكز القرار السياسي والاقتصادي من مشروعه المجتمعي،[42] بتأكيده أنه حزب سياسي مدني لا يخرج عن أيديولوجية وفلسفة الدولة، القائمة على الخيار الحداثي من ناحية الحقوق والحريات، والنهج الليبرالي من ناحية التوجه الاقتصادي، وإمارة المؤمنين من ناحية التأطير الديني.[43]
في الواقع تختلف العلاقة بين الإسلاميين ونظام الحكم بالمغرب، عن تلك العلاقة التصادمية التي عاشتها الحركة الإسلامية على سبيل المثال في تونس أو مصر مع الأنظمة الحاكمة،[44] خاصةً بالنسبة لتجربة حزب العدالة والتنمية المعتدل. فمنذ القطيعة مع أفكار وتوجهات الشبيبة الإسلامية المغربية، ذات الطرح الراديكالي،[45] يعلن قادة الحزب عن قبولهم بقواعد المشاركة في الحياة السياسية، وضمن قواعد اشتغال النسق السياسي المتحكم فيه.[46] وفي القواعد ذاتها أيضًا تجدر الإشارة لأن معادلة تخطي الحرص على تقديم التنازلات من قبل إسلاميي حزب العدالة والتنمية، لإرضاء متطلبات السلطة دون السقوط في هاوية التبعية وتأكل الحاضنة الشعبية،[47] كثيرًا ما جعل هذا الحزب يصطف ضد القوى والحركات المطالبة بالديمقراطية، وقد عَبَّرَ عن هذا الاتجاه رئيس الحكومة السابق عبد الاله بن كيران، في مناسبات عديدة، مرددًا الكلام نفسه الذي كان يقوله منذ الوهلة الأولى لانطلاق حركة عشرين فبراير «بأنه وحزبه جاءا لينقذا الدولة ويضمنا استقرارها في مواجهة الشارع المحتج».[48]
أي دور للحكومة في صناعة القرار؟
من أكثر المقارنات التي أثيرت منذ فوز حزب العدالة والتنمية بالانتخابات التشريعية لعام 2011، وتشكيل الحكومة بقيادة عبد الإله بن كيران، هو ذلك الربط بين تجربة الحزب وتجربة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بقيادة عبد الرحمن اليوسفي (1998-2002). مقارنة التجربتين وإن كانت تعي اختلاف السياقات الداخلية والخارجية لتشكلهما، وتباين الرهانات والأهداف السياسية المتحكمة في قبولهم المشاركة في السلطة، وكذلك تلك التي دفعت بنظام الحكم لفتح المجال لوصولهم.[49] إلا أن السؤال من أن تلقى تجربة الإسلاميين نفس مصير تجربة الاشتراكيين، كان حاضرًا بقوة في عملية المقارنة، لاسيما وأن تجربة التناوب التوافقي، كان مفروضًا فيها أن تكون قد وضعت البلاد على سكة التحول الديمقراطي وتداول المشاركة في السلطة بين الأحزاب السياسية، غير أن هذا لم يحصل. نتيجة تعيين الملك لإدريس جطو رئيسًا للحكومة، بعد انتخابات 2002 التشريعية، والتي فاز فيها الاتحاد الاشتراكي بالرتبة الأولى، وهو الرجل التكنوقراطي (لا ينتمي لأي حزب سياسي).[50]
ولعل ما أسفرت عنه مشاركة الإسلاميين في السلطة على مستوى الأهداف السياسية ما يعكس هذه النظرة، فقد أكملت التجربة الحكومية للحزب في نسختها الأولى مع عبد الاله بن كيران ولايتها القانونية سنة 2016، ونحن اليوم على بعد أشهر من انتهاء مدة حكومة الحزب بنسختها الثانية برئاسة سعد الدين العثماني (2016-2021)، وفي ظل أطر ومداخل تجربة الإصلاحات الدستورية الجديدة لسنة 2011، دون أن نسجل أي إنجازات أو إصلاحات سياسية حقيقية، سواء تلك المرتبطة بقدرة الحكومة في