يركز هذا المقال على التحديات المرتبطة بالعلاقة بين الشريعة اﻹسلامية وحقوق الإنسان، إذ لا يشكل الدفاع عن حقوق الإنسان تهديدًا لمصالح سياسية واقتصادية وعلاقات قوة مستقرة في المجتمعات العربية فحسب، بل شكل أيضاً تحدي ولا يزال للثقافات والتقاليد الدينية، والسلطة الثقافية للمؤسسات والجماعات الدينية. وخلال سنوات طرحت قضايا حدود العلاقات بين الدين بالدولة، ومكانة الشرعية اﻹسلامية في اﻷنظمة الدستورية والقانونية، وتوجهات وقيم حركات اﻹسلام السياسي كموضوعات مركزية على أجندة المشتغلين في مجال حقوق الإنسان خلال السنوات الست التي أعقبت الثورات واﻻنتفاضات العربية. وفي هذا الإطار يناقش هذا المقال اتجاهات التوفيق بين حقوق الإنسان والشريعة اﻹسلامية كأحد التحديات التي يواجها المدافعون والمدافعات عن حقوق الإنسان في المجتمعات اﻹسلامية، وكيفية تأثير السياقات السياسية المتغيرة على فرص هذه اﻻتجاهات في النجاح أو الفشل.
حدود العلاقة بين الدين والدفاع عن حقوق الإنسان في المجتمعات اﻹسلامية:
لا يخص الجدل حول ما إذا كانت حقوق الإنسان عالمية أو نسبية من الناحية الثقافية منطقة جغرافية معينة، أو منتمين لدين معين. وفي إطار هذا الجدل طرح العديد من الباحثين من أنصار ومعارضي مفهوم حقوق الإنسان العالمية حججاً متنوعة ذات صلة بخلفياتهم الثقافية والدينية.
بداية يفترض الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أن حقوق الإنسان هي حقوق عالمية، يجب أن يتمتع بها جميع البشر بغض النظر عن خلفياتهم الدينية والجنسية والقومية واللغوية، وقد تم التأكيد على هذا المفهوم العالمي لحقوق الإنسان مرارًا في ديباجة المعاهدات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان. وأكد المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان الذي عقد في فيينا عام 1993 أن عالمية حقوق الإنسان لا يرقى إليها الشك. ومع ذلك، لم تتوصل الدول والباحثون بعد إلى موقف مشترك حول الطابع العالمي لحقوق الإنسان.
ظهرت حقوق الإنسان كما نعرفها اليوم – كاستحقاقات يتمتع بها جميع البشر – في أعقاب الظروف الاجتماعية والسياسية الخاصة التي سادت أوروبا وأمريكا الشمالية خلال القرن الثامن عشر. وقد أدى هذا المفهوم الحديث في وقت لاحق إلى التطورات القانونية الدولية في هذا المجال التي طرأت منذ عام 1945. ومع ذلك، تبنت الثقافات والديانات الكبرى في العالم فكرة كرامة الإنسان باعتبارها عنصرًا أساسيًا في الصياغة الحديثة لحقوق الإنسان.
مفاهيم معينة لكرامة الإنسان كانت سائدة في الإسلام والمجتمعات الإفريقية التقليدية، والثقافات الكونفوشية والهندوسية، لكن التركيز على الحقوق الفردية كان من المميزات الفريدة التي أتى بها المفهوم الحديث لحقوق الإنسان، والذي لم يتجسد في الثقافات غير الغربية. لكن هذا الاختلاف بين المفاهيم القديمة والحديثة لحقوق الإنسان لا يقوض صلاحيتها كإطار ملائم لحماية اﻷفراد في ظل الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المعاصرة. فعلى الرغم من تطور المفهوم الحديث لحقوق الإنسان في السياق الغربي، فذلك لا يعني أن حقوق الإنسان لا تنطبق إلا على المجتمعات الغربية. فحقوق الإنسان أداة ناجعة ﻹدارة التنوع السياسي والديني والإثني في المجتمعات، وتحقيق العدالة السياسية في أي مجتمع.
لكن إلى أي مدى تشكل الظاهرة الدينية مجالاً للبحث عند محاولة فهم مسببات انتهاكات حقوق الإنسان في مجتمع ما؟ هناك انتهاكات قد يعتقد للوهلة اﻷولى أن منبعها الدين، ولكن في الحقيقة هي مرتبطة بالعادات والتقاليد المجتمعية الموروثة أو بطبيعة علاقات القوى السياسية في مجتمع ما، فمثلا بعض صور العنف ضد المرأة تنبع من موروثات المجتمع ولا ترتبط بالضرورة بالدين.
