جندرة الموت: دراسة القوالب النمطية القمعية الكامنة في طقوس الجنازة والدفن لدى المسلمين في مصر

حمل هذا المقال كبي دي إف

الإشارة المرجعية: طلبة، هبة الله (2022). جندرة الموت: دراسة القوالب النمطية القمعية الكامنة في طقوس الجنازة والدفن لدى المسلمين في مصر. رواق عربي، 27 (2)، 55-67. https://doi.org/10.53833/XORK9079

خلاصة

يسعى هذا البحث لاستكشاف كيف تتشكل طقوس الجنازة والدفن لدى المسلمين في مصر، من خلال القوالب النمطية الجندرية والأعراف الاجتماعية والثقافية التي تحدد سلوك الذكورة والأنوثة. كما يدرس البحث تجربة المشاركين في سياق تلك الطقوس المجندرة، وكيف تؤثر على مشاركتهم فيها. وقد اعتمد البحث منهجية نوعية تستخدم السرد الشخصي والإثنوغرافيا الذاتية. وعبر تحليل الخبرات العاطفية والجسدية، أقوم بتقييم كيفية تأثير ضبط أجساد الإناث على استيعاب النساء المشاركات في البحث لأجسادهن. كما تم فحص القوالب النمطية الجندرية، مثل ربط النساء باللاعقلانية، نظرًا لكيفية تأثيرها على الممارسات الطقسية والشعائرية –مثل الفصل بين الجنسين– والتي بدورها تؤثر على الخبرات العاطفية للنساء المشاركات. علاوة على ذلك، ومن خلال معالجة الأداء الذكوري المفروض خلال المراسم، أجزم بأن طقوس الجنازة والدفن لدى المسلمين هي معيار وشكل من أشكال السلطة التي تحددها القوالب النمطية الجندرية؛ إذ أن الطبيعة الجندرية للطقوس تُشكّل خبراتنا كذكور وإناث، وتجعلها غير متكافئة.

مقدمة

تستكشف هذه الدراسة كيف تشكلت طقوس الدفن والجنازة لدى المسلمين عبر القوالب النمطية الجندرية والأدوار الاجتماعية والثقافية المرتبطة بثنائية الذكورة والأنوثة. كما تدرس كيف اختبر المشاركون في البحث الطبيعة الجندرية للطقوس، وكيفية تأثير تلك الخبرات على مشاركتهم في مراسم التشييع. ويستهدف البحث الإجابة عن الأسئلة التالية: أولًا، كيف يتم تقسيم الأدوار الجندرية خلال طقوس الدفن والجنازة لدى المسلمين؟ ثانيًا، كيف تُشكّل الطبيعة الجندرية خبرات المشاركين فيما يتعلق بثنائية الأداء الذكوري والأنثوي خلال تجاربهم في التعامل مع فاجعة الفقد؟ ويركّز هذا البحث على طقوس الدفن والجنازة استنادًا لأهمية هذه الطقوس في حياة الفرد في كافة المجتمعات؛ إذ تُعد الطقوس الدينية أمرًا ثقافيًا وتاريخيًا، وتعمل كطرق تعليمية للتنشئة الاجتماعية الدينية.[1] وتستهدف الطقوس تثقيف أعضاء الجماعة بشأن المعايير القائمة وعلاقات القوة والبنى الاجتماعية. ومن ثم، تمارس الطقوس الدينية دورًا هامًا في تكوين هوية الجماعات الدينية، وفي تشكيل تلك الهوية والحفاظ عليها داخل البنى الاجتماعية. وعلى هذا النحو، «فإن المعتقدات والتقاليد المحيطة بالموت، وطقوس الجنازة والحداد، توفر إطلالة على الجذور العميقة لقيم المجتمع».[2]  وهكذا، تمنحنا دراسة طقوس الدفن والجنازة فكرة جوهرية حول البنى الاجتماعية وعلاقات القوى داخل المجتمعات؛ إذ تعكس تلك الطقوس المعتقدات والتراتبية الاجتماعية والثقافية. وقد نبع اتخاذ قرار استكشاف هذا الموضوع من خبرتي الشخصية ومن خبرات المشاركين في البحث مع وفاة الأب.

يسعى سؤالي البحثي الأول لاستكشاف الطبيعة الجندرية لممارسة طقوس الدفن والجنازة في مصر. ويعد الجسد هو نقطة الانطلاق في بحثي، من حيث جوهره المادي أو طبيعته الاجتماعية والعاطفية. ومن ثم، مثلت نظريات الجسدانية والعاطفة الأساس والإطار النظري للبحث.

في وقت سابق، استعرضت عدة أعمال بحثية عن الجندر كيفية تحديد أنوثة وذكورة الأجساد وفقًا لتشريحها، أو بمعنى آخر الجنس. والجنس كمعطى هو نتاج لنظام اجتماعي/خطابي للجنسانية،[3] إذ يمثل الجسد الأرض التي تُمارَس عليها السلطة. في حالات عديدة، يتم فرض هذا الأمر وإعادة إنتاجه واستيعابه من خلال الكيفية التي تشكل بها السلطة الانضباطية هذا الشأن، وجلبه إلى حيز الوجود عبر هذا الضبط.[4] إذن الجندر هو «تفسير متعدد للجنس؛ الوسائل الثقافية الخطابية التي يتم من خلالها إنتاج وترسيخ «الطبيعة الجنسية» أو «الجنس الطبيعي»».[5] في هذا السياق، فإن أسلوب التعبير الجسدي هو مجموعة السلوكيات المتوقعة من كل جنس في حياته اليومية، استنادًا إلى الاختلافات التشريحية. وهكذا تُعزى هذه المجموعة من السلوكيات اجتماعيًا إلى «الجندر».[6] ويُفسّر التمييز بين الجنس والجندر كيف أن السلوكيات الذكورية والأنثوية قد تم تكوينها وتسويتها وفرضها من خلال مجموعة من علاقات القوة الثقافية والبنيوية.

وبينما من المهم الاعتراف بالجندر كبنية اجتماعية، إلا أن التركيز على الجانب الاجتماعي فحسب يٌقيّد أهمية الجسد الذي بدوره يُشير إلى ما «قد يعتبره (الناس) مركزيًا في خبرتهم الفردية مع الجندر».[7] وعلى المنوال ذاته، تتحدى أبحاث أخرى[8] ثنائية الجنس والجندر، وتوضح أن الجنس هو أيضًا بنية اجتماعية. في هذا السياق، تلاحظ آن فاوستو سترلينج كيف أن «البُنى المجندرة تقوم بتغيير الوظيفة والبنية البيولوجية».[9] بينما في الوقت ذاته، تؤثر البنية والوظيفة البيولوجية في الجندر، والهوية الجندرية، والأدوار الجندرية على كلا المستويين، الفردي والثقافي.

مع أخذ ذلك في الاعتبار، أتأمل في كيفية تشكيل طقوس الدفن والجنازة لدى المسلمين في مصر، وفقًا للمعايير التي تتأسس عليها سمات الذكورة والأنوثة المخصصة لكل المشاركين في البحث، ومن ضمنهم أنا. ومن ثم، أتأمل في كيفية تأثير ذلك على تجاربنا في ممارسة الطقوس. مستهدفةً استكشاف هذا الحس المادي للجندرية، والنظر في التجربة المادية والعاطفية التي تم اختبارها أثناء الطقوس، وتأثيرها.

نظريات الجسدانية هنا تساعد في استيعابي لأهمية الجسد في الدراسات الجندرية، وفي دراسة الطقوس. ومن خلال تأطير الجسد باعتباره «يزودنا بمنظور: الجسد هو النقطة التي نبدأ منها والتي يتكشف العالم من خلالها»؛[10] أتوغل عميقًا في التجربة الدينية المادية لممارسة الطقوس. وعبر دمج دراسة الجوانب المادية والعاطفية لممارسة المسلمين لطقوس الجنازة والدفن؛ أهدف لاستكشاف «الطريقة التي نشعر بها لكوننا على هذه الهيئة الجسدية».[11] وهذا أمر بعيد عن دراسة الدين في إطار «الأطر السيميائية والتمثيلية»،[12] ويرسخ المعرفة الناتجة عن الخبرات الشخصية.