ممارسة السلطة كشريك حقيقي للمؤسسة الملكية صاحبة السلطة الحقيقية والفعلية –بحكم الدستور وبقوة البنية النسقية لنظام الحكم من جهة– أو على مستوى حجم النفوذ الذي حققته في تسيير الحكومة وتدبير صلاحيتها كسلطة تنفيذية. إن معظم المشاريع والخطط الاستراتيجية بيد الملك ومستشاريه، وحتى تلك التي منحها الدستور للحكومة، تم الحد منها وتقليصها بطريقة أو بأخرى، عبر سحب عدة وزارات كالداخلية ووزارة الأوقاف والشئون الإسلامية من إشراف الحكومة وسلطة رئيسها، أو خروج بعض الوزراء على توجهات وقرارات رئيس الحكومة السابق. [51]
إن ازدواجية السلطة التنفيذية بين الملك ومؤسسة الحكومة مع صعوبة ضبط المسئوليات السياسية عن صنع القرار السياسي والإداري، نتيجة اعتبار المؤسسة الملكية حاكمة بين السلطات أو فوق السلطات ونفي الصفة الإدارية عن قرارات وتدخلات الملك في السياسات العمومية،[52] رغم أن هذا التدخل يأخذ عدة أوجه سواء في شكل خطابات أو تعليمات بل وقرارات تهم التعيين في مناصب المسئولية والإعفاء في كثير من المؤسسات والمرافق العامة،[53] قد جعلت من مسألة ربط المسئولية بالمحاسبة كمبدأ ضابط لمن يدبر الشأن العام، ينحصر في مستوياته التدبيرية والتنظيمية. والمقصود هنا المؤسسات والهيئات التابعة لمؤسسة الحكومة وسلطة رئيسها، دون مس المستوى الأعلى والمسئول عن صناعة القرارات الاستراتيجية في الدولة الممنوحة للمجلس الوزاري، الذي يرأسه الملك وفق (الفصل التاسع والأربعين) من الدستور. كما أن هذا الخلل الفارق في توزيع السلطات واستقلالها ولمبدأ ربط المسئولية بالمحاسبة بالمغرب، انعكس بشكل كبير وظهرت تجلياته السلبية في تقييم عمل الحكومة سياسيًا، وعلى أداء ومردودية المرفق العام. غياب محاسبة صانع القرار في المغرب وهامشية المؤسسات المنتخبة كمؤسسة الحكومة والبرلمان، ظهر في جزء منه كمؤشر لعدم ثقة المغاربة، خاصة عند فئة الشباب، في مؤسسات مثل (الحكومة، البرلمان، الأحزاب السياسية، القضاء…)، مقابل ارتفاعها لدى مؤسسات أخرى كالجيش والأمن (حسب الباروميتر العربي لسنة 2019).[54]
مسألة عدم حسم إرادة الإصلاح السياسي، وجعله رهينًا بالتوازنات السياسية والمجتمعية التي تفرزها كل مرحلة راجع إلى عاملين أساسيين: أولًا طبيعة الإصلاحات الدستورية الهامشية ومحدودية أدوار مؤسسة الحكومة وباقي المؤسسات المنتخبة من داخل بنية النسق السياسي في المغرب، المشكل خارج أسس الفكرة الدستورية، والمتحكم فيه من قبل جهات ومؤسسات بعيدة عن مبدأ الاختيار والأدائية الانتخابية.[55] وثانيًا شخصنة الدولة بشكل كبير، حيث أن سيادة الفكر السلطوي حال دون الإصلاح بالرغم من المحاولات الواضحة.[56] لتبقى البيئة السياسية في المغرب، حسب تعبير أستاذ الفلسفة بالجامعة المغربي محمد نور الدين أفاية، بيئة يتشابك فيها البعد الرمزي باهتمامات المرحلة، وثقل التاريخ بإرادات القوة الفاعلة في الحاضر، والعاطفي بالشروط العقلانية والتقليد بالتحديث، والواقع البسيط الراكد على السطح، بالمعقد في العمق والمتحرك بالمعطيات.[57]