أن رسم حدود تأثير الدين أو توظيفه لتبرير ممارسات أو تفسيرات لحقوق الإنسان يتوقف على طبيعة اﻻنتهاك ذاته، والحجج التي يرفعها الفاعلون لتبريره، وطبيعة النظام الدستوري والقانوني في دولة ما، ودرجة تأثير الدين في ثقافة المجتمع.
هذا المقال يتعامل مع الدين باعتباره أحد العوامل التي تتداخل بشكل قانوني وثقافي وسياسي مع تطبيقات حقوق الإنسان، لكنه لا يقدم تفسيراً شاملاً لمسببات احترام أو انتهاك حقوق الإنسان.
هناك عدد من الاعتبارات تدفع بتداخل الدين وبشكل خاص اﻹسلام -موضوع هذا المقال- مع حقوق الإنسان، إذ توجد 32 دولة تعتمد الإسلام في دساتيرها باعتباره الديانة الرسمية، و22 دولة في العالم الإسلامي تعطي دوراً للشريعة الإسلامية في نظامها الدستوري. وهناك دول تنص على مرجعية الشريعة اﻹسلامية في عدد من القوانين مثل القانون المدني أو قانون اﻷحوال الشخصية ومنها التي استندت إليه في تدوين بعض قوانينها، بشكل انتقائي، استنادًا إلى أحكام الفقه اﻹسلامي.
في بلدان العالم الإسلامي اليوم هناك تأثير وإن كان بدرجات متفاوتة للإسلام في الأنظمة الدستورية والقانونية لهذه البلدان. هذه اﻹحالات للإسلام أو الشريعة اﻹسلامية في الدساتير والتشريعات الوطنية فتحت الباب أمام اﻹقحام المباشر للدين في الجدل الدستوري والقانوني، والصراعات السياسية، ودعمت توظيف الحجج الدينية في النقاش العام بين القوى السياسية واﻻجتماعية عند التعامل مع بعض القضايا، وبشكل خاص تلك القوى التي تعتمد على الدين كمكون أيديولوجي مثل حركات اﻹسلام السياسي، أو تلك التي تعتبر نفسها تاريخياً حارسة للدين في المجتمع مثل المؤسسات الدينية.
على المستوى الإقليمي ومنذ الثمانينيات ظهرت العديد من وثائق حقوق الإنسان في الإسلام بمبادرات رسمية وغير رسمية. من أشهر هذه الوثائق “إعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام” الصادر في 1990. هذه الوثائق وعلى الرغم من أنها تبرز بعض المناطق المشتركة بين القانون الدولي لحقوق الإنسان والشريعة الإسلامية إلا أنها تحتوي على درجة عالية من الالتباس الفكري والقانوني الذي يكرس من الانتقاص من قيم حقوق الإنسان العالمية باسم الخصوصية الثقافية.
على المستوى الدولي وخلال العقد الأخير أصبحت منظمة التعاون الإسلامي (منظمة المؤتمر الإسلامي سابقاً) فاعلاً مركزياً في المنابر الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان. أسست المنظمة مؤخراً لجنة دائمة لحقوق الإنسان لتقديم الدعم الفني للدول الأعضاء في المنظمة. وترعى المنظمة دوليًا بعض المبادرات التي تهم دول العالم الإسلامي، مثل قضية حماية الأديان من الازدراء، والدفاع عن الأقليات المسلمة في الغرب. وفي الغرب وفي بلدان مثل بريطانيا وأمريكا وكندا، تزايد في العقدين الأخيرين تأسيس ما يعرف بمحاكم الشريعة الإسلامية التي يلجأ لها المسلمون المهاجرون في الغرب لفض منازعاتهم، خاصة في مجال الأحوال الشخصية على أساس الشريعة الإسلامية. هذه المحاكم تنتظم عبر مؤسسات المجتمع المدني، مؤسسة لنظام قانوني موازي للقانون الرسمي للدولة.
وأخيراَ فإن الممارسات التي تقوم بها الحركات اﻹسلامية وبشكل خاص العنيفة مثل تنظيم الدولة اﻹسلامية أعاد التفكير من جديد في عما إذا كانت هذه الممارسات جزء من عقيدة اﻹسلام؟ خاصة أن هذه الحركات تعتمد على أدبيات فكرية وتأصيل نظري، يعتمد على مفاهيم إسلامية ويستند في كثير من اﻷحيان لتراث اﻹسلام، ويستخدم في تجنيد العناصر الجديدة في صفوفها.
هذه العوامل تجعل من النظر في العلاقة بين اﻹسلام وحقوق الإنسان سؤالاً مشروعاً ومجالاً هاما للبحث.
