رؤى: أية مكانة لحقوق الإنسان بين مطالب شعوب المنطقة العربية؟ عودة إلى انتفاضات 2011

حمل هذا المقال كبي دي إف

الإشارة المرجعية: بوشوى، مهدي. 2025. «رؤى: أية مكانة لحقوق الإنسان بين مطالب شعوب المنطقة العربية؟ عودة إلى انتفاضات 2011». رواق عربي 30 (1)، 31-38. https://doi.org/10.53833/INVL1245.

قد يبدو هذا التساؤل غير ذي جدوى أو بمعزل عن السياق، لا سيما بعد مرور قرابة أربعة عشر سنة عن انطلاق الشرارة الأولى للانتفاضات الشعبية التي زعزعت بلدان المنطقة العربية، وسميت في حينها بـ«الربيع العربي»، رغم ما قد يكتنف هذه التسمية بدورها من مغالطة حول مكانة الربيع وسط حمامات الدماء التي خلفها القمع والسلطوية في العديد من البلدان. بالإضافة إلى ذلك، يختزل توصيف «العربي» بقية الشعوب الأصيلة والإثنيات التي تنتمي للمنطقة تحت مظلة قومية واحدة.

مر أكثر من عقد على اندلاع تلك الشرارة التي حملت في طياتها آمالًا عريضة في تحقيق الديمقراطية وترسيخ حقوق الإنسان كسبيل وحيد لرفاه المجتمعات وتخليصها من السلطوية، وكان الفتيل الذي أشعلها صرخة مواطن من الهامش التونسي اسمه محمد البوعزيزي، أقدم من خلالها هذا البائع المتجول على إضرام النار في جسده احتجاجًا على الإهانة التي تعرض لها من جانب ممثل للسلطة أثناء سعيه لكسب قوت يومه. ولعل كل متتبع للوضع الحالي في تونس وغيرها من بلدان المنطقة قد يتساءل، كما نتساءل نحن بدورنا، عن التغيرات التي خلفتها تلك الصرخة (وما تلاها من انتفاضات ومشادات ودساتير ومؤسسات وحكومات وثورات مضادة) في الواقع اليومي للمواطن وفي الوعي الجمعي للشعوب. وهل هناك جدوى لكل هذه الخسائر مقابل العودة إلى إعادة إنتاج الشروط نفسها التي دفعت البوعزيزي ومعه العديد من المواطنين إلى الانتفاضة الأولى أواخر سنة 2010.

رجوعًا إلى عنوان المقال والتساؤل الذي يطرحه؛ فإن المراقب للتطورات التي شهدتها دول المنطقة بمنظار حقوق الإنسان، حسبما يُتعارف عليها دوليًا، قد يجزم لا محالة أن حجم التراجعات والانتهاكات التي خلفتها عودة السلطوية إلى الواجهة يكاد يكون مهولًا، وتتقلص معه كل طموحات التغيير التي امتلأت بها اللافتات والشعارات في الساحات العمومية والشوارع، ويدفعنا إلى التساؤل بجدية: هل كان تكريس حقوق الإنسان مطلبًا رئيسيًا لانتفاضات الربيع العربي؟ وهل كان هناك فهم موحد لدى الجماهير المنتفضة لمعنى «التحول الديمقراطي» وشعارات الحرية والكرامة والعدالة والمساواة التي كانت تصدح بها في مجابهة دبابات الجيوش وقوات الأمن؟ أم أن هناك قضايا أخرى ذات أولوية؟ أو أن مطلب «إقرار حقوق الإنسان» بقي حبيسًا في أجندات فاعلين معينين، كمنظمات المجتمع المدني وحركة حقوق الإنسان التي تناضل منذ الاستقلال وتدافع بها أمام المؤسسات دونما تنجح في تحويلها لمطلب شعبي مُلح؟

بطبيعة الحال، لا يهدف هذا التساؤل إلى إثارة أي لبس حول كون السلطوية وتغولها من الأسباب الرئيسية لانتهاكات حقوق الإنسان، وإنما الغاية منه هي الفهم العميق لدينامية المجتمعات خلال مسارها في التحول إلى الديمقراطية، لا سيما تلك المجتمعات التي تتجذر داخلها قوى ترفض أصلًا فكرة هذا التحول، وتوظف ذريعة الدين والتقاليد لكبحه، بل وتواجه بها كل الفاعلين الساعين لتكريس المبادئ الكونية لحقوق الإنسان. هؤلاء الفاعلين الذين ظهروا بدورهم خلال فترة ما بعد الاستقلال في العديد من دول المنطقة، بعد استنفاد مسالك الصراع السياسي أو النقابي المباشر مع السلطة، مستغلين سياقًا دوليًا يسمح بالضغط على هذه الأخيرة من أجل تحقيق بعض التقدم. لكن بعد مرور كل هذه العقود، وحتى بعد الفرصة التاريخية التي صنعها شباب الربيع من أجل نقل مطالب التغيير من البلاغات والبيانات إلى الفضاء العام،[1] يواجه التكريس الفعلي لحقوق الإنسان تعثرًا كبيرًا، بل أن التراجع أضحى العنوان الرئيسي في ظل الشعبوية والتطبيع مع الفكر اليميني الذي صار يفرضه السياقان الدولي والإقليمي.