على الجانب الآخر، توضح العاطفة أهمية التعامل مع المشاعر كمصدر للمعرفة، واستكشاف كيف يمكن للمشاعر تشكيل الأفراد وكذلك أجسادنا.[13] في تحليلي أفحص حركة العاطفة، وأتعقب كيف يمكن للمشاعر أن تُثار ثقافيًا، ومدى ارتباطها بالجسد. المشاعر «ضرورية لتكوين النفسي والاجتماعي كأشياء».[14] كما أقوم بمقاربة المشاعر والعاطفة الناتجة عن ممارسة الطقوس الدينية، باعتبارها معرفة وأداة تعلم بشأن الذات والهوية والموقع الاجتماعي. ومن خلال استيعاب المعرفة الناتجة عن ممارسة هذه الطقوس حين التعامل مع الجسدانية والعاطفة، أفحص الطبيعة الجندرية لطقوس الجنازة والدفن لدى المسلمين في مصر، وكيفية تشكيلها لخبراتنا في ممارسة الطقوس.

منهجية البحث

يتبنى هذا البحث منهجية نوعية؛ إذ يركز على السلوكيات والمواقف والتأملات والتأثيرات الاجتماعية، بدلًا من النتائج القابلة للقياس.[15] فضلًا عن ذلك، فإنه يتمحور حول الخبرات الفردية للمشاركين في البحث، ومن بينهم أنا؛ ومن ثم، تم اللجوء لمنهجية نوعية تستخدم السرد الشخصي والإثنوغرافيا الذاتية، بالإضافة إلى المنهج البنيوي الاجتماعي.

تُسلّط البنيوية الاجتماعية الضوء على أهمية الأطر الثقافية والتفاعلات الشخصية في فهم وخلق المعرفة بشأن ما يجري في مجتمع ما.[16] وهكذا، تُعد المعرفة نتاج بشري يتم بنائه اجتماعيًا وثقافيًا من جانب الأفراد من خلال التفاعل فيما بينهم وتفاعلهم مع العالم.[17] ومن ثم، يركز تحليل البحث على كيفية صياغة المشاركين معنى الطبيعة الجندرية لطقوس الجنازة والدفن لدى المسلمين، والذي تشكل من خلال تفاعلاتهم وتفسيراتهم الاجتماعية.

لغرض هذه الدراسة، اخترت استخدام منهج البحث السردي والإثنوغرافيا الذاتية. البحث السردي هو «التعلُم من خلال القصص الشخصية التي يرويها الأفراد».[18] في نهاية المطاف، تخبرنا هذه القصص الخبرة الفردية في السرد، بالإضافة إلى الخبرة الاجتماعية حينما يتفاعل الأفراد في تلك القصص مع بعضهم البعض.[19] علاوةً على ذلك، فإن السرديات كأداة بحثية تتيح للناس «تكوين واستيعاب عالمهم الاجتماعي»،[20] وهو جوهر هذا البحث. فضلًا عن ذلك، يفترض البحث السردي عدم وجود حقيقة مطلقة في حياة الإنسان والواقع؛ ما يعني بدوره عدم وجود قراءة أو تفسير صحيح لأي شيء. بدلًا من ذلك، يناصر البحث السردي كلا من التعددية والذاتية.[21] ويُعد هذا المنظور مفيدًا للغاية في دراسة الممارسات الاجتماعية، مثل طقوس الجنازة والدفن في مصر، إذ أن السرديات لا تركز فقط على المحتوى، وإنما تركز أيضًا على المعني الكامن وراء الرواية.[22]

وفي سياق التأمل في تجربتي مع ممارسة الطقوس الدينية؛ أيضًا استخدم الإثنوغرافيا الذاتية كطريقة بحثية وكنهج سردي. الإثنوغرافيا الذاتية «تسعى للوصف وللتحليل المنهجي (وصفي) للخبرة الشخصية (الذاتية) من أجل استيعاب التجربة الثقافية (الإثنية)».[23] كذا فإن الإثنوغرافيا الذاتية تساءل سلطة الباحثة، وعدم تحيزها، ومزاعم الحقيقة الموضوعية في العلوم الاجتماعية.[24] وفي الإثنوغرافيا الذاتية، تتم «كتابة»[25] السردية الخاصة بالباحث بشكل صريح، وبأسلوب تحليلي صارم، كجزء مركزي وأساسي ومكمّل للعملية البحثية، بدلًا من كونه اعترافًا فرعيًا «هامشيًا».[26] الإثنوغرافيا الذاتية أيضًا هي مثال واضح على كيف أن الشخصي سياسي؛ وذلك من خلال نشر حياتي على المشاع، وجعل تجربتي الشخصية سياسية، متطلعةً لاستكشاف الخبرة الجندرية لطقوس الجنازة والدفن في مصر وتأثيراتها على الأداء الجندري. وأتأمل كيف أشاهد، وكذلك المشاركين في البحث، واقعنا الخاص وعلاقته بثقافتنا وديننا في سياقنا الخاص.

لإجراء هذا البحث السردي الشخصي، اخترت منهج دليل المقابلة العام كطريقة لجمع البيانات. وهو أكثر تنظيمًا من المقابلات النقاشية غير الرسمية، كما يسمح تكوينه بالمرونة.[27] وتم اختيار عدد قليل من الأسئلة لكل مقابلة، لتحفيز تلقي الإجابات في شكل سردي. وهو ما سمح لي بضمان أن المجالات والموضوعات العامة التي خضعت للنقاش تم جمعها من المشاركين. وفي الوقت ذاته أتاح المجال أيضًا لاستكشاف منهج ذو طبيعة شخصية أكثر، مع كل شخص تم إجراء مقابلة معه.[28] اتسمت القصص التي حصلت عليها من المقابلات بكونها متتابعة، وبأنها تصف حياة المشارك من صغره وخلال نشأته، وعلاقته بالدين وبممارسة الشعائر الدينية. وبالمثل، دونت خبرتي وقصتي الشخصية بالتدفق نفسه، منذ الصغر والنشأة وحتى تجربتي الأخيرة مع طقوس الجنازة والدفن.

عادةً ما تتضمن دراسات البحث السردي مجموعة صغيرة من موضوعات البحث؛ إذ أن كمية البيانات التي يتم جمعها من خلال النقاش حر التدفق مع كل مشارك تكون أكبر من الكمية التي يتم جمعها عبر طرق البحث التقليدية.[29] ومن ثم، يعتمد البحث على مقابلتين فحسب، بالإضافة إلى سردي الشخصي. أجريت مقابلة مع أنثى وأخرى مع ذكر. مع الأخذ في الاعتبار حساسية الموضوع وإثارته للمشاعر؛ اخترت مشاركين أبديا رغبتيهما في التطوع للمشاركة في البحث بمجرد أن استمعا إليّ أثناء مناقشتي فكرته. «عليّ»،[30] المشارك الذكر، تواصل معي حين سمعني أناقش البحث مع أحد أبناء عمومتي. بينما «مريم»،[31] المشاركة الأنثى الثانية بالإضافة إليّ، فقد راسلتني عبر وسائل التواصل الاجتماعي بعدما طالعت منشورًا كتبته عن مفهوم البحث الذي أجريه. عليّ هو رجل مصري شاب في نهاية عشرينياته. ولد ونشأ في مدينة ساحلية في شمال مصر، وانتقل إلى القاهرة للعمل في بداية عشرينياته. وينحدر من عائلة مصرية من الطبقة المتوسطة. أما مريم، فهي امرأة مصرية شابة في منتصف الثلاثينيات. ولدت ونشأت في القاهرة، ولكن مسقط رأس عائلتها يتواجد في قرية في دلتا مصر. ومثل علي، تنتمي مريم لعائلة من الطبقة المتوسطة.