مداخل للتوفيق بين الشريعة اﻹسلامية وحقوق الإنسان
لا يوجد تعريف جامع مانع للشريعة اﻹسلامية، فالاجتهادات في تعريف الشريعة اﻹسلامية تتحدد بالرؤى اللاهوتية والفلسفية والتاريخية، وفهم طبيعة الوحي والنصوص الدينية التي يستند إليها أصحاب التعريف. هذا الاختلاف من ناحية أخرى فتح باباً واسعاً لديناميكية العلاقة بين اﻹسلام وحقوق الإنسان، ويدفع أيضاً بتحدي وجهة النظر القائلة بتطبيق مفهوم واحد للشريعة من خلال أجهزة الدولة، ﻷنه لا يوجد اتفاق ليس فقط على ماهية أحكام الشريعة بل على مفهومها من اﻷساس.
المفهوم الشائع للشريعة اﻹسلامية أنها تلك اﻷحكام المشتقة من المصادر اﻹسلامية من قرأن وسنة محمدية. اشتقاق هذه اﻷحكام يتم عبر عدد من اﻷدوات المنهجية، والمبادئ التي تم تدوينها تاريخيا في كتب أصول الفقه اﻹسلامي. لكن حتى وإن اتفق كثير من العلماء على هذا التعريف فتوظيف هذه المناهج والمبادئ الشرعية، وأولويات استخدامها ينتج أيضاً أحكاماً فقهية متباينة، اﻷمر الذي أنتج تاريخياً ما يعرف في اﻷدبيات اﻹسلامية “بمبدأ اختلاف الفقهاء.”[1]
من وجهة نظر أخرى، فإن أول مشكلة يواجها هذا التعريف أنه أغفل أن هذه المناهج والمبادئ الشرعية هي صناعة بشرية ليس لها أي قدسيه، اﻷمر الذي دفع مفكرون إسلاميون معاصرون لاقتراح مناهج أخرى لاستخراج اﻷحكام الشرعية. المشكلة الثانية لهذا التعريف الشائع، أنه اقر بالمدلول القانوني للشريعة باعتباره واجب ديني حتمي لكل زمان ومكان، وهو أمر مردود عليه من البعض، لان هذا المدلول القانوني أو بناء ما عرف بأصول الفقه ، وبحسب المستشار محمد سعيد العشماوي في كتابه أصول الشريعة، قد تم تبنيه في التراث الإسلامي في فترات لاحقة من وفاة الرسول، وأن مدلول الشريعة في القرآن لم يكن يفهم بمعني قانوني، بل ان معناها في ذلك الوقت كان معنى أخلاقي وروحي بمعنى الطريق إلى الله، وأن ما جاء في القرآن والسنة من أحكام كان مجرد تطبيقات لهذا المفهوم الأخلاقي والروحي.[2] المشكلة الثالثة التي تخلق اختلافاً في تعريف الشريعة هو نوع الفلسفة التي يستند إليها المسلمين في النظر إلى النصوص الدينية وظاهرة الوحي. فالرؤية السائدة بين كثير من المسلمين أن القرآن هو كلام الله الذي أوحى به إلى الرسول محمد، والواجب تطبيقه في كل زمان ومكان، لكن هناك نظريات أخرى تدافع عن تاريخية النصوص الدينية باعتبارها منتج ثقافي مرتبط بسياقات اجتماعية محدده، وله أبعاده البشرية.[3] من أبرز منظري هذا الاتجاه المفكر الإيراني عبد الكريم سروش الذي يرى أن استقبال الرسول محمد للوحي كان تجلياً روحياً وشعورياً، لكن تحول هذا الوحي إلى النص القرآني عملية بشرية خضعت لمتغيرات البيئة اﻻجتماعية والثقافية السائدة وقت إنتاج النص القرآني.[4] و في إطار هذه الرؤية التاريخية للنصوص الدينية يمكن النظر إلى أحكام الشريعة اﻹسلامية باعتبارها استجابة بشرية لواقع ثقافي واجتماعي متغير.
في هذا اﻹطار يمكن التفرقة بين اتجاهين رئيسين لمحاولة التوفيق بين الشريعة اﻹسلامية وحقوق الإنسان: الاتجاه التقليدي، والاتجاه الإصلاحي. الاتجاه التقليدي يسعى إلى توظيف التنوع الموجود في المناهج والمبادئ واﻷحكام، التي طورها الفقهاء المسلمون في إطار النظرية التقليدية ﻷصول الفقه، لتوسيع نطاق عدد من الحقوق والحريات. ويرى أنصار هذا الاتجاه أن توظيف نظرية مقاصد الشريعة ومبدأ المصلحة يساعد البلدان الإسلامية على جعل قوانينها أكثر اتساقاً مع حقوق الإنسان. كما يقدم اَلية الانتقاء بين الآراء الفقهية المتنوعة، باعتبارها أيضاً أداة تدل على مرونة وتنوع الفقه الإسلامي، مما يجعل المشرع قادراً، في حال توافر الإرادة السياسية، أن يصدر تشريعات تعبر عن أكثر الاتجاهات الفقهية انفتاحاً واتساقاً مع حقوق الإنسان.