أيضًا، وفي ظل العدوان الإسرائيلي الأخير على فلسطين ولبنان ودول أخرى من الشرق الأوسط، فقد شهد الخطاب الكوني لحقوق الإنسان تراجعًا كبيرًا في مصداقيته لدى شعوب المنطقة. ولعل من بين الأسباب الرئيسية لذلك، الظهور الجلي للخطاب المزدوج الذي تبنته أغلب المؤسسات والمجتمعات الغربية في موقفها من حرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني منذ سنة 1948، وأعاد ذلك إلى الأذهان فكرة «الاستعلاء الأبيض» (White Supremacy) في التعامل مع قضايا حقوق الإنسان عبر العالم، كما جدد فكرة محاربة الهيمنة الفكرية الاستعمارية وتفكيكها في كل تجلياتها المؤسساتية والقانونية.

لكل هذه الأسباب، ولأسباب أخرى فإن تحليل مكانة مطلب حقوق الإنسان خلال تلك اللحظة التي صنعتها الانتفاضة في دول المنطقة بين نهاية سنة 2010 وبداية 2011 من خلال شعار «الشعب يريد» يبلغ أهمية قصوى، ويستلزم تكاثف وتشابك أدوات العلوم الإنسانية من أجل فهم معمق لمدى قابلية الشعوب واستعدادها للانخراط في فكرة حقوق الإنسان الكونية. و لا يعدو هذا المقال أن يكون سوى مساهمة لإيجاد بعض مجالات التعمق في البحث من خلال الوقوف على عدد من الجوانب التي تحيط بالموضوع.

سياق ظهور حقوق الإنسان كمطلب مجتمعي

قبل الخوض في مكانة حقوق الإنسان بين مطالب الحراك الشعبي في دول المنطقة منذ نهاية سنة 2010، لا بد من البحث في جذور ظهورها في سياق الصراع من أجل تكريس الديمقراطية بشكل عام، هذا الصراع الذي انخرطت فيه قوى المعارضة السياسية منذ الاستقلال في العديد من البلدان، مستعينةً ببروز قوي لحركة المجتمع المدني انطلاقًا من هذه الفترة إلى ما بعد نهاية الحرب الباردة وانفراد المعسكر الغربي اقتصاديًا وسياسيًا وإيديولوجيًا بالريادة على مستوى تحديد معالم «النظام العالمي الجديد».[2] والذي تعد من بين أبرز تجلياته مشروطية الدعم من أجل التنمية الاقتصادية لبلدان الجنوب، وخلق نوع من الانفتاح السياسي، وتعزيز دور المجتمع المدني وحركة حقوق الإنسان في توطيد هذا الانفتاح. وهكذا ظهرت متغيرات جديدة في موازين القوى بين السلطة والمعارضة، وتحول الخطاب السياسي المباشر حول الشرعية الديمقراطية إلى حركة مطلبية تضع مسألة تكريس حقوق الإنسان أولوية رئيسية؛ رغم كون هذا المفهوم غريبًا بعض الشيء عن القاموس السياسي للمعارضة في سنوات الخمسينيات والستينيات. على سبيل المثال، يشير الباحث محمد كريم إلى أن «الحديث عن الديمقراطية السياسية وحقوق الإنسان في العالم العربي سنوات الستينيات بشكل عام كان يشكل بالنسبة للفكر «الناصري-البعثي» بحثًا عن ذرائع لإفشال «الثورة العربية». وبالنسبة للماركسيين العرب، كان هذا ينم عن عدم معرفة بالمشاكل الحقيقية وعن ديماغوجية تهدف إلى إخفاء مبادئ هيمنة الطبقة البورجوازية».[3]

على خلاف ذلك، وانطلاقًا من الثمانينيات على وجه الخصوص، يشير برهان غليون إلى أنه:

من المغرب (1981، 1984) إلى القاهرة (1986) مرورًا عبر تونس (1982) والجزائر (1988)، شهدت سنوات الثمانينيات الانتفاضات المسماة «انتفاضات الخبز»، إذ أدى رفع سعر هذه المكون الرئيسي للقوت اليومي إلى نزول الساكنة إلى الشوارع وإجبار السلطة على العودة عن قراراتها، الشيء الذي أدى  […]بالمثقفين، والطبقة الوسطى، وشرائح واسعة من الرأي العام الشعبي إلى المطالبة بالتغيير، هذه الكلمة التي تحولت إلى كلمة مفتاحية خلال تلك الفترة، وداخل مفهوم «التغيير» تحتل فكرة الديمقراطية وحقوق الإنسان مكان الصدارة.[4]