وأخذةً في الاعتبار الطبيعة الذاتية للبحث؛ اخترت منهج تحليل الظواهر التفسيرية (IPA)؛ وهو منهج يدرك أن الناس لديها تصورات مختلفة عن العالم، وأن ذلك منوط باختلاف الشخصية والخبرات.[32] ومن ثم، فإن منهج تحليل الظواهر التفسيرية «يعمل بمنطق محاولة فهم ظاهرة محددة من منظور مجموعة معينة».[33] وفي هذا السياق، أسعى لاستكشاف وفهم واستيعاب قصص حياتنا وخبراتنا الشخصية، استنادًا للتفسير الذاتي لكل فرد لأحداث الحياة. وخلال الإعداد لتحليلي وكتابته، استغرقت أولًا في مراجعة النصوص والسجلات التي بحوزتي بحثًا عن موضوعات بحثية محددة.[34] وبرزت الموضوعات البحثية المتضمنة في تحليلي –الذكورة، الأنوثة، الفصل بين الجنسين، والعاطفة– نتيجة الملاحظة المنهجية للنصوص. ومن ثم، قررت رسم الروابط بين الموضوعات وتدوين الموضوعات الفرعية أسفل كل موضوع.

القضايا الأخلاقية وقيود البحث

لكل من السرد الشخصي والإثنوغرافيا الذاتية، بما أن كلاهما يدرس قصص الحياة، قيودًا مشابهة حين يتعلق الأمر بكيفية تأثير الباحث على المحتوى ومن هو صاحب الصوت المسموع.[35] أناقش أدناه مقاربتي للتعامل مع موقعي كباحثة، والمسئولية الأخلاقية لحماية خصوصية وحفظ ماء وجه من أجريت معهم المقابلات، بالإضافة إلى مقاربتي للتعامل مع القضايا الأخلاقية المتعلقة بهذه الدراسة.

البحث هو عملية محادثة بشأن موضوع حساس ومثير للمشاعر. ورجوت أن يكون موقعي في السياق الاجتماعي نفسه، في القاهرة، قد ساهم في خلق مساحة آمنة وراحة شعورية خلال مقابلاتنا. أيضًا أنا على وعي بأن تلك الألفة ربما تشكل تحديًا، ومن ثم سعيت لضمان أنه لم يكن هناك توجيه للإجابات، أو محاولة للتأثير على روايات المشاركين؛ عبر تجنب أي إيحاء قد يؤدي إلى نتائج بعينها. كانت عملية المقابلة عبارة عن حوار؛ وقد تساءل كلا من عليّ ومريم أكثر من مرة عما إذا كان بمقدوري الإجابة على الأسئلة نفسها. طوال عملية المقابلة كنت غالبًا باحثة، بالإضافة لكوني موضوعًا للبحث، وهو ما خلق إحساسًا بالتضامن والمؤازرة.

علاوةً على ذلك، فإن طبيعة الموضوع الذي تمت مناقشته مع المشاركين ربما يتسبب في معاناة عاطفية لكلا من المشاركين والباحثة. لقد ناقشت مع المشاركين الطرق التي يمكنهما بوساطتها الحصول على الدعم العاطفي إذا لزم الأمر. تم اختيار طريقة جمع البيانات باستخدام المقابلات المفتوحة خصيصًا لمنح المشاركين القدرة على اختيار ما يرغبون في مشاركته. ورغم استحالة تجنب إثارة الانفعالات العاطفية، في بعض الأحيان؛ فإن المقابلات المفتوحة ساعدت في تخفيف الشعور بالمعاناة. وقد تم إبلاغ علي ومريم أنه باستطاعتهما إيقاف المقابلة متى احتاجا إلى ذلك، وأن قرار استكمال المقابلة أو الانسحاب منها في أي وقت عائد إليهما.

أثناء المقابلة مع مريم، توقفنا عن التسجيل عدة مرات حينما غمرتها المشاعر وبدأت في البكاء. وقد ساهمت حقيقة أننا كنا نعرف بعضنا البعض بالفعل في خلق مساحة آمنة؛ حيث يمكن لكلينا التعبير عن مشاعرنا بحرية. وفي كل مرة، يتم استئناف التسجيل فقط بعدما تطلب مريم استكمال الحوار مجددًا، وتصر على حاجتها للإفصاح عما بداخلها، ورغبتها في الحديث بشأن موضوع المقابلة كجزء من عملية تعافيها. بعد المقابلات، تابعت التواصل مع مريم وعلي عبر المكالمات الهاتفية والرسائل النصية، للاطمئنان عليهما، وللتحقق مما إذا كان للمقابلات أي تأثير على حالتهما النفسية. وفي أكثر من مرة، أكدا كليهما أن التجربة كانت مرحلة للتعافي أكثر منها إثارةً لمشاعر الحزن. لاحقًا، أعربا عن شكري؛ لتوفير مساحة آمنة للتحدث عن تجربتيهما.

أنا أيضًا، كباحثة، أتأثر عاطفيًا حينما أستمع للمقابلات، وخلال نقل تجربتي الخاصة. وأخذةً لذلك في الاعتبار؛ أسعى للحفاظ على التوازن بين استماعي للمقابلات واحتواء التعبيرات العاطفية لمن أجريت معهما المقابلات خلال استدعاء تجاربهما.[36] ورغم ذلك، فإنني أدرك أن المشاعر لا يمكن إزالتها بالكامل من البحث، ولا يجب أن يتم ذلك. وبشكل واع، تجاهلت في كتابتي الرغبة الملحة في تجريد العمل من العاطفة، حيث يرتكز هذا البحث في الواقع على أن يكون «منفتح» وقابل لأن يكون «كتابة معرضة للانتقاد».[37] وعبر اعتماد مقاربة نسوية، فأنا على وعي بالمعرفة المتضمنة الناتجة عن العاطفة والتي تم جمعها من خلال المقابلات، وكيف تم تشكيلها بوساطة مشاعري، بالإضافة إلى كيفية شعور من أجريت معهم المقابلات، والأسئلة التي تم توجيهها، واختيار الكلمات.[38] إذ أركز على فهم أساليب المشاركين في إدراك واقعهم، بدلًا من فرض تعريف أو معنى لها.

اشتملت دراستي على اثنين من المشاركين بالإضافة إليّ. في البداية، كنت متشككة بشأن قلة عدد المشاركين، وقررت مع المشرف الأكاديمي –إذ أن الدراسة هي جزء من أطروحتي للماجيستير– الإبقاء على المشاركين الاثنين، والنظر في ثراء الروايات التي تم جمعها. رغم ذلك، فإن دراسة طقوس الجنازة والدفن في مصر في مختلف الطبقات الاجتماعية والاقتصادية، وباختلاف المواقع الجغرافية والأعراق والأديان بخلاف الإسلام، لم تكن في نطاق هذا البحث. ويُعد الانتماء إلى ديانات الأقليات أيضًا عاملاً مهمًا –في تشكيل هذه الخبرة. علاوة على ذلك، يتطلب البحث عينة أكثر تنوعًا وعددًا أكبر من المشاركين؛ إذ تتباين الطقوس باختلاف المكان والطبقة والدين. أخيرًا، نتيجة الوعي بالعلاقة بين السلطة والمعرفة وأن تكون حساسًا لـ «سياسات أي تمثيل»؛ شاركت تحليلي النهائي مع المشاركين، بهدف مشاركة السلطة التفسيرية معهما. ولم يكن لدى أي منهما أي تعليقات على التحليل.

موضوعات نابعة من ممارسة طقوس الجنازة والدفن لدى المسلمين في مصر

في القسم التالي، بعد شرح مراحل الطقوس، أناقش الفصل بين الجنسين في علاقته بتشييئ أجساد النساء. أنظر في التناقض بين الذكورة والأنوثة عندما يتعلق الأمر بالأحكام المفروضة على الجسد وكيف تختلف. وعلى تقسيم العمل استنادًا لثنائية السمات الذكورية والأنثوية، والخبرات العاطفية المختلفة للمشاركين في البحث.