تطبيق التخير يرتبط بمبدأ المصلحة لتبني الآراء الفقهية الأكثر تحقيقاً لمقاصد الشريعة والتي يمكن اعتبار حماية حقوق الإنسان أحد أهم مكوناتها. على سبيل المثال في إطار تناول مسألة حرية العقيدة، فإن تجريم الردة وفرض عقوبة عليها أمر خلافي ليس فقط في الفقه المعاصر ولكن أيضاً في الفقه الكلاسيكي، وعليه يمكن للدول الإسلامية اليوم أن تنحاز للاتجاهات التي تتوافق مع حرية العقيدة. الأمر نفسه بالنسبة لحقوق المرأة، إذ يمكن الاستفادة من تنوع الرؤى الفقهية لتحسين وضع المرأة في الأسرة مثل منحها حقوق مساوية للرجل في الزواج والطلاق دون إخلال بالشريعة الإسلامية. ويمكن الإشارة هنا إلى تجربة مدونة الأسرة في المغرب، والتي أعطت للمرأة حقوقاً متميزة بالمقارنة لباقي البلدان العربية. وقد اتجهت بعض المنظمات الحقوقية النسائية المصرية إلى هذا المنهج في حملاتها لإصلاح قانون اﻷحوال الشخصية المصري وحققت بعض المكاسب منذ ثمانينيات القرن الماضي. ومؤخراً اعتمد تحالف للمنظمات النسائية المصرية دليلاً حول إصدار قانون عادل للأسرة يقوم على تبني المداخل الفقهية التي اعتمدت عليها المغرب وتونس لتطوير قوانين اﻷحوال الشخصية عندهم.
لكن مع التسليم بوجود إمكانات في الفقه الإسلامي للتقريب بين حقوق الإنسان وتطبيق الشريعة الإسلامية، إلا أن الاعتماد على هذا النهج في نهاية الأمر لا يحقق الإصلاح الديني والثقافي المطلوب اليوم في العالم الإسلامي، بل يجعل المسلمون أسرى لدولة الشريعة ومنطق الشريعة. هذا النهج يعوق من توطيد عالمية حقوق الإنسان والمواطنة الحديثة والدولة العلمانية في الثقافة الإسلامية، ويكرس من مرجعية الإسلام السياسي بأن تكون الشريعة الإسلامية مرجعية حاكمه للدول الإسلامية، بما يناقض ليس فقط أساس دولة المواطنة الحديثة، ولكن أيضاً التاريخ الإسلامي الذي لم يعرف فكرة الدولة الإسلامية كما يتم الترويج لها منذ النصف الأول من القرن العشرين.
على الجانب اﻷخر، يسعى أنصار الاتجاه الإصلاحي إلى تأصيل مناهج فقهية جديدة (جمال البنا، محمود محمد طه، عبد الله النعيم) أو تأويلية جديدة (فضل الرحمن، خالد أبو الفضل، النسوية اﻹسلامية، محمد شحرور) أو بتجاوز فكرة تطبيق الشريعة كلية عبر الدفع بفكرة تاريخية النصوص الدينية (عبد الكريم سروش، نصر حامد أبو زيد).
الاختلاف على مداخل التوفيق بين الشريعة وحقوق الإنسان، وتوظيفهم للتوسيع من نطاق تطبيق حقوق الإنسان يخضع في المقام اﻷول إلى التطور الاجتماعي والسياسي، لكن أي تطوير لهذه المداخل، ولقواعدها المجتمعية يظل صعباً في ظل غياب التسامح الديني، والتعددية الفكرية في المجتمع، وسط حرص مؤسسات الدولة الدينية والقضائية على تكريس اتجاه فكري واحد وقمع باقي الاتجاهات.
بعض أنصار الاتجاه اﻹصلاحي يدافع أيضاً صراحة عن أهمية تطبيق فكرة الدولة العلمانية في المجتمعات العربية واﻹسلامية (عبد الله النعيم). وتجدر اﻹشارة في هذا السياق أنه لا يوجد نموذج واحد متفق عليه دوليا لما يعرف بالدولة العلمانية أو الفصل بين الدين والدولة،[5] فهناك دول اتجهت للفصل الصارم بين الدين ومجالات الحياة العامة مثل فرنسا، ودول أعطت وضعاً متميزا على المستوى الرمزي واﻷدبي لدين أو طائفة دينية ما، مع ضمان حقوق متساوية لمختلف اﻷديان مثل المملكة المتحدة، ودول أقرت بالفصل بين الدين والدولة مع التسامح في وجود تأثيراً للأديان في المجال العام مثل الولايات المتحدة اﻷمريكية.