هذا التحول المفاهيمي لدى الحركة الاحتجاجية وجزء من الطبقة السياسية في المنطقة له ما يبرره كذلك على المستوى الأيديولوجي؛ فبالنسبة لمحمد كريم «فشل الأيديولوجيات الثورية في فترة ما بعد الاستعمار ]…[ فتح المجال أمام تغيير مفاهيمي ذو أثر كبير، عملت على نقله نواة المجتمع المدني التي اعتقدت أن أفضل طريقة لحل المشاكل التي تواجهها هي الدمقرطة الحقيقية للمؤسسات. وأن أي مصلحة وطنية لا يمكن أن تتحول إلى ذريعة لتبرير حرمان المواطنين من حقوقهم»، وانطلاقًا من هنا ظهرت في العديد من البلدان حركة حقوق الإنسان،[5] من خلال منظمات للمجتمع المدني ينتمي مؤسسوها في أغلب الحالات إلى المعارضة السياسية نفسها التي برزت بعد الاستقلال. في تونس على سبيل المثال، تأسست الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في عام 1977 كرد فعل على حالة الانغلاق السياسي التي أدى إليها حكم الحبيب بورقيبة في أواخر السبعينيات، وقد نجحت هذه المنظمة خلال تأسيسها في ضم مجموعة من الكيانات السياسية كالحركة الديمقراطية الاشتراكية، الحزب الشيوعي العمالي، المستقلين، التجمع التقدمي التونسي، الوحدويين العرب، حركة النهضة. و بذلك، أصبحت هذه المنظمة نقطة التقاء وتوافق كافة التيارات السياسية التونسية للتداول بشأن القضايا المجتمعية متخذة حقوق الإنسان كمرجعية رئيسية.[6]

المنطق نفسه صبغ ظهور حركة حقوق الإنسان في السياق المصري متأثرة بالنسق الأيديولوجي العام الذي كانت تتسم به شرائح واسعة من المعارضة السياسية في مصر ما بعد الاستقلال، عبر الانتشار الواسع للفكر القومي العربي في أوساطها، مما أدى إلى تأسيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان عام 1983 كأول منظمة قطرية تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان في المنطقة:

بمبادرة مما يقارب مائة شخصية عامة ومثقفين أغلبهم من الشرق الأوسط، تم تنظيم أول لقاء رسمي مع تقديم طلب اعتراف إقليمي بالمنظمة. وكان دور الفاعلين المصريين مصيريًا في انطلاق هذه الشراكة، لم يكن ذلك بسبب حساسيتهم أو خبرتهم في الموضوع، لكن شريحة كبيرة من هؤلاء الفاعلين كانت تقدم نفسها بصفة «خبير» أو «مستشار» لدى الحكومة المصرية مستعينة بـ«الانتقال إلى الديمقراطية» كمصدر جديد لشرعيتها. بالتالي أصبحت الإحالة إلى حقوق الإنسان أكثر جدوى بالنسبة لهذه المجموعة من الفاعلين المنتمين بالأساس إلى مكونات سياسية تنتمي أيديولوجيًا إلى فكر «التحرر الوطني» أو «التقدمية». بفضل هذه القضية الجديدة ]أي قضية حقوق الإنسان [أضحى النضال يبدو وكأنه يضمن لهم موقعًا محتملًا، ليس باعتبارهم تكنوقراط، وإنما كمستشارين من شأنهم تحديد آليات العمل المتعلقة بـ «الشرعية الديمقراطية». من جهة أخرى، الانضمام إلى قيمة حقوق الإنسان يسمح لهم بتحيين التعابير المعتمدة أو الموروثة من سنوات الستينيات والسبعينيات والتي صارت تبدو متجاوزة نظرًا للتحولات الوطنية والدولية التي بزغت انطلاقًا من بداية الثمانينيات. في النهاية، يبدو أن إطلاق منظمة إقليمية وليس فقط وطنية، قد يسمح لهم بالبقاء أوفياء لتوجهاتهم القومية السالفة، وفي الوقت نفسه امتلاك ورقة ضغط مناسبة في مواجهة الأنظمة السياسية في المنطقة، وفي مصر على وجه الخصوص.[7]

هذه التحولات على المستوى الداخلي للدول، التي أطرتها بالأساس، حسبما رأينا سلفًا، توجهات فرضها السياق الدولي، سيتم تعزيزها من خلال الطفرة التي شهدتها الشرعة الدولية لحقوق الإنسان باعتماد عدد من الاتفاقيات وتسابق العديد من الدول، لا سيما دول المنطقة العربية، للانضمام والمصادقة عليها، لتصير بذلك ملزمة لنظامها الدستوري والقانوني، وتخلق إطارًا للدفاع والضغط بالنسبة لمنظمات المجتمع المدني محليًا ودوليًا. وتصبح مسألة حقوق الإنسان من بين القضايا الرئيسية المطروحة على أجندة الإصلاح المؤسساتي والتشريعي في المنطقة، بل إنها في المغرب على سبيل المثال، شكلت أحد المرتكزات الرئيسية التي استند إليها الخطاب السياسي المؤطر لفلسفة الحكم منذ اعتلاء الملك محمد السادس للعرش الملكي سنة 1999، وإطلاقه لمسار «الإنصاف والمصالحة» والذي استهدف التعويض وجبر الضرر فيما يتعلق بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في عهد والده الراحل الحسن الثاني، أو ما اصطلح عليه في التأريخ السياسي المغربي بـ «سنوات الرصاص».