لا يوجد وصف تفصيلي للطقوس في القرآن. ومن ثم، يعتمد أداء الطقوس على ما ورد في الحديث والأعراف الاجتماعية التي تم بنائها اجتماعيًا. وتجدر ملاحظة أن جذور الطقوس يمكن تتبعها جزئيًا حتى الوصول لعصر مصر القديمة،[39] وهو ما يشير لوجود بعض العوامل الثقافية التي تظهر في التقاليد المرتبطة بالموت، وأن الطقوس لا تنبع من الدين بشكل محض. علاوةً على ذلك، لا تتمايز الطقوس القبطية بشكل كبير عن الطقوس الإسلامية، وهو ما يشير مجددًا للتأثير الثقافي على تلك الممارسة. وسواء كانت الطقوس دينية بحتة أو مفروضة اجتماعيًا، فإن ذلك الأمر لا يندرج في نطاق البحث. إذ أركز هنا على من يملك السلطة على تنظيم الطقوس. الوصف أدناه هو للطقوس كما تتم ممارستها في مصر حاليًا، وكما اختبرتها شخصيًا طيلة حياتي.

فور إعلان وفاة شخص ما، يتم غسيل الجسد في عملية تعرف باسم الغُسل. وحده شخص من الجنس نفسه بإمكانه غسل جسد المتوفي. ولا يجوز للمرأة الحائض غسل جسد الميت. وبمجرد إتمام عملية الغُسل وتكفين الجسد، يجب وضعه في نعش يحمله عادةً أربعة رجال. ولا يجوز للنساء حمل النعش أو السير خلفه في الجنازة. بعد ذلك يتم نقل الجثمان إلى المدفن. ويتم ردع النساء عن دخول المدافن، ولا يُسمح لهن بدفن المتوفي، ويُحرمن من مراقبة عملية الدفن، سواء كان المتوفي رجلا أو امرأة. وتجدر ملاحظة أن ذلك يختلف بين المناطق الريفية والحضرية، وكذلك وفقًا للطبقة الاجتماعية والاقتصادية. في أعقاب الدفن، يكون لدى العائلات خيار إقامة حفل تأبين، يُعرف باسم العزاء، إما في مسجد أو في المنزل. وغالبًا ما يتم فصل الرجال والنساء خلال العزاء في المسجد. وفي المناطق الريفية، إذا أُقيم العزاء بالمنزل، فمن المعتاد تقديم العشاء للمعزين. في هذه الحالة، تتولى النساء عادةً مسئولية إعداد الطعام، بينما يتلقى الرجال العزاء في غرفة منفصلة.

الفصل بين الجنسين

في أعقاب الوفاة وخلال غالبية مراحل الدفن يُفصل الرجال عن النساء. في هذا القسم أتأمل كيف أن هذا الفصل يسفر عن تشييئ أجساد النساء. كما ألاحظ العلاقة بين الأجساد والحيز المكاني الناجمة عن هذا الفصل.

أول الموضوعات التي بزغت من رواياتنا حين تعلق الأمر بالفصل بين الجنسين، هو تشييئ أجساد النساء. أتذكر حينما كنت أبلغ تقريبًا العشرين من العمر، منعني عمي من حضور جنازة ودفن جدتي. كان جليًا أن إقصائي من الدفن يرتبط بالجنس. ما زلت أتذكر أمي وهي تخبرني كيف طُلب منه منعي من الذهاب «هكذا»، بسبب شعري المكشوف وسروالي. الفكرة الفورية التي خطرت ببالي أنهم لا يرغبون في وجودي هناك لكوني قد أتسبب في إلهاء جنسي. إن تشيئي كأنثى لم يدفعني فقط إلى الشعور بالدونية لاعتباري أداة جنس، وإنما منعني أيضًا من المشاركة في تأبين شخص أحببته بشدة، كما يرتبط سببيًا بردة فعل عقابية على أنوثتي. وقد ظهر التشييئ نفسه واعتبار «النساء مصدرًا للإلهاء» في كلمات مريم أثناء حديثها عن دفن والدها:

«توسلت إليهم لنحو خمس عشرة دقيقة لأصلي بجوار كفن أبي. أعلم أنه يتم فصل النساء والرجال خلال الصلوات، ولكنها كانت صلاة الجنازة، ونؤديها واقفين. لن أمارس الركوع، ولن يرى أحد مؤخرتي، ولن أتسبب في إلهائهم. لكنهم قالوا «لا!». لذا، غادرت باكية، متجهة إلى غرفة النساء».

في شهادة مريم، يوجد رابط واضح بين التشيؤ وإدراك الدونية في خبراتنا. ولكن علاوةً على ذلك، فإن هذه الطقوس الدينية ترسخت في غيرية جنسية مفترضة. بتعبير آخر، فإن الخوف من التفاعل بين الجنسين، ومن أن تغدو المرأة «قوة مدمرة» هو أساس فرض القيود على النساء وإقصاءهن.[40] وقد أدت خبرة مريم، وكذلك خبرتي، مع هذا الفصل أثناء طقوس الجنازة والدفن، لتكثيف مشاعرنا بالدونية والاغتراب.

الموضوع الثاني في هذا السياق كان تنظيم المكان. يغدو المكان منطقيًا ومرئيًا حينما نتواجد ونتفاعل فيه، ومن خلال حركاتنا فيه. إننا نتعلم بشأن أنفسنا عبر إدماجنا أو إقصائنا من أماكن معينة. «المكان والموقع يتم تعريفهما بالإشارة إلى البداهة الجلية للعيش هنا والآن. وتلك ليست خصائص تأملية أو علمية للمكان، ولكنها آثار لحتمية أننا نعيش ونتحرك في مكان كأجساد لها علاقة بأجساد أخرى».[41]

منذ اللحظات الأولى في طقوس الدفن بعد وفاة أبي شعرت بالرفض والإقصاء. إذ مُنعت من دخول الغرفة حيث تم غسل جثمانه؛ لأن وجودي كامرأة لم يكن مرغوبًا به. وفي المسجد الذي أقيمت فيه صلاة الجنازة، مكثت مع عمتي في الغرفة المخصصة للنساء. كنت معزولة بشكل كامل عن القاعة الرئيسية. أتذكر تلك اللحظات بحزن ولوعة، كل ما أردته أن أكون بالقرب من جثمان أبي في لحظاته الأخيرة قبيل دفنه، ولكني لم أستطع ذلك. لاحظت مريم في محادثاتنا كيف أن المكان المخصص للنساء في المساجد يكون دومًا أصغر حجمًا، أكثر عزلة وأقل تجهيزًا من القاعات الأكبر حجمًا؛ ويكون له مدخل منفصل، عادةً ما يكون في الجزء الخلفي من المسجد. إن افتراض أن عدد النساء اللواتي يترددن على المسجد أصغر من عدد الرجال قد انعكس على حجم المكان الذي يتم عزلهن فيه، وهو ما يوحي بأن وجودهن أمرًا ثانويًا.

عندما يتعلق الأمر بالوصول للمكان، فقد وصف علي نساء عائلته بأنهن «ممكنات اجتماعيًا». ورغم قدرتهن على التواجد في المدافن في أعقاب الجنازة، لكنهن لم يستطعن حضور عملية الدفن نفسها. شقيقة علي، على سبيل المثال، تمكنت من حضور دفن والدهما لأن علي استخدم موقعه، كرجل في العائلة، لإقناع الآخرين بالسماح لشقيقته بالوصول للمكان. لمجرد كونه رجلًا، استطاع علي تمكين شقيقته من حضور طقوس دفن والدها، وهو أمر تم حرماني ومريم منه. ومن المثير للاهتمام أن والدة مريم بإمكانها الذهاب للمقابر في القاهرة، ولكن ليس في قريتهم حيث مسقط رأسهم. وبينما تتغير التفاصيل الخاصة بالإقصاء من مكان لمكان، ومن سياق لآخر؛ فإن الإدماج أو الإقصاء لا يزال في أيدي الرجال.

حين حاولت حضور دفن أبي بعد الجنازة، وجدت النساء اللواتي كن يصلين معي يعترضن طريقي، ويطلبن مني التريث حتى يذهب الرجال أولًا. توسلت إليهن باكية ليسمحن لي بالمرور حتى لا يفوتني الدفن، وكانت إجابتهن أنه لا ينبغي لي حضور الدفن على أي حال. عندما حاولت المناورة لأتمكن من الخروج، أعاق رجال لا أعرفهم طريقي، ومنعوني من رؤية أبي بينما يتم دفنه. لقد وقفوا في مواجهتي وحاولوا إقناعي بأن أبي سيعاقَب إذا ما رأيته يُدفن. لقد أنكروا عليّ حتى العقاب لكوني امرأة، بينما يتحمل أبي، رغم وفاته، عواقب أفعالي لكونه رجلًا. أصيبت مريم بانهيار أعصاب هستيري عندما مُنعت من رؤية دفن والدها، ورفضت زيارة قبره بعد الدفن. لقد وصفت مشاعرها بأنها «مهزومة ومحاصرة».