إن صدى هذا التردد في حسم الإصلاحات وتبني سياسة متسقة وصلبة للقطع مع أساليب الحكم الشبه السلطوية، قد بدى جليًا خلال السنوات الأخيرة يُشار إليه في تقارير المؤسسات والمنظمات دولية الخارجية، المهتمة بمستوى تقدم المغرب في سلم الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان.[58] في هذا السياق نورد تصنيف لتقرير وحدة الذكاء الاقتصادي التابعة لمجلة «الايكونوميست البريطانيةThe Economist»، والتي تقيس مستوى ديمقراطية البلدان وفق مؤشرات وعناصر: التعددية السياسية وأهمية المشاركة الانتخابية، أداء وعمل الحكومات، إضافة إلى انتشار الثقافة السياسية والحريات المدنية. (وفق تصنيف سنة 2020 جاء المغرب في المرتبة السادسة والتسعين من أصل 167 بلد شملها التقرير، بمعدل نقط بلغ 5,04 من عشرة. مقارنة ببلدان المنطقة المغاربية (البلد/النقاط/ الترتيب)، تونس 6,29/59، الجزائر 3,77/115، موريتانيا3,92/112، ليبيا 1,95/157.[59] معطيات أخرى تظهر جمود وتعثر التحول الديمقراطي للمغرب أصدرتها «مؤسسة بيرتليسمان الألمانية» Bertelsmann Stiftung سنة 2020، والتي تواكب حالة الدول فيما يتعلق بمؤشرات التحول الاقتصادي والسياسي وتطبيق الحوكمة Governance، إذ منحت المغرب 5,71 نقطة من عشرة بالنسبة للحالة الاقتصادية، ومعدل 4,4 للحوكمة، بينما بلغت النسبة 3,68، وفي الرتبة 104 من أصل 137 دولة فيما يتعلق بمؤشرات التحول السياسي، اعتمادًا على جملة من العناصر البيانية (كالمشاركة السياسية وتفعيل القانون، إضافة إلى استقرار المؤسسات ودور السياسات في ضمان الاندماج المجتمعي).[60]
مآلات ومستقبل تجربة الإصلاح
أضحى مناخ عدم ثقة شرائح واسعة من المغاربة في العمل السياسي، يأخذ في العقدين الأخيرين وتحت حكم الملك الحالي محمد السادس، اتجاه ومنحى مختلف عن التوجه العام المعارض لنظام الحكم وسياساته خلال عهد الملك الحسن الثاني. فقد تراجعت تلك النزعات والتوجهات الثورية والأيديولوجية، المستهدفة والمنازعة في شرعية السلطة والنظام السياسي، مقابل بروز لرؤى وأفكار مُشككةً في كل ما يتعلق بخطابات السلطة عن الإصلاح وبناء دولة المؤسسات، وإن ظل هذا التوجه في نسبة كبيرة منه يثق في المؤسسة الملكية ويعتبرها بمثابة أساس متين للاستقرار؛ لأنها هي المؤسسة الوحيدة، التي تملك القدرة والإمكانات، وصاحبة الحل والعقد لحل الإشكالات والتعامل مع القضايا المطروحة، ولاتزال هي الفاعل الأكبر والأكثر تحكمًا في توجيه الأحداث والوقائع والقرارات والمؤسسات، بالإضافة إلى تشكيل موازين القوى الاجتماعية والسياسية.[61]
مؤخرًا، وكرد فعل على التذمر، وربما اليأس من قدرة الفعل السياسي عبر قنوات الشرعية الانتخابية ومبدأ الاختيار الحر من إحداث التغيير والإصلاح المطلوب، أصبحنا نلاحظ بروز رأي عام واسع غير مهتم بمصير الحكومة والبرلمان، فضلًا عن تزايد دعوات لمقاطعات العملية الانتخابية.[62] ما دامت هذه الأخيرة بالنهاية لا تقوم بأدوارها الوظيفية كما في النظم السياسية الديمقراطية، وما دامت أصوات الناس واختياراتهم غير محددة لمن يتولى السلطة، لأنها بالأساس تتم داخل دواليب وأروقة المؤسسات غير المنتخبة.