إلى جانب الكثافة التشريعية التي أفرزتها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والالتزامات الصادرة عنها بالنسبة للدول؛ لم يكن بإمكان المجتمع المدني دعم وتقوية عمله الدفاعي والتثقيفي لولا دفعة إضافية منحته إياه مجالات إقليمية أخرى للشراكة والتعاون في مجال حقوق الإنسان، لا سيما مع الاتحاد الأوروبي والذي اعتمد سياسة للجوار تأسست مرتكزاتها على «إعلان برشلونة» لسنة 1995، الذي خلق إطارًا للشراكة بين المؤسسات الأوروبية ودول المتوسط (ضمنها دول من شمال أفريقيا والشرق الأوسط)، وتضمنت محاوره الأساسية «احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، إضافة إلى الممارسة الفعلية والمشروعة لهذه الحقوق والحريات، بما فيه حريات الرأي وحرية التجمع لأهداف سلمية، وحرية التفكير والضمير والدين فرديًا وجماعيًا مع أعضاء آخرين في المجموعة نفسها، بدون أي تمييز بسبب العنصر والجنسية واللغة والدين والجنس» وتشجيع «أعمال الدعم لصالح المؤسسات الديمقراطية وتوطيد دولة القانون والمجتمع المدني».[8] ليتيح بذلك انطلاق مسار من الدعم المالي والتقني لصالح الدول والمنظمات الحكومية وغير الحكومية في مجالات تتعلق بحقوق الإنسان والبناء الديمقراطي.

من خلال هذا المسار الذي شكلته تجاذبات وتقاطعات بين الدولة والمجتمع منذ الاستقلال وصولًا إلى لحظة انتفاضات 2011، يتضح أن مسألة حقوق الإنسان مثلت واجهة رئيسية (منذ أن سمح السياق الإقليمي والدولي بذلك) عملت شرائح من المجتمع المدني على استغلالها من أجل تحقيق هامش من المكتسبات ذات الصلة بالصراع الأصلي من أجل الشرعية الديمقراطية. كما شكّلت منفذًا توجهت إليه قوى المعارضة من أجل تحويل نضالها السياسي والأيديولوجي إلى مطالب حقوقية تروم تنفيذ التزامات اعترفت الدول بمشروعيتها ووعدت بإقرارها أمام النظام الدولي. لكن –وبصرف النظر عن كون انتهاكات حقوق الإنسان استمرت، بل تكاثفت في عدة مراحل من حكم بعض الأنظمة التي تمت المطالبة بإسقاطها أو بإصلاحها إبان انتفاضات 2011– هل تمكن هؤلاء الفاعلون من جعل مطلب تكريس حقوق الإنسان مطلبًا جماهيريًا؟

حقوق الإنسان وانتفاضات 2011

«الشعب يريد»، شكّل هذا الشعار المركزي عنوانًا لمرحلة جديدة في التاريخ السياسي لمجتمعات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كما يعبر عن ذلك جلبير أشقر الذي اتخذ التسمية نفسها كعنوان لمؤلفه: «الشعب يريد: بحث جذري في الانتفاضة العربية»

والحاصل أن الانتقال إلى دائرة الفعل الذي يعبر عنه التأكيد الجمعي بأن الشعب يريد، الآن وهنا، يفصح بأفصح عبارة عن اقتحام الإرادة الشعبية للساحة السياسية العربية، ذلك الاقتحام الذي يعد السمة الأولى لكل انتفاضة ديمقراطية. فخلافًا للإعلانات الصادرة عن جمعيات من الممثلين مثل «نحن الشعب» ((We the people في ديباجة دستور الولايات المتحدة الأمريكية، فإن إرادة الشعب يجري التعبير عنها هنا بلا وسيط، إذ تهتف بها ملء الحناجر جماهير غفيرة، مثل تلك التي رأيناها تحتشد في ميادين تونس ومصر واليمن والبحرين وليبيا وسوريا وغيرها من البلدان.[9]