تؤثر الأماكن على الطريقة التي نرى بها الآخرين، فضلًا عن فهمنا لموقعنا والأشكال المختلفة لوجودنا في هذا المكان. لقد جعلتنا تجربتينا نشعر بأننا «بلا مأوى» في الأماكن المحدودة المخصصة لنا خلال الطقوس، كما شعرنا بالاغتراب وبالدونية في أجسادنا. لم نعد ننتمي لجماعة، وبدلًا من ذلك تم إخضاعنا أو كما وصفت مريم الأمر تم «طردنا».

الأنوثة والذكورة

الفرضية السائدة في المجتمع المصري تصور الرجال والنساء على أنهما أضداد. الرجال في هذا السياق أقوى بدنيًا وأصحاب تفكير منطقي، بينما النساء ضعيفات وتتحكم فيهن عواطفهن.[42] الرجل أيضًا غالبًا ما يُنظر إليه باعتباره المعيل الوحيد[43] للأسرة، «رجل البيت».[44] وفي هذه الحالة، تقع المسئولية المالية وتنظيم الطقوس على عاتق الرجال. وخلال هذا القسم، استكشف كيف أن عملية الشعائر تنقسم حول الالتزام الصارم بالتعريفات الثنائية للذكورة والأنوثة.

الاختلاف في طبيعة المسئولية كان ملاحظة أخرى في تجربة الممارسة الطقسية. في مصر، هناك تقسيم واضح للمهام. عندما تحدث إلى علي أولًا حول هذا الأمر، وصف ممارسة الطقوس بأنها «نشاط ينفذه الرجال»، حيث يُفترض أن ينظم الرجال كل شيء، بما في ذلك استئجار شخص لغسل الجثمان ونقله إلى المسجد والمقابر. كما يُتوقع من الرجال الإنفاق على كل شيء. في رواية مريم، أشرفت النساء على الطهي وتقديم القهوة للمعزين في المأتم، بينما كان الرجال مشغولون بالأمور التنظيمية.

بعد وفاة جديه لوالده في الشهر نفسه، وجد علي نفسه مسئولًا عن ترتيب كلتا الجنازتين. وصف والده وعمته بأنهما كانا غارقين في الحزن، والشعور بأن على شخص ما أن يتقدم ويكون «مسئولًا». وفي لقاء مع جدته لأمه في أعقاب الجنازتين، تم اعتماد علي كـ «رجل حقيقي» في أعقاب جهوده في الجنازتين. لم ير علي هذا كتوقع محتوم؛ فهو يتذكر أنه لم يطلب تولي الأمر، لقد شعر فقط أنه يتعين عليه ذلك. لقد شدد أيضًا أنه كان في التاسعة عشرة من عمره فقط حينذاك، قائلًا «إذا فكرت في هذا الأمر، ربما لم أكن لأفعل ذلك، لقد دفنت جدتي وأنا في التاسعة عشرة. لكني لم أكن أفكر في هذا، لقد فعلته فقط».

وبالمثل، تتذكر مريم كيف قام الجميع في جنازة والدها بتعزية أخيها، باعتباره الآن يحل مكان أبيه، «رجل البيت» الذي يُفترض منه الاعتناء بشقيقته وأمه. لقد ضحكت بشكل هستيري قائلة: «إننا نحن من يعتني به! وأنا أتخذ دومًا زمام المبادرة، وأتحمل المسئولية، لقد شعرت بالأسف من أجله».

لقد تدخل علي لممارسة دوره ضمن تقسيم المهام، باتخاذه زمام المبادرة، الأمر الذي عاد عليه بالمديح وبالمزيد من السلطة داخل العائلة. بينما لم يستفد شقيق مريم بشكل مماثل؛ إذ مارس الدور تحت ضغط تولي دور والده كحامي للمنزل، وربما لم يرغب في تولي هذا الدور، أو ربما لم تكن لديه القدرة على الحزن كما ينبغي.

اختلفت تجربتي كأنثى عن تجربة مريم. فقد تمكنت من تنظيم ودفع النفقات اللوجيستية المتعلقة بترخيص الدفن، والغُسل ونقل جثمان أبي للمدفن. استطعت ذلك فقط لأني وصلت للمستشفى أولًا، ولم يتمكن شقيقي من الحضور. مع ذلك، كنت تحت ضغط عماتي اللواتي لم يتقبلن حقيقة أنني، كامرأة، قدمت بدفع كافة النفقات. وقد ضغطوا عليّ لقبول استرجاع ما أنفقته، وهو الأمر الذي رفضته.

أعربت مريم عن إحباطها لعدم مشاركتها في المسئولية في جنازة ودفن والدها. في أعقاب رفض العائلة السماح لها بالدخول للغرفة التي تم فيها غسل أبيها، أصرت على أن الدفن سيتم في قريتهم حيث مسقط رأس العائلة. فتحت بيت العائلة، وساعدتها نساء أخريات في طهي الطعام وتقديم الغداء والشاي للمعزين. وهكذا يتجلى تقسيم وتوزيع المهام مجددًا.

يعتمد تقسيم المهام خلال ممارسة الطقوس الدينية على الصور النمطية لسمات الذكورة والأنوثة، وهو ما يسفر عن مسئوليات محددة اجتماعيًا لكل منا. الدور الذي نؤديه في الحياة اليومية يأتي من «المطالبة بمكان أو استجابة لمكان مُنحنا إياه بوساطة الطريقة التي نتصرف بها» في مواقف متباينة.[45] علي كرجل تقدم لتحمل دور تم تكليفه به اجتماعيًا لأدائه، بينما حاولت مريم وأنا تحمّل مسئوليات لم يتم تكليفنا إياها. لقد قاومنا الدور الذي حدده لنا المجتمع من أجل الحصول على الحق في تجربة مساوية للرجل.

وهكذا، فإن الصفات المرتبطة بالرجال والنساء، وسمات الذكورة والأنوثة، ليست راسخة؛ في حقيقة الأمر يتسم التقاطب الجندري للمسئوليات بالسيولة. لقد فاوضنا الطبيعة الجندرية للطقوس. كأنثى، أظهرت سمات ذكورية وفقًا للدور الجندري حينما أصررت على تولي تنظيم جنازة أبي ودفعت نفقات كل شيء. على الجانب الآخر، أُجبر شقيق مريم، الذي وفقًا لها «يفتقر للثقة في النفس»، على تولي المهام المنوطة بدور جندري لم يسع له في المقام الأول.

وبالمثل، فإن المظهر له قيمته خلال الطقوس. في أعقاب وفاة والدها، اضطرت مريم للتسوق من أجل الحصول على «ملابس سوداء حسنة المظهر»، كامرأة يفترض منها ارتداء اللون الأسود في العزاء، ولمدة زمنية معينة بعد وفاة أحد الأقارب. تتذكر مريم تلك الواقعة:

«أنا لا أرتدي ثياب سوداء اللون بكاملها؛ إنه يخنقني. أذكر أنني كنت بالمنزل بعد الدفن، وكنا عدنا إلى القاهرة. كانت ملابسي بالكامل سوداء اللون، وفجأة بدأت أعاني من أسوأ نوبة هلع تعرضت لها في حياتي. لقد خنقتني حرفيًا، واضطررت للذهاب للمستشفى، وزودوني بالأكسجين، واستغرق الأمر ساعتين ونصف الساعة قبلما أتمكن من مغادرة المستشفى».

إن جسد المرأة، مريم في هذه الحالة، باعتباره «فتنة، ومُلهيًا عن العلم الشرعي، وغير ممتثل لله، ومستسلمًا للرغبة الجنسية» بحاجة للتحكم به.[46] وهنا يأتي دور اللون الأسود الذي ينزع الفتنة وأنوثة المرأة، ويقلل من تأثيرها على الرجال الحاضرين كما توضح مريم. إنه ليس فقط علامة على الحزن، بل أيضًا على الاحتشام. إن جندرة مريم وفرض القيود عليها، عبر القواعد الانضباطية، أثرت على جسدها وتسببت في إصابتها بنوبة هلع.