هذه التحولات المجتمعية الراهنة وتصورات الناس الجديدة للفعل السياسي من أجل الدفاع عن مصالحهم وتطلعاتهم، يمكن رصدها ضمن الحركات الاحتجاجية المتوالية وغير المنقطعة في مختلف مناطق المغرب (حراك الريف 2016–شمال المغرب)، احتجاجات مدن مهمشة: (كجرادة وزاكورة وغيرها شرق وجنوب شرق المغرب 2018–2020)، والتي تعبر عن أزمة مجتمعية عميقة، تغذيها إخفاقات مشاريع التنمية وفشل السياسات العمومية للدولة.[63] فاطمئنان السلطة لقدرتها على الضبط وتدبير موجة الانتفاضات العربية والمطالب بالتغيير الديمقراطي، بأقل تكلفة وضمن حدود دنيا من الإصلاحات الدستورية والسياسية، لا يعني أن دينامية المجتمع ورغبته في العيش بحرية وضمن شروط حياة كريمة قد تنطفئ، فهي تتراجع وتخبو أحيانًا وفي حالات معينة، لكنها ستتجدد وقد تكون تحركاتها ومطالبها أقوى وأشمل من السابق، فلربما ما يكلفه الإصلاح هو أقل بكثير مما يكلفه عدم الإصلاح. والأكيد أن ما شهدته بعض البلدان العربية سنة 2019 من موجة ثانية ومتجددة من الحركات الاحتجاجية وتمكنها من إسقاط رؤساء وحكومات (السودان، الجزائر، العراق ولبنان)، ما يعطي الدرس بأن لا شيء يبقى ثابتًا في مجالات المجتمع والإنسان.[64]
خاتمة
قدر الإمكان، حاولت الدراسة التركيز على فهم منطلقات بناء السلطة في المغرب، من خلال كشف العلاقة التي تسير وفق ضوابطها عملية صناعة القرار وتدبير الشأن السياسي، لا سيما في ظل ما تشهده المنطقة من وضعية ضبابية بالنسبة لمستقبل التطورات السياسية والاجتماعية، وفي مسار البناء الديمقراطي وتحقيق دولة القانون والمواطن. هذا الشيء أصبح جليًا وواضحًا في كثير من الحالات، سواء أكان ذلك في مصر وليبيا واليمن أو سوريا ولبنان، أو بالنظر إلى تجارب تونس والسودان والجزائر، والتي لا تزال في دائرة الارتباك والشك هي الأخرى، رغم بعض النجاحات على مستوى تدبير المرحلة الانتقالية.
وقد أظهرت الدراسة بالنتيجة أن قيمة الإصلاحات السياسية التي دشنها المغرب خلال فترة حكم الملك محمد السادس، وحتى قبل مرحلة التجديد والتعزيز لهذه الإصلاحات على المستوى الدستوري، زمن احتجاجات الانتفاضات العربية وبروز حركة عشرين فبراير 2011، لم تكن لتحدث القطيعة في موضوع السلطة وصناعة القرار فضلًا عن تجديد النخب وضمان قدر كبير من المشاركة في الحياة السياسية بالنسبة لفئات وتعبيرات عريضة من المجتمع، بعد أن ظلت في حدود نطاق السيطرة على متغيرات الوضع وضمان الاستمرارية، وبما ينسجم مع رغبات وتصورات النظام السياسي.
هذه النتيجة والتي تناولنا فيها التجربة المغربية من الناحية السياسية بالدرجة الأولى، تماشيًا مع الهدف المعلن من الدراسة، ربما لا تعكس حجم المجهودات المبذولة من قبل الدولة في إدخال عديد الإصلاحات، التي تهم مستوى الحقوق والحريات الفردية والجماعية، قبل أن تشهد سنوات ما بعد 2016 وحراك الريف تراجعًا في الالتزام بها. كما أن مستوى الشك والقلق من انحدار البلاد في اتجاه مزيد من التراجعات والعودة إلى الماضي المثقل بانتهاك حقوق الناس وحرياتهم، قد لا يرضي تطلعات وأمال أجيال من المغاربة ونظرتها إلى المستقبل، خاصةً أمام الفرص والإمكانات المجتمعية التي تسمح للمغرب بإحداث إصلاح وتغيير سياسي حقيقي، في حالة توفر الإرادة السياسية والقطع مع أنماط الحكم السلطوية.