تلت عبارة الشعب يريد في العديد من بلدان الانتفاضة عبارة مركزية أخرى وهي «إسقاط النظام» أو «إسقاط الفساد» أو «إسقاط الاستبداد»، كتعبير عن الواقع الذي انتفضت الجماهير من أجل إسقاطه أو تغييره. أي أنها، وبهذا التعبير، كانت تعي جيدًا كل المظاهر التي سئمت منها وتسعى لاجتثاثها من حياتها اليومية، والتي تجلت في سياسات (بل في شخصيات وأسماء معينة شكلت بذاتها رموزًا لهذه السياسات) تواصلت لسنوات، وأدت إلى حرمانها من التمتع بحقوقها الأساسية. بالمقابل وعند تعبيرها عما تريده، أو عن المظاهر البديلة التي تتمنى أن تتجلى في مستقبلها القريب؛ فإن هذه الجماهير أبدعت شعارات مركزية أخرى لا تخلوا من رمزية مثل: «عيش، حرية، عدالة اجتماعية» أو «شغل، حرية، كرامة وطنية» أو «كرامة، حرية، عدالة اجتماعية»، وهي شعارات ليست بغريبة عن لافتات وبيانات الأحزاب السياسية والمنظمات المدنية المعارضة وأحيانا حتى تلك القريبة من السلطة، لكنها ظهرت عشية الانتفاضات العربية بشكل مغاير للمعتاد، وكأنها نابعة من الوجدان الجماهيري وتدعو، «هنا والآن» إلى الرضوخ لها فورًا ودون تأجيل.

إذا حللنا هذه المطالب الملحة من زاوية المواثيق الدولية، سنجد أن مبادئ الحرية والعدالة والكرامة، هي مؤسسة للقانون الدولي لحقوق الإنسان وتتصدر ديباجة وبنود الإعلان العالمي والعهدين الدوليين وكافة النصوص الأخرى ذات الصلة. أي أن هناك تقاطع لا غبار عليه بين ما عبرت عنه الجماهير المنتفضة في الميادين سنة 2011، وما تأسست عليه الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، وهو شيء يدعو إلى التأمل، كما أشارت إلى ذلك فيدا حامد وهي تتطرق إلى موضوع «فهم حقوق الإنسان في ظل الربيع العربي»:

تميزت المراحل الأولى من الثورات العربية بخاصيتين أساسيتين تذهبان لصالح نظرية الحالة الطبيعية لحقوق الإنسان: عفوية حالة «الغضب العارم» لدى المتظاهرين، وغياب سلطة مركزية أو فردية تمارس قيادة من الأعلى إلى الأسفل على حركة الجماهير. وقد شكلت هذه الخصائص تجليًا مقنعًا بما فيه الكفاية لمبدأ مفاده أن الكائنات البشرية تميل بطبيعتها نحو الحريات بغض النظر عن أية عمليات لصنع القرار السياسي أو المقايضة الاستراتيجية. […]كما أن اتخاذ المظاهرات لتسميات من قبيل «يوم الغضب» أو «يوم الكرامة» يشهد إلى أية درجة تعتبر فيها حقوق الإنسان وحرياته ليست مجرد إنشاء مصطنع للدولة، بقدر ما هي تعبير عن ماهية الإنسان الأساسية. لذلك فشعارات المحتجين من قبيل «شغل، حرية، خبز» ذكّرت الأنظمة بأن حقوق الإنسان وُجدت لتخدم حاجيات الإنسان الأساسية، كرامته وحرياته وذلك بغض النظر عن أي مصالح سياسية، حسابات استراتيجية، أو مساومة سلطوية.[10]

ومن هنا وبالعودة إلى موضوع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، تضيف الباحثة نفسها أن «الربيع العربي أطلق ثورة مفاهيمية أدت إلى الإحالة على الطبيعة الفلسفية لحقوق الإنسان، ليس بقوة القانون الدولي لحقوق الإنسان، وإنما عن طريق قوة الكائن البشري»، وهي تحيل هنا إلى ذلك الفهم الخام الذي عبرت عنه حشود المحتجين والمشاعر الإنسانية التي دفعتهم للانتفاض بتلك الطريقة العفوية دونما حاجة إلى الرجوع إلى المواثيق والبيانات والإعلانات، أو إلى إبراز انضواءهم تحت لواء أي تنظيم سياسي أو مدني أو ديني أو إثني معين. وهو المبدأ نفسه الذي تتأسس عليه فكرة حقوق الإنسان الكونية كما أسس لها كبار الفلاسفة عبر التاريخ البشري. [11]