إن سلطة الرجال، وبعض النساء في بعض الحالات، لا تقتصر فحسب على تنظيم المهام والمكان، ولكنها تشمل أيضًا ضبط جسد الأنثى نفسه. فثيابي، رغم كونها سوداء اللون، منعتني من حضور جنازة جدتي، لأنني كنت أرتدي سروالًا يُظهر معالم الجسد.

تلاحظ مريم كيف يُفرض على النساء فقط ارتداء اللون الأسود خارج المنزل. بينما يمكنك بمجرد دخولك للمنزل ارتداء أي لون، «أنت بحاجة لأن تظلي جميلة في عيون الرجال الذين تعيشين معهم». إن ضبط مظهر النساء داخل وخارج المنزل، يعتمد على رغبات الرجال. في المجال العام، أنت مجبرة على إظهار الحزن والاحتشام بوساطة ارتداء الأسود، ولكنك لا تزالين بحاجة لأن تكوني حسنة المظهر وجذابة لزوجك داخل المنزل. إن ممارسة هذه السلطة تؤكد أن «جسد المرأة في جميع الجوانب المادية يُنظر إليه باعتباره الغرض الأساسي الذي تعمل من أجله السلطة الذكورية».[47] ولا يقتصر التحكم على المظهر وحده. فمن المثير للاهتمام أن مريم تحدثت عن لحظة فقدت فيها أمها أعصابها، وبدأت في الصراخ فيها، لأنها لم تأكل أو تنام في أعقاب وفاة والدها. كان ذلك في اليوم السابق للجنازة. كانت أمها تشعر بالقلق من أن مريم قد تعجز عما هو متوقع منها أثناء مراسم الجنازة والدفن في اليوم التالي. تقول مريم: «كانت حالة أخي أسوأ بكثير من حالتي؛ فهو لم يتناول الطعام أو الشراب، ولم ينام. لكنها صرخت في أنا لأنها تعتقد أنني امرأة ضعيفة ستنهار وتتسبب في مشهد غير لائق في اليوم التالي».

ومن ثم، فإن التحكم في الجسد أيضًا يعتمد على التعريفات الثنائية للذكورة والأنوثة. ويحتاج الجسد الأنثوي –الضعيف والمغوي وغير القابل للسيطرة– لأن يخضع للضبط سواء بوساطة التحكم في هيئته، أو في الطريقة التي يتم بها معالجة وتغذية الجسد، وذلك في إطار هشاشة المرأة المفترضة. وعلى النقيض، لا يحتاج جسد الرجل، القوي بطبيعته، لضبط؛ لأنه يُمثّل التعريفات السائدة أو المهيمنة للذكورة.

ومن المثير للدهشة أنه خلال محادثاتي مع علي، لم يطرح موضوع الجسد. لقد وردت كلمة «جسد» في حوارنا تسع مرات، ولم تشر لجسده في أي مرة، بل كانت تبرز في النقاش بشأن أجساد آخرين. وأزعم أن حجة سيمون دي بوفوار بأن الجندر الأنثوي هو فقط ما يتم تمييزه ويمثل «الآخر» للمذكر، ربما تكون تفسيرًا لعدم تأمل علي في العلاقة بين الطقوس وجسده خلال الحديث عن تجربته.[48] هنا، «يتم الخلط بين الشخص المتجاوز والجندر المذكر، ويتم تعريف المرأة من ناحية جنسها وتمجيد الرجل لأنه يحمل جسد متجاوز له ذات شاملة».[49] ومن ثم، فإن نزع التجسيد عن «الذكر المجرد» يربط الجسد بالأنثى فقط.[50]

ومن ثم، فإن الذات الذكورية هي مجردة «إلى حد التنصل من تجسيدها المميز اجتماعيًا».[51] لأن لديها قريب ذكر تابعته خلال مرحلة النضج، لاحظت مريم أن التحكم في الجسد تتم ممارسته بشكل أكبر على أجسادنا الأنثوية. ولا يعني ذلك بأي حال إنكار حقيقة أن أجساد الذكور تخضع أيضًا للمراقبة الاجتماعية والدينية. شرعت دراسات أخرى في فحص التجسيد والذكورة في مصر على وجه الخصوص،[52] ولكن حجتي أنه في الخبرة الحياتية قد يحدث ذلك دونما يفطن إليه أحد.

في أوقات الحزن واليأس، تغدو عواطفنا والتعبير عن المشاعر وسيلة للتبصر والتعزية. المشاعر أيضًا ساحة للتحكم الاجتماعي والسياسي، ولهذا لا يمكن عزلها عن الأعراف الثقافية والاجتماعية.[53] وعواطفنا لها دور في «اقتصاد الانتباه، وصياغة مفاهيمنا بشأن المعرفة وعملية اكتسابها».[54] كما أن الطريقة التي نشعر بها أثناء الطقوس وإزاء موت أحبابنا، وكيفية إدراكنا لهذه المشاعر، تخبرنا بشأن مكانتنا وانتمائنا في بيئتنا الاجتماعية.

كامرأة، يُتوقع منك أن تكوني غير منطقية وعاطفية. كما يُتوقع أن يكون حزنك ولوعتك، بالإضافة إلى طريقتك في التعبير عن تلك المشاعر، أكثر انفعالية وجليّة. وتتضاعف تلك التوقعات حين تفقدين أباكِ. يُعتقد أن النساء «عاطفيات للغاية» وأنهن يجسدن نوعًا معينًا من العاطفية المطلوبة منهن. برغم ذلك، تتم معاقبة النساء لكونهن عاطفيات بشكل مفرط. تروي مريم أنه كان يجب عليها التحكم بشكل واع في مشاعرها طيلة عملية وفاة والدها:

«إن حزني ولوعتي لهما قوة تدميرية. لو كان الأمر بيدي، كنت سأصرخ بكل قلبي، ولكني لم أرغب في أن يُحكم عليّ باعتباري امرأة عاطفية ضعيفة، لذا كان عليّ كتمان مشاعري. أنا امرأة، لذا أحتاج للتخفيف من حدة غضبي وحزني وصدمتي».

إنها تتذكر كم كانت غاضبة من أمها، حين فقدت وعيها أمام المستشفى الذي توفي فيه والدها، إذ طلبت منها أن «تتماسك». ومارست الضغط عليها وحثتها على أن تكون أكثر قوة وأن تخفي مشاعرها وتصبح أقل تأثرًا؛ حتى يتمكنوا من التعامل مع وفاة والدها. النساء محاصرات بين فرضية أنهن عاطفيات من جهة، وبين الضغط والحكم عليهن إذا ما قمن بالتعبير عن ذلك من جهة أخرى. وتسفر العاطفية المفترضة عن إقصاءهن عن عدة مراحل من عملية أداء الطقوس؛ وهو ما يؤثر بشكل مباشر على مشاعر انتماءهن وتماهيهن مع الجماعة. وتعتمد مشاركتهن المشروطة في الجماعة على ضبط سلوكهن.

على الجانب الآخر، كان علي مهددًا بمشاعره. قال علي: «في تلك المواقف، أنا شخص عملي للغاية. أسيطر على نفسي لأنني حين لا أفعل، أصاب بالانهيار حقًا. لذا، أفضّل أن أفعل ذلك بعد الانتهاء من كل شيء». يمكن النظر لهذا كنتيجة لعدم كفاية المجال العاطفي المتاح للرجال كي يسمحوا لأنفسهم بأن يكونوا على وعي بمشاعرهم. فضلًا عن ذلك، فإن الرجال كأصحاب سلطة، لا يمكنهم أن يعانوا عاطفيًا.[55] إن مشاعر علي وحزنه شأن خاص، لذا فإن بإمكانه التعبير عنها فقط حين يختلي بنفسه. وذلك يعكس معيار جندري يقول «إن الرجال غالبًا ما تمرسوا على أن يجعلوا قلوبهم مقاومة للمشاعر؛ لأن العواطف تعتبر أنثوية، وهو ما يجعلها تهديدًا للهويات الذكورية».[56]

إن ضبط المشاعر أثناء طقوس الجنازة والدفن يفرض الكيفية التي ينبغي على الرجال والنساء أن يمارسوا بها التعبير عن مشاعرهم. ومن ثم، تعزز تلك الممارسة فهمنا للكيفية التي يختبر بها كل جندر المشاعر.[57] وفي هذه الحالة، تشكل الطقوس سلوكنا الفردي وفقًا للدور المحدد لكل منا.