من ناحية أخرى فإن تأثير الدين في الحياة العامة والسياسية يظل موجوداً بأشكال مختلفة حتى في ظل وجود ضمانات دستورية وقانونية للفصل بين الدين والدولة. لكن يبدوا اﻷمر أكثر إشكالاً في كثير من بلدان العالم اﻹسلامي، عندما يؤسس واقع أن الإسلام هو دين الدولة، أو أن الشريعة هي مصدر أو أحد مصادر التشريع، صوراً صارخة للتمييز بين المواطنين يكون مرجعها تبني الدولة لفهم ما للدين ومحاولة فرضه على المجتمع. كما أن تحديد مرجعية دينية لعملية التشريع تحد من عملية التداول السياسي الحر داخل المؤسسات الشعبية المنتخبة وتجعلها أسيره لهذه المرجعية في كثير من التشريعات. المرجعية الدينية للدولة والقانون تفتح الباب أيضاً أمام اﻻستغلال اﻻنتهازي للدين وتوظيفه من جانب القوى السياسية المتنافسة، مما قد يؤدي إلى احتدام الاستقطاب الطائفي أو العنف الديني في المجتمع. ورغم أن القانون الدولي لحقوق اﻹنسان لا ينص صراحة على نمط محدد للعلاقة بين الدين والدولة، إلا أن لجنة حقوق الإنسان المعنية بمراقبة تنفيذ بنود العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية كانت قد أكدت في أحد تعليقاتها العامة على عدم مشروعية تقييد الحقوق الواردة في العهد بمبرر تناقضه مع دين اﻷغلبية أو الدين الرسمي للدولة.
احتدمت النقاشات المجتمعية في أعقاب اﻻنتفاضات العربية حول هوية الدولة، ومكان الدين في البنى الدستورية للأنظمة السياسية الجديدة، في كلًا من مصر وتونس وليبيا. في السياق المصري يثير مصطلح الدولة المدنية التباساً في ضوء تعدد مدلولاته المستخدمة بواسطة القوى السياسية، إسلامية كانت أو ليبرالية. ومنذ سبعينيات القرن الماضي بدأت قوى الإسلام السياسي في مصر تطرح برامجها في إطار ما عرف بالحل الإسلامي، ذلك الحل الذي يقوم على منظور شامل للإسلام باعتباره دين ودولة. في المقابل برز مصطلح الدولة المدنية كنقيض للدولة الدينية أو الإسلامية. فمفهوم الدولة المدنية عند كثير من مستخدميه يعكس بعض التناقضات التي دفعت تيارات الإسلام السياسي إلى توظيف المفهوم في أدبياتها السياسية، وإخراج ما يعرف بنموذج “الدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية.” التناقض الرئيسي الذي يطرحه مفهوم الدولة المدنية هو عدم وضوح حدود العلاقة بين الدين من ناحية والتشريع والسياسات العامة من ناحية أخرى. فكثير من أنصار الدولة المدنية يرفض الخلط بين الدين والدولة، ولكنهم في الوقت نفسه يؤكدون على عدم المساس بالمادة الثانية من الدستور المصري التي تنص على أن “الإسلام الدين الرسمي للدولة، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع.”
فهم هذه المادة لدى أنصار الدولة المدنية يختلف بالتأكيد عن فهم تيارات الإسلام السياسي، فالقوى المدنية إما تنظر إلى مبادئ الشريعة باعتبارها مبادئ إنسانية عامة مثل العدالة والحرية والمساواة ولا تصطدم مع الحقوق والحريات العامة ومبدأ السيادة الشعبية، مع التزام معظم هذه القوى بالحد الأدنى في تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية والمعمول بها في النظام القانوني المصري في مجال الأحوال الشخصية، أو تستخدم مصطلح الدولة المدنية مع تأكيد المرجعية الإسلامية في التشريع والسياسات العامة الشخصية. لكن هذا الفهم الذي لا يضع حداً فاصلاً بين العلاقة بين التشريع والدستور والدين شجع تيارات الإسلام السياسي على توظيف مصطلح الدولة المدنية كنقيض للدولة الدينية التي عرفتها أوروبا في العصور الوسطى مع التأكيد على المرجعية الإسلامية.
وفي الحقيقة فإن دولة الشريعة الإسلامية تعد هي الأخرى نمط للحكم الديني أو الثيوقراطي المستند إلى سلطة نص ديني يخضع لتفسير النخبة السياسية الحاكمة. ورغم تأكيد جماعة الإخوان المسلمين أن تصورها عن الدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية هو ان تكون سلطة التشريع لنواب الشعب، فقد نص الدستور المصري 2011 الذي هيمن التيار الإسلامي على صياغته، على أخذ رأي هيئة كبار علماء الأزهر في كل ما له صله بالشريعة الإسلامية، أي أن رجال الدين سيكون لهم القول الفصل في تفسير النص الديني.