[2] العروي، عبد الله (2011). مفهوم الدولة. الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، الطبعة التاسعة، ص 227.
[3] غراهام، بنجامين وآخرون. (2017) حماية الديمقراطية: تقاسم السلطة والبقاء الديمقراطي ): sharing Safeguarding Democracy Power and Democratic survival). المجلة الأمريكية لعلم السياسة 111، (4).
[4] الكيالي، عبد الوهاب وآخرون (1990). موسوعة السياسة. بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، جزء 1، ص 206.
[5] غاندي، جينيفر(2008). المؤسسات السياسية في ظل الديكتاتورية. (Political Institutions under Dictatorship). نيويورك، مطبوعات جامعة كامبريدج.
[6] نورث، دوغلاس (1990). المؤسسات، التغيير المؤسسي والأداء الاقتصادي. (Institutions, Institutional Change and Economic Performance). نيويورك: مطبوعات جامعة كامبريدج.
[7] رامبود، تيري (2015). مقدمة العدد (Introduction). مجلة مشرق مغرب. (223).
[8] أتركين، محمد (2007). الدستور والدستورانية من دساتير فصل السلط إلى دساتير صك حقوق الإنسان. الدار البيضاء: مطبعة النجاح، طبعة أولى، ص 11-13.
[9] بيل، كريستيان (2017). المساومة بشأن الدساتير -التسويات السياسية وبناء الدولة الدستورية. (Bargaining on constitutions-political settlements and constitutional state building). الدستورية العالمية. 6، (1).
[10] بوتمور، توم (1988). النخبة والمجتمع، ترجمة جورج حجا. بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، الطبعة الثانية، صص 8-18.
[11] نصر، محمد عارف (1996). نظرية النخبة ودراسة النظم السياسية العربية (الإمكانات والإشكالات). بحث مقدم للمؤتمر الثالث للباحثين الشباب بعنوان «النخبة السياسية للباحثين الشباب»، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، تاريخ الاطلاع 18 مارس 2021، https://bit.ly/2RAOzOa
[12] عيدان المجمعي، محمد شطب)2009). النخبة السياسية وأثرها في التنمية السياسية، مجلة جامعة تكريت للعلوم القانونية والسياسية، العدد الرابع، المجلد 1، ص 132.
[13] لحميداني، طه (2014)، النظام العام للحريات الفردية: دراسة سياسية وأنثروبولوجية لبروز الفردانية ونسق القيم بالمغرب، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية. الرباط: كلية الحقوق بسلا، جامعة محمد الخامس، ص 384.
[14] واتربوري، جون (2004). أمير المؤمنين الملكية والنخبة السياسية المغربية، ترجمة عبد الغني أب العزم وأخرين. الرباط: مؤسسة الغني للنشر، الطبعة الثانية.
[15] حمودي، عبد الله (2010). الشيخ والمريد النسق الثقافي للسلطة في المجتمعات العربية الحديثة، ترجمة عبد المجيد جحفة. الدار البيضاء: دار توبقال للنشر، الطبعة الرابعة، 2010، ص 196-197.
[16] عابد الجابري، محمد (2000). دولة المخزن وإمكانية الإصلاح من وجهة نظر ابن رشد وابن خلدون. مجلة فكر ونقد، العدد 32، ص9.
[17] شقير، محمد (2015). الملكية التنفيذية بالمغرب بين الارادة السلطانية والوثيقة الدستورية. مجلة وجهة نظر، العدد 63 شتاء، ص 3.
[18] الهرماسي، محمد عبد الباقي (1992). المجتمع والدولة في المغرب العربي. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الثانية، 1992، ص 43.
[19] ساعف، عبد الله (2015). التغيير والاستمرارية في النظام السياسي المغربي. (Changement et continuité dans le système politique Marcaine). الدار البيضاء: مركز جاك بيرك-مؤسسة الملك عبد العزيز أل سعود للدراسات الإسلامية، ص 541-543.
[20] الشحواطي، سمير (2014). إشكالية التنمية السياسية وأزمة المشاركة في المغرب. أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية. الرباط: كلية الحقوق بسلا، جامعة محمد الخامس.