خاتمة

إن تحليل رواياتنا الشخصية يتركز حول الإجابة على الأسئلة البحثية التالية: أولًا، كيف تتم جندرة طقوس الدفن والجنازة لدى المسلمين في مصر؟ ثانيًا، كيف تشكل الطبيعة الجندرية للشعائر خبرات المشاركين فيما يتعلق بثنائية الأداء الذكوري والأنثوي خلال اختبارهم لمشاعر الحزن؟

شرحت تفصيلًا جندرة طقوس الجنازة والدفن. بدأت بالتركيز على الجسد خلال ممارسة الطقوس، وهو ما أوضح كيف أن ضبط أجساد النساء يؤثر على الفهم العاطفي للمشاركات الإناث، سواء لأجسادهن أو خبراتهن مع مراسم الدفن والجنازة. إن الحط من شأن عاطفية النساء، وربط النساء باللاعقلانية –وهي صورة نمطية جندرية يستند إليها الفصل بين الجنسين في الطقوس– دفعنا لمحاولة السيطرة على مشاعرنا في أوقات الحزن والفقد، بما يؤثر على تجاربنا العاطفية. وقد عالج البحث أيضًا الأداء الذكوري الذي تفرضه الطبيعة الجندرية للطقوس. وهو ما جعل علي مرغمًا على السيطرة على مشاعره واتخاذ زمام المبادرة، معززًا مكانته ليصبح «رجل البيت» بعد إشرافه على تنظيم جنازتين. إن التزام علي الطوعي والناجح بهذا الأداء أكسبه احترام العائلة. ولكن بالنسبة لشقيق مريم، كان أداء الذكورة مفروضًا عليه، وطُلب منه ممارسة دور لم يكن مستعدًا له.

تُشكّل السلطة الانضباطية التابع لسلطتها، وتجعله موجودًا من خلال هذا الضبط.[58] ويشير هذا البحث إلى أن طقوس الجنازة والدفن لدى المسلمين هي أيضًا معيار وشكل من أشكال السلطة التي تم تشكيلها، بوساطة الصور النمطية الجندرية والأدوار الاجتماعية والثقافية المرسومة للذكورة والأنوثة. ويوضح البحث كيف أن الطبيعة الجندرية للطقوس تؤثر على خبراتنا كذكور وإناث خلال ممارستها، بما يجعلها غير متكافئة.

وبقدر ما نعترف ببُنى السلطة، ينبغي أيضًا إدراك، أنه خلال ممارسة الطقوس، فإن المشاركين الثلاثة استوعبوا الكثير بشأن أنفسهم، وبشأن مكانتهم الاجتماعية، وتجسيدهم لها. لم نكن أشخاصًا مذعنين، ولكن كنا مشاركين فعّالين. إذ قاومنا، مريم وأنا، الحدود المفروضة بقدر استطاعتنا لنتمكن من الوصول لسلطة صنع القرار والسلطة المخصصة للرجال. فيما استغل علي سلطته الذكورية لإدماج شقيقته في طقوس دفن والدهما، وهو ما يُعد تحديًا لدوريهما المفترضين. لقد سعينا جميعًا جاهدين لمفاوضة سمات المرتبطة بالذكورة والأنوثة، من أجل الحصول على خبرة متكافئة.

شكر وتقدير

تود الكاتبة أن تشكر الدكتورة جيني باركس في معهد التعليم، كلية لندن الجامعية، على الإشراف الأكاديمي أثناء دراسة الماجستير، والمراجعين المجهلين على ملاحظاتهم البناءة، وإليزابيث توملينسون وشينيد أرميتاج على التنقيحات و قراءتهم لنسخ سابقة من هذه الدراسة.