إن فهم التمايز بين دينامية حقوق الإنسان التي أفرزتها مجتمعات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا منذ الاستقلال إلى حدود لحظة الانتفاضة سنة 2011، وبين ما أفرزته هذه اللحظة في حد ذاتها، هو ضروري ليس فقط لتحليل تطور المجتمع في مواجهة الدولة، بل كذلك لفهم العلاقات التي يربطها هذا المجتمع بنخبه. وبينما غياب لغة حقوق الإنسان، التي استخدمها المجتمع المدني طيلة عقود في مواجهة الدولة، عن مطالب الحركة الجماهيرية التي انتفضت سنة 2011 لا يعني بالضرورة أن فكرة حقوق الإنسان بمبادئها الكونية لم تصل إلى عامة الشعب؛ إلا أنه يدل من جهة أخرى أن المجتمع والنخب التي أفرزها لا يتحدثان بلغة متطابقة. لذا فقد «جاء الربيع العربي بملامح واستنتاجات بارزة لـحركة حقوق الإنسان نفسها، وتحديدًا للأحزاب السياسية والمنظمات غير الحكومية، لأنه وبكل بساطة فإن فعل احتلال الشارع من طرف الشعوب للمطالبة بحقوق الإنسان له دلالة عميقة حول فشل استيعاب المطالب المتعلقة بهذه الحقوق كما طرحتها بنيات الأحزاب السياسية والمجتمع المدني القائمة».[12]

ويمكن القول كذلك أن لحظة الانتفاضة أنتجت تقاطبًا بين الفاعلين التقليديين والفاعلين الجدد داخل المجتمع، إذ يعتبر سمير أمين مثلا أن هؤلاء الفاعلين الجدد لا يمكن تصنيفهم ضمن مجموعات الفاعلين الكلاسيكيين الذين ألفوا المشهد السياسي والثقافي العربي، كالأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني. فبالنسبة له هؤلاء لم يصنعوا الحدث ولم يطلقوا شرارته،[13] في مقابل حركة جديدة من الشباب الذين تعايشوا في العالم الافتراضي عبر التكنولوجيات الحديثة للاتصال، ومواقع التواصل الاجتماعي كالفيسبوك وتويتر ويوتيوب، وهي وسائل كان يستغلها هؤلاء الشباب لصناعة صورتهم الافتراضية، لتتحول بعد ذلك، منذ انطلاق انتفاضات 2011، إلى منصات للنشاط الافتراضي (Cyberactivism).

كمثال على هذا التحول الذي أدى إلى انبعاث هؤلاء الفاعلين الجدد، يحكي الشاب المصري وائل غنيم، (الذي يعتبر من فئة الشباب الميسور، المتعلم، والذي لم يكن ينظر له يومًا على أنه تهديد لاستقرار النظام، ولا حتى كمشروع معارض قوي)[14] في كتابه «الثورة 2.0»، حول تدشينه، مع أصدقاء آخرين، لصفحة «كلنا خالد سعيد» التي تعتبر من بين أكبر الصفحات التي حشدت للانتفاضة المصرية:

[…] قررت وقتها أن أنشئ صفحة أخرى، وأن أعتمد على ما لدي من خبرة في التسويق لنشرها. فكرت في الاسم، وكان أفضل اسم توصلت له هو «كلنا خالد سعيد». كان الاسم يعبر عما بداخلي؛ فخالد شاب مثلي مثله، قد يحدث لي ما حدث له، كما أن كلنا نمثل تلك الصورة للشاب المقموع الذي لا يملك حقوقًا في وطن ينتمي له. الاسم كان قصيرًا ومعبرًا عما بداخلي وعن التعاطف الشديد الذي أظهره كل من أعرف على الفيسبوك تجاه القضية بسبب تلك الصورة. تعمدت أن أخفي هويتي وأدرت الصفحة كمجهول […] كان الرد سريعًا، وخلال ساعة أصبح عدد المشتركين في الصفحة أكثر من 3000 مشترك.[15]

يذكر أن صفحة «كلنا خالد سعيد» أنشئت قبل شهور من انطلاق الانتفاضة المصرية التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك، وكان هدف مؤسسيها هو التعاطف مع الشاب خالد محمد سعيد الذي تم ضربه حتى الموت في أحد شوارع الإسكندرية يوم السادس من يونيو 2010 من جانب اثنين من مخبري المباحث، لتتحول بعد ذلك، وفق الشروط نفسها التي خلفتها حادثة محمد البوعزيزي، إلى فضاء للحشد من أجل إنهاء القمع والمساس بالحياة والكرامة الإنسانية.