[21] الجزء الأخر من الإسلاميين الرافض للمشاركة السياسية من داخل المؤسسات وضمن بنية نسق النظام السياسي القائم، يقصد به تحديدًا جماعة العدل والإحسان لمؤسسها الراحل عبد السلام ياسين.
[22] رغم مشاركة حزب العدالة والتنمية في الحياة السياسية منذ العام 1997 سواء في الانتخابات الجماعية (البلدية) أو التشريعية، إلا أنهم كتعبير مهم عن طيف مهم من الإسلاميين المغاربة، لم يسبق لهم المشاركة في تجربة حكومية أو نيل حقائب وزارية.
[23] العاني، خليل (2016). الاسلاميون العرب بعد خمس سنوات من الربيع العربي: أسئلة المشروع والايديولوجيا والتنظيم. مجلة سياسات عربية، العدد 18.
[24] مبروك، ممدوح (2017). صياغة الدساتير والتحول الديمقراطي: تجارب دولية مقارنة. مجلة الديمقراطية، عدد 68/أكتوبر.
[25] الغالي، محمد (2011). دستور المملكة المغربية لسنة 2011 في ضوء الربيع العربي.. جدلية الثابت والمتحول. مجلة تبين، العدد 4 ربيع، ص 110.
[26] بلوكر، بول (2017). الدستور الخيالي للدساتير (The Imaginary constitution of constitutions). مجلة الخيال الجماعي. 3، (1)، ص 169-170.
[27] تقي الدين، سليمان (2013). المسألة الدستورية: تاريخ وإشكاليات، مجلة تبين، العدد 3 شتاء، ص 56-57.
[28] راجع بنود الدستور المغربي لسنة 2011، موقع مجلس النواب، تاريخ الاطلاع 29 فبراير 2021، https://bit.ly/3vswaZ6
[29] عبد الصادق، توفيق (2019). المقاربة الدستورية لقضية التحول الديمقراطي في المغرب: إشكالية توزيع واستقلال السلطات. مجلة لُباب للدراسات الاستراتيجية والإعلامية، العدد الأول/ فبراير، ص 15.
[30] الخطابي، أحمد (2018). من حركة عشرين فبراير إلى حراك الريف: الخوف من الديمقراطية أم الخوف من جيل الشباب بالمغرب، مجلة سياسات عربية، العدد 32/ مايو، ص 42-43.
[31] مالكي، امحمد (2013). قراءة في الهندسة العامة للدستور المغربي الجديد. مجلة تبين، العدد 4/ ربيع، ص 86.
[32] دستور المغرب الصادر سنة 2011، أنظر الباب الثاني المعنون بــ«الحريات والحقوق» والباب الثاني عشر المعنون بــ«الحكامة الجيدة»، تاريخ الاطلاع 7 مايوم 2021، https://bit.ly/2W3wxbt
[33] عبد الصادق، توفيق (2018). حركة 20 فبراير بالمغرب: دراسة في سياقات التحرك وبنية التحرك. مجلة المستقبل العربي، العدد 474 /أغسطس، ص 58.
[34] النويضي، عبد العزيز(4201). مساهمة الإسلاميين في الحكم بالمغرب في ظل الربيع المغربي وأثره على حقوق الإنسان وفرص التحول الديمقراطي. مجلة رواق عربي، العدد 69، ص 171.
[35] بوزيان، زايد (2017). الفخ الاستبدادي في هياكل الدولة/وسائط الإعلام في الانتقال السياسي للمغرب (The authoritarian Trop in state/Media structures in Morocco’s Political Transition). مجلة دراسات شمال أفريقيا، 22، (03).
[36] بولانتزاس، نيكولاس(2010). نظرية الدولة. ترجمة ميشيل كيلو. بيروت: التنوير للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الثانية. ص 08–09.
[37] طورنهيل، كريس (2017). علم اجتماع الدساتير (The sociology of constitutions). المجلة السنوية لعلم القانون الاجتماعي، (13)، 18 أكتوبر. ص 449.
[38] قصير، كمال (2016). المغرب: من الإصلاح السياسي إلى سياسة إطفاء الحرائق، تقرير صادر عن مركز الجزيرة للدراسات. 26 يناير، تاريخ الاطلاع 19 فبراير 2021، https://bit.ly/3se5ubA
[39] الحوتي نور الدين (2014). المعارضة السياسية في المغرب بين الإقصاء والاحتواء. مجلة سياسات عربية، العدد 8/ أبريل، ص 115–117.