هذا المقال كتب في الأصل باللغة الانجليزية لرواق عربي

[1] بل، كاثرين (1992). نظرية الطقوس وممارسة الطقوس (Ritual Theory, Ritual Practice). نيويورك: منشورات جامعة أكسفورد.
[2] جرينبرج، دينا (2007). تعبيرات جندرية عن الحزن. استمرارية إسلامية (Gender Expressions of Grief. An Islamic Continuum). مجلة الدين والمجتمع (9).
[3] فوكو، ميشيل (1980). تاريخ الجنسانية، المجلد الأول: مقدمة (The History of Sexuality, Volume 1: An Introduction). هيرلي، نيويورك: فينتاج، راندم هاوس.
[4] فوكو، ميشيل (1977). المراقبة والعقاب (Discipline and Punish). نيويورك: كتب بانتيون.
[5] فوكو، ميشيل (1977). المراقبة والعقاب (Discipline and Punish). نيويورك: كتب بانتيون. ص 8-9.
[6] بتلر، جوديث (1990). مشكلة الجندر (Gender Trouble). نيويورك: روتليدج.
[7] بتلر، جوديث (1990). مشكلة الجندر (Gender Trouble). نيويورك: روتليدج.
[8] آنجر، رودا وكراوفورد، ماري (1993). تفسير: الجنس والجندر – العلاقة المضطربة بين المصطلحات والمفاهيم (Commentary: Sex and Gender–The Troubled Relationship Between Terms and Concepts). العلوم النفسية (4)، ص 122-124.
[9] فاوستو ستيرلنج ، آن (2019). الجندر/الجنس والتوجه الجنسي والهوية الجنسية في الجسد: كيف تشكلوا؟ (Gender/Sex, Sexual Orientation, and Identity Are in the Body: How Did They Get There?). مجلة أبحاث الجنس 56، ص 529-555.
[10] أحمد، سارة (2006). فينومينولوجيا الكويرية (Queer Phenomenology). منشورات جامعة ديوك.
[11] شايفر، دونافان (2015). تاثيرات دينية – السمات الحيوانية، التطور والسلطة (Religious Affects – Animality, Evolution, and Power). دورهام: منشورات جامعة ديوك.
[12] جونسون، جيسيكا (2018). مواجهات جسدية: العاطفة، الدين، والإثنوغرافيا (Bodily Encounters: Affect, Religion, Ethnography). في جون كوريجان (محررًا). الشعور بالدين (Feeling Religion). (ص. 201). دورهام، نيويورك سيتي: منشورات جامعة ديوك.
[13] أحمد، سارة (2004). السياسات الثقافية للعاطفة (The Cultural Politics of Emotion). منشورات جامعة إدنبرة وروتليدج.
[14] أحمد، سارة (2004). السياسات الثقافية للعاطفة (The Cultural Politics of Emotion). منشورات جامعة إدنبرة وروتليدج.
[15] مكوين، لورا وزيمرمان، لين (2006). استخدام منهج البحث السردي التفسيري في المشروعات البحثية متعددة التخصصات (Using the Interpretive Narrative Research Method in Interdisciplinary Research Projects). مجلة تعليم الرعاية الطبية 45 (11). ص 8-475.
[16] ديري، شارون (1999). صيد يدعى تعلم الأقران: البحث عن موضوعات مشتركة (A Fish Called Peer Learning: Searching for Common Themes)، في أنجيلا أودونيل وأليسون كينج (محرران). وجهات نظر معرفية بشأن تعلم الأقران. روتليدج.
[17] إرنست، بول (1999). البنيوية الاجتماعية كفلسفة في الرياضيات. منشورات جامعة ولاية نيويورك.
[18] أوليرينشو، آن وجون كريسويل (2002). البحث السردي: مقارنة بين مقاربتين في إعادة قراءة تحليل البيانات (Narrative Research: A Comparison of Two Restorying Data Analysis Approaches). البحث النوعي 8 (3) ص 329-347.
[19] كونيلي، مايكل وكلاندين، جين (2000). تفاهمات سردية لمعرفة المعلم (Narrative Understandings of Teacher Knowledge). مجلة الإشراف على المناهج الجامعية (14). ص 315-331.
[20] بولد، كريستين (2012). استخدام السرد في البحث Using Narrative in Research)). لوس أنجلوس: سيج.
[21] ليبليش، آميا وتوفال-مشياش ريفكا وتمار زيلبر (1998). البحث السردي (Narrative Research). ثاوزاند أوكس، كاليفورنيا: سيج.
[22] كلوف، بيتر (2002). السرديات والروايات في البحث التعليمي Narratives and Fictions in Educational Research)). ميدنهيد: مطبعة الجامعة المفتوحة.
[23] إليس، كارولين وآرثر بوشنر (2000). الإثنوغرافيا، السرد الشخصي والانعكاسية: الباحث كموضوع للبحث (Autoethnography, Personal Narrative, Reflexivity: Researcher as Subject). في نورمان ك. دنزين ويونا س. لنكولن (محرران). دليل البحث النوعي (ص 733-68).لندن: سيج.
[24] كوسليت، تيس وسيليا لوري وبيني سمرفيلد (2000). النسوية والسيرة الذاتية (Feminism and Autobiography). لندن: روتليدج.
[25] تيدلوك، باربرا (1991). من ملاحظة المشاركين إلى ملاحظة المشاركة: نشأة الإثنوغرافيا السردية (From Participant Observation to the Observation of Participation: The Emergence of Narrative Ethnography). مجلة البحوث الأنثروبولوجية 47 (1) ص 69-94.
[26] ألين-كولينسن، جاكلين وهوكي، جون (2008). هل الإثنوغرافيا «صالحة» منهجيًا؟ دراسة لسرديات الهوية المعطلة (Autoethnography as “Valid” Methodology? A Study of Disrupted Identity Narratives). المجلة الدولية للعلوم الاجتماعية متعددة التخصصات 3 (6). ص 209-217.
[27] ميشيل، بوتان (2015). مقاربة سرديّة للبحث النوعي (A Narrative Approach to Qualitative Inquiry). علم المختبرات الإكلينيكية (28) 3، ص 190-196.
[28] ميشيل، بوتان (2015). مقاربة سرديّة للبحث النوعي (A Narrative Approach to Qualitative Inquiry). علم المختبرات الإكلينيكية (28) 3، ص 190-196.
[29] ليبليش، آميا وتوفال-مشياش ريفكا وتمار زيلبر (1998). البحث السردي (Narrative Research). ثاوزاند أوكس، كاليفورنيا: سيج.
[30] اسم مستعار.
[31] اسم مستعار.
[32] سميث، جوناثان وبول فلاورز ومايكل لاركين (2013). تحليل ظاهري تفسيري (Interpretative Phenomenological Analysis). لندن: سيج.
[33] سميث، جوناثان وبول فلاورز ومايكل لاركين (2013). تحليل ظاهري تفسيري (Interpretative Phenomenological Analysis). لندن: سيج. ص 231.
[34] سميث، جوناثان وبول فلاورز ومايكل لاركين (2013). تحليل ظاهري تفسيري (Interpretative Phenomenological Analysis). لندن: سيج. ص 231.
[35] بولد، كريستين (2012). استخدام السرد في البحث Using Narrative in Research)). لوس أنجلوس: سيج.
[36] كلاندين، دي جان (2007). دليل البحث النوعي (Handbook of Narrative Inquiry). ثاوزاند أوكس، كاليفورنيا: منشورات سيج
[37] بيج، تيفاني (2017). الكتابة القابلة للانتقاد كممارسة منهجية نسوية (Vulnerable Writing as a Feminist Methodological Practice). مراجعة نسوية 115 (1).
[38] بيج، تيفاني (2017). الكتابة القابلة للانتقاد كممارسة منهجية نسوية (Vulnerable Writing as a Feminist Methodological Practice). مراجعة نسوية 115 (1).
[39] حسن، مرفت (2014). عادات الموت كمحدد للسمات الثقافية للمجتمعات الريفية في المجتمع المصري، تاريخ الاطلاع 15 أغسطس 2022، https://journals.ekb.eg/article_152116.html.
[40] المرنيسي، فاطمة (1975). ما وراء الحجاب: ديناميات الذكورة والأنوثة في المجتمع المسلم (Beyond the Veil: Male-Female Dynamics in Muslim Society). نيويورك: جويلكي وأولاده.
[41] جروسز، إليزابيث (1995). المكان والزمن والضلال (Space, Time, and Perversion). نيويورك: روتليدج.
[42] أنظر: غنام، فرحة (2013). عش ومت كرجل: ديناميات الجندر في مصر الحضرية (Live and Die Like a Man: Gender Dynamics in Urban Egypt ). (مطبعة جامعة ستانفورد)؛ والمليجي، نهال (2022). نشر الملابس القذرة لمصر، تجربة (بُصّي) في رواية القصص كتغيير اجتماعي نسوي (Airing Egypt’s Dirty Laundry, BuSSy’s Storytelling as Feminist Social Change’). مجتمع الجندر 36 (1).
[43] وفقًا لأحدث تعداد للسكان في مصر، فإن 238,305 عائلة في المناطق الحضرية يعيلها شخص بالغ واحد، و55% منهم إناث. حمد، رنا وأحمد عبد الرحمن وآيات إسماعيل (2018). منازل أو منازل عادلة: الاحتياجات السكنية للأسر التي تعولها نساء في مصر (Homes or Just Houses: The Housing Needs of Female-Headed Households in Egypt). منشورات الأبحاث العلمية، تاريخ الاطلاع 12 أغسطس 2022، https://www.scirp.org/journal/paperinformation.aspx?paperid=87328.
[44] الخولي، هبة عزيز (2022). التحدي والخضوع: مفاوضة الجندر في القاهرة ذات الدخل المنخفض (Defiance and Compliance: Negotiating Gender in Low-Income Cairo). نيويورك: كتب بيرغن.
[45] كونيل، راوين وريبيكا بيرس (2015). الجندر (Gender). كامبريدج: مطبعة بوليتي.
[46] بوردو، سوزان (1993). عبئ لا يُطاق: النسوية والثقافة الغربية والجسد (Unbearable Weight: Feminism, Western Culture and the Body). بيركلي: مطبعة جامعة كاليفورنيا.
[47] ديفيد، كاثي (1997). ممارسات تجسيدية (Embodied Practices). لندن: سيج.
[48] بوفوار، سيمون دي (1949). الجنس الآخر (The Second Sex). كلاسيكيات فينتاج؛ طبعة جديدة، 1997.
[49] بتلر، جوديث (1990). معضلة الجندر (Gender Trouble). روتليدج.
[50] بتلر، جوديث (1990). معضلة الجندر (Gender Trouble). روتليدج.
[51] بتلر، جوديث (1990). معضلة الجندر (Gender Trouble). روتليدج.
[52]  أنظر: فرحة غنام (2013، 2017) وصامولي شيلكه (2009) من بين آخرين.
[53] زيمبيلاس، ميشالينوس وبول أ. شوتز (2016). مقدمة للتقدم المنهجي في البحث بشأن العاطفة في التعليم (Introduction to Methodological Advances in Research on Emotion in Education). سبرينجر.
[54] زيمبيلاس، ميشالينوس وبول أ. شوتز (2016) مقدمة للتقدم المنهجي في البحث بشأن العاطفة في التعليم (Introduction to Methodological Advances in Research on Emotion in Education). سبرينجر.
[55] كونيل، راوين (1987). الجندر والسلطة: المجتمع والفرد والسياسة الجنسية (Gender and Power: Society, the Person and Sexual Politics ). ستانفورد، كاليفورنيا: منشورات جامعة ستانفورد.
[56] سيدلر، فيكتور (2007). الذكورة والأجساد والحياة العاطفية (Masculinities, Bodies, and Emotional Life). الرجال والذكورة، 10 (1)، ص 9-21.
[57] بتلر، جوديث (1990). معضلة الجندر (Gender Trouble). روتليدج.
[58] فوكو، ميشيل (1977). المراقبة والعقاب (Discipline and Punish). نيويورك: كتب بانتيون.

Read this post in: English

Exit mobile version