بعد انتهاء زخم الانتفاضة الأولي، والنشوة التي خلفها سقوط بعض رموز الديكتاتورية في المنطقة، وإعلان حكام دول أخرى، لا سيما الملكيات (كالمغرب والأردن) عن إجراء إصلاحات عميقة بدا أنها تستجيب لنبض الشارع في حينها، عاد الفاعلون التقليديون الرئيسيون إلى حلبة الصراع الأيديولوجي والسياسي، وظهرت متغيرات جديدة في ميزان القوى المؤطر للفترة الانتقالية ولـ«خارطة الطريق». وفي ذلك الوقت، توارت إلى الخلف مواضيع حقوق الإنسان والعدالة والمساواة التي طرحها المحتجون بطريقتهم الخاصة على أجندات التغيير السياسي، لتحل محلها نقاشات أخرى بدت أوليًا ذات أهمية إلا أن المضمون الذي اتخذته بعد ذلك قلص من أهميتها وأفرغها من المحتوى. ومن بين أبرز العناوين التي أطرت النقاش السياسي والدستوري في العديد من الدول بعد انتفاضات 2011، مفهوم «الدولة المدنية» الذي طفا إلى السطح وبدا للوهلة الأولى وكأنه مساحة للتوافق بين كافة الأطياف السياسية والمدنية ذات المرجعيات المختلفة، (لا سيما الإسلامية واليسارية)، وفضاء رحب لطرح قضايا حقوق الإنسان والمبادئ الكونية للحرية والمساواة والعدل على أجندة التغيير المرتقب، لكن سرعان ما تبين أنه لا يعدو أن يكون مطية لتغطية التهافت نحو السلطة الذي أظهرته بعض القوى.

بالنسبة للبعض، فمفهوم الدولة المدنية الذي طرحه بالأساس التيار الإسلامي على طاولة النقاش السياسي والدستوري لم يحقق المراد منه كحد أدنى للتوافقات التي من شأنها التأسيس لدولة القانون واحترام حقوق الإنسان وبالتالي:

فهذه المواقف نتجت عمومًا عن عملية تفاوض دستوري معقد، وغير شفاف نوعًا ما، بين الفاعلين السياسيين المعنيين، وشكلت توافقًا بين تيارات تعتبر أن النظام الدستوري المرتقب يجب أن يستند إلى القواعد السياسية المستوحاة من مبادئ الإسلام، وبين القوى التي تسعى إلى قيام الدولة ومؤسساتها على طابع علماني، وأخيرًا تلك القوى التي لن تقبل إلا بـ «أسلمة» معقلنة للدستور وللنظام السياسي والقانوني.[16]

فيما يتعلق بالحالة المغربية، يرى الباحث الدستوري حسن طارق في خضم النقاش الذي اختار له عنوان «معركة الربع ساعة الأخيرة» أنه:

[…] وإذا كانت هذه التفاوتات في تقدير التأطير الدستوري لقضية الهوية في علاقتها بالدين من جهة، وبالحرية والحقوق الأساسية من جهة أخرى، قد ظلت معلنة منذ بداية المشاورات، مع تنصيب اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور في مارس 2011؛ إلا أن حالة الاستقطاب الحاد حول موضوع حرية المعتقد سترتبط بالأيام القليلة التي سبقت يوم 17 يونيو 2011، تاريخ الإعلان عن مضمون المراجعة الدستورية، خاصةً بعد تداول وسائل الإعلام لما تم اعتباره «تسريبات» حول الاتجاهات التي اعتمدتها اللجنة الاستشارية، فيما يتعلق بالنص على الدولة المدنية وحرية المعتقد، واستبدال صيغة «المغرب دولة إسلامية» بصيغة «المغرب بلد مسلم» […]في المقابل سيعبأ حزب العدالة والتنمية، وحركة التوحيد والإصلاح في اتجاه ما سيتم وصفه بـ«إرهاصات انقلاب هوياتي ومرجعي، تتمثل في بوادر التراجع عن المقتضيات الدستورية ذات العلاقة بالهوية المغربية والمرجعية الإسلامية للدولة والمجتمع».[17]

في النهاية، وبغض النظر عن المنعرجات والعوائق التي شهدها المسار الانتقالي في بلدان الربيع العربي، يمكن القول أن رؤية حقوق الإنسان، كما تناولتها لحظة الانتفاضة الشعبية وحناجر المحتجين، قد تلاشت في متاهات النقاش السياسي والهوياتي دونما تجد طريقها إلى التكريس الحقيقي، ودونما تشكل أساس المسار الانتقالي المزعوم، وتؤدي إلى ترجمة تطلعات الشعوب وفهمها الخام لخطاب حقوق الإنسان وانعكاساته على معيشتها اليومية.

خاتمة

شهدت السنوات التي تلت انتفاضات 2011، وإلى حدود كتابة هذه الأسطر، تراجعات كبيرة على مستوى حماية حقوق الإنسان الأساسية، مع هيمنة قوى «الثورة المضادة» على السلطة، وتضييقها على كل قوى المعارضة وعموم المواطنين، مستعينة في ذلك بتنامي خطاب شعبوي يميني يتنافى مع مبادئ حقوق الإنسان حتى في دول اعتبرت كديمقراطيات عريقة في التاريخ الراهن، الأمر الذي أدى (على مستوى النظام الدولي كذلك) إلى إضعاف مبادئ القانون الدولي والتعاون متعدد الأطراف الذي تأسست عليه الشرعة الدولية لحقوق الإنسان منذ 1948، مما يهدد كذلك بقوة منظومة قيم «الديمقراطية الليبرالية» التي اعتبرها فوكوياما «نهاية التاريخ». هذا الأخير، الذي يعد من بين عرابي «الحضارة الغربية»، يعتبر اليوم أن التطورات الأخيرة التي تشهدها دول أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية من صعود لقوى اليمين والأوليغارشيات المالية إلى سدة الحكم، قد يؤدي حتمًا إلى «أفول الحضارة الغربية»،[18] وانهيار المنظومة نفسها التي تدعو فئات عديدة من حركات المجتمع المدني بمنطقتنا للحاق بها كسبيل وحيد للخلاص من الاستبداد والأصولية.