[40] ديسري، تيري ومولينا (2013). التجربة الحكومية لحزب العدالة والتنمية: الإسلاميون في السلطة؟ (L’expérience gouvernementale du Parti de la Justice et du Développement: les islamistes au pouvoir?). مجلة سنة المغرب، (IX)، 21 أكتوبر، تاريخ الاطلاع 19 فبراير 2021، http://anneemaghreb.revues.org/1954
[41] عمراني، لمياء (2016(. حزب العدالة والتنمية: من العمل السري إلى العمل الحزبي. المجلة العربية للعلوم السياسية، العدد 51-52، صيف-خريف، ص 33-35.
[42] كمال القصير، مرجع سابق.
[43] جبرون، امحمد (2013). الإسلاميون في طور التحول من الديمقراطية الأداتية إلى الديمقراطية الفلسفية، حالة حزب العدالة والتنمية المغربي، ضمن كتاب: «الإسلاميون ونظام الحكم الديمقراطي، اتجاهات وتجارب». بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات، ص 47-75.
[44] كريمر، غودرون (1995). الدمج لأنصار الاندماج: دراسة مقارنة لمصر والاردن وتونس. ضمن كتاب «ديمقراطية بدون ديمقراطيين سياسات الانفتاح في العالم العربي الإسلامي». بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الاولى، 1995، ص 283.
49 روا، أوليفيه (1996). تجربة الاسلام السياسي، ترجمة نصير مروة. بيروت: دار الساقي، الطبعة الثانية، ص 07-16.
[46] بورغا، فرنسوا (1998). الإسلاموية في المغرب: صوت الجنوب (L’Islamisme au Maghreb: La Voix du sud). باريس: منشورات كارتالة، طبعة أولى، ص 182.
[47] مصباح، محمد (2020). هل ما يزال باستطاعة حزب العدالة والتنمية امتصاص الغضب الشعبي؟، المعهد المغربي لتحليل السياسات، 21 مارس، تاريخ الاطلاع 2 مارس 2021، https://bit.ly/3vlL6rH
[48] أثناء حديث عبد الاله بن كيران مع طلبة المعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط، يوم الأربعاء فاتح نوفمبر 2015.
[49] عبد المومني، فؤاد (2013). المغرب والربيع العربي (Le Maroc et Le Printemps Arabe). مجلة ليبوفوار،2، (145). ص 125.
[50] جنداري، إدريس (2012). التجربة الحزبية في المغرب: غموض التصور وإعاقة الممارسة، المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات،8 فبراير، ص 11. تاريخ الاطلاع في 19 فبراير 2021، https://bit.ly/3aHK0Ov
[51] عبد الصادق، توفيق (2020). قضايا الحقوق والحريات في الدساتير العربية الجديدة: دراسة لحالة المغرب وتونس، «رواق عربي»، تاريخ الاطلاع 23 مارس 2021، https://bit.ly/2JdyDj1
[52] لازال القضاء الإداري في المغرب وفيًا لنهجه وتأويله لسلطة الملك واختصاصاته المتخذة في المجال الإداري منذ القضية الشهيرة «مزرعة عبد العزيز» بتاريخ 20 مارس 1970، وحتى حدود حكم أخر جديد صادر عن المحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ 16 سبتمبر 2016، وذلك باستبعاد الرقابة القضائية على القرارات الصادرة عن الملك وعدم قبول الطعن فيها من الأطراف والجهات المتضررة. مُعَلِلًا أحكامه بأن القرارات الملكية المتخذة في هذا المجال بواسطة الظهائر الملكية، لا تنزل إلى منزلة المجال الإداري الصرف وتبقى ضمن الصلاحيات الدستورية المحفوظة للملك للإشراف على حسن سير المؤسسات الدستورية. هذا رغم أن هناك اتجاه فقهي يدعو إلى ضرورة أن يشمل القضاء هذه القرارات بالرقابة، وبأن تكون اجتهاداته منسجمة مع الدستور ومتطلبات العدالة، خاصةً أن الفصل 118 من دستور 2011 ينص في فقرته الثانية «بأن كل قرار اتخذ في المجال الإداري، سواء كان تنظيميًا أو فرديًا، يُمكن الطعن فيه أمام الهيئة القضائية الإدارية المختصة».