لقد كان الجدل حول صياغة المادة الثانية من الدستور المصري، وتداعياتها على الحقوق والحريات العام مصدراً لاستقطاب حاد بين التيارات السياسية في مصر، وسبباً لتخوفات مشروعة من بعض فئات المجتمع مثل اﻷقليات الدينية والمرأة. وفي ظل صعوبة إلغاء هذه المادة في السياق السياسي الراهن فهناك حاجه لوجود ضمانات دستورية قوية لحماية الحقوق والحريات العامة خاصة للأقليات الدينية. في هذا اﻹطار طرحت المنظمات الحقوقية المصرية في أكثر من مناسبة ضرورة تعديل، بحيث يكون هناك ضمانات لحياد الدولة تجاه المواطنين، وألا تؤدي هذه المادة إلى التضييق على حقوق الإنسان. [6]
اﻹسلام وحقوق الإنسان: اختيارات الفاعلين والسياقات السياسية
تظل التفاعلات السياسية واﻻجتماعية في إطار هياكل علاقات القوة المتغيرة هي العوامل الرئيسية التي يتم من خلالها إنتاج وإعادة إنتاج خطابات حقوق الإنسان، والخطابات الدينية في المجتمع، ونموذج علاقات الدين بالدولة، وأدوار الدين في المجال العام.
هذه العوامل هي التي تحدد التفسيرات والفلسفات الدينية التي ستسود أو تهمش في المجتمع. وإضفاء أي حتمية على مصير العلاقة بين اﻹسلام وحقوق الإنسان يجافي تجارب الواقع في البلدان الإسلامية والتي تؤشر على تنوع في الممارسات والمصائر.
تجربة التحديث في بداية ومنتصف القرن العشرين لها أيضاً تداعياتها على تطور الخطابات الدينية في البلدان الإسلامية وعلى خبرات الحركات اﻹسلامية فيها. فالتحديث في دولة مثل تركيا اتجه إلى فصل الدين عن الدستور والتشريع وتحجيمه في الحياة السياسية، وفي تونس اتجهت ظروف التحديث إلى إقرار إصلاحات نوعية في مجال حقوق المرأة، وتقوية الاتجاهات العلمانية والليبرالية في المجتمع، لكن سارت تجربة التحديث في مصر خلال القرن العشرين في اتجاه تزايد تدريجي لدور الدين في الحياة الدستورية والتشريعية، وتصاعد في نفوذ حركات اﻹسلام السياسي، وقد زادت هذه التوجهات في أعقاب انهيار النموذج القومي الناصري في نهاية الستينيات من القرن الماضي.
ومن ضمن المتغيرات السياسية التي تؤثر في طبيعة العلاقة بين اﻹسلام وحقوق اﻹنسان في المجتمعات اﻹسلامية هي مدى التنوع والتوازن في القوى في المجتمع المدني والسياسي، ومدى نفوذ تيارات اﻹسلام السياسي، ومدى التطور الفكري أيديولوجيا لدى هذه التيارات. ومن هذه المتغيرات أيضاً الدور التاريخي للمؤسسات الدينية الرسمية، ومدى نفوذها في الحياة السياسية والقانونية والتعليمية، وتوجهات قياداتها، وعلاقات القوى بداخلها، من ناحية أخرى يكون للمؤسسات القضائية دوراً هاماً في وضع منهج لتأويل الشريعة اﻹسلامية، وفي تعريف العلاقات بين الدين والدولة. ويعد تطور قانون اﻷحوال الشخصية في كلاً من مصر وتونس والمغرب أحد أبرز اﻷمثلة التي توضح تأثير هذه المتغيرات على تطور العلاقة بين الشريعة وحقوق اﻹنسان.
يضم قانون اﻷحوال الشخصية المصري الصادر في النصف اﻷول من القرن العشرين، صوراً متعددة للتمييز ضد المرأة في إطار الزواج والطلاق، وقد كانت هناك محاولات لتعديل هذا القانون بغرض توسيع حقوق المرأة، لكن لم يكتب لها النجاح. ثم صدرت تعديلات نوعية على هذا القانون عام 1979 بدعم من رئاسة الجمهورية، لكن لم تصمد هذه التعديلات، التي لم تكن تحظى بدعم مجتمعي وسياسي، وسط معارضة شديدة من جانب بعض قيادات وأعضاء المؤسسة الدينية الرسمية، وتيارات اﻹسلام السياسي.
استطاعت الحكومة المصرية إدخال عدد من التعديلات المحدودة على هذا القانون عام 1984، وفي عام 2000 فقط تم إقرار قانون الخلع، الذي يجيز للمرأة تطليق نفسها دون موافقة الزوج في إطار عدد من الضوابط والشروط. وقد حظي قانون الخلع وقتها بدعم من السلطة التنفيذية، واﻷزهر، والمحكمة الدستورية العليا، اﻷمر الذي ضمن إصداره واستمرار تنفيذه بالرغم من اعتراضات تيارات اﻹسلام السياسي.