بناءً على ما تقدم، تجد الشعوب نفسها في حالة من النكوص يصعب معها العودة لاحتلال الساحات والمطالبة مجددًا بالتغيير وفق شعارات الحرية والكرامة والعدالة التي انتفضت من أجلها. لكن ذلك القوس الذي فُتح منذ أكثر من عقد يستحق الوقوف عليه بالجدية الفكرية اللازمة، وأن تتكاثف دراسات مختلف العلوم الإنسانية المهتمة بموضوع حقوق الإنسان والانتقال الديمقراطي؛ بهدف التحليل العميق والموضوعي للإرادة التي عبرت عنها شرائح واسعة من شعوب المنطقة وتصورها لحقوق الإنسان ومبادئها الكونية، وربط كل ذلك بسياقات محاربة الهيمنة والاستعمار الذي فرضته القوى الإمبريالية بشتى الطرق وتستمر في تأييده.

[1]. كمال عبد اللطيف، تجليات الثقافي في الربيع العربي، (القاهرة: رؤية للنشر والتوزيع، 2014).
[2]. فرانسيس فوكوياما، نهاية التاريخ والإنسان الأخير [The End Of History and The Last Man] ترجمة: فؤاد شاهين، جميل قاسم، رضى الشايبي، )بيروت: مركز الإنماء القومي، 1993).
[3]. محمد كريم، «مسألة حقوق الإنسان في المغرب الكبير [La question des droits de l’homme au Maghreb]»، في  الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم العربي [Democracia y Derchos Humanos en el Mundo Arabe]، تحرير جيما مارتين مينوز ( الوكالة الإسبانية للتعاون، 1993)، 147-125.
[4]. برهان غليون، «المسارات المأساوية للديمقراطية العربية» [Les tragiques destinées de la démocratie arabe]،Confluences Méditerranée، 49 (2004).
[5]. كريم، «مسألة حقوق الإنسان»، 132.
[6]. نفس المرجع.
[7]. دينا الخواجة، «حقوق الإنسان في مصر: ديناميات توطين مرجعية غربية» [Les droits de l’homme en Égypte Dynamiques de relocalisation d’une référence occidentale]، Égypte/Monde arabe، العدد 30-31 (1997): 231-250، https://journals.openedition.org/ema/1649.
[8]. الخدمة الدبلوماسية للاتحاد الأوروبي، «إعلان مسار برشلونة» [barcelona declaration]، 1995))، https://rb.gy/q6pkon.
[9]. جلبير الأشقر، الشعب يريد: بحث جذري في الانتفاضة العربية، (لبنان: دار الساقي، 2013)، 9.
[10]. فيدا حامد، «تأملات في فهم حقوق الإنسان على ضوء الربيع العربي» ] Reflections on Human Rights Understanding in Light of the Arab Spring]، The Hague Institute for Global Justice، Working Paper، العدد 16 (2016): 1-22.
[11]. نفس المرجع.
[12]. نفس المرجع.
[13]. سمير أمين،  ثورة مصر )القاهرة: دار العين للنشر، 2012)، 15.
[14]. أحمد جلال، «النضال الرقمي كعملية إبداعية: حالة وائل غنيم خلال الثورة المصرية لسنة 2011» [L’engagement numérique comme acte créatif: le cas de Wael Ghonim pendant la révolution égyptienne de 2011]، ورش الابداع، عدد 8 (2015)، http://journals.openedition.org/lcc/1126.
[15] وائل غنيم، الثورة 2.0، )مصر: دار الشروق، 2012)، 99.
[16]. راينر غروت وتيلمان ج. رودر، «مقدمة» [Introduction] في الدستورية وحقوق الإنسان والإسلام بعد الربيع العربي [Constitutionalism, Human Rights, and Islam After the Arab Spring]، تحرير راينر غروت وتيلمان ج. رودر وأمين الحاج (مطبوعات جامعة أوكسفورد، 2016)، 7.
[17]. حسن طارق، الربيع العربي والدستورانية، قراءة في تجارب: المغرب، تونس ومصر، (الرباط: المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، 2014)، 230.
[18] فرانسيس فوكوياما، «إيلون ماسك وأفول الحضارة الغربية» [Elon Musk and the Decline of, Western Civilization]، Persuasion Community ، 14 يناير 2025، https://www.persuasion.community/p/elon-musk-and-the-decline-of-western.

Read this post in: English

Exit mobile version