[53] دستور 2011 بين النص والتطبيق، (2017). تقرير ندوة من إعداد نزهة الرغاي. الدار البيضاء: تنظيم مركز الدراسات والأبحاث الإنسانية (مدى) بشراكة مع كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، 4 يوليو، تاريخ الاطلاع 8 مارس 2021، https://bit.ly/2yJDyWN
[54] الباروميتر العربي-الدورة الخامسة، التقرير القطري للمغرب 2019، تارخ الاطلاع 7 مايو 2021، https://bit.ly/2yudsHx
[55] روير، موريل (2003). الوعود الدستورانية (Les promesses du constitutionnalisme). مجلة أسباب سياسية، (10).
[56] مداخلة لعبد الله حمودي في ندوة نظمت بالمدرسة العليا للتسيير تحت عنوان «الملكية، الحكومة، السلطة»، الرباط، 12 يناير 2014.
[57] نور الدين أفاية، محمد (2011). التفاؤل المعلق، التسلطية والتباسات الديمقراطية في الخطاب العربي الراهن. الرباط: منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية أكدال، جامعة محمد الخامس، الطبعة الأولى، ص 44-45.
[58] عبد الغفار، عادل (2021). اعتقال المعطي منجب والتراجع المستمر لحقوق الإنسان بالمغرب. تقرير صادر عن منشورات معهد بروكينز للأبحاث، 9 مارس، تاريخ الاطلاع 17 مارس 2021، https://brook.gs/3rHRCWE
[59] مؤشر الديمقراطية 2020 (2020). (Democracy Index2020). تقرير عن وحدة الذكاء التابعة للمجلة الاقتصادية البريطانية (The Economiste Intelligence Unit). تاريخ الاطلاع 11 مارس 2021، https://bit.ly/3t8MZGf
[60] تقرير مؤسسة بيرتليسمان عن المغرب (2020). (Bertelsmann Stiftung). تاريخ الاطلاع 3 مارس 2021، https://bit.ly/2OMUy6A
[61] محسن، مصطفى (2008). المشاركة السياسية وأفاق التحول الديمقراطي في المغرب المعاصر: نحو قراءة سوسيولوجية نقدية للأبعاد والدلالات. المجلة العربية للعلوم السياسية، العدد 17/ شتاء، ص 13.
[62] تظهر هكذا أراء خاصة عندما تطرح مسائل متعلقة بالفساد المالي وبالتكلفة العالية لأجور ومعاشات الوزراء والبرلمانيين. هناك أيضًا مطالب تُرفع في العديد الاحتجاجات وعلى مواقع التواصل الاجتماعي في شكل عرائض للحد من الأجور المرتفعة للوزراء والبرلمانيين وباقي مدراء المؤسسات العمومية. إضافة إلى الدعوات التي نادت بإلغاء معاشات الوزراء والبرلمانيين السابقين الناتجة عن مهامهم المؤقتة في الحكومة والبرلمان. (حُسم هذا الجدل نسبيًا بصدور قانون رقم 24.21 بشأن إلغاء وتصفية نظام المعاشات المحدث لفائدة أعضاء مجلس النواب، بالجريدة الرسمية عدد 6975 يوم 5 أبريل 2021). للمزيد حول القانون وتفاصيله راجع الرابط: https://bit.ly/3dZxz2D
[63] المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية (2019): الاحتجاجات الاجتماعية أثرت في سمعة المغرب، 26 أكتوبر، تاريخ الاطلاع 7 مارس 2021، https://bit.ly/3vrSNN9
[64] يونغ، مايكل (2019). هل نشهد موجة جديدة من ثورات الربيع العربي في العام 2019؟ مركز كارنيغي للشرق الأوسط. 7 نوفمبر، تاريخ اطلاع 29 فبراير2021، https://carnegie-mec.org/diwan/80291
Read this post in: English