في تونس كان الحبيب بورقيبه أول رئيس لتونس بعد استقلالها عن فرنسا، وقد تمتع بشعبية ونفوذ سياسي كبير، وكان داعماً للمساواة بين الرجل والمرأة، اﻷمر الذي انعكس في قانون اﻷحوال الشخصية التونسي الصادر عام 1956، والذي بموجبه تم منع وتجريم تعدد الزوجات، كما وسع القانون من حقوق المرأة في الزواج والطلاق. ورغم معارضة بعض اﻹسلامين لهذا القانون إلا أن اتفاق عام بين مؤسسات المجتمع المدني، والقوى السياسية في تونس ضمن حماية هذا القانون.
أما المغرب فقد تمكنت من إصدار مدونة اﻷسرة عام 2004 والتي قيدت تعدد الزوجات، وجعلته مرهوناً بموافقة المحكمة، وقيدت حق الرجل في الطلاق المنفرد لزوجته، ومنحت حقوقاً نوعية للزوجة. وقد حظيت هذه المدونة بدعم من الحركة النسوية والحقوقية في المغرب، وعارضتها جماعات اﻹسلام السياسي، لكن تبني ورعاية المؤسسة الملكية، بما لها من وزن سياسي وديني في البلاد، لهذه المدونة، كان من العوامل الحاسمة ﻹقرارها.
تعد المواقف المتباينة للأحزاب اﻹسلامية من حقوق الإنسان مثالاً أخر على تأثير السياقات السياسية واﻻجتماعية على فهم وممارسة حقوق الإنسان، إذ لا يميز الكثيرون بين الإسلام والإسلام السياسي. الأمر الذي يؤدي إلى الاعتقاد بأن الإسلام بطبعه يؤسس لفكرة الإسلام السياسي، ويدعوا لتأسيس ما يعرف بالدولة الإسلامية. هذا الخلط يتناقض مع تاريخ الإسلام والمسلمين، ومع الواقع الفكري في العالم الإسلامي منذ القرن الثامن عشر.
أنصار الإسلام السياسي ينتقدوا توصيف الإسلام بالسياسي لأنهم يعتقدون أن السياسة ركن رئيسي في الإسلام باعتباره دين شامل ينظم جميع أوجه الحياة. الإسلام مثله مثل أي دين يشتمل على تقاليد فكرية متنوعة ويتحمل تاريخه تأويلات متعددة. قد تكون من ضمنها أفكار الإسلام السياسي، لكنها لا تمثله حصريا، فجميع المسلمين في العالم ليسوا بالضرورة مؤمنين بمقولة أن الإسلام دين ودولة أو أن الشريعة الإسلامية لابد وأن تكون القانون الحاكم للدولة الإسلامية الحديثة.[7]
وعلى الرغم من أن هناك قواسم عامة مشتركة بين جميع تيارات اﻹسلام السياسي، وفي مقدمتها بناء نظام حكم إسلامي يقوم على تطبيق الشريعة اﻹسلامية، إلا أن هناك اختلافات فقهية وتكتيكية بين هذه التيارات. فتجربة اﻹخوان المسلمين في مصر، وحركة النهضة في تونس خلال العقد اﻷخير يقدما دليلاً عملياً على هذه الاختلاف.
ففي مصر تبنت جماعة اﻹخوان المسلمين أجندة محافظة تجاه حقوق المرأة، وحرية العقيدة، وحرية الرأي والتعبير، والتعددية السياسية، كما توافقت مع التيارات السلفية على تقوية بنود الشريعة اﻹسلامية، في أول دستور بعد انتفاضة يناير 2011.
أما في تونس أبدت قيادات حركة النهضة تسامحاً أكبر تجاه حقوق المرأة، واكتفت بالنص في الدستور على أن الإسلام دين اﻷغلبية، دون النص على تطبيق الشريعة اﻹسلامية. هذه المواقف التي تبنتها حركة النهضة تعود إلى التكوين الفكري والأيديولوجي اﻷكثر ليبرالية لمؤسس الحركة الشيخ راشد الغنوشي، وإلى سابقة التوصل إلى تفاهمات تاريخية بين حركة النهضة وباقي الفصائل السياسية في تونس في اﻷعوام اﻷخيرة من نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي، وأيضاً إلى وجود توازن في القوى بين التيارات اﻹسلامية وغيرها من التيارات السياسية في تونس، اﻷمر الذي لم يتوافر في مصر خلال السنوات التي أعقبت رحيل الرئيس مبارك عن الحكم.
السياق اﻹقليمي أيضا له تأثيره، فقد كان للخطاب الديني المحافظ في بلدان الخليج تأثيراً على دولة مثل مصر بشكل يفوق دولاً أخرى مثل تونس أو المغرب. وعلى الرغم من أن الزخم حول حقوق الإنسان قد اكتسب دفعة من المجتمع الدولي خلال عقدي الثمانينات والتسعينات، فإن ازدواجية المعايير في سياسات القوى الدولية تعطي فرصة للتوجهات المعادية لقيم حقوق الإنسان في العمل على إضعاف المنظومة العالمية لحقوق الإنسان.
من ناحية أخرى ففي العقد اﻷخير استطاعت عدداً من القوى الدولية مثل روسيا والصين تشكيل تحالفات عابره للقارات، تضم معظم دول منظمة التعاون اﻹسلامي في الأمم المتحدة، إما للدفع بفكرة الخصوصية الثقافية في مواجهة عالمية حقوق الإنسان (القيم التقليدية) أو لعرقلة تطور معايير حقوق الإنسان في بعض المجالات مثل حقوق المثليين.
ختام: التسامح الديني وحرية الرأي والتعبير كمدخل لتطوير الخطابات الدينية
تشكيل الخطابات الدينية، والتفاوض حول أنماط العلاقة بين الدين والدولة، يتم في إطار عملية تاريخية طويلة تتم في سياقات سياسية واجتماعية معقدة ومتغيرة. مدارس اﻹصلاح الديني في التراث المسيحي بدأت بتحدي اﻷسس اللاهوتية والأدوار السياسية للكنيسة الكاثوليكية، لكن لم يكن على أجندة المصلحين الدينين في ذاك الوقت تصدير وجه إنساني ومتسامح للمسيحية. فقد اعتمدت أيضاً حركات الإصلاح الديني المعارضة للكنيسة الكاثوليكية (مارتن لوثر وجان كالفن) على سياسات تتسم بالجمود والقمع والدوجماطيقية لم تختلف كثيرا عن ممارسات الكنيسة الكاثوليكية في مواجهة خصومها الفكريين والسياسيين. لكن من أهم ما أثمرت عنه حركات الإصلاح الديني هو حدوث تصدع وتشظي في بناء المسيحية التي هيمنت على أوروبا لقرون طويلة من الزمن، هذا التصدع دفع اﻷوروبيين إلى صراعات دموية طويلة ذات صبغة دينية، وولد من رحمها تدريجياً أفكار التسامح الديني، وحرية الدين والمعتقد (جون لوك، فولتير)، كوسائل ضرورية للتعايش السلمي بين الطوائف الدينية المختلفة. هذه المساحات الجديدة في المجال العام فتحت مجالاً رحباً أمام تغيرات نوعية في الخطابات الدينية في السياق المسيحي.[8]
في السياق العربي واﻹسلامي، تواجه المدارس والطوائف الدينية المعارضة للتوجهات السائدة في مجتمعاتها تحجيما وقمعاً، كان من تداعياته إذكاء العنف والاستقطابات الدينية والصراعات الصفرية في كثير من هذه البلدان، في هذا اﻹطار فإن قضية التسامح الديني، واحترام حرية الدين والمعتقد يمكن النظر إليها باعتبارها من أدوات حل الصراعات والتعايش السلمي في المنطقة. من ناحية أخرى فإن شرعنه حرية الرأي والتعبير وحرية الدين والمعتقد داخل المنظومة الفكرية الإسلامية بصرف النظر عن تنوع مدارس الفكر اﻹسلامي تأخذ في تقديري اﻷولوية القصوى، والتي ستمهد الطريق أمام التداول النقدي والحر للأفكار الدينية دون تعرض أصحابها وأنصارهم للاضطهاد.
[1] حول مبدأ الاختلاف وتطبيقاته في الفقه الإسلامي أنظر
Masud, M. Khalid. (2009) ‘Ikhtilaf al-Fuqaha: Diversity in Fiqh as a Social Construction’, in Anwar, Zainab. Wanted: Equality and Justice in the Muslim Family. Selangor: Musawah, pp. 65-94.
[2] أنظر محمد سعيد العشماوي (1992) اصول الشريعة. سينا للنشر.
[3] Saeed. A. (2014) Reading the Qur’an in the Twenty-first Century: A Contextual Approach. London: Routledge.
[4] See Soroush, A. (2000) ‘Islam, Revelation and the Prophethood’.
[5] See Temperman, Jeroen. (2010) State-Religion Relationships and Human Rights Law. Brill.
[6] أنظر نداء بتعديل المادة الثانية من الدستور، 2007
أنظر أيضاً اﻷحكام اﻷساسية في الدستور: بردية منظمات حقوق الإنسان المصرية، 2011
[7] See Tibi, Bassam.(2012) Islam and Islamism. New York: Yale University Press.
[8] See Marshall, John. (2010) John Locke, Toleration and Early Enlightenment Culture. Cambridge University